ممثلو العرب توصلوا الى اتفاق مبدئي مع الأكراد وعلقوا مقاطعتهم لمجلس المحافظة ... أميركا تستبعد استفتاء كركوك هذا العام و«التوافق» السنّية تعود إلى البرلمان
يحتفلون بعودة الأمن في بلدة كرما قرب الفلوجة أمس. (رويترز) حض مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جون نيغروبونتي العراقيين أمس على اغتنام فترة الهدوء لتسريع المصالحة الوطنية، محذراً من العودة الى العنف الطائفي اذا لم يترافق العمل السياسي مع التقدم الأمني. وتوقع عدم حصول استفتاء لتقرير مصير كركوك قبل العام المقبل. وأعلن محافظ المدينة ترحيبه بعودة ممثلي العرب الى مجلس المحافظة، بعد التوصل الى اتفاق أولي مع الأكراد على تقاسم الصلاحيات. على صعيد آخر، أنهت جبهة «التوافق» السنية مقاطعتها البرلمان بعد السماح لزعيمها عدنان الدليمي بالانتقال الى فندق الرشيد في «المنطقة الخضراء» وسط العاصمة من منزله، حيث قضى الأيام الثلاثة الأخيرة رهن إقامة جبرية فرضها عليه الجيش العراقي، بدعوى العثور على سيارتين مفخختين قرب مقره في حي العدل.
وقال نيغروبونتي في ختام زيارة للعراق استغرقت ستة أيام، ان «الزيادة في عديد القوات (المشاركة في خطة الأمن في بغداد) أسفرت عن نتائج مهمة». وأضاف ان «المطلوب الآن تحقيق تقدم في المصالحة الوطنية واقرار تشريعات جديدة لتعزيز المكاسب الأمنية». وزاد ان إقرار التشريعات المتعلقة بالمصالحة أمر «معقول» في غضون ستة اشهر، و «سيكون ذلك عاملاً مساعداً جداً، اذ يعطي مؤشراً الى استعداد العراقيين للبناء على أساس ما تحقق».
وحذر من ان «عدم تحقيق تقدم في هذه الأمور سيعيدنا الى نماذج سابقة من العنف». وتابع ان «الاستفتاء المقرر اجراؤه حول مصير كركوك ليس ممكناً قبل نهاية العام».
ويقضي الدستور العراقي بإجراء استفتاء حول وضع المدينة بحلول نهاية السنة، لكن احترام هذا الموعد أصبح شبه مستحيل لأن تعداد الناخبين المؤهلين لم يبدأ حتى الآن.
من جهة أخرى، اعتبر رئيس مجلس محافظة كركوك عودة ممثلي العرب الى مجلس المحافظة «خطوة ايجابية نحو بناء المدينة وتعزيز التعايش السلمي ومشاركة الجميع في صنع القرار من دون إجحاف وظلم».
يشار الى ان القائمة التي يدعمها الحزبان الكرديان الرئيسيان «الاتحاد الوطني» و «الحزب الديموقراطي الكردستاني» تشغل 26 مقعداً من اصل 41 في المجلس المحلي، في حين يشغل العرب ستة مقاعد والتركمان تسعة.
من جهته، طالب العضو العربي في المجلس المحلي، راكان سعيد الجبوري بالإسراع في تطبيق الاتفاق. وقال: «نتمنى من جبهة تركمان العراق المشاركة». وأضاف: «سنحصل للمرة الاولى على منصب نائب محافظ كركوك ونائب رئيس مجلس القضاء (...) في حين ستتوزع المناصب وفق نسبة 32 في المئة لكل من العرب والاكراد والتركمان والباقي للاقليات الكلدو - آشورية والأرمن والصابئة».
وأوضح ان الاتفاق يتضمن «إنهاء مشكلة المعتقلين بشكل غير قانوني (...) والكف عن ظاهرة الاعتقالات غير القانونية وهذا مطلب مهم للشارع العربي الذي ذاق الأمرين بسبب الاعتقالات على رغم انه احد ضحايا الارهاب».
لكن مسؤولاً تركمانيا أعلن ان «مشكلة كركوك لا تحل بعودة طرف وإهمال طرف آخر، طالبنا بإنهاء الاعتقالات والتهميش وضرورة اعتماد اللغه التركمانية لغة رسمية في كركوك لكنهم لم يردوا علينا حتى الآن».
واكد علي مهدي، نائب رئيس حزب «تركمان ايلي» ان كركوك تضم «ثلاثة مكونات لا يمكن تغييب اي منها (...) ونحن التركمان اعتدنا على التهميش طوال 35 عاماً من قبل بعض الحكام العرب في حين يظلمنا الاكراد منذ أربع سنوات».
ويطالب الاكراد بإلحاق كركوك باقليم كردستان في حين يعارض التركمان والعرب ذلك. ويبلغ عدد سكان المدينة حوالي مليون نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع اقلية كلدو - اشورية.
الى ذلك، قال الدليمي قبل ساعات من نقله الى المنطقة الخضراء، في اتصال مع «الحياة» إن الجيش العراقي يواصل فرض «الإقامة الجبرية عليه»، ويمنعه من التوجه الى مجلس النواب لحضور إحدى جلساته، لافتاً الى أن «الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى اتصل بي صباح اليوم ليتفقد حالي واستنكر العمل». وجدد نفيه الاتهامات الموجهة إليه بوجود سيارتين مفخختين داخل منزله، واعتبرها «مؤامرة من الحكومة للضغط علي، وإجباري على الإنصياع لها وإسكات صوتي الفاضح لممارساتها الطائفية».
وأكد الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن الاجراءات المتخذة بعد اعتقال حراس الدليمي وعددهم 29 شخصاً، هي «لحماية» زعيم الجبهة، مشيراً إلى اكتشاف «آثار متفجرات» على أيدي سبعة من حراسه خلال التحقيقات، والى أن «أحد هؤلاء كان يحمل مفتاح السيارة المفخخة».
في شمال العراق، وبعد يوم من تنفيذ الجيش التركي عملية جوية - برية محدودة ضد متمردين أكراد، جدد غل تأكيده «استعداد تركيا وحقها في الدفاع عن نفسها»، لا سيما أن الجيش «مُنح تفويضاً سيستخدمه عندما يرى أن هناك ضرورة لذلك».
جاء ذلك، في حين جدد «حزب العمال الكردستاني» الانفصالي طرح مبادرته لوقف اطلاق نار بشروط، بينها إعلان العفو العام عن مقاتليه، والاعتراف بالهوية الكردية، وبدء عملية سياسية في مقابل التخلي عن سلاحه.