رزاذ مطر ... ,
رذاذ مطر هل وأطل .
من نافذة رسائلى.
بلل جوف الأرض ونثر على محياها بسمة طال انتظارها .
والرذاذ الذي حطّ على جنبات الجدران ترك تداعياته على خبايا الروح .
فليس أجمل من أن تكون هناك إطلالة بعد غياب .
وعودة بعد رحيل فها هو الشتاء يطل بكبرياء لا على استحياء .
فهو ضيف مرحّب فيه أنى كان موعد قدومه .
رذاذ تناثر والأرض تأهبت لاستعادة بريقها .
والغبار الذي تراكم وجثم على صدر الورود بات مجبرا على مغادرة هواجعه.
ولملمة أوراقه والانسحاب التدريجي ليترك للرذاذ فسحة من المكان ليتوطن فيها .
ويستوطن دون انقلاب وبهدء وسكينة.
رذاذ على النافذة .
وفي كل مكان هو بداية لعهد جديد حد فاصل بين زمنين .
هنا تتوحد الأمكنة وتغدو الطبيعة هي من يؤرخ لتتابع الأزمنة وجريانها ودورانها .
رذاذ يعبر عن عفوية وتلقائية ودون برمجة أو إعداد .
فوحدها مشيئة الباري هي التي تتحكم وتفاجئ و تعلن أن كرم الخالق غير محدود .
فالرذاذ يؤصل لمواسم الخير والبركة.
رذاذ لم يتأخر بل أطل حيثما كان يجب أن يطل .
وخيط التواصل بين السماء والأرض تداعى .
والبذور التي ظلت بمنأى عن كل اهتمام باتت تشعر أنها قاربت العثور على ذاتها.
بعد أن كانت أو كادت تتلاشى .
في غمرة الرذاذ وتداعياته .
تطل الروح باحثة عن ملاذ ينحو بها نحو شواطئ الأمان .
ونسجل أن الوقت ما زال مواتيا لتستعيد الأرض عافيتها وهي التي لم تدخل في غيبوبة .
لثقتها بأن الرذاذ آت وإن تأخر .
وهكذا تتواصل الفصول وتتداخل المواسم وترتسم دورة الزمن على محيانا .
تماما كالأجيال تتابع وتوريث وتواصل .
وفي خضم كل هذا نطل على ذواتنا محاولين استكشاف ما تناثر داخلها من رذاذ الحيرة .
فصل ينقضي وآخر يأتي هي أيام لا تعترف بحدود فاصلة .
فهي تتشابك كما الأيك والأجمة وتتداخل كالحلقات .
ويظل علينا أن نستكشف ما يتوسط وشائجها من خيط ناظم .
شهر تلو شهر تتبدل المواقع ما بين الحر والقر .
وكأنها جولة تعبر عن كرّ وفرّ .
تأتي المواسم مبشرة ويظل فينا من لا يقابلون الجديد الوافد بأي نوع من الترحاب .
فرذاذنا المتناثر يفك طلاسم الأرض وجفاء الرمال.
لكنه يظل عاجزا عن فك طلاسم النفس التى ظللتها غمامة البؤس والتبرم .
ويأتي الرذاذ ليعلن لحظة التحول .
وفينا من لا يفارق نمطيته ولا يحاول مغادرة الربوة القاحلة التي وسمت حضوره .
فبات والجمادات سواء.
رذاذ ذو هيبة ووقار ذو حضور وباقتدار.
هو الفسحة التي تطل علينا من بعيد.
لتعاود التأكيد بأن الحياة مستمرة .