أيعذرني الصمت إن أنا لُذت بمساحاته هروبا من ضجيج ذاتي ؟
هكذا استوطنني الصمت أنا الذي كنت اظنني ملكت عنانه..!
راحلا بكل مشاعري وجوارحي عن أفق الأماني...
وواقعي المرتاب من خطوي يلفعني سحابا وضبابا وأرق .
كيف قد تغدو السماء ...؟
وأنا أفِرُّ بخوفي من عطاياها ... وأستبق الغرق ؟!!!
ليت لي صخرةً آوي إليها... لم تُحَطِّمها ظنوني !
أو ليت لي بحرًا ألوذ بموجه... لم أُثر الغبار على شواطئه بما زفرت شجوني ...
صمتًا أجيء ... سكينة أمضي ... وسكرَةً أبقى على شرف الصراع !
وعلى مداخل لذّتي... ستظل تنطُرُني الخديعة !
المارد المجهول... والأحجيةُ... والخيط الذي لا حدّ له ...
فلماذا لم يصفق لي الزمان ... مغامرا... أحرقت أسماء المداخل؟!!
ولماذا لم ينصبني المكان ... مبجَّلا... من بين كل الخلق ترضاني الخطيئة؟!!
من قال أن أوديب استثار المعضلة ؟
أيعذرني الصمت إن أنا خُنتُهُ قسرا...
لأهمس أنني كنت الطريق ...
ولم أكن أحد الفصول الأربعة ...
وتركت للعربات أن تمتصني ... وتغيب !
من ذا يحاسبني على "الهام" عيونا أبصرت حبى.. وجمّلت السراب ؟!
فَلتَحرِق المأساة بهجتها التي امتزجت بدمي ..
فغدا ستُكتَبُ فوق موتي كل أسماء الذين غدوتُ لهم أبا لأني قد انتهيت !
وسيرجع النّاجون من وجعي ليغدو حلمهم نسيجا من غبار خُطاي
ويلاه...
من ألبسني ثوبَ الحقيقة كي تهوي على صدري المواجع ؟!
ليلي سرابٌ... فالتقمني أيها الحوت الذي يسكنني ... ظُلُمات !
أنا راحل إلى ما يكرهون... وأشتهي ... ظلمات !
أنا هاجرٌ ما يعشَقون... وأتّقي... ظلمات !
أنا سائلٌ ما يكرهون ... وأرتجي... ظلمات !
أنا سائرٌ يا واقفون على مداخل صرختي ...
فلتلتقمني أيها البحر الذي يسكنني !
فلعلّ لي في قلبك اللُّجِيِّ ساحل !
يا أيها الزاعم أن البحر لا يخشى التقامي ...!
أنذا أعود إليك صمتا لم يُخَضِّبْه نسيم البحر ...
لم تثقله دغدغات الموج...
لم تنفض آثار عَقِبيه الرمال ...
قم وارتَجِلني ...
تعجز الأسفار من أوراق تيهك أن تَقُلني ... أو تسميني ... وترسم أفق زيتوني ..
قم وارتجِلني ...
تعجز الذاكرة الملقاة في تيه الشعاب عن تصوير ملامحي وظلال لوني ...
قم وارتَجِلني ...
يعجز الحلم الذي حاكى خوارا في متاهات انعدامك المطلق...
أن تقرأ السِّفر الذي تنشده الأرياح عني ...
قم ... فارتجلني ... وارتحل عن حرفِيَ الذي ما طاع لك ...
قسرا رماك البحر...
قم ... يشتاق لك ...
أنا ما رميتك إذ رميت سكينتي في جبِّ ظلماتك... واحتفلت...
أنا ما رميتك حين ألفيتك حفنة من زبد هاتيك الحكاية ...
فارتجلني ...
واركب البحر الذي ألقاك فوق رمال أمنيتي ...
موجا وعاصفة... وسافر..
رملا وأمنية... وسافر..
وعدا وأحجية ... وسافر...
عمرا ومعضلة ... وسافر ...
حرفي الذي ما طاع لك ...
لم يعد يحكيك... فارحل ...
واعتنق حرفا غريبا كان لك ...
منقوول