المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رذاذ على جبين غزالة.. (البناء - الأيقاع - الايروتيكا - واشارات اخرى)



محمد السوداني
19-09-2009, 01:17 PM
ريسان الخزعلي
1
* ماعادت القصيدة الشعبية الحديثة مرتبطة بالجذور التي ارتكزت عليها في بداية انطلاقها، حتى وان استفادت من ملامح التحديث التي اوجدت شكلها وقيمتها الفنية/ الصورية



بل تعدت الى ماهو اكثر ارتباطا بحركية تطور الشعر/ بناءً وايقاعاً وانفتاحاً باتجاه مديات جديدة/.. حتى انها انشغلت اكثر من ذي قبل بفكرة الشعر وجدوى توليده.. خروجا على مألوفها السياسي المتجاذف مع صدمة الواقع وغرابته، وكذلك مألوفها مع يوميات ليست بذات عمق لايكون الوعي الفني والجمالي اساساً في التكوين والتشكيل له.. وما أشير اليه في هذا الموقف تحديداً.. القصيدة الشعبية الجديدة/ الحديثة وليس هذا الكم المترهل الذي لايتعدى كونه نظما بدائياً شائعاً منذ عقدين، خادشا للقيمة الروحية/ الشعرية.
ومجموعة الشاعر المبدع/ رياض النعماني/ تجيء في زمن هذا المناخ الخانق نائية عن رتابة ذوقية صوب مساحات اكثر خضرة ومياهاً.. فما الذي يمكن ان نشير اليه في هذه المجموعة..؟ وكيف نتحسس قصائدها باشتراطات الشعر وجوهره..؟
2
* يقوم التشكيل الشعري في هذه المجموعة على ثلاثة مستويات من البناء والايقاع.. (القصيدة القصيرة، القصيدة الطويلة المتناثرة، القصيدة الجديدة المتماسكة).
في القصيدة القصيرة التي تمثلها (جنون، مي ورد بابه، كل ذاك الطرف، لهفه، حديقة سرجون، درج، الكتابة، نون الحزن، انتظار، اشكي عنج للبنفسج، ذاك الناي ليش، اتريد تحيا، قصيدة اخرى، غياب، بالحلم، العراق).. يكون الكم الشعري مكتملاً بالاختزال الدقيق، والبناء المسترسل المترابط، والايقاع العالي بالمعنى الموسيقي/ العروضي.. وبذلك تكون الولادة الشعرية طبيعية بالمعنى الفني/ الجمالي:
ع النسيم الشذري..
ناعس مر هواها
مشت..
والحيطان سكرت من تراجيها ونداها
عافت البيبان كل ذاك الطرف كله
وبقت تمشي وراها..
*.. إنت ..
إبكثر ما شفاف..
ماتنشاف..!..
*بيت انت الي بالغربه
بيت اوسيع
واعيونك.. بلاد..
وعمري بيها ايضيع
ليش احبيب امن الكاك..
كلشي ايضيع..؟!..
ورغم احتراز الشاعر فنيا في تشكيل هذا اللون من القصائد.. الا ان ثمة تشكيلات لغوية تثلم بعض الاسترسال كما في قصيدة (إتريد تحيا):
1- اهنا..
بهذي الارض صار الكون والحب نولد.
2- اهنا..
بس اهنا..
نجمات السمه ابلايه عدد
3- اتريد تنحب..
وتحب يحبيبيي، /وتريد تحيا/.
4- اغرك بدجله..
تظل حي للأبد
وما اعنيه بثلم الاسترسال.. هو ما حصل في البيت 3 حيث كان من الصواب الايقاعي ان يكون البيت على النحو التالي لاسيما وان الشاعر ملتزم بتشكيل محدد:
اتريد تنحب.. او تحب يحبيبي.. تحيا اتريد
اغرك بدجله.. تظل حي للأبد..
ومثل هذا /الثلم/ له اسبابه (الشعرية) في شعر /رياض النعماني/ كما سنأتي عليه لاحقا.
اما في القصيدة الطويلة (القصيدة الطويلة المتناثرة)-/ ساحات وطيور وضباب وفجر..،
غير ..، بغداد وغيرها/ ينفتح الشاعر كثيرا وتتداخل الموضوعات بصياغات سردية تضع/ الشعري/ في متن القص الشعري ويلفحها ماهو /نثري/ رغم الايقاع الراكض والتقنية الداخلية والكلية.. حتى تصحو القصيدة على /مشهدة ممسرحة/ وهذه من مزايا شعرية /رياض النعماني/ وتوقيعه الخاص.. وارى ان الشاعر يكتب هكذا قصائد تحت تأثير (ترتيل صوتي) لا انصات داخلي، ماخوذا بروح الملحمة والصوت المسرحي المتعدد النبرات باتجاه /قصائد متناثرة/ كي يقطف سبقا فنيا في مجاورة قصيدة النثر وصولا الى /قصيدة نثر شعبية/ وارى انه في مضمار المحاولة
..يسكت قهر..
ويصير مجرى دمع حيدر..
على الشاطي إله جم الف عام ايتاني..
خشبة ازغيره تركتها المراكب والعواصف..
