هل أشعلت أمريكا ثورات العرب الأخيرة
مازال الوقت مبكرا للتأكد من حقيقة أن الجدل الذي أثير حول الأحتلال الأمريكي للعراق والتدخل الأمريكي بالشئون العربية سوف يتوقف ويشيع إلي مسواه الأخير بعد أنفجار المد الديمقراطي الذي يجتاح العالم العربي من شرقه لغربه والذي أسقط العديد من أنظمته القمعية وحكامه الطغاة. ولكن لايعد الوقت مبكرا لأن تحتفل الولايات المتحدة مع حلافائها من الشعوب العربية ببزوغ فجر جديد من الديمقراطية والحرية والذي أطاح بالحكام العرب الطغاة الذين قهروا شعوبهم لعقود طويلة, كما مهد الأرض لأنهاء غضب تلك الشعوب وبالتالي القضاء على مشكلة الأرهاب التي عكرت صفو العلاقة بين المسلمين والغرب لمدة طويلة. وقد ولد الفجر الجديد بجانب الثورة موجة من التفائل بين الشعوب العربية نحو الوجود الأمريكي بالمنطقة ودفع بعضهم لدعوة المزيد من التدخل والعون الأمريكي ضد حكامه الطغاة مثل المختل العقيد معمر القذافي.
لقد قامت الولايات المتحدة بأجتياح العراق قبل ثمانية أعوام في حرب سريعة ومدمرة والتي تركت العرب جميعا في حالة من الذهول للتدهور الذي وصل له أمر العراق والعرب على السواء وأنتشرت بين العرب الشكوك ونظريات المؤامرة حول الأهداف والنوايا الأمريكية بالمنطقة خاصة في المرحلة الأولي من الحرب التي تعثرت كثيرا نتيجة لسوء الأحكام والتعامل الأمريكي مع القضايا العراقية وكذلك بسبب فضيحة أبو غريب.
ولقد بدأت بعض الأنظمة العربية بالشعور بالقلق من التواجد الأمريكي بالمنطقة بعد تأكدهم من أن أمريكا قد جاءت إلي المنطقة من أجل تلك الأنظمة وليس من أجل صدام فقط وأسلحته المدمرة. وهو ما دفع تلك الأنظمة إلي التحالف مع القاعدة وأيران في شن حرب شرسة من الدعاية والأكاذيب ضد الولايات المتحدة ونواياها الشريرة تجاة العرب والأسلام. فقامت أيران بالتحالف مع القاعدة للترويج وأتهام الولايات المتحدة بخوض حرب شرسة ضد الأسلام. كما قام حزب البعث الحاكم في سوريا والعراق بالترويج لفكرة أن هدف الحرب الأمريكية ما هو إلا القضاء على الأنظمة العربية المستقلة والوطنية مثل نظام الأسد في سوريا والنظام الصدامي في العراق والتي تقف في وجهة الهيمنة الأمريكية والصهيونية بالمنطقة العربية. وأدعت أنظمة أخري أن أمريكا لا تبغي هذا ولا ذاك وأن كل ما تريده هو سرقة بترول العرب.
وقد حاولت الولايات المتحدة الدفاع عن موقفها من خلال أعادة تأكيدتها على أن الحرب ليست ضد الأسلام ولكن ضد الأرهاب الذي ولد وترعرع في حضن الأنظمة العربية القمعية والمتسلطة والتي لاترغب في التغيير أو تبادل السلطة مع شعوبها. ودافعت الولايات المتحدة عن أجتياحها للعراق برغبتها في أيقاف صدام حسين الذي لا يقدر أحد علي أيقافة خاصة بعد ما أعلنه بنفسه من أمتلاكه لأسلحة للدمار الشامل وما يمثله ذلك من خطر داهم على شعبة وجيرانه والعالم بأكمله.
ومازال الوقت مبكرا لمعرفة ما أذا كانت الولايات المتحدة قد أمتلكت البصيرة النافذة والرؤيا المسبقة لما سيحمله المستقبل للعالم العربي أذا ما قامت بتحريك قواتها وسياستها تجاه تلك المنطقة, أما أن الحظ وحده كان حليفها في تحقيق ذلك الأنتصار الكبير بالمنطقة والذي أدي إلي أشعال فتيل الحرية والديمقراطية في كل أرجائه. ولكن يمكن وعلي كل حال الأدعاء بأن سياسات الولايات المتحدة بالمنطقة هي المحرك الأول والذي قد أشعل الرغبة العربية نحو الديمقراطية والحرية والتي أدت إلي أنهيار أو الوشوك على أنهيار الكثير من الأنظمة العربية القمعية والتي كانت قد تعفنت في أماكنها لعشرات الأعوام مثل نظام صدام حسين في العراق, وحسني مبارك في مصر, وبن علي في تونس على صالح في اليمن وحافظ الأسد في سوريا والقذافي في ليبيا. ويمكن الأدعاء كذلك أن السياسات الأمريكية كانت محرك الأنتخابات الديمقراطية بالعراق ومحرك الوعود بالمزيد من الشفافية والديمقراطية وحقوق الأنسان في أغلب الدول العربية بما في ذلك الدول التي لم تلحقها رياح التغيير التي تضرب بالمنطقة الأن.
نعرف أن الكثير من العراقيين وبخاصة هؤلاء الذين فقدوا أقاربهم بالحرب مازال يراوضهم الشكك وحتي الحزن والألم من النوايا الأمريكية بالعراق والمنطقة ككل وهو شيئ طبيعي . وبصرف النظر عما أذا كان الأحتلال الأمريكي للعراق قد جاء بالشر أم بالخير لنا نحن العراقيين أعتقد أنه من الواجب علينا ومن الحق أن نقول كلمة حق ونشكر الولايات المتحدة لدورها الذي أتي بفجر جديد بالمنطقة والذي بدأ بأسقاط نظام صدام حسين ومازال في طريقه للأطاحة ببقية الطغاة العرب.
أن الشرق الأوسط الذي عاني من الجمود السياسي والأقتصاد خلال تاريخه الطويل وأفتقد أي نوع من الديمقراطية وحقوق الأنسان والحرية الحقيقة قد بدأ مؤخرا مسيرته الثورية نحو مناخ وواقع جديد. فلقد ذهب بلا رجعة مناخ وواقع الخوف والأضطهاد الذي أجبرت الأنظمة العربية شعوبها على العيش فيه لأعوام طويلة مما دفع الأغلبية العظمي من الشباب العرب نحو طريق الأرهاب. لقد بدأ العالم العربي اليوم التمتع بمناخ من الحرية وحقوق الأنسان والأزدهار الأقتصادي.
رد مع اقتباس