السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
ها أنا قد عدت بعد غياب طويل و الحمد لله أنه وهب لي عمرا جديدا حتى ألتقي بكم أحبائي عبر هذا المنتدى الذي جمعني و إياكم ، و طبعا كريم مثل كل مرة بيخلق جواتنا روح المنافسة و حب المشاركة بهالمواضيع الرائعة :
قال تعالى :"و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"
و أول تلك الآيات الإلهية في التكوين الأول للأسرة أنه ارتباط و ميثاق بين الرجل و المرأة ،أي بين الذكر و الأنثى ،يجمع كل خلائق الثبات و الإستقرار داخل النفس الإنسانية و في إطار المجتمع كله .هكذا تكون بداية كل مجتمع أوليس الأسرة هي الخلية الأساسية لبناء كل مجتمع فالسكن النفسي الموحي بالهدوء و استجماع الشتات و إسكات صرخات الجسد على صورة مطمئنةلا يزعجها الخوف حتى تسكن نوازع التطلع إلى مثل تلك المفاتن في النساء الأخريات ، هذا و أمثاله هو المعنى الرحيب للسكن النفسي المراد من الزواج ، فكيف لأي واحد منا أن يبدأ حياة جديدة و مرحلة مهمة في حياته بالكره و الغصب خاصة بالنسبة للفتاة ،كيف لها أن تخطي هذه الخطوة رغما عنها ،كل يء يجوز فيه الغصب إلا الزواج فهذا الأخير في الإسلام نبع يفيض بأسمى الأخلاق ، و مدرسة يتعلم فيها الزوجان أصول المودة و الرحمة و الحب و ما ينشأ عنها من الغيرة و العزة و الوفاء و رعاية الحرمات و الدأب على العمل و من هذا النبع تفيض تلك الأخلاق إلى الأبناء و البنات، ثم إلى المجتمع عن طريق المصاهرات أو عن طريق الأخوة الإيمانية أو عن طريق الأخوة الإنسانية التي لا تغفل الرحم الأولى بين آدم و حواء و لا تنسى أن الناس جميعا يرتبطون بتلك الرحم على بعدها و يحاولون تجديدها على صورة قوية عن طريق الزواج يورثها الآباء للأبناء حيث تتسامى غريزة الجنس من مجرد شهوة عابرة إلى مودة و رحمة هما أساس الأمن و السلام و الإيمان .....تطرقت لهذا ليس إلا للتعرف عن أبعاد الزواج و آفاقه العميقة لذا يجب علينا إعتماد مبدأ الزواج بالتراضي ،
و من أسباب تزويج أو زواج البنت بالكره و الغصب :
*علاقة الأب أو الأم مع ابنتهم تكون سطحية تماما و كأنهم يؤدون واجبهم نحوها أن يعلمونها أو يصرفوا عليها أو ماشابه و هي كذلك و كأنها تؤدي واجبا اتجاه والديها لا يحاولون التقرب من بعضهم لا يعرفون شيئا إسمه الحوار و لا النقاش كل الذي قيل لا يناقش و كأنهم أغراب يعيشون مع بعضهم لفترة ما
*إعتماد بعض الآباء مبدأ السيطرة و الحدة و التعصب و لا يعطي لابنته حق الإختيار في أي شيء بدءا باختيار اللباس و الأصدقاء و....و الدراسة و ...حتى الزواج و لا يستشيرها في الأمور التي تخصها بل هو من يتخذ القرارات
*سيطرة فكرة الخوف على عقول بعض الآباء عن أبنائهم من الضياع و الإنحراف فدائما تكون نظرته لابنته أنها ما زالت صغيرة و لا تعرف
مصلحتها و لا يعطيها الفرصة حتى في اتخاذ أبسط قرار يخص حياتها
*العادات و التقاليد كما يسميها بعض العائلات "منذ الصغر و انت محجوزة لابن عمك أو ابن خالك" الأفكار الخرافية التي يعتمدها بعض الأشخاص
*شبح العنوسة الذي جعله بعض الآباء الهم الأكبر خوفا على ابنتهم أن تبقى أمامهم طول العمر.....
*هاجس الفقر و الطمع عند بعض العائلات إذا كان العريس ثريا سيكون هو نافذتهم على العالم.....
