قال الأعشى في معلقته قديماً


ودع هريرة إن الركب مرتحل
وهل تطيق وداعاً أيها الرجلُ


وفي محاولة للمحاكاة لهذا الجمال أقول:



أمطر بدمعك



أمطِر بدمعك إن الحب منهـــــــــزم
فهل أردت وداعاً أيها القمــــــــــــرُ



حسناء ينطق نورٌ من ملامحـــها
فلا تملَّ إذا ما أُشغفَ البصـــــــــرُ



كأن وجنتها من فرط حمرتهـــــــا
تشفي النفوس فلا ورد ولا زَهَــــرُ



ليست كمن تدرك الأقمار روعتها
ولا تراها لحسن النطق تفتقــــــرُ



أكاد آسرها لولا تشددهـــــــــــــا
إذا أشحتُ إلى عليائها النظـــــــرُ



إذا تجيء يفوح العطر يسبقهـــا
خلاصة الشهد في أزهارها عَطِـرُ



يا دمعة من دموع الدهر أرسلها
شهباءَ زخّ عليها مُهطلٌ مطــــــرُ



يخاطبُ العقل منها خافق حـــزن
مُحَمّلٌ بهموم العمر يحتضـــــــرُ



قالت أحبك لما قمت أوصفهــــا
خوفي عليك أنا إن أقبل الخطـــرُ



أما ترانا خيالاً لا حياة بنـــــــــــــا
إنّا كذلك أصبحنا إذا حضــــــــــروا



ونجمة في سكون الليل مشبعــــة
بالحب والصبر في أحشائهــا دررُ



شاهدتها في سماء الكون خائفــة
في خافقيها إذا ما جئتُها وطــــــرُ



بل في سماها حزن بتُّ أعشقــــه
كأنما الحزن في أشعارنا سُطُـــــرُ



لها نبالٌ وقوسٌ خائف كلـــــــــف
مسيّجٌ برموش العين ينتظــــــــرُ



لم يثنني الخوف منه حين أنظـره
ولا الملامة في شيبٍ ولا الكـــــبرُ



فقلت للقوم في شعرٍ وقد عشقــوا
كفّوا وكيف يكف العاشق السَّهِــــرُ



أبلغ بربك روّاداً لواحتنــــــــــــــا
إمّا مررتَ بأني شاقني القمـــــــــر



فلستُ مرتجعاً عن رسم نجمتنــا
ولست تاركها ما مدّني العمــــــرُ



لا تيأسنّ وقد أمطرتها غـــــــزلاً
تذوب في عشقها يوماً وتفتكــــرُ



إنّا نساجلهم حتى نحيـــّـــــــــرهم
عند السجال فهم راموا وهم عقروا



إنّا لنُمطِر يوم القول أشعـــــــرهم
غيث الحروف فلا ملل ولا ضجـــرُ



قالوا الرحيل! فقلنا: ذي نهايتنــا
أو ترغبون فإنا أعينٌ هُمُــــــــــــرُ



أما زعمتم بأنا لا نشاطركــــــــــم
إنا نشاطركم يا بدرنا العــــــــــبرُ



لا تصبحن كمن يخشون إذ عشقوا
فالحب يذهب فيه الخوف والحــذرُ



فإن سمعتم لصوت القلب مضطرب
تتوه فيه بقايا الروح والفكـــــــــرُ



حتى يظلّ أسيرُ النار مشتعـــــــــلاً
لا تبقه لشهاب النار يستعـــــــــــرُ



أصابه الحب أياماً فأقعـــــــــــــــدهُ
بوابل من سهام اللحظ ينتحُــــــــرُ