المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جريدة مجانية عالهوا



محمدالفتلاوي
18-08-2009, 09:07 AM
وصف احد الركاب سيارة "الكيا" ببرلمان الفقراء، وقال آخر: إنها منتدى متنقل، بينما عقب راكب ثالث قائلا إنها منبر حر.
ويبدو أن أسماء الكيا الجديدة هذه تعني وان اختلفت أن هذه العربة التي غزت شوارع بغداد والمحافظات في تسعينيات القرن الماضي بات لها حضور سياسي واقتصادي وثقافي فضلا عن حضورها كواسطة نقل سريعة وناجحة.
لكن ذلك الحضور يبقى فاعلا بمشاركة ركابها دون شك، فالكيا وهي فارغة في الكراجات أو أمام بيوت أصحابها لا تعدو كونها عربة للأجرة، لكنها وهي ممتلئة بركابها وتجوب الشوارع يكون لها وقع آخر يقترب من كونها برلمانا أو منتدى أو منبرا حرا.
عدد من ركاب الكيا، ومن الذين ادمنوا على صعودها اليومي دعوا المسؤولين والمرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة إلى الصعود بالكيا مرة كل أسبوع للاقتراب من نبض الشارع الحقيقي ومحاولة قراءته ميدانيا وحرا على الهواء مباشرة،من دون الحاجة إلى مستشارين ومعاونين وقارئي كف!.
فمن داخل هذه العربة العجيبة يقرأ الركاب كل ما شاهدوه البارحة على شاشات الفضائيات من أحداث وحقائق وأكاذيب ويقارنوها بأوجاعهم وآلامهم ومكابداتهم وجهادهم وصبرهم، لتصدح بعدها الانتقادات والتعليقات والحوارات الساخنة والصاخبة التي غالبا ما تكون حرة وصادقة لا تخشى رقيبا ولا كاتب تقارير ولا رفيقاً حزبياً من أيام زمان.
ومن داخل هذه السيارة تتفاعل الاتجاهات الدينية والليبرالية والعلمانية والقومية والمحافظة بكل اتجاهاتها وتوجهاتها، وتتناطح المصالح التي زالت بزوال النظام السابق والأخرى التي انتعشت وتنفست واهتزت وربت.
من داخل هذه العربة يشكو المثقف لزميله إقصاءه وتهميشه في المشهد السياسي وحاجة المجتمع العراقي إلى مليارات الأطنان من الثقافة والتسامح واحترام الآخر والعفو والمحبة والتعايش. بينما يتحدث الآخر عن التفاعل بين الأديان وخلق مجتمع متعدد ومتوحد في آن واحد، لينبري راكب ثالث في الدعوة إلى مكافحة الفساد الإداري والمالي ومحاكمة المفسدين المجرمين، أعداء العراق في نموه وبنائه وازدهاره.
ومن داخل هذه السيارة أيضا نتعرف على كل الحقائق والأحداث التي دارت وتدور في المحافظات والأقضية والنواحي العراقية كافة بصدق وبلا تزويق إعلامي أو تعبوي.
فالراكب القادم من بعقوبة يحدثنا عن الحالة الأمنية هناك ودور القوات الأمنية في حفظ النظام وتعاون المواطنين في إيصال المعلومة الاستخباراتية وكيف تم دحر القاعدة والإرهابيين هناك.
ومثلما نستبشر بهذه المعلومات المهمة ونفرح يحدثنا الراكب عن بعض التجاوزات والخروقات الامنية التي تحدث من حين لآخر، ما يعني أننا نستطيع أن نقرأ مشهد الوضع الأمني بشكل أفضل وبسهولة ويسر من داخل سيارة كيا.
وكم من مرة استمعنا إلى قصص مماثلة رواها ركاب من العمارة والبصرة والسماوة والناصرية وكركوك، وكان لها الأثر الواضح في التعرف على المشهد العراقي عن كثب.
