((تأملاتِ..أنسان))
ما بين تأنيب نفسي لنفسي، ونقاء سريرتي وصواب حدسي
، ورفضي للخنوع مذ كنت طفلا ورفضي لتنزيل رأسي،
وما بين قناعتي بأن صراخي اليوم يشبه همسي،
...وأن الحال كما هو يغدو ويمسي
أيقنت لا فرق بين قلعي وغرسي،
ولا فرق بين اظافري وضرسي،
وآمنت بأن وحدتي هي مملكتي وأنسي،
وعرفت بأن الناس يقيمون مأتما في يوم عرسي،
لهذا آثرت الابتعاد إكراما لنفسي،
لأن الناس قد ابدلوا الزكاة بالربا وقد تلاعبوا على الله في الخمس،
فمن اكون امام هذا الاختلال وأمام من يشتري غضب الله بثمن بخس؟
فلست ادري هل تناسوا أن الدنيا لا تساوي مقدار دينار وفلس؟
وهل تناسوا انها زائلة وهنيئا لمن يطعم فيها ويكسي؟
فلماذا إذن نرى القائد يستحلي فيها الحكم والكرسي؟
ولماذا تتحمل فيها الرعية مزيدا من الهوان والنكس؟
ولم نرهم بغير ثياب التشاؤم واليأس؟
متى نعيش في كل المساحات دون ركل ورفس؟
متى نعيد موقف الانصار من خزرج وأوس؟
متى لا نقبل للحقيقة أي دثور وطمس؟
متى نفهم الاشياء بمعناها الصحيح دون اشكال ولبس؟
متى نفهم الفرق الكبير بين المس واللمس وبين الهرس والمرس؟
متى نؤمن بأن الغد امتداد لليوم وأن اليوم امتداد لأمس؟
متى نخشى على الدين تكرار الطف ثانية ونستعد إذا ما عاود الاوغاد بالغدر والنكس؟
متى نؤمن بأن يزيد لم يقم لقتل شخص الحسين عرسا بل انه بقتله قد قاتل الله فقام بعرس؟
متى ندرك ان الشياطين موجودون بين الجن والانس؟
متى نؤمن بأن الله يوم الحساب لا يؤاخذ على الظن والحدس،
بل هي اعمال مسجلة في الاعلان او الخلس؟
متى نفرق بين فاسق يعرق بأداء فاحشة وبين شريف كادح يعرق من جهد المعول والفأس؟
من يعيد التوازن لمن ينام بدون زاد يرى متخما لا ينام إلا وهو مخمور بكأس؟
متى نعتق من العبودية أنفسنا ونختار الحرية على الحبس؟
متى نعي ان هذه الدنيا امتحان وعلى الانسان ان ينجح في كل درس؟
........
من روائع الاديب علي ابراهيم