( هي في قلبي )


الفصل الأول:

( أريد أن أكون معها )

صدق الشاعر عندما قال ( ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ) , آههههههههه, هذا البيت حقا يصف حالي , يصف نهايتي, يصف حبي الضائع, كم تمنيت و تمنيت وكانت كل أمنياتي تتحقق , لكن عندما تمنيتك أن تكوني لي , لم أدركك.
اكتفيت من الصراخ و من العويل على الماء المسكوب , حان الوقت لأخرجه من صدري , لأخلده على ورقي , لأشارك الناس أحزاني, لعل هذا يخفف من أحزاني , ومن تأنيب الضمير الذي ينهش فيه ليل نهار , آههههههههههههه, آههههههههههههههه, كيف أبدأ الحكاية, كيف أصف ذلك الملاك , مهما قلت لن أوفها حقها , سلبت عقلي , فتنت عيني , جعلتني أقف كالأبله, رغم أن المكان كان مكتظ بالناس إلا أني لم أرى سواها , لم يكن غيروها في القاعة , لم يكون غيرها,
...........: فؤاد ماذا بك , أأنت تبكي من جديد؟!!
بعيون مدفونة بالدموع المتراكمة, وبلسان عاجز عن الكلام و التعبير عن مكنون الصدور: وما في يدي سوى البكاء يا رضوان.
جلس رضوان بجانبه, ووضع يده على كتف فؤاد وقال بصوت كله حزن على حال الرفيق: أتبكي عليها أم على حالك؟
ببطء ألتفت فؤاد جهة رضوان, وبصوت مرتعش قال: حياتي انتهت مع رحيلها. ( وأغلق عيناه ليسمح لكوم الدموع بالنزول)
فؤاد, أين فؤاد قاسم ( صوت دوى في أرجاء المكان, وقطع موجة حزن فؤاد )
وقف فؤاد وقال بصوت عالي: أنا هنا .
بطبقة صوت عالية لم تتغير: عندك زيارة, هيا تعال.
فؤاد: حاضر, فقد ثانية ( أنزل رأسه جهة رضوان) و قال: أنتبه على أوراق.
ابتسم رضوان, و أعقبها قائلا: حاضر.
مسح فؤاد دموعه المنسابة على خديه , ومن ثم ذهب ناحية الرجل الذي ناداه .
ما هي إلا بضع دقائق حتى وصل فؤاد إلى غرفة المقابلات , التي كانت شبه خالية, من البشر ومن الجماد , إلا ما عدى كرسيان وطاولة , وطغى على الغرفة اللون الرمادي , ما إن جلس فؤاد على أحد الكراسي الموجودة في الغرفة باهتة اللون, تركه الرجل الذي قاده إلى الغرفة لوحده , وبعد بضع ثوان قدم و معه شخص آخر, وقف فؤاد من مقعده و في قسمات وجهه علامة الذهول , قال الرجل الذي اقتاد فؤاد إلى الغرفة بصوت حازم: معكم ربع ساعة . ( وخرج آخذا معه الباب, تاركا فؤاد و الزائر لوحدهما)
خطة ابتسامة على شفتي الزائر, و أخذ يقترب من فؤاد بخطى واسعة, وما إن غدا أمام فؤاد مباشرة, طوقه بكلى يديه, وقال: لقد اشتقت لك , كم يسعدني رأيتك.
أخذ فؤاد يرفع يديه ببطء , حتى أصبحت تحيطا بالزائر, وقال: و أنا كذلك خالد.
ابتعد خالد من بين أحضان فؤاد , وأخذ يحدق في فؤاد, ومن ثم قال: انك تبدوا متعب, هل أنت مريض؟
فؤاد:لا.
خالد: إذا لماذا شكلك شاحب هكذا؟
فؤاد: وكيف تريد أن يكون شكل, خالد سبب حياتي رحل, الشخص الذي من أجله أعيش رحل, أريد أن ألحق به.
