+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: من أسرار القرآن

  1. #1
    فراتي ذهبي مروان خالد is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    2,033

    افتراضي من أسرار القرآن

    من أسرار القرآن
    د‏.‏ زغلـول النجـار
    وقال الملك إني أري سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وآخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون ‏*‏ يوسف‏:43*‏

    هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في بدايات الثلث الثاني من سورة يوسف‏,‏ هي سورة مكية‏,‏ وآياتها‏(111)‏ بعد البسملة‏),‏ وقد سبق لنا استعراض هذه السورة المباركة‏,‏ وتلخيص ما جاء فيها من أسس العقيدة‏,‏ والإشارات الكونية‏,‏ ونركز هنا علي الدلالات التاريخية والعلمية التي جاءت في الآية الثالثة والأربعين من سورة يوسف‏,‏ وهي الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال‏:‏
    من الدلالات التاريخية والعلمية للآية الكريمة
    أولا‏:‏ في قوله ـ تعالي ـ‏:‏ وقال الملك‏...:‏
    يعجب قارئ القرآن الكريم من وصف حاكم مصر في زمن نبي الله يوسف‏(‏ عليه السلام‏)‏ بلقب الملك الذي جاء في خمسة مواضع من سورة يوسف‏,‏ بينما جاء وصفه في زمن موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ بلقب فرعون مصر أو الفرعون‏,‏ وقد أورد القرآن الكريم لقب فرعون أربعة وسبعين‏(74)‏ مرة في عرض قصة نبي الله موسي‏(‏ عليه السلام‏),‏ والسبب في ذلك أن نبي الله يوسف‏(‏ عليه السلام‏)‏ عاش في مصر أيام حكم الهكسوس‏(‏ أي الملوك الرعاة‏),‏ وذلك في الفترة من‏(1730‏ ق‏.‏م‏)‏ إلي‏(1580‏ ق‏.‏م‏),‏ وكان حكام الهكسوس يلقبون بالملوك وليس بالفراعنة‏,‏ بينما عاش نبي الله موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ في زمن رمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشرة المعروف باسم فرعون الاضطهاد‏,‏ أو فرعون التسخير‏,‏ الذي حكم مصر في الفترة من‏(1301‏ ق‏.‏م‏)‏ إلي‏(1234‏ ق‏.‏م‏),‏ ومات ونبي الله موسي في مدين عند أصهاره نبي الله شعيب‏(‏ عليه السلام‏)‏ وآله‏,‏ وخلف رمسيس الثاني ولده الثالث عشر منفتاح‏(‏ أو منفتا‏)‏ المعروف باسم فرعون الخروج‏,‏ وحكم مصر في الفترة من‏(1234‏ ق‏.‏م‏)‏ إلي‏(1224‏ ق‏.‏م‏),‏ ومات غارقا في أثناء مطاردته لنبي الله موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ كما أخبر القرآن الكريم‏.‏
    ومع العلم بأن الذين خرجوا مع موسي من بني إسرائيل تاهوا أربعين سنة‏,‏ وأن وفاة موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ جاءت بعد انتهاء فترة التيه بقليل‏,‏ لأن من الثابت أنه لم يدخل أرض فلسطين‏,‏ فإن وفاته كانت في حدود سنة‏(1184‏ ق‏.‏م‏),‏ وبما أنه عاش في مدين عشر سنوات‏,‏ وعاش في بيت فرعون قرابة عشرين سنة‏,‏ فإن مولده‏(‏ عليه السلام‏)‏ كان في حدود سنة‏(1264‏ ق‏.‏م‏),‏ أي أنه عاش نحو ثمانين سنة‏(1264‏ ق‏.‏م‏)‏ إلي‏(1184‏ ق‏.‏م‏),‏ وفي هذه الفترة كان يطلق علي حكام مصر لقب الفراعنة‏,‏ ومن هنا جاء ذكرهم في القرآن الكريم بهذا اللقب‏.‏
    أما نبي الله يوسف‏(‏ عليه السلام‏),‏ فقد عاش في حدود الفترة من‏(1730‏ ق‏.‏م‏)‏ إلي‏(1580‏ ق‏.‏م‏),‏ وكان حاكم مصر ملكا من العمالقة يعرف باسم الريان بن الوليد‏,‏ كما ذكره مؤرخو العرب‏,‏ ووجد اسمه منقوشا علي بعض الآثار المصرية القديمة‏(‏ انظر مؤتمر تفسير سورة يوسف للشيخ عبدالله العلمي‏),‏ وكان ذلك في الأسرة الخامسة عشرة‏,‏ أو السادسة عشرة لدولة الهكسوس الرعاة في مصر‏,‏ وكانت السلالة السابقة عليها في حكم مصر‏,‏ وهي الأسرة الرابعة عشرة من الفراعنة المصريين‏,‏ الذين حكموا في وادي النيل سنة‏(2000‏ ق‏.‏م‏),‏ بينما كانت السلالة الرعوية المعروفة باسم شاسو أو الهكسوس‏,‏ أي البدو الرعاة‏,‏ يتنقلون في شرقي مصر علي حدود البادية فيما يعرف اليوم باسم محافظة الشرقية‏(‏ أرض جاسان في الكتب القديمة‏),‏
    وكانوا يتكلمون لغة سامية متفرعة عن اللغة العربية‏,‏ وكانت قريبة جدا منها‏,‏ وكان الهكسوس يترقبون ضعف الفراعنة ليغزوهم‏,‏ وكان الفراعنة حريصين علي مسالمتهم والاستعانة بهم في حروبهم لشجاعتهم‏,‏ وشدتهم‏,‏ وجلدهم‏,‏ وقوة أبدانهم‏,‏ شأن البدو في كل العصور‏,‏ وظل الصراع بين ملوك الرعاة وفراعنة مصر حتي سنحت الفرصة لهؤلاء الرعاة بالانتصار عليهم‏,‏ فاستولوا علي دلتا مصر وحكموها باسم ملوك الهكسوس في أثناء فترة الاضطرابات والفتن في أواخر عهد الأسرة الرابعة عشرة‏,‏ واستعمروا الوجه البحري كله وبعض أجزاء صعيد مصر‏,‏ واستولوا علي مدينة‏(‏ منف أو منفيس‏)‏ وولوا علي الأراضي التي احتلوها ملكا من بينهم‏,‏ وانحسر حكم الفراعنة إلي جنوب مصر‏,‏ الذي كانت عاصمته مدينة طيبة الأقصر‏,‏ وحكم الهكسوس أغلب شمال مصر‏,‏ ودامت سيطرتهم عليه لنحو خمسة قرون‏,‏ حتي قام الفراعنة بإسقاط ملكهم في أوائل القرن السادس عشر قبل الميلاد‏,‏ وعاد الفراعنة لحكم كل من شمال وجنوب مصر من جديد‏,‏ موحدين أرض مصر تحت حكمهم مرة ثانية‏.‏
