العلاقة بين الله والمسيح
إن الله سبحانه وتعالى مذكور مراراً على انه رب المسيح و إلهه ، وان الله سبحانه وتعالى موصوف بـ : (( الله أبو ربنا يسوع المسيح )) [ رسالة بطرس الأولى 1 : 3 ] وكذلك في [ الرسالة إلى أهل افسس 1 : 17 ] : نجد أن الله موصوف بـ (( إلـه ربنا يسوع المسيح )) .
هذا وعلينا أن نعلم أن كلمة ( رب ) الموصوف بها المسيح لا تعني الإله المعبود بحق ، إنها تعني( معلم ) وهذا هو تفسير يوحنا نفسه كاتب الإنجيل فقد تكفل يوحنا بتفسير كلمة رب الموصوف بها المسيح وذلك في الإصحاح الأول من إنجيله العدد 38 : (( وَالْتَفَتَ يَسُوعُ فَرَآهُمَا يَتْبَعَانِهِ، فَسَأَلَهُمَا: مَاذَا تُرِيدَانِ؟ فَقَالاَ: رَابِّي ، أَيْ يَا مُعَلِّمُ ، أَيْنَ تُقِيمُ؟ ))
ومرة ثانية يورد يوحنا في [ 20 : 16 ، 17 ] حواراً بين المسيح ومريم المجدلية ، تطلق فيه مريم المجدلية على المسيح لفظ ( رب ) ويحرص يوحنا على تفسير اللفظ خلال الحديث بمعنى معلم ، وإليك النص :
(( قال لها يسوع يا مريم فالتفتت تلك وقالت له : ربوئي الذي تفسيره يا معلم ، قال لها يسوع : لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي ، ولكن اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم إني اصعد إلي أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ))
ورغم أن العهد الجديد قد كتب بعد سنين من صعود المسيح إلى السماء فانه يؤكد على أن الله هو رب المسيح وأبيه ، والمسيح ينظر إلى الآب على انه ربه .
إن رؤيا يوحنا وهو الكتاب الأخير من العهد الجديد ، يصف الله سبحانه وتعالى بأنه إله المسيح وربه :
(( لإلهه وأبيه [ المسيح ] )) [ رؤيا يوحنا 1 : 6 ] .
وفي الإصحاح الثالث العدد 12 يقول المسيح عن الهيكل : (( هيكل إلهي… اسم إلهي… مدينة إلهي )) وهذا يثبت انه حتى الآن مازال المسيح ينظر إلى الآب على انه ربه وإلهه ولذلك فان [ يسوع ] ليس هو الإله المعبود بحق .
وفي أثناء حياته على الأرض تطلع يسوع لأبيه بما شابه ذلك . ولقد تكلم عن الصعود قائلاً : (( إلى أبي وأبيكم والهي وإلهكم )) [ يوحنا 20 : 17 ] .
والبعض من المحترفين للوظائف الكنسية يدعون ادعاء سخيفاً لا أساس له وهو أن ألوهية المسيح تختلف عن ألوهية باقي البشر وذلك عندما قال : (( إلهي وإلهكم )) فهذه الألوهية ليست كألوهية البشر !! وكأن المسيح لم يقل للسائل الذي طلب منه أول الوصايا وأعظمها : (( اسمع يا اسرائيل الرب إلهنا رب واحد ))
وقد أعلن يسوع المسيح بأن العظمة لله وان الآب أعظم منه وهذا واضح من قوله الوارد في يوحنا [ 14 : 28 ] : (( أبي أعظــم منـــي ))
وفي قوله الوارد في لوقا [ 22 : 42 ] :
(( لتكن لا إرادتـي ، بل إرادتك )) نجد فرق واضح وفصل بين إرادة يسوع الناصري وبين إرادة الله ، فرق بين إرادة المخلوق والخالق .
وتتجلى المغايرة بين الله وبين يسوع الناصري عندما قال المسيح :
(( الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الاِبْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئاً مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، بَلْ يَفْعَلُ مَا يَرَى الآبَ يَفْعَلُهُ. فَكُلُّ مَا يَعْمَلُهُ الآبُ، يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذلِكَ،لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ، وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا يَفْعَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَيْضاً أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، فَتُدْهَشُونَ.)) يوحنا [ 5 : 19 ]
(( وَأَنَا لاَ يُمْكِنُ أَنْ أَفْعَلَ من نفسي شيئاً ، بَلْ أَحْكُمُ حَسْبَمَا أَسْمَع ُ، وَحُكْمِي عَادِل ٌ، لأَنِّي لاَ أَسْعَى لِتَحْقِيقِ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَةِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. )) يوحنا [ 5 : 30 ] .
ونجد أن المسيح يجسد إنسانيته بكاملها على الصليب المزعوم بقوله : (( إلهي إلهي لماذا تركتني )) [ متى 27 : 46 ] وليس بالإمكان فهم مثل هذه الكلمات لو كان المتكلم هو المسيح المتحد مع الرب والذي صار بالاتحاد شيء واحد .
عزيزي المتصفح :
إن كون المسيح قد صلى للرب (( بصراخ شديد ودموع وتضرعات )) هذا بحد ذاته يشير إلى طبيعة العلاقة بينهما . [ الرسالة إلى العبرانيين 5 : 7 ] .
و قد كتب لوقا في [ 6 : 12 ] ما نصه : (( وفي تلك الأيام خرج إلي الجبل ليصلي ، وقضى الليل كله في الصلاة لله )) وهذا واضح أن الرب لا يمكنه أن يصلي لنفسه طوال الليل كله منفردا .
وحتى الآن ، ما زال المسيح يصلي لله من أجل المؤمنين . الرسالة إلى أهل رومية [ 8 : 26 ، 27 ] .
إن علاقة المسيح بالرب أثناء حياته ، لا تختلف بأساسها مما هي عليه اليوم ، لقد تعامل المسيح مع الله على انه أباه وربه ، وصلى له ، وانه ما زال في نفس المرتبة التي كان عليها خلال حياته على الأرض
لقد كان المسيح عبداً لله وهذا ما نجده في أعمال الرسل [ 3 : 13 ، 26 ] : (( إن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، إله آبائنا ، قد مجد عبده يسوع . . . )) ( العهد الجديد المطبعة الكاثوليكية )
وفي اشعياء [ 42 : 1 ] : (( هو ذا عبدي أعضده ))
ولا بد أن تعلم أيها القارئ الكريم أن العبد يعمل بإرادة سيده ، وهو لا يقترن بأي حال من الأحوال مع سيده وهذا قاله المسيح وأكده : (( الحق الحق أقول لكم : ما كان الخادم أعظم من سيده ولا كان الرسول أعظم من مرسله )) [ يوحنا 13 : 16 ] و الكل يعلم أن الابن مرسل من الآب ولاشك أن الرسول ليس بأعظم من مرسله بإقرار المسيح نفسه : (( ولا كان الرسول أعظم من مرسله )) .
ثم اعلم أيها القارئ الكريم :
إن المسيح أقر بأن القوة والمسؤولية التي كانت له ، ليست بفضله هو وإنما جاءت له من الله فهو يقول :
(( الحق الحق أقول لكم : لا يستطيع الابن أن بفعل شيئاً من عنده بل لا يفعل إلا ما يرى الآب يفعله . ))
ويقول المسيح : (( أنا لا اقدر أن أفعل من نفسي شيئا... لأني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني .)) [يوحنا 5 : 19 ] ، [ يوحنا 5 : 30 ] .
لقد أقر المسيح بأن القدرة أو السلطان الذي يمتلكه إنما هو مدفوع له من الله رب العالمين فهو يقول :
(( دفع إلي كل سلطان )) [ متى 28 : 18 ] فقد أعطاه الله سلطان إبراء الأكمه والأبرص وسلطان إحياء الموتى ومغفرة الخطايا و . . . الخ
نعم أيها القارئ الكريم أن المجد لله سبحانه وتعالى الذي منح المسيح هذه المعجزات ولا شك أن المانح غير الممنوح له .
وهذا ما كانت تشهد به الجموع في كل مرة ، حينما كان المسيح يصنع المعجزات أمامهم فكانوا يفرقون بين الله وبين يسوع فكانوا يمجدون الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا وفي نفس الوقت يشهدون للمسيح بالنبوة . لوقا [ 7 : 16 ] فعندما رأى الجموع أعظم معجزة للمسيح وهي قيامه بإحياء الميت ما كان منهم سوى أنهم مجدوا الله قائلين : (( قد قام فينا نبي عظيم ))
وفي لوقا [ 5 : 26 ] عندما رأوا الخرس يتكلمون والعرج يمشون … ما كان منهم سوى أنهم مجدوا إله إسرائيل . وهذا ما يذكره إنجيل متى أيضاً [ 9 : 8