الحياء والخجل مفهومان ملتبسان في كثير من الدول العربية وخاصة لدينا في منطقة الخليج
فكثير منا يرى ان الحياء يعني الخجل عندما نقول "فلان يستحي" ، وما أنأى وأرفع الأول عن
الثاني ، وبهذا اللبس نصفع الحياء لغوياً دون ان ندري ، ويا لها من جريمة ، الخجل حالة عاطفية
انفعالية مرتكزها عبارتا "أنا أعجز" و "أنا لا أقدر" ، أما الحياء فحالة إدراكية وإطار عقلي مرتكزهما
عبارتا "أنا أترفع عن" و "أنا استنكف عن" ، فهناك فرق بين من يحجم عن أمر عجزاً ومن يحجم عنه ترفعاً.
الحياء حالة لا يصلها المرء دون فهم عميق يتحول الى تنفيذ عملي
إنها حالة يشفق فيها أحدنا على نفسه من أن تأتي أمراً يهينها ، بالتالي
هي حالة تأتي نتيجة إدراك معرفي ، وهي حتماً حالة تمكُّن وليس حالة
عجزاو ارتجاف. هنا ، يظهرلنا ان الخجل مرض نفسي يستدعي التدخل
العلاجي ، أما الحياء فغيابه مشكلة تستدعي التدخل التربوي.
وبالمثال يتضح المقال ، فالخجول عن مواجهة الجمهوربينما الحيوي لا يجد مشكلة في ذلك ، لكنه يواجه الجمهورمحملاً ليس
بهم المواجهة إنما بهم ما سيقدمه لهذا الجمهوروقيمته ، ولذلك لا غرابة ان نجد إنساناً حيوياً وجريئاً معا في آن ، فلا تناقض بين الأمرين ،
بل اجتماعهما مثير حقاً ، هل في أنفسكم شك مما أقول؟ ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم "أكثر حياء من العذراء في خدرها"؟ لكن ،
ألم يكن هو أشجع الرجال حين هزم ركانة بن يزيد الذي لك يقدر عليه أحد من قبل ، ألم يكن صلوات ربي وسلامه عليه
خطيباً مفوّهاً يخطف الأسماع والأبصار والعقول هكذا كان صلى الله عليه وسلم صاحب مقدرة على مواجهة الجمهور
والتعاطي مع المواقف بالحياء الذي يتسامى به عن الدنايا ، أما الخجل الممجوج والضعف ، فلا مكان له في حياة
أي شخص يؤمن أنه خليفة الله على الأرض.
ما رأيكم أن نذهب الى بعد أعمق قليلاً؟ الخجل - ولنكن صرحاء - مثل الغيرة!
الخجل نوع انسحابي من أنواع الخوف وتضعتضع الثقة بالنفس ، فالخجول يخاف ، لكن
الحيوي في المقابل يقلق حاملاً هم الرسالة وتوابعها ، نعم الحيوي قلوق لكن ليس خائفاً ولا
يساوره الشك ف يمقدراته ، وكما ان الخجول خائف ، كذلك الغيران خائف أيضاً ويحس بالنقص
الفارق ان الخجول يرى ضعفه فيشعر بالخوف والرغبة في الانسحاب أما الغيرا فيري ضعفه ونقصه
أمام محاسن غيره فيحس بالسخط والرغبة في التدمير ، فالمصدر واحد وردة الفعل مختلفة في الاتجاه وفي
(نوع العاطفة (الغضب مقابل الإنسحاب.
الآن ، ألا نستحيي مما نفعله بهذه الكلمة التي هي شعبة من شعب الإيمان؟
إنما الخلق بالتخلق" كما يقال ، فالنتخلق بالحياء ولنفعل شيئاً لإنصاف هذه الكلمة
فهذه الصفعة اللغوية تحتاج منا ان نفتح صفحة لغوية وإداركية وعملية جديدة ، فهلا فعلنا؟
مع اطيب تحيــــــــــاتي