    وفي فترة دخول نبي الله يوسف‏(‏ عليه السلام‏)‏ إلي مصر كانت مملكة الهكسوس في دور انحسارها الذي تقلصت مساحتها فيه إلي مثلث تألفت رءوسه من مينيا القمح وبوبسطة القريبة من مدينة الزقازيق‏,‏ وبلدة صان الحجر‏.‏
    ولم يجد يوسف‏(‏ عليه السلام‏)‏ صعوبة في التحدث مع الهكسوس الذين كانوا يتكلمون لغة سامية قريبة من لغته‏,‏ ومن هنا تأتي ومضة الإعجاز التاريخي في الآية الكريمة التي نحن بصددها في قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏ وقال الملك‏...‏ ولم يقل‏:‏ وقال فرعون‏,‏ لأن يوسف‏(‏ عليه السلام‏)‏ لم يعمل لدي أحد من فراعنة مصر‏,‏ الذين كان ملكهم في زمن وجوده بمصر قد انحسر إلي جنوب البلاد‏,‏ وكانت عاصمتهم طيبة الأقصر‏,‏ وكانت لغتهم الهيروغليفية المصرية القديمة التي لم يكن يوسف‏(‏ عليه السلام‏)‏ يعرفها‏.‏
    وهذه اللمحة المعجزة ـ علي بساطتها ـ هي من جملة البراهين علي أن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏),‏ وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا ليبقي القرآن الكريم شاهدا علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين بأنه كلام رب العالمين‏,‏ وشاهدا للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة‏.‏
    وهذا الوصف الدقيق لحاكم مصر في زمن نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ بوصف الملك هو من الأدلة الناطقة علي الدقة المطلقة لكل حرف‏,‏ وكلمة‏,‏ وآية أوردها القرآن الكريم‏,‏ ولكل قاعدة عقدية‏,‏ أو أمر تعبدي‏,‏ أو دستور أخلاقي‏,‏ أو تشريع سلوكي‏,‏ أو خبر تاريخي‏,‏ أو إشارة علمية‏,‏ أو خطاب إلي النفس الإنسانية أو غير ذلك من القضايا المحكمة التي جاءت في ثنايا الآيات المتعلقة بركائز الدين الأساسية من العقيدة‏,‏ والعبادة‏,‏ والأخلاق‏,‏ والمعاملات في هذا الكتاب العزيز‏.‏
    ومن الثابت أن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بعث خاتما للأنبياء والمرسلين في سنة‏(610‏ م‏),‏ أي بعد أكثر من‏(2200‏ سنة‏)‏ من وفاة أخيه يوسف بن يعقوب‏(‏ عليهما السلام‏),‏ فمن غير الله الخالق ـ سبحانه وتعالي يمكن أن يكون قد أخبره بتفاصيل قصة يوسف‏(‏ عليه السلام‏)‏ بهذه الدقة والشمول‏,‏ والإيجاز المعجز دون ترك شيء من التفاصيل ـ؟ وإن قيل إنه كان لليهود بعض الجيوب في الجزيرة العربية علي عهده‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فإن التاريخ يثبت أن غالبية هؤلاء اليهود كانوا من البدو الذين لم يكونوا علي قدر كاف من الثقافة الدينية أو الدنيوية‏,‏ وكانت صحفهم قد تعرضت للكثير من التغيير‏,‏ وإن بقيت بها بعض بقايا الحق القديم‏.‏
    ثانيا‏:‏ في قوله ـ تعالي ـ علي لسان ملك مصر‏:..
    ‏ إني أري سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات‏:‏
    هذه الرؤيا المنامية رآها ملك مصر علي عهد نبي الله يوسف‏(‏ عليه السلام‏)‏ في زمن حكم الهكسوس الرعاة العماليق لشمال مصر‏,‏ وانحسار حكم الفراعنة إلي الجنوب‏,‏ وكانت عاصمتهم طيبة الأقصر‏.‏
    ولكون المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لم يكن يحسن القراءة أو الكتابة‏,‏ وكان ذلك لحكمة يعلمها الله ـ سبحانه وتعالي ـ منها ألا يصدق علي هذا الرسول الخاتم دعاوي النقل عن كتب السابقين‏,‏ وفي ذلك يقول له ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏ وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون‏(‏ العنكبوت‏:48).‏
    والمتتبع لقصة نبي الله يوسف‏(‏ عليه السلام‏),‏ كما جاءت في القرآن الكريم يدرك بوضوح وحدة رسالة السماء المنطلقة من وحدانية الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ‏,‏ كما يدرك دقة حفظ الوحي السماوي في صورته الخاتمة كما جاءت في القرآن الكريم الذي تعهد ربنا ـ تبارك وتعالي ـ بحفظه فحفظ علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏),‏ وسيظل محفوظا كذلك إلي ما شاء الله تحقيقا لوعده الذي قطعه علي ذاته العلية‏.‏ فقال ـ عز من قائل ـ‏:‏ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون‏*‏

