من أهم عوامل القلق الذي يفقد الإنسان سكينة النفس وأمنها ورضاها
هو تحسره على الماضي ، وسخطه على الحاضر ، وخوفه من المستقبل .!
إن بعض الناس تنزل به النازلة من مصائب الدهر ، فيظل فيها شهورا وأعواما
يجتر آلامها ويستعيد ذكرياتها القاتمة .! متحسرا تارة ، متمنيا أخرى ..
شعاره : ليتني فعلت ، وليتني تركت ،
ولو أني فعلت كذا لكان كذا ..!
وقديما قال الشاعر :
ليت شعري ، وأين مني ليت ؟ ........ إن " ليتا" وإن " لوا " عناء
ولذا ينصح الأطباء النفسيون ، والمرشدون الاجتماعيون ، ورجال التربية ، ورجال العمل ،
أن ينسى الإنسان آلام أمسه ، ويعيش في واقع يومه ، فإن الماضي بعد أن ولى لا يعود .
ولكن الضعف الإنساني يغلب على الكثيرين ، فيجعلهم يطحنون المطحون ،
ويبكون على أمس الذاهب ، ويعضون على أيديهم أسفا على ما فات ،
ويقلبون أكفهم حسرة على ما مضى .!
وأبعد الناس عن الاستسلام لمثل هذه المشاعر الأليمة ، والأفكار الداجية ،
هو المؤمن الذي قوي يقينه بربه ، وآمن بقضائه وقدره ، فلا يسلم نفسه فريسة للماضي وأحداثه ،
بل يعتقد أنه أمر قضاه الله كان لابد أن ينفذ ، وما أصابه من قضاء الله لا يقابل بغير الرضا والتسليم ..
ثم يقول ما قال الشاعر :
سبقت مقادير الإله وحكمه ......... فأرح فؤادك من " لعل" ومن " لو "
إنه لا يقول لو أني فعلت كذا لكان كذا بل يقول : قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان
كما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم .
إنه يوقن أن قدر الله نافذ لا محالة ، فلم السخط ؟! ولم الضيق والتبرم ؟!
والله تعالى يقول : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب
من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ، ولا تفرحوا
بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور )