انتشار مكثف لجيش الاحتلال فى شوارع بغداد أثناء زيارة نجاد
صفحات مكتومة فى علاقات بغداد الإحتلال بطهران الثورة..!
لماذا حرص بوش شخصيا على أمن foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?ى نجاد فى العراق؟
العرب أونلاين- شاكر الجوهري: الزيارة التى قام بها الرئيس الإيرانى لبغداد، فى ظل الإحتلال الأميركي، تاريخية بكل معنى الكلمة. وهى تاريخية لأكثر من سبب واحد.. تاريخية لمجرد القيام بها.. ذلك أنها أول زيارة يقوم بها رئيس ايرانى لبغداد منذ قيام "الجمهورية الإسلامية فى ايران" فى شباط/فبراير 1979.
وتاريخية لأنها تتم فى ظل الإحتلال الأميركى للعراق..!
وتاريخية أيضا لأنها تكشف عن عوامل خلاف، وإن غير معلن تماما بين طهران، وحلفائها فى بغداد الإحتلال.
وهى كذلك تاريخية لأنها تمثل مزاحمة ايرانية معلنة لأميركا على النفوذ فى بلد يخضع للإحتلال الأميركي، كاشفة عن مدى الغباء الذى يتمتع به الرئيس الأميركى جورج بوش، وهو ما أهله لأن يحتل العراق، ويدفع كلفا اميركية عالية لهذا الإحتلال، لمصلحة ايران..!!
أن تتم زيارة نجاد لبغداد فى ظل الإحتلال الأميركى لا يعنى مطلقا رضى واشنطن وإدارة بوش على الزيارة. وقد تجلى عدم الرضى، وعدم التوافق الإيرانى ـ الأميركى فى مواقف تزامنت مع الزيارة:
أولا: اقرار مجلس الأمن الدولى مشروع قرار اوروبى بتشديد الحصار والعقوبات المفروضة على ايران أثناء وجود نجاد فى بغداد.
ثانيا: التلاسن الذى تم بين الرئيسين الإيرانى والأميركى عبر تبادل التصريحات خلال وجود نجاد فى بغداد.
السبت، وقبل وصول نجاد لبغداد، صرح بوش قائلا على نجاد "الكف عن تصدير الرعب، إن الرسالة يجب أن تكون كفوا عن ارسال معدات متطورة تقتل مواطنينا".
وجاء رد نجاد من بغداد، وعبر مؤتمر صحفي، "لم استلم رسالة من بوش..لا وقت لدينا لسماع رسالتك".."ليس لدينا الوقت الكافى حتى نسمع ما يقوله الآخرون".
لقد تأخر رد نجاد على رسالة بوش من السبت، حتى الإثنين، كى يأتى رده من قلب بغداد، ليكون موجعا، ليس فقط بسبب السخرية التى تضمنها، وإنما لصدوره من عاصمة تحت الإحتلال الأميركي.
بالطبع، زيارة نجاد لعاصمة عربية محتلة موضع إدانة ورفض واستنكار. وهى زيارة تعيد إلى الأذهان تصريحات ايرانية رسمية افادت فى حينه أن احتلال اميركا لكل من افغانستان ثم العراق لم يكن ليتم لولا التسهيلات الإيرانية..!
لكن هذا لا يعنى تطابقا فى الأهداف بين الدولتين، وهذا ما تؤكده الوقائع..
طهران عملت على توريط اميركا فى المنطقة، كى تحصد هى النتائج.
فى افغانستان، سهلت ايران الإحتلال الأميركى كى تخرج قوات تحالف الشمال "الشيعية" من تحت ضغط حكومة طالبان السلفية/السنية.
وفى العراق سهلت ايران احتلال البلد العربى لحسابات مذهبية مماثلة فى طريقة التفكير، وإن تباينت فى التفاصيل.
ايران لا مشروع سياسيا اسلاميا أو مذهبيا لها..بل هى توظف المذهب من أجل ما تراه مصلحة قومية فارسية، وعلى نحو يخلط ما بين المذهب والقومية. ولذا، فهى تبدو مذهبية السياسة تارة، وقومية السياسة تارة أخرى.
هى توظف المذهبية من أجل تسويق مصالحها القومية فى العراق. وتوظف اسلاميتها فى ذات الآن فى دعمها للمقاومة الفلسطينية. وبهذا فقط اختلفت سياسات ايران الإسلامية، عن سياسات ايران الشاهنشاهية.
ولأن المنطقة التى تريد ايران فرض نفوذها فيها، هى فى ذات الآن منطقة نفوذ اميركى بدأ يتنامى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945، برزت تناقضات فى المصالح بين طهران وواشنطن، بعد أن تبينت واشنطن، منذ عهد الشاه هذا التضارب والتعارض فى المصالح، وأن شاه ايران بدأ يفكر بالعمل شرطيا فى المنطقة لحسابه الخاص، وليس لحساب اميركا..يومها قررت واشنطن فرك أذن الشاه، عبر تشجيع ثورة رجال الدين، وكانت غلطة واشنطن الأولى التى لا تزال تدفع ثمنها، وثمن ما تبعها من أخطاء حتى الآن.
لكن حلفاء ايران فى العراق ليسوا فقط الشيعة، بل إن "بيكار" التحالف يتجاوزهم إلى الأكراد، الذين تحالفوا تاريخيا مع ايران "الشاه ثم الثورة" ضد نظام الحكم فى بغداد، وخاصة الإتحاد الديمقراطى الكردستاني، بزعامة جلال الطالباني، رئيس جمهورية عراق الإحتلال..!
وكل التحالفات تهدف فقط إلى تسهيل استعادة أمجاد امبراطورية فارس، يوم كانت تتقاسم النفوذ فى العالم القديم مع الإمبراطورية الرومانية.
واشنطن ترى فى "ايران الإسلامية" مصدر خطر مزدوج:
الأول: يتهدد الإحتلال الأميركى للعراق، ما دام وجود قوات الإحتلال الأميركى بات أشبه ما يكون بالقوات الأسيرة لدى طهران، حيث تستطيع أن تفتح عليها أبواب جهنم الشيعية فى العراق، حين تقرر ذلك.
للتذكير، إن جيش المهدى الذى يتزعمه مقتدى الصدر هو الأقرب لإيران حاليا، منذ أن تخلى عن خطه العروبي. والصدر بالتنسيق مع طهران قرر قبل أكثر من ستة أشهر تجميد نشاطاته لمدة ستة أشهر، انتهت قبل عدة أيام وقد تم تمديدها لفترة مماثلة يمكن التراجع عنها حين تقرر طهران أنه قد حان أوان التصدى الواسع للقوات الأميركية فى العراق.
وها هو بوش يتهم ايران، وهو مصيب فى اتهاماته، بأنها تزود الميليشيات الشيعية فى العراق بأسلحة متطورة.
الثاني: يتهدد مصالح اميركا فى نفط الإقليم الخليجي.
للتذكير، لقد كان العامل الحاسم الذى دفع واشنطن للتفكير بفرك أذن الشاه سنة 1979هو اصرار الشاه على رفع اسعار النفط..!
التهديد الإيرانى للمصالح النفطية الأميركية يتمثل فى شعارات تصدير الثورة التى تعمل إيران على تطبيقها الآن بوسائل غير علنية، وليس كما كانت تفعل سابقا..وفى البرنامج النووى الإيراني، الذى إن نجح فى تصنيع قنبلة نووية يكون قد أهل ايران للقفز خطوة واسعة باتجاه فرض هيمنتها على كل دول الإقليم النفطي.
هذان هما محورا التصادم الأساسيان بين واشنطن وطهران.
ومع ذلك، لا تستطيع واشنطن تعطيل زيارة نجاد لبغداد، مع أنها بالقطع تستشعر تناقضها مع المصالح الأميركية، كيف لا، ونجاد قادم من أجل تكريس علاقات تحالفية بين بغداد الإحتلال وطهران..؟!
لا تستطيع واشنطن تعطيل الزيارة لأنها إن حاولت قد يؤدى ذلك إلى نتيجيتين كلاهما أكثر ضررا من الأخرى:
الأولى: ظهور عوامل خلافات علنية جديدة بين واشنطن وحكومة المالكي، على نحو من شأنه الحاق أذى بالغ بالرئيس بوش وحزبه الجمهورى على أبواب الإنتخابات الأميركية المقبلة..الرئاسية والتشريعية "النصفية".
الثانية: دفع طهران لطى صفحة مفاوضات تقاسم النفوذ فى العراق مع واشنطن بشكل نهائي، وهذا يستدعى زيادة الدعم التسليحى الإيرانى لمقاومى الإحتلال الأميركى للعراق، فى وقت يتحرق فيه بوش لشن حرب على ايران، ولكنه متخوف من وخامة النتائج..متعظا من تجربة العراق.
ثم إن واشنطن لا تستطيع تنظيم عملية اغتيال للرئيس الإيرانى داخل العراق، ليس لأنها شديدة الإلتزام بالقوانين الدولية، وإنما لأنها تخشى من أن يؤدى اغتيال نجاد فى بلد تتحمل فيه مسؤولية الأمن إلى توفير ظروف مواتية لتحقق ما اشرنا إليه سابقا مما تتخوف من حدوثه فى العراق.
لذا، فمن مهازل القدر الأميركى أن تصبح اميركا معنية بتوفير كل حماية ممكنة للرئيس نجاد، وبحرص شخصى من الرئيس بوش حتى لا يؤدى تعرضه لأى سوء، إلى تأزيم وجودها فى العراق..!!