منتديات الفرات
أثار افتتاح برج خليفة حفيظة الشارع العراقي الذي ما إن سمع قيام دولة الامارات ببناء أطول برج في العالم وما أنفق عليه من تكاليف ومبالغ مالية حتى تبادر إلى أذهان المواطنين الفارق الكبير بين منجز عربي كبير أدهش العالم نفذ بوقت قياسي وبين مليارات من الدولارات صرفت في بلدهم على مشاريع فاشلة وأخرى وهمية، إضافة إلى سرقة مليارات أخرى من قبل موظفين في الدولة.
ولم يكتف العراقيون بالحديث فقط عن هذه المفارقة، بل وصل الأمر إلى رفع شعارات مكتوبة على لافتات كما حدث في الناصرية، إذ كتب على إحدى اللافتات التي علقت في شارع عمومي "نبارك دولة الإمارات العربية افتتاح أطول برج في العالم والذي تعادل قيمته نصف قيمة مبالغ أرصفة الناصرية"، والكلام الذي كتب على اللافتة يغني عن الشرح، فهو موجه إلى الحكومة العراقية ويحمل طعنا بنزاهة المسؤولين عن محافظة الناصرية، ومعناه أن ضعف المبلغ الذي صرف على تشييد برج خليفة أنفق على نصف أرصفة الناصرية، ويعني أيضا أن هناك اختلاسا كبيرا لموارد الشعب، وهو أمر اعتاد عليه العراقيون.
وتتمتع الناصرية التي تبعد مسافة 360 كلم جنوب العاصمة بغداد باحتوائها على أهم وأكبر الآبار النفطية في العالم، وهي بذلك من أغنى بقاع العالم يضاف إلى ذلك تمتعها بالأهوار، وهي مستنقعات مائية واسعة ملأى بالحيوانات المائية والطيور، ماجعلها تحتل مكانة متميزة في مجال السياحة بينما يعيش سكانها في فقر مدقع نتيجة سوء إدارة الثروات من قبل الجهات الحكومية.
وتنتشر مقاطع فيديو لافتتاح برج خليفة في أغلب هواتف العراقيين النقالة بالإضافة إلى الرسائل القصيرة التي شاركت هي الأخرى في التعليق على الحدث الأبرز خلال الأيام الماضية وجاء في إحداها "العراق يخاطب الإمارات.. هل تسمعني أجب.. بإمكاننا إذا جمعنا جماجم العراقيين منذ سقوط بغداد حتى الآن أن نبني برجا يفوق ارتفاع برجكم".
وما زال افتتاح برج خليفة حديث الشارع العراقي الذي كلما ازدادت مآسيه تذكر إنجازات غيره حتى بات العراقيون يلعنون النفط الذي يصفونه بالنقمة التي جلبت لهم الويلات.
ويقول عمر عادل طالب جامعي: "لقد كرهت الثروة النفطية التي بسببها تكالب الجميع على سرقة العراق، متناسين أن هناك شعبا يموت كل يوم، النفط نقمة علينا، وهو الذي لم ينل منه سوى الويلات والدماء والخراب"، ويضيف عادل "إنني متأكد أن الجهات المسؤولة في العراق في حال قررت بناء برج في نصف ارتفاع برج خليفة لأنفقت المليار ونصف دولار في حفر الأساس فقط، ولجيء بمستندات ووثائق وإيصالات تؤكد صحة صرف المبلغ".
هذا ويذكر أن برج خليفة الذي يضم 160 طابقا وبارتفاع يبلغ 828 مترا، متجاوزا بذلك برج تايبه في تايوان الذي كان يشغل لقب أعلى بناية في العالم بعلو يبلغ 508 أمتار، وتكلف بناؤه مبلغ مليار ونصف المليار دولارأميركي.
وقد قام بعض الصحافيين العراقيين -الذين أثار برج خليفة فيهم الفضول للكتابة ومن كتب منهم عن افتتاح وبناء البرج وتكلفته المالية- بالمقارنة بين تكلفة البرج وكلفة بناء مدرسة أو مشفى أو إعمار وزارة أو تعميـر شارع.
أما الإعلامي محمد المربد فعلق على بناء برج خليفة قائلا "لقد حولت الإمارات أبراج بابل المعلقة إلى واقع فوق أرضها"، وأضاف المربد "في مقال لي قارنت بين حكومة الإمارات التي حققت الاحلام في وطنها وبين الحكومات التي تعاقبت على تدمير العراق حتى صار الشعب يحلم أن ينال قسطا من النوم الآمن ليس إلا".
ولا يذكر أي عراقي اسم الشيخ زايد آل نهيان إلا وترحم عليه، متمنيا أن يمن الله على العراق بحاكم مثله، بينما ينهال بالسباب واللعن متى ذكر اسم حاكم عراقي منذ تأسيس الجمهورية، أما مواطن عراقي آخر فعلق على افتتاح برج خليفة بقوله: "الفضل يعود إلى الشيخ زايد رحمه الله الذي عبَّدَ الطريق لكي يصل من يأتي بعده بالإمارات إلى السماء".