    (‏الحجر‏:9).‏
    ثالثا‏:‏ في قوله ـ تعالي ـ‏:... ‏
    يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون‏.‏
    من المسلمات أنه لا يوجد ملك بدون حاشية له‏,‏ وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الحاشية بتعبير الملأ‏,‏ أي الجماعة‏,‏ وجمعه أملاء‏,‏ والملأ جماعة يجتمعون علي رأي فيملأون العيون بمجرد الاستماع إليهم‏,‏ أو هم علي قدر من الهيبة بحيث يملأون العيون بمجرد النظر إليهم‏,‏ وعلي ذلك يكون ملأ بمعني مالئ أو مليء أو مملوء‏,‏ لأن لفظة ملأ لا تطلق إلا علي النخبة المختارة من مثل الحاشية التي تختار لبلاط الملوك من العلماء‏,‏ والحكماء‏,‏ والأدباء‏,‏ وأهل الرأي في كل أمر من الأمور‏.‏
    ومن المنطقي أن يتوجه الملك أول ما يتوجه بالسؤال إلي خاصته وحاشيته في كل أمر من الأمور التي تعرض له‏,‏ ولذلك قال ـ تعالي ـ علي لسان ملك مصر‏:...‏ يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون
    ‏(‏يوسف‏:43).‏
    فالحمد لله علي نعمة الإسلام العظيم‏,‏ والحمد لله علي نعمة القرآن الكريم‏,‏ والحمد لله علي بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏),‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏

  2. #2
    نام مظلوم همس الغروب is on a distinguished road الصورة الرمزية همس الغروب
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    الفيحاء الحبيبة
    المشاركات
    5,408

    افتراضي رد: من أسرار القرآن


  3. #3
    مشرف متفرغ رونق الحياة is on a distinguished road الصورة الرمزية رونق الحياة
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    المشاركات
    13,849

    افتراضي رد: من أسرار القرآن

    اللهم صل على محمد وعلى ال محمدوعجل فرجهم وسهل مخرجهم والعن عدوهم من الجن والانس
    الف شكر اخي وعاشت ايدك
    جعلة الله في ميزان اعمالك

  4. #4
    فراتي ذهبي مروان خالد is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    2,033

    افتراضي رد: من أسرار القرآن

    مشكورين علي المرور لكم منى كل تقدير

+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك