لقب : طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه
حكاية هذا اللقب :-
في غزوة أحد كان طلحة كعادته يبحث عن الشهادة التى بشره بها رسول الله
لعل الله أن يكرمه بها في ذلك اليوم .
وبينما كان الجيش الإسلامي الصغير يسجل مرة أخري نصراً ساحقاً علي مكة لم يكن أقل روعة من النصر الذي اكتسبه يوم بدر , وقعت من أغلبية فصيلة الرماة غلطة فظيعة قلبت الوضع تماماً , وأدت إلي إلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين , وكادت أن تكون سبباً في مقتل النبي
وقد تركت أسوأ أثر علي سمعتهم , والهيبة التي كانوا يتمتعون بها بعد بدر .
لما رأي هؤلاء الرماة أن المسلمين ينتبهون غنائم العدو , وغلبت عليهم أثارة من حب الدنيا , فقال بعضهم لبعض : الغنيمة , الغنيمة , ظهر أصحابكم فما تنتظرون ؟!
أما قائدهم عبد الله بن جبير , فقد ذكَّرهم أوامر الرسول
وقال : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟!
ولكن الأغلبية الساحقة لم تلق لهذا التذكير بالاً , وقالت والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة .
ثم غادر أربعون رجلاً من هؤلاء الرماة مواقعهم من الجبل , والتحقوا بسواد الجيش , ليشاركوا في جمع الغنائم , وهكذا خلت ظهور المسلمين , ولم يبقي فيها إلا بني جبير وتسعة من أصحابة , التزموا مواقفهم , مصممين علي البقاء حتى يؤذن لهم أو يُبادوا .
وانتهز خالد بن الوليد هذه الفرصة الذهبية , فاستدار بسرعة خاطفة , حتى وصل إلي مؤخرة الجيش الإسلامي , فما لبث أن أباد عبد الله بن جبير وأصحابه ثم انقض علي المسلمين من خلفهم , وصاح فرسانه صيحة عرف منها المشركون المنهزمون بالتطور الجديد فانقلبوا علي المسلمين من خلفهم , وأسرعت امرأة منهم ( عُمرة بنت علقمة الحارثية ) – فرفعت لواء المشركين المطروح علي التراب فالتف حوله المشركون , ولا ثوابه وتنادي بعضهم بعضاً , حتى اجتمعوا علي المسلمين , وثبتوا للقتال , وأحيط المسلمون من الأمام والخلف ووقعوا بين شقي الرحى .
وبينما كانت تلك الطوائف تتلقي أواصر التطويق , تطحن بين شقي رحى المشركين , كان العراك محتدماً حول رسول الله
, فلما نادي المسلمين : " هلم إلي رسول الله "
سمع صوته المشركون وعرفوه , فكروا إليه وهاجموه , ومالوا إليه بثقلهم قبل أن يرجع إليه أحد من جيش المسلمين فجري بين المشركين وبين هؤلاء النفر التسعة عراك عنيف , ظهرت فيه نوادر الحب والتفاني والبسالة والبطولة .
عن أنس بن مالك : أن رسول الله
أُفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش , فلما رهقوه ؛ قال : " من يردهم عنا وله الجنة ؟ " أو " هو رفيقي في الجنة " فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قُتل السبعة فقال : رسول الله
لصاحبيه – أي القرشيين :- " ما أنصفنا أصحابنا " .
وكان آخر هؤلاء السبعة هو " عمارة بن يزيد بن السكن " , قاتل حتى أثبتته الجراحة فسقط .
وبعد سقوط بن السكن بقي رسول الله
في القرشيين فقط .
ففي الصحيحين عن عثمان قال : لم يبقي مع النبي
في بعض تلك الأيام التى يقاتل فيهن غير طلحة بن عبيد الله , وسعد بن أبي وقاص .
فأما سعد بن أبي وقاص فقد نثل له رسول الله
كنانته , وقال : " أرمي فداك أبي وأمي " ويدل علي مدي كفائتة أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يجمع أبوية لأحد غي سعد .
وعن جابر قال : لما كان يوم أحد وولي الناس كان رسول الله صلي الله عليه وسلم في ناحية من إثني عشر رجلاً منهم طلحة , فأدركه المشركون , فقال النبي صلي الله عليه وسلم " من للقوم " ؟ قال طلحة : أنا . قال : " كما أنت " فقال رجل : أنا . قال : " أنت " فقاتل حتى قُتل , ثم التفت فإذا المشركون . فقال : " من لهم " قال طلحة : أنا . قال : " كما أنت " فقال رجل من الأنصار : أنا . قال : " أنت " فقاتل حتى قُتل , فلم يزل كذلك حتى بقي مع النبي صلي الله عليه وسلم " طلحة " . فقال : " من للقوم " ؟ قال طلحة : أنا . فقاتل طلحة قتال الأحد عشر , حتى قُطعت أصابعه فقال : " حس " فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون "
ثم رد الله المشركين .
وعن قيس بن حازم قال : رأيت يد طلحة شلاء , وقي بها النبي صلي الله عليه وسلم يوم أحد .
وجرح تسعة وثلاثين أو خمساً وثلاثين وشُلت أصابعه أي السبابة والتي تليها .
وقال النبي
فيه يومئذ :
" من أحب أن ينظر إلي شهيد يمشي علي ظهر الأرض فلينظر إلي طلحة بن عبيد الله " .
تابعونا
أخيكم /