هذه بعض الأسباب التي ممكن أن تعطي أولياء أمور بضع الفتيات الحق في أن يكون عريسها إختياره و عليها القبول به حتى و لو بالغصب و الإكراه
و لكن إذا تم هذا الزواج فسيترتب عليه العديد من النتائج السلبية و من هذه النتائج :
*كيف لهذه الفتاة التي تزوجت بالإكراه أن تكون الزوجة المثالية ،سوف لن تعطيه حقه كزوج و لن تهتم لأمره فبدل من أن تتخذ منه الحبيب و الرفيق ستكون نظرتها له على أنه عدو
*ستكبر بداخلها عقدة الكره و النفر من هذا الزواج و لن توفي واجبها كأم و سيعود هذا الزواج على الأبناء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا نتيجة زواج ليس برضى أحد الطرفين
*ممكن أن ينتج عن هذا الزواج قطع للرحم من طرف هذه الفتاة نحو أهلها و أهل زوجها لأنها غير راضية و بداخلها يتولد الكره
*من الممكن كذلك أن تلجأ هذه الفتاة إلى خيانة زوجها للهروب من عقدتها تلك حتى و لو كان الزوج يعاملها معاملة حسنة وهنا ستنشأ عدة مشاكل
*لن تكون هذه الفتاة مرتاحة و ستبدأ بخلق الخلافات بينها و بين زوجها ما إن تسمح لها الفرصة و سيؤثر هذا سلبا على الأبناء
* انتحار الفتاة في لحظة ضعف إيمان و تخسر حياتها و ترتكب كبيرة في حق الله و في حق نفسها
*عيشها في حالة خوف دائم و عدم الثقة فيمن حولها و دخولها في حالة نفسية معقدة و صعبة
*من الممكن جدا أن ينتهي هذا الزواج بالطلاق و طبعا ستكون مخلفات سيئة جدا......
هذه بعض النتائج التي تنتج عن زواج الفتاة بالإكراه و التي تكون آثارها على الزوجين بالدرجة الأولى و بأهليهما بالدرجة الثانية و على كل من حولهما و علاقاتهم بهما ....
هؤلاء الآباء الذين ليس لهم أدنى فكرة عن هذه النتائج و المخلفات التي تنتج عن هذا الشكل من الزواج يجب مراعاة شعور هذه الفتاة كما يجب الأخذ برأيها لأنها هي من سيتزوج و ليس هم ، هي التي ستعيش هذه الحياة و بالتالي هذا أمر يخصها ، كيف لها أن تكون الزوجة التي توفي حق زوجها ،كيف لها أن تكون ربة بيت مثالية لبيت دخلته بالغصب و كان أساسه الكره ، كيف لها أن تكون الأم القدوة لأولادها بعد أن حملتهم بداخلها في نفس الوقت الذي حملت فيه بداخلها الحقد و الكره ،لم يفكروا و لو للحظة ما الذي سيحل بحالة تلك الفتاة المسكينة التي تجعل منها الظروف بعد زواجها هي الضحية و الجلاد ،نعم ستكون ضحية ثم تتحول إلى جلاد بهذا الزواج الغير مرغوب فيه ، كيف سيكون هذا الزواج مودة و رحمة ليسكن إليها الطرفين بل سيحولونه إلى جحيم تلسع كل من حولها .
و عليه فعلى الآباء أن يراعوا هذا الجانب " الزواج بالتراضي" لا بالإرغام حتى نتفادى مشاكل كبيرة أساسها زواج بدل من أن يتولد عنه الحب و الوفاء.....
وفي الأخير أقول: على كل فتاة أرغمت على الزواج من شخص ما أن لا تجعل من نفسها الجلاد على من حولها إذا فرض عليها القدر أن تقبل هذا الزواج و أجبرتها الظروف على الرضخ لأمر والديها و أن ترضى بالأمر الواقع عسى أن يكون خيرا لها و أن تقوي إيمانها بربها و تترك أمرها لله و مبتغاي هنا هو أن لا تغضب ربها .
أرجو أن أكون قد وفيت ، و أتمنى للكل التوفيق ، و تحياتي للجنة التحكيم و للغالي هشام
تحيــــــــ رقية ـاتي .gif)