البيت الأبيض يتراجع عن آماله بنجاح استراتيجيته الجديدة في العراق


منتديات الفرات
يبدو ان ادارة الرئيس بوش لن تقرر حتى سبتمبر المقبل ما اذا كانت هناك مؤشرات تبين ان زيادة عدد الجنود الأمريكيين في العراق قد أدت فعلا لتحقيق تقدم سياسي أو أمني أكبر فيه. بل يتوقع كبار مستشاريه ان تكون فوائد تلك الزيادة محدودة حتى في ذلك الوقت، طبقا لما يقوله كبار المسؤولين في ادارة الرئيس.
فقد أوضح هؤلاء المسؤولين في لقاءات جرت معهم الأسبوع الماضي ان البيت الأبيض بدأ يتراجع تدريجيا عن آماله التي كان قد علقها على حكومة نوري كمال المالكي، وان المناقشات التي تدور حول المواعيد الزمنية الآن تشير الى ان البيت الأبيض يمكن ان يحافظ على تلك الأعداد الاضافية من الجنود الأمريكيين في العراق حتى العام المقبل.

التزام دراماتيكي

لكن مثل هذا الاحتمال سيتطلب التزاما دراماتيكيا أطول من جانب جنود الخط الأول، الذين يقومون بأعمال الدورية في أخطر أحياء بغداد، من ذلك الالتزام الذي تضمنه القانون الذي صدر عن مجلس الشيوخ والنواب مؤخرا.
بيد ان التصويت على القانون كان رمزيا الى حد كبير لأنه ليس بوسع الديموقراطيين تجنب الفيتو الرئاسي الذي تعهد بوش باستخدامه ضد هذا القانون الذي يتضمن مواعيد نهائية لسحب الجنود الأمريكيين بنهاية مارس 2008.
وكان بوش قد أعلن خلال ظهوره مع رئيس الوزراء الياباني في كامب ديفيد يوم الجمعة الماضي انه سيدعو زعماء الكونغرس الى البيت الأبيض للتحدث حول طريقة التحرك الى الأمام.

المالكي

من ناحية أخرى، يعرب العديد من المسؤولين الأمريكيين الذين التقوا بالمالكي في الفترة الأخيرة عن اعتقادهم انه يحبذ تحقيق نوع من المصالحة السياسية التي كان بوش قد تحدث عنها باختصار في يناير الماضي باعتبارها هدفا نهائيا لزيادة عدزد القوات الأمريكية في العراق.
الا ان هؤلاء المسؤولين يقولون في الوقت نفسه ان المالكي لا يمتلك القدرة الكافية على ما يبدو لتنفيذ مشاريع القوانين التي تدعو لتوزيع عادل لعائدات النفط بين السنة والشيعة والأكراد، والتراجع عن عملية اجتثاث البعث التي كانت أمريكا قد قادتها ومنعت بها سنة كثيرين من المشاركة في الحكومة الجديدة.
وكان السفير الأمريكي الجديد في العراق رايان كروكر قد قال في اتصال عبر الهاتف: يحاول المالكي الآن اطفاء الحرائق المنبعثة من كل اتجاه، لكن علينا ان نوضح له ما هي أولوياتنا بحيث نؤمن له الوقت الذي يحتاجه، وعلينا الاستفادة من الوقت الآن لأنه سيحتاجه في المستقبل.
وأضاف كروكر انه أبلغ المالكي بأن وجود دليل على التقدم هو أمر مهم بالنسبة لأمريكا لأن استمرار التأييد الأمريكي يتطلب ان ينهض العراقيون لمواجهة التحديات.

قدرة محدودة

بيد ان حدود قدرات المالكي عبر عنها بشكل واضح الى درجة الفظاظة الجنرال ديفيد بيتريوس، قائد القوات الأمريكية في العراق الذي كان قد أمضى اسبوعا في الولايات المتحدة حاول فيه الضغط على الكونغرس كي لا يضع حدودا زمنية على عملياته في العراق وكيفية توجيهها.
قال بيتريوس خلال تحدثه عن المالكي: »انه ليس توني بلير العراق، فهو لا يمتلك أغلبية برلمانية، وليس له وزراء محسوبون عليه في الوزارات الأخرى«. بل يفتقر وزراء حكومته احيانا للانسجام مع بعض في تصريحاتهم للصحافة، وتعليقاتهم مع البلدان الأخرى. ويمكنني القول ان الوضع الذي يعمل فيه المالكي ينطوي على تحديات كثيرة جدا.
غير ان الرئيس بوش كان حذرا عندما أعلن استراتيجيته الجديدة في يناير الماضي، وذلك كي يتجنب أي تقدير أو توقع بالسرعة التي سيتحرك المالكي من خلالها نحو تحقيق المصالحة السياسية.
الا ان وزير الدفاع روبرت غيتس وجد نفسه مضطرا للضغط على المالكي الأسبوع الماضي كي لا يسمح للبرلمان العراقي بأخذ اجازته الصيفية التي تستغرق شهرين وذلك من أجل مناقشة الحلول المناسبة للعديد من المسائل.
جدير بالذكر ان الرئيس بوش كان قد وصف المالكي في يناير الماضي بأنه مهندس خطة زيادة عدد الجنود الأمريكيين في العراق، وذكر هذا حتى خلال زيارة عدد من زعماء الكونغرس له في البيت الأبيض. ويقول مسؤولان أمريكيان كانا حاضرين ان بوش أبلغ هؤلاء الزعماء قائلا: قلت للمالكي »هذه الخطة يجب ان تنجح واذا لم يتحقق هذا النجاح ستصبح أنت في الخارج«.
ولما ضغط عليه زعماء الكونغرس لمعرفة سبب ثقته بنجاح الاستراتيجية الجديدة في حين منيت كل الجهود السابقة بالفشل، رد بوش بقوة: لأنها يجب ان تنجح.
وهذا باختصار هو الموقف نفسه الذي يتخذه بوش الآن امام الكونغرس. فهو مقتنع ـ برأي مساعديه ـ بأن اليد العليا في المفاوضات ستكون له بعد استخدامه لحق النقض الرئاسي الـ »فيتو« لخطة الكونغرس التي تربط تمويل القوات الأمريكية في العراق بتحديد جدول زمني للانسحاب.

انقسام ديموقراطي

ويبدو ان ثمة انقساما، ولو ضئيلا بين الديموقراطيين. ففي الوقت الذي أعلن فيه هاري ريد ان أمريكا خسرت الحرب في العراق، هناك الكثيرون من رفاقه في الحزب لا يوافقون على ذلك، ويقول هؤلاء انهم اذا لاحظوا شيئا من التقدم في العراق مع قدوم فصل الخريف، فإنهم سيساندون الادارة لأنهم يريدون لخطتها النجاح.
وهناك ديموقراطيون آخرون يقولون ان بعض الأعضاء الجمهوريين سوف ينشقون عن معكسر بوش، ويصوتون لصالح انسحاب مرحلي اذا لم تحقق الاستراتيجية الجديدة نجاحا واضحا بحلول شهر أغسطس المقبل.
سبب هذا الموقف هو عدم رغبة هؤلاء الجمهوريين في تأييد التزام مفتوح للادارة الأمريكية في العراق.