( وتسللت دمعة من عينيه الحزينتان)
خالد: ما هذا الكلام فؤاد, وماذا عن والديك أنسيتهما ؟و أنا وجميع من يحبونك؟
تهاوى فؤاد على الكرسي , و بصعوبة بالغة رفع رأسه جهة خالد و قال: آههههههههه يا خالد , لم تعد للحياة طعم بدونها, أنها تطارد مخيلتي لليل نهار, لم أعد أحتمل أكثر , لم أعد. (ودفن رأسه بكلى يديه )
دنا منه خالد, ووضع يده على كتف فؤاد وقال : هي رحلت فنسها .
ابعد فؤاد يديه عن رأسها, لتكشفا عن عينين مفتوحتان على مصراعيهما: وهل ينسى الإنسان روحه!
خالد: أعلم أنك تحبها أكثر من نفسك , فلا تنسى أني شهدت مولد هذا الحب و عشت تفاصيله , لكن أنت الآن في عالم الأحياء و هي في عالم الأ.....( شيء سد طريق الكلمة و منعها من الظهور, كان هذا الشيء هو يد فؤاد )
بنظرة استغراب أخذ خالد يصوبها على فؤاد الذي قام من الكرسي , و ثار على خالد : إياك أن تقولها , إياك , هي في قلب و سوف تضل في قلبي ( وفي نفس الوقت كان يشير بأصبعه إلى قلبه) حتى ألحق بها .
خالد: فؤاد ماذا بك هكذا, بعت الحياة؟
فؤاد: لأن الحياة باعتني.
خالد: هذا ليس فؤاد الذي أعرفه, هذا شخص آخر, ما الذي جرى لك فؤاد, أنت ليس أول واحد و لا آخر واحد يفقد حبيبته.
فؤاد: بطبع سوف تقول هكذا, إن الذي كان بيني و بين ليلى ليس حبا عاديا, فاللسان يعجز عن و صفه, و الأقلام عن خطه على صفحات الحياة.
قوس خالد حاجبيه إلى أعلى, و بصوت حنون قال: فؤاد أرجوك ساعدني لأخرجك من هنا, والديك أخبراني أنك رافض أن توكل محامي لك , أرجوك نحن بحاج لك, أخرج من عالم الأحزان و عد إلينا.
فؤاد: أقول لك لا أستطيع, لا أستطيع, كانت هي بمثابة الأكسجين الذي أتنفسه, كيف يعيش الإنسان بدون أكسجين, كيف, قل كيف؟
بنبرة صوت حزينة قال خالد: يعني لا فائدة بأن تعود لنا ؟
أغمض فؤاد عينيه وأخذ يهز رأسه بالإيجاب, ومن بعد زاد قائلا: أنا أريد أن أكون معها.
خالد: لكن.......
فؤاد: أشششششششششششش, لا تحاول أن تردعني عن قراري , فأنا لن أغيره مهما قلت , لهذا إذا كان هدف زيارتك هو هذا, فعذرين أن أقول لك أنك سوف تعود خائبا.
كانت عينا خالد تلمعان, كانتا على و شك سكب الدمع على حال صديقه, و عدم قدرته على فعل شيء: لماذا تفعل هذا فؤاد , لماذا لا تفكر بنا , بكل شخص يريدك في هذا العالم؟
دخل دخيل عليهما قطع حوارهما و لحظة العتاب, و بصوت خشن قال: انتهت الزيارة.
وجهه فؤاد بصره للدخيل, في حين أن خالد ضل مجمدا بصره جهة فؤاد, أعاد فؤاد بصره جهة خالد ليصدم بنظرة عينيه و دموعه التي انهمرت كزخ المطر من عينيه المعاتبتين, لم يرى فؤاد في حياته خالد بهذه الحالة , تجمد هو الأخر ضل يحدق به , بدأت الرؤيا تتشوش لديه , كأن شيء يحجب عليه رأيت خالد بوضوح , كأن شيء بارد يسيل على خده , كانت دموعه التي لم تجف بعد.

يتبع...................