المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كفانا 655 ألف ضحية



خالد حسن المياحي
10-11-2006, 08:09 PM
كفانا 655 ألف ضحية<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>

نقل دكتور عراقي مغفل الاسم من خلال سلسلة أفلام وثائقية أنتجت لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية «بي.بي.سي» بعنوان «ذا ويرلد» صورة مروعة عن مذبحة مستشفى اليرموك الشنيعة الكاملة في بغداد
وعرضها أمام أنظار المشاهدين البريطانيين والعالم قبل أيام.
قبل الغزو الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003 كان اليرموك مستشفى محلياً هادئاً اشتملت الإجراءات الجراحية الأكثر شيوعاً التي يقوم بها على استئصال الزائدة الدودية بين الفينة والأخرى. وأمّا اليوم فيغصّ جناح الطوارئ في المستشفى يومياً بعدد كبير من الجثث يتراوح ما بين 30 و60جثة لأحدث ضحايا القنابل والعيارات النارية وفرق الموت التي لا تجود على الضحية بإزهاق الروح، إلا بعد التفنن في تعذيبها أشدّ العذاب.
ويلمح الزائر كلّ يوم رجالاً أثخنت أجسادهم بالجراح ولطخت ثيابهم بالدماء وقد طفقوا يبحثون وقد عقدت الصدمة ألسنتهم عن زوجاتهم بين القتلى.
ويلخّص د.علي الشجاع والعطوف من وراء قناعه الجراحي وقد غلبه التأثر والأسى كارثة وطن وأمّة بقوله: «لقد خسرنا كلّ شيء، تبددت آمالنا كلّها فلا أمن ولا سلام وفقدنا الأمان بشتى صوره، ولن تعثر في طول البلاد وعرضها على عراقي واحد يحسّ بالسعادة أو يشعر بالرضا. لن تعثر بين العشرين مليوناً من أهالي العراق على شخص واحد راضٍ عمّا يحدث.
ولن تقع عيناك على بسمة ترتسم على وجه من الوجوه، لقد تلاشى أي أثر للسرور، ولربما يقتصر عدد من يستطيعون الضحك اليوم على عشرين شخصاً من بين العشرين مليوناً، وحتى هؤلاء العشرون ربّما كانوا من المضطربين عقليا». وتلكم هي الحقيقة الإنسانية الكامنة وراء الحسبة العلمية الجافّة والدقيقة الصارمة التي زودت المقال المذهل الذي نشرته مؤخراً مجلة «ذا لانسيت» الطبية المرموقة بالمعلومات والمادة اللازمة لإعداد البحث الذي أثار ضجة كبيرة بعنوان «عدد الوفيات بعد غزو 2003 للعراق: بحث مسحي شامل يعتمد تقنية العينات العنقودية المقتطفة النموذجية».
وأمّا ردّات فعل المسؤولين عن حمّام الدم المفجع الى أبعد الحدود هذا فكانت متوقعة الى حدّ كبير، إذ علّق جورج بوش قائلاً: «ثمّة شك كبير يعتور هذا المنهج في البحث وهو يفتقر الى الصدقية». وما لبث الجنرال جورج كيسي، قائد القوات الأمريكية في العراق أن وافق رئيسه بوش الرأي فرجّع صدى كلامه بقوله: «إن رقم ۶۵۰ ألفاً أكبر بكثير جداً من كلّ الأرقام التي رأيت، ولم أطّلع سابقاً على رقم يتجاوز الخمسين ألفاً، ولست أولي ذلك الرقم الضخم أيّ صدقية».
كافح الإعلام وبذل مجهوداً مضنياً لتفسير التفاوت ما بين رقم 655 ألف قتيل الضخم الذي أكدته مجلة «اللانسيت» الذي يعبّر عن جميع حالات الوفيات، ورقم 48 ألف وفاة الذي قالته مؤسسة إحصاء الجثث في العراق التي تعرف اختصاراً باسم «اي.بي.سي» وذكرت أنّه عدد الضحايا المدنيين في حوادث العنف في العراق. ولا يستند رقم «اي.بي.سي» إلا الى تقارير الوفيات التي يزود بها الإعلام الوكالات، ومعظمه إعلام غربي يعمل في العراق.
ولم تحظ دراسة «اللانسيت» إلا بأدنى مستويات التغطية من قبل الصحافيين الغربيين، إذ لم تتطرق مقالات الصحف المحلية البريطانية الى ذكرها سوى 21 مرّة. وأمّا في الصحافة الأمريكية المحلية والإقليمية فلم يتم التطرّق الى الدراسة إلا 130 مرّة في تلك الصحافة بأسرها.
ولكن ما الذي في وسع المواطنين البريطانيين العاديين أن يفعلوه بالضبط في غمرة ردة فعلهم تجاه جرائم حكومتهم في العراق؟ في الأسبوع ذاته الذي نشرت فيه دراسة «اللانسيت» أوردت الصحافة تقريراً عن مقابلة أجريت مع الجنرال السير ريتشارد دانات، قائد الجيش البريطاني، وتحدّث دانات الى صحيفة «الديلي ميل» عن أنّ حضور القوات البريطانية في العراق «فاقم المشاكل الأمنية هناك باستثارته للهجمات». وقال دانات للصحافيين: «إن بريطانيا وأمريكا على كلّ حال قد كسرتا الباب بعنف بالغ بغزوهما لهذا البلد ويجب عليهما أن ترحلا بأقرب وقت». كما حذّر دانات من أن وجودنا في العراق يفاقم ما نواجهه من مصاعب ومشاكل في جميع أرجاء العالم وذلك في ما يتعلق بالإرهاب الدولي ومخاطره.
ومن المذهل أن تنأى هذه التعليقات برأس الجيش البريطاني عن هذه المعمعة وتمعن في استبعاده عن نطاق هذه القضية فيما يتعلق بالحزبين السياسيين الرئيسيين، فخلال مؤتمر حزب المحافظين هذا الشهر قام زعيم الحزب ديفيد كاميرون ليعلن: «إن نحن أعدنا الجيش الى الوطن من العراق الآن فلربما نحظى ليوم واحد بثناء عناوين الصحف الرئيسية وتقريظها، غير أنّ هذه البلاد لن تلبث أن تغرق في دوامة الفوضى بعدها. إنّها لمهمة عسيرة لكن علينا أن نمكث حتى إنجازها في العراق».
وهذا بالطبع هو الموقف الثابت الجازم للمحافظين ولحزب العمل الجديد كليهما، فعندما يتعلق الأمر بسياسة هذه البلاد الخارجية القائمة على العنف والتي غالباً ما تكون غير شرعية لطالما توحد الخصوم ولطالما ظهرت بريطانيا دولة يهيمن عليها حزب واحد.<o:p></o:p>

<o:p> </o:p>