ومن داخل هذه السيارة الساحرة نتعرف يوميا على أسعار صرف الدولار وتقلباته وعلاقته بما يدور من أحداث سياسية واقتصادية محليا وإقليميا ودوليا، وكثيرا ما تزوق أخبار المال هذه بقصص جرائم واحتيال ونصب يقوم بها البعض ليحصل على أموال طائلة، بينما نسمع عن مرابين وتجار دولار أصيبوا بجلطة دماغية أو سكتة قلبية بسبب هبوط مفاجئ للدولار كانوا قد احتكروه لغرض المتاجرة فربحوا الجلطة والسكتة.
ومن داخل الكيا نتعرف في كل صباح على أسعار الفواكه والخضراوات بأنواعها وينبري البعض بقراءة تقرير شفاهي عن ارتفاع أسعار البصل والبطاطا والطماطم والعدس والماش بمناسبة قرب حلول شهر رمضان الكريم وحاجة الصائمين اليومية للتشريب!!.
ومن داخل هذه العربة نتعرف على سعر رصيد الكارت أبو خمسة وأبو عشرة وأسعار الموبايلات الجديدة والقديمة، النوكيا أصلي أو الصيني، وكذلك أسعار الدشاديش والقمصان والأحذية والسيارات المانفيست واستيراد الشركة وسعر رقم السيارات المسقطة وسعر التعيين في دوائر الدولة وآخر أخبار المتقاعدين وزيادة الرواتب وأحلام توزيع قطع الأراضي السكنية.
في سيارة الكيا يصعد الصحفي والإعلامي والشرطي والجندي والعامل والكاسب وصاحب البسطة والمعلم والمدرس والمتقاعد وربة البيت والمهندس وصاحب محل والممرض وغيرهم كثير.
ومثل هذا الخليط غير المتجانس حرفيا يتجانس في داخل سيارة الكيا ويتفاعل ويتحاور في هدوء وغضب وصخب وشجار في آن واحد، فتصدر عن ذلك صحيفة شفاهية سياسية جامعة مستقلة وحرة، لا يحذف منها رئيس التحرير حرفا، ولا تتدخل فيها أهواء رئيس القسم، ولا تعمل الوساطات والمحسوبيات فعلها، فينتج عن ذلك أننا أمام سطور صنعت من هموم الناس ومعاناتهم وغضبهم ورضاهم وتوجهاتهم المختلفة.
لكن يبقى أجمل ما نلمسه في هذه الجريدة بدءاً من صفحتها السياسية الأولى مرورا بالمحليات والدراسات والتقارير وأخبار الاقتصاد والمال والرياضة والكاريكاتير أنها تروي بالمحكي المحلي وبلهجات مختلفة تصل إلى حد إطلاق التوصيفات الريفية وتداخلاتها في السياسة والثقافة والشعر والقضايا الأمنية.
فمن قاموس هذه المفردات المتداولة داخل سيارة الكيا هو: "شنهي ما شنهي!؟، وشكو ما كو وشنهي الطركاعة وشنو السالفة والكروة ناقصة نفر منو ما دافع؟ وثكيل وعندك نازل وين ما تكدر نزلني ومالنه جاره وجا شنهي وجا اشلون وبروح ابوك وعليك "العباس" وبويه كافي وصلوا على محمد وآل بيت محمد.

حوريه البحر
09-06-2010, 07:11 PM
يسلللمووووووووووووووووو على الموضوع
تقبل مروري

*كريم الزبيدي*
11-06-2010, 01:13 PM
موضوع جميل
شكرا اخي العزيز
على الاختيار
تحياتي

محمدالفتلاوي
08-09-2010, 06:15 PM
الف شكر على الردود الجميلة و الرائعة

Girl Design
20-09-2010, 11:23 PM
تسلم اخي العزيز
على الموضوع الرائع
تقبل مروري

محمدالفتلاوي
25-09-2010, 03:04 PM
شكرآ على الرد