المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اعتراف متاخر بغياب التوافي الوطني



عراقي هواي وميزة فينا الهوى
27-11-2006, 07:40 AM
اعتراف متأخر بغياب «التوافق الوطني»
هل تجنب إعادة جدولة العمل السياسي العراق الحرب الأهلية


http://www.alwatan.com.kw/Data/site1/News/Issues200611/gf2-112706.pc.jpg
كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي صريحا جدا يوم امس حين اعلن عقب اجتماع للمجلس السياسي للامن الوطني «اعادة ترتيب العمل السياسي» بعد ان تأكد له ان الانفلات الامني انعكاس لغياب التوافق السياسي بين الكتل السياسية العراقية.
ولا بد ان تشخيص المالكي يحظى بموافقة الاعضاء الاخرين في المجلس الذين كان قادتهم يحيطون به وهو يدلي بهذه الاقوال.
والاعتراف الان بعدم وجود توافق سياسي يعني ان الحكومة العراقية الحالية لم تحقق معنى «الوحدة الوطنية» الذي توصف به. كما يعني ايضا ان الفرقاء المعنيين لم يكونوا يواجهون انفسهم بهذه الحقيقة الا يوم الجمعة الماضي حينما تحدثوا الى بعضهم البعض «لأول مرة بصراحة» كما كشف الرئيس العراقي جلال الطالباني المعروف بصدقه وصراحته، والذي يرأس عادة اجتماعات المجلس السياسي. بل ان المجلس ذاته دليل على غياب التوافق السياسي. فهذه الهيئة لا ذكر لها في الدستور العراقي الدائم الذي تتلخص وظيفته، شأنه شأن كل دساتير دول العالم المستقرة، بأن يسمي هيئات الدولة والحكم ويحدد وظائفها ويقنن علاقاتها ببعضها البعض. لكن الدعوة الى تشكيله طرحت بعد ان اكتشف قادة الكتل السياسية انه لا الدستور الدائم ولا مجلس النواب ولا حكومة الوحدة الوطنية وفرت المرجعية العليا للدولة والحكومة والمجتمع، او التوافق الوطني حول المسائل السياسية الجوهرية التي تواجه أي بلد يزاول عملية اعادة بناء دولته بعد خروجه من حالة نزاع او صراع او حرب اهلية او حكم دكتاتوري.

ثلاث كتل سياسية

خرج العراق من «حالة نظام دكتاتوري» ليجد نفسه امام كتل سياسية كبرى تتحدث بأسماء طوائف واعراق، وبرز منها ثلاث، هي التحالف الكردستاني الذي يمثل الكرد، كما يشير اليه اسمه، والائتلاف العراقي الذي يمثل الشيعة، والتوافق التي تمثل السنة. وانتقل الانقسام المذهبي العرقي من الطبقة السياسية الى جمهور الناخبين (حوالي 15 مليونا) الذين ادلوا باصواتهم بناء على انتماءاتهم الطائفية والعرقية بالتطابق مع انتماءات مرشحيهم!
وعلى مدى ثلاث سنوات ونصف بقي قادة هذه الكتل يتحاورون على طريقتهم، وهي طريقة لم تكن صريحة ولم تكن حقيقية كما يفهم من كلام الطالباني وممثل الامم المتحدة في العراق.. فلم يكونوا يضعون النقاط على الحروف، ولم يكونوا يتعمقون بالحديث، ولم تكن حواراتهم بالتالي حقيقية. وكانوا يؤجلون القضايا المختلف عليها، الامر الذي انتج دستورا دائما مليئا بالنواقص والاحالات ما يصعب معه اعتباره دائما. واذا كان الدستور في كل البلدان المستقرة يمثل التعبير الاعلى عن التوافق السياسي الوطني فان الدستور العراق لم يحظ بهذه الدرجة ولا يمكنه ذلك.

متغيرات

واسفر هذا الحال الذي استمر ثلاث سنوات ونصف الى تعقيد الخلافات وبروز متغيرات جديدة بما في ذلك المتغيرات في المزاج الشعبي العراقي وتعمق الانكفاء نحو الهويات الفرعية (عرقية وطائفية وحتى عشائرية) وغياب الهوية الوطنية، وبروز السلاح كأداة للعمل والتفاوض، اضافة الى وجود جماعات مسلحة طامحة الى افشال المشروع السياسي الديمقراطي، الذي كان عنوان التبشير في المرحلة الاولى التي تلت الاطاحة بالنظام الدكتاتوري.
وبدلا من ان تركز الكتل السياسية حواراتها وجهودها على التوصل الى تسوية سياسية او وفاق وطني، وضعت نفسها في شرنقة خانقة لتشكيل حكومة وتقاسم سلطة على اساس المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية. وكانت هذه المحاصصة كما يحاول ان يعترف اصحابها اليوم دون الاشارة اليها بالاسم العامل الذي اغلق افاق العملية السياسية واصابها بالانسداد واجهض المشروع الوطني لبناء دولة حديثة مدنية ديمقراطية في العراق، ما فتح الباب امام الميليشيات، بأي اسم رفعت رايتها، للسيطرة على الشارع، الذي افتقر بدوره الى الدولة المستقرة والحكومة الفعالة. بل فتح الباب امام حرب اهلية يناقش القليلون جدا اليوم في الدفاع عن دعوى عدم تحققها بعد!