بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
في هذا الشهر المبارك صادفت مناسبة عظيمة أبهجت المؤمنين وأفرحت الكون بأسره حيث تزينت الجنان ولبست الحور العين أجمل الحلل واصطفت الملائكة لعقد قران سيد الموحدين وأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام بمشكاة الأنوار وسيدة نساء أهل الجنة مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام بإذن الله تعالى ومباركته ، وبالمناسبة السعيدة هذه سطرت موضوعا خاصا لم تسنح لي الفرصة بنشره في حينه وذلك لغيابي عنكم
وأما موضوعي هذا فله ارتباط غير مباشر بالمناسبة حيث سيدور البحث فيه عن عظماء الدنيا وكيف أنهم واجهوا المتاعب وتغلبوا عليها بمعونة نساء فاضلات كانت لهم البصمة المميزة في إيصال مبتغاهم إلى العالم لينتهجوه في حياتهم دستورا عاما ينظم لهم طريقهم الذي يسلكوه ليوصلهم إلى معرفة الحق جل وعلا
نعم إن عظماء الكون واجهوا المحن في سبيل أن يوصلوا ما فيه صالح البشر والذي يتمثل في الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك ما سواه من أوثان لا تضر ولا تنفع فهيأ الله لهم نساء فاضلات يعينوهم على نشر دعواهم بكل ما يمتلكنه من مال وجاه وعظمة وخلق كريم وود لا تشوبه ريبة بأن ما جاءوا به هو الحق من الله العظيم
نعم في هذه العجالة سأتحدث عن ثلاثة نماذج لتلك النساء المؤمنات اللواتي سطرن وبحروف من نور بصماتهن الطيبة ليبدين الأثر الطيب في نشر الدين وبقاءه غضا طريا سائدا على كل العقائد
النموذج الأول يتمثل في السيدة خديجة بنت خويلد زوجة أعظم وأشرف من وطأ الأرض بنعليه حبيب قلوبنا أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله
هذه المرأة العظيمة التي ضحت في سبيل دعوة بعلها رسول الله صلى الله عليه وآله بكل ما تملك من جاه عظيم وثروة طائلة حيث سخرتها لنشر الدين الحنيف ورضت بأن تنام على جلد من الصوف بعد أن كانت تنام على الديباج وتحملت هجر نساء قومها لها بسبب زواجها برسول الله صلى الله عليه وآله وتحملت الجوع والعطش لثلاث سنين في شعب أبي طالب حيث حصار أعداء الدين لها ولبني هاشم ولمن تبع محمد في دينه فكانت نموذجا ميثاليا في انكار الذات والتخلي عن ملذات الدنيا وأموالها لتكون خير معين لنشر الدعوة الإسلامية لتبنى بناءا متينا يبقى شامخا ما بقي الدهر وقد شهد رسول الله صلى الله عليه وآله لها بذلك حيث قال ما معناه لم يقم الدين إلا بأموال خديجة وسيف علي
النموذج الثاني وقوف سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام إلى جانب بعلها علي عليه السلام في محنته بعد أن اغتصب حقه حيث وقفت تدافع عن ذلك الحق الإلهي من خلال خطبتها المعروفة بالخطبة الفدكية حيث بينت مكانة بعلها بالنسبة لرسول الله وكيف أنه الأحق بالخلافة من غيره ولما رأنت أن القوم مصرين على ظلم علي عليه السلام قدمت الروح والولد في سبيل تبيان مظلومة أمير المؤمنين فكانت حادثة الباب الأليمة والتي نتج عنها عصرها وإحراق باب دارها وإسقاطها لجنينها ومن ثم غضبها على أولئك لترحل عن هذه الدنيا شهيدة محتسبة غاضبة على من سن ظلمها وظلم بعلها وآذاها في نفسها وبعلها وأبنائها
النموذج الثالث يتمثل في الحوراء زينب عليها السلام شريكة أخيها الحسين عليه السلام حيث أخرجها من المدينة لتشاركه في المصاب من أجل إبقاء دين الله حيا واسم رسول الله صادحا خمس مرات في اليوم من أفواه المآذن فقس ثورته المباركة إلى قسمين
قسم يتحمله هو وأهل بيته وصحابته آلا وهو الجهاد العسكري
وقسم يوكله إلى أخته لتبين بلسانها الناطق بالحق عن مظلوميته
فأبلا هو بلاءا حسنا وضحى بمهجته والثلة الطيبة من أهل بيته وصحابته بمهجهم حيث ضرجوا بدمائهم على أرض كربلاء
ومن ثم أوكلوا المهمة الإعلامية لتلك الثورة الطيبة لزينب الحوراء وابن اخيها الإمام علي زين العابدين فلم تقصر في بيان مظلومية سيد الشهداء واحقيته في الخلافة من أولئك الأوغاد الذين تسلقوا على منبر رسول الله وهم بعيدون عن معتقده ودينه فاظهرت للعالم بأسره خزيهم وعنجهيتهم وظلمهم وتجبرهم وأوضحت بأنهم ليسوا إلا أبناء حرام أكلوا وشربوا الحرام وادعوا بأنهم خلفاء رسول الله وكان للبكاء والنحيب والصرخة المدوية التي مارستها الأثر الطيب في بيان من هو الحسين ومن يكون قاتله
نعم هذه نماذج ثلاث تبين ما للمرأة من أثر طيب على حياة العظماء وهل هناك عظماء يضاهئون عظمة هؤلاء الكرام
فسلام على أولئك العظماء وسلام على من كانت وراءهم من نساء فاضلات سطرن المجد في هذه الحياة بأحرف من نور ليقرؤها البعيد والقريب والدني والشريف وليعرف بأن وراء كل عظيم إمرأة