وأتساءلُ لماذا يعمَلوا على أن نَبقى خَلفَ الشمس ، فنُدمِن الظلام ، وتصفَعنا
البُرودة إلى حَدّ الإنجماد ، فنشِبّ ونَهرَمُ ونحن بِعُمر الأولاد ؟
ويُصيبونا بالشّرَه ، ويَمنعوا عن عقولنا الزاد ، ويُشعِلوا داخِلَنا الأحقاد ، فتنتفِضُ
الأرض تحت الرّماد .
لا ، لن تفرِضوا علينا الذل نتجرَّعه سُمّاً يَجري في الأوصال ، ولن تُفلِحوا في
أن تَملِكوا أقدارَنا ، فتطحنونا كالحِنطَة بين حَجَرَي الرّحى ، وتحشُرونا في
الزاوية لا نَقوى حتى على مُجَرَّد الإعتراض ، حتى نَضَبَتْ فينا الأفعال ، وفَوقَ
الشفاه كالعُشب اليابس جفّتْ عُروقُ الأفعال ، حتى أمسَينا كما أرَدتُمونا
أشباحاً ، وهياكِلَ ، مُجَرّد ظِلال .
تريدونا كالنّعام ، نَدفِن رؤوسَنا في الرّمال ، وتَسلبونا العقل والإدراك ، نُراوِح
مَكانَنا في بؤَر الإعتِدال ، سَمعاً وطاعة ، هي كلّ ما عوّدتُمونا عليه من
أقوال ، ونَسيتُم ، أو لربّما تَناسَيتُم ، مهما بَلَغتُم من الديبلوماسِيّة ، وطرائق
الزّيف والخِداع ، الشمسُ صَعبٌ أنْ يُغَطّيها غُربال .
دمتم برعاية الله