بغداد أنت خريطتي الكبرى
أحببتُ فيك القيـظ والقـرّا وكتبتُ فيكِ قصائدي تتـرا
لم أنتبـه للعمـرِ مزهـوّاً في حضنك الورديّ إذ مَرّا
أطلقتُ فيكِ مشاعري ضمأى وعشقتُ فيكِ الحلوَ والمُـرّا
يا حلوةً تـاه الـورى فيهـا فتهافتت أرواحهـم حيـرى
جُلُّ الرجالِ أتـاك محتاجـاً أن يستبين الخيـرَ والشـرّا
يجثو لديكِ ليعـرف الدنيـا كيف استحال ظلامها فجرا
حيّيتِ كيف مشيت والدنيـا تحبو إليكِ قلوبهـا حـرّى
والفاشلـون تمـلّأوا حقـداً يتفجرون بغيضهـم غـدرا
ضربوكِ حتى كلّ خنجرهم وسيضربونك مرةً أخـرى
بغداد أنت حقيقـةٌ أخـرى تسمو لتصمد للعلا مسـرى
تبقيـن للمحتـاج ماعـونـاً ولمن تهتّـك ستـرهُ ستـرا
تتواضعين وأنـت مفخـرةٌ لا تَنشُدين على الورى كِبرا
مـاذا يريـدُ مغامـرٌ غِـرٌّ هل ظنّ أن سيجفف البحرا
ام ظنّ أن يختال في زهـوٍ في الأعظميةِ يجلد الأسرى
ويكون فينا الآمـر الناهـي كالبعض ممن قادهم قسـرا
تبّـت يـداه فأنـت بركـانٌ سيذيقـه إن جـاءه جمـرا
لستِ التي تغفو على ضيـمٍ بـل حـرّةٌ تتحيـن الثـأرا
فليتّعض من جاء أو يفنـى هذا نخيلك أصـدر الأمـرا
بغداد أنـت مليكـة الدنيـا جابهت زحف بلائها صبرا
فسمَوتِ فوق ممالك الدنيـا غيثاً يفيض بأرضها خيـرا
أثريتِهـم علمـاً ومعـرفـةً لم تكتمي عن طالـبٍ سـرّا
نـوّارةٌ والكـون ديجـورٌ مترقّبٌ مـن أفقـك البـدرا
حقدوا عليك فصرتِ شاغلهم فتجحفلوا وتدبّـروا الأمـرا
قالـوا نقطّـعُ قلبهـا إربـاً ونمزّق الأحشاء والصـدرا
هبّوا كما الغربـان يدفعهـم حقدٌ على من ألجموا الشرّا
فليضربـوا ولينفثـوا سُمّـاً مادام آخـرُ أمرنـا نصـرا
والله يرعى سورك العالـي ما أمعنوا من حوله حفـرا
يفديكِ خيرُ فـوارس الدنيـا يتنشقـون ترابـك الحُـرّا
أحرارُ ما ناموا على ضيـمٍ أسيافهم لمّـا تـزل حُمـرا
عافوا لأجلك زينـة الدنيـا والبهرج المزدان والسحـرا
متوثبيـن كــأن بركـانـاً يُعلي نزيف جراحهم فخـرا
ما جاء يحملُ حقـدَهُ بـاغٍ إلا تكسّـر فيـكِ أو فـرّا
بوركتِ يا بغدادُ لـي أُمـاً فيها الفـؤادُ بحزنـه سُـرّا
فتجشّـم الأهـوال مرتاحـاً والعسر صار بحبّه يسـرا
مزّقتُ كلّ خرائـط الدنيـا وبقيتِ أنت خريطتي الكبرى
وبقيتِ أنتِ خريطتي الكبرى


رد مع اقتباس

