أقبل الليل وأسدل ستاره على العالم، ولطالما شدني بهدوئه وسكونه، تحدثني همساته الدافئة عن عالم آخر،</SPAN> تارة تأخذني إلى أرض الجهاد وأخرى تسير بي إلى أرض فلسطين الطاهرة؛ هناك أقصانا وقدسنا التي دنسها الأوغاد، وبين هذه وتلك ذكريات عز وسمو شمخت في علياء السماء ارتفعت فبلغت آفاق الجوزاء لكنها سرعان ما تلاشت واندثرت هنا تحت رمال الواقع، حينها أيقنت أننا على أرض شرفت بالإسلام. </SPAN>
بيد أنها أمست موسومة بالذل والخذلان....شتان بين أرض - تعالى -فيها صهيل الجياد وأخرى حل بها الرقاد. </SPAN>
تذكرت مجداً غابراً منعة وانتصاراً، حار قلبي وجفت مدامعي، ورأيت أن المشاعر من حولي تبلدت، كيف لا والكرامة بيعت فينا بأرخص الأثمان!! وغابت عنا شمس العزة وخلفت وراءها ظلمة من ذل وهوان!! لم ياليل أطللت علينا بظلامك؟ أتريد أن تجذبنا ببهائك أم أنك بغرورك حجبت عنا ضوء نهارك؟ ها نحن نشهد ما آل إليه حال أمتنا، دنسٌ يتبعه دنس، ظلام يتبعه ظلام. </SPAN>
هذا هو واقعنا لأننا سلمنا أنفسنا لقمة سائغة للعدو؛ ولأننا لا نملك القرار ولا القوة في الحق،</SPAN> كل ما نملكه هو أن نقول سمعاً وطاعة بأسلوب حضاري منمق ومع ذلك ندعي الشجاعة والقوة، ندعى أننا نملك العقيدة ولكننا لم نملك سوى الدنيا. </SPAN>
أما آن لنا أن نعود؟ أما آن لقلوبنا الميتة أن تحيا وتنبض بالإيمان الصادق؟ الدمع يجري في كل بقعة يشهد فيها أن لا إله إلا الله وقد اختلطت تلك الدموع والأحزان وحارت الأعين، أتبكي حالها أم تبكي حال أمة رضيت بالجراح!! </SPAN>
أما لأمتنا عز وجهاد؟! أما لأمتنا فارس يكفكف الدمع ويدحر الطغيان فقد سئمنا الكلام؟!... سئمنا العويل والملام، فلنكن يا أبناء عقيدتنا أقوياء بديننا شرفاء به وهممنا عالية ولا إله إلا الله في قلوبنا نحيا بها ولأجلها نسعى تسمو بنا عالياً وتقودنا إلى النصر...</SPAN>