بلكن اتودي البيته..بلكن اتبدل الخيمه ابسكف
هذا الوطن احاه.. من ياطين.. من يا ظلم؟..
من ياكفر؟.. ياخيبة، يا غربه وحزن سووا
(علي الجندي) وحيد ومطفي..
ومثل هكذا قصيدة تحتاج في التلقي الى الانصاب الداخلي وليس الترتيل الصوتي على العكس من وعي الكتابة الشعرية حيث يكون التوليد معكوسا كما اوضحت في الفقرة السابقة..،
وفي القصيدة التي اصطلحنا عليها (القصيدة الجديدة المتماسكة)- قصيدة هذا الهور- فان /التماسك/ كامن في مستوى البناء الشعري المسترسل كالماء المتدفق دون قطع او توقف حيث لاتوجد أية علامة ترميزية للوقوف (.)، كما تتمتع هذه القصيدة بانعدام التقفية كليا وقد حافظت على الرنين الموسيقي الداخلي واحتوت شكلا تدويريا قل انوجاده في القصيدة الشعبية الحديثة.
.. تاخذك روحك الكل هذا العراق، وتيه
يمم وجهك الذاك النخل والكصب والرايات
طر اترابها واعبر امغتر بالحنين، وموجعات الغربه، وايام العذاب، وضيمها.. الضيم الجبير، وتاخذك زهوة طرب
من تصعد بروحك روايح ذيج الايام البعيده، طيور ماي وغاك واغرانيك،.. حذافكصب وامهيلات ايعبرن
بمشحوفهن بردي الشته، والشمس فوك اثيابهن وردات هيل ايشيل هيل..
3
* غاب عن كتابة بعض القصائد الكثير من علامات الترميز المهمة (؟, !، .)..، ومثل هذه العلامات تكتسب اهميتها الفنية في البناء الشعري، وعلى افتراض انها هفوات طباعية، الا ان الانتباه الى وجودها ضرورة حتمية حيث دهشة الاستفهام والتعجب والقطع:
.. اشكد حلو هذا الخصر.. الله!..
وقد ورد البيت دون علامة التعجب! وكذلك (وكالت: يعابيك الله، ليش تجرح المجروح؟) وقد ورد دون علامة الاستفهام؟..، ومن الاشارات الاخرى، لجأ الشاعر الى استخدام اسماء العشائر في قصيدة (كل اصدقائي المجانين) دون ضرورات فنية، ومثل هذا الاستخدام قد ارتبط بقصائد الاولين، كما اجد ان استهلالات قصيدة (فضيحه) لايرتبط بما هو شعري او فني او جمالي (يسألوني شني صار ابلدكم حتى صار الصار؟ شنى اللي صار حتى ايصير كلشي وينتهي ابيومين، وين الجيش وين الاجهزه، والاسلحه وذيج الملايين؟) وقد جاءت لضرورات الحكاية التي تقوم عليها فكرة القصيدة.
4
/ رذاذ على جبين غزالة/.. تلفحها ريح الهم/ الايروتيكي/.. ومثل هذا الهم لم يحصل في القصيدة الشعبية الحديثة بمثل هذا الاتساع، ويبقى الجذر مشدودا الى تكوينات اولى ترتبط بما هو اجتماعي (الوحدة تحديداً) والابتعاد عن (السماء الاولى) والمناخات الجديدة حيث تتعدد المنافي مع الشاعر، او بما هو نفسي/ روحي، الى غير ذلك من تأويلات علم نفس الابداع.. وظاهرة الهم الايروتيكي تكاد ان تشيع في معظم قصائد المجموعة، غير ان الجديد.. هو التواشج الصوفي والتماهي مع المطلق بحيث يغدو العشق اتحادا صوفياً مطلقاً وليس رغبة جسدية آنية (والله.. اللي تعب بيه جم سنة وسواه، من شافه بهت ومن الفرح مجنون صاح: اشكد حلو هذا الخصر.. الله.. ياعيني اليشوف اهلال خصرك إله حجة وبيته حضره..، كد ما عالي شايلها نهدها او يهب ليفوك.. فوك.. او ذان.. هب للفجر يوم العيد..، وصتني عليك الكعبة تتمنى عليك اتدور..، احلى من رنة سكون النون بالقرآن..، ضوه ناعم، بي ذهب في ثوبج اعله الكاع يتنفس حمامه..، يهلال فوك الخصر نايم..، ومنامه ايرش شذر فوك الستن..، آه يل نهدك جمه والكلب مايع... الخ).
5
/رذاذ على جبين غزالة/.. تحتاج في تلقيها الى الانصات الداخلي، حيث البناء والايقاع الداخلي والايروتيكا واشياء اخرى كالرذاذ الذي لا يستقر على جبين غزالة، الا بالشعر!

امير الاحزان:
30-09-2009, 05:18 PM
شكرا" اخي محمد لما نثرته هنا لنا من رذاذ تناثر على جبين غزالة
بصيغة امتزجت..بها الطقوس الشعبية المختلفة الايقاع
تحياتي الك
لاعدمناك..اخي الغالي
دوم التالق والتميز...
اخوك الامير