جلس جماعة من صحابة رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)
يتذاكرون فتذاكروا الحروف الهجائية وأجمعوا على أن حرف الألف هو أكثر
دخولا في الكلام فقام علي بن أبي طالب و ارتجل هذه
الخطبة الخالية من الألف وهي تتكون من 700 كلمة أو 2745 حرفا ما عدا
ما ذكره فيها من القران
( حمدت وعظمت من عظمت منته , وسبغت نعمته , وسبقت غضبه رحمته , وتمت
كلمته , ونفذت مشيئته , وبلغت قضيته . حمدته حمد مقر بتوحيده , ومؤمن
من ربه مغفرة تنجيه , يوم يشغل عن فصيلته وبنيه . ونستعينه ونسترشده
ونشهد به , ونؤمن به , ونتوكل عليه , ونشهد له تشهد مخلص موقن ,
وتفريد ممتن , ونوحده توحيد عبد مذعن , ليس له شريك في ملكه , ولم يكن
له ولي في صنعه , جل عن وزير ومشير , وعون ومعين ونظير , علم فستر ,
ونظر فجبر , وملك فقهر , وعصي فغفر, وحكم فعدل , لم يزل ولم يزول ,
ليس كمثله شئ , وهو قبل كل شئ , وبعد كل شئ , رب متفرد بعزته , متمكن
بقوته , متقدس بعلوه , متكبر بسموه , ليس يدركه بصر , وليس يحيطه نظر
, قوي منيع , رؤوف رحيم , عجز عن وصفه من يصفه , وصل به من نعمته من
يعرفه , قرب فبعد , وبعد فقرب , مجيب دعوة من يدعوه , ويرزقه ويحبوه ,
ذو لطف خفي , وبطش قوي , ورحمته موسعه , وعقوبته موجعة , رحمته جنة
عريضة مونقة , وعقوبته جحيم ممدودة موثقة . وشهدت ببعث محمد عبده
ورسوله , وصفيه ونبيه وحبيبه وخليله , صلة تحظيه , وتزلفه وتعليه ,
وتقربه وتدنيه , بعثه في خير عصر , وحين فترة كفر, رحمة لعبيده , ومنة
لمزيده , ختم به نبوته , ووضح به حجته فوعظ ونصح , وبلغ وكدح , رؤوف
بكل مؤمن رحيم , رضي ولي زكي عليه رحمة وتسليم , وبركة وتكريم , من رب
رؤوف رحيم , قريب مجيب . موصيكم جميع من حضر , بوصية ربكم , ومذكركم
بسنة نبيكم , فعليكم برهبة تسكن قلوبكم ,وخشية تذرف دموعكم وتنجيكم ,
قبل يوم تذهلكم وتبلدكم , يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته , وخف وزن
سيئته , وليكن سؤلكم سؤل ذلة وخضوع , وشكر وخشوع , وتوبة ونزوع , وندم
ورجوع , وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه , وشبيبته قبل هرمه
فكبره ومرضه , وسعته وفرغته قبل شغله وثروته قبل فقره , وحضره قبل
سفره , من قبل يكبر ويهرم ويمرض ويسقم ويمله طبيبه ويعرض عنه حبيبه ,
وينقطع عمره ويتغير عقله . قبل قولهم هو معلوم , وجسمه مكهول , وقبل
وجوده في نزع شديد , وحضور كل قريب وبعيد , وقلب شخوص بصره , وطموح
نظره , ورشح جبينه , وخطف عرينه , وسكون حنينه , وحديث نفسه , وحفر
رمسه , وبكي عرسه , ويتم منه ولده , وتفرق عنه عدوه وصديقه , وقسم
جمعه , وذهب بصره وسمعه , ولقي ومدد , ووجه وجرد , وعري وغسل , وجفف
وسجى , وبسط له وهيئ , ونشر عليه كفنه , وشد منه ذقنه , وقبض وودع
وسلم عليه , وحمل فوق سريره وصلي عليه , ونقل من دور مزخرفة وقصور
مشيدة , وحجر متحدة , فجعل في طريح ملحود , ضيق موصود , بلبن منضود ,
مسعف بجلمود , وهيل عليه عفره , وحشي عليه مدره , وتخفق صدره , ونسي
خبره , ورجع عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه , وتبدل به قريبه وحبيبه ,
فهو حشو قبر , ورهين قفر , يسعى في جسمه دود قبره , ويسيل صديده على
صدره ونحره , يسحق تربه لحمه , وينشف دمه ويرم عظمه , حتى يوم محشرة
ونشره , فينشر من قبره وينفخ في صوره , ويدعى لحشره ونشوره , فتلم
بعزه قبور , وتحصل سريرة صدور , وجئ بكل صديق , وشهيد ونطيق , وقعد
للفصل قدير , بعبده خبير بصير , فكم من زفرة تعنيه , وحسرة تقصيه في
موقف مهيل ومشهد جليل بين يدي ملك عظيم بكل صغيرة وكبيرة عليم , حينئذ
يجمعه عرفه ومصيره , قلعة عبرته غير مرحومة , وصرخته غير مسموعة ,
وحجته غير مقبولة , تنشر صحيفته , وتبين جريرته , حين نطر في سور عمله
, وشهدت عينه بنظره , ويده ببطشه , ورجله بخطوه , وفرجه بلمسه , وجلده
بمسه , وشهد منكر ونكير , وكشف له من حيث يصير , وغلل ملكه يده ,.....)