مهندالكربلائي
26-01-2009, 07:04 AM
بسم الله هذابحث موجزللاستاذ(((الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني استاذحوزه قم المقدسه)))
من درس حظرناه بفظل ومنته مطول له حول السنه وعناصرها المتحركه وارتباطها بلكتاب من حيث المعنى والدلاله
__________________
ليس هناك خلاف بين المذاهب الإسلامية من السنة والشيعة في حجيّة سنّة النبي بمعناها الأصلي، بل هي من ضروريات الإسلام مثل حجية الكتاب، وقد نصَّ عليه القرآن حيث قال: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)(1). ويدل عليها ما دلّ من الآيات على وجوب طاعة اللّه ورسوله ووجوب الردِّ إليهما.
وقد نصّ الفريقان على حجية الكتاب والسنة في علم الأصول واستندا بهما في الفقه. وجاء في كتاب الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني (م 329) باب تحت عنوان "الردّ إلى الكتاب والسنة وأنه ليس شيء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلا وقد جاءت فيه كتاب أو سنَّة"(2) وباب آخر بعنوان "الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب"(3) وثمة روايات عن الإمامين الصادق والباقر (عليهما السلام) مضمونها: "ما من شيء إلا وفيه كتاب أو سنة"(4) وجاء في كتب الصحاح والسنن باب أو أبواب مضمونها "الاعتصام بالكتاب والسنَّة"(5).
نعم، لا خلاف في حجية السنّة بين المذاهب الإسلامية، وإنما الخلاف بينها في طريق إثبات السنة - وبتعبير أدقّ - الاختلاف واقع في السنة الحاكية والأحاديث التي تحمل السنة لا في السنة نفسها، فإن السنة بهذا المعنى أي الأحاديث ليست شيئا ملموسا بأيدينا ولا معقولا وثابتا بعقولنا، وإنما هي مسموعات بوسائط كثيرة عن النبي، والأحاديث - كما تعلمون - فيها الصدق والكذب، ومنها الصحيح والسقيم والجيّد والرديء، فلابد إذا من إثبات السنّة بطرق موثوق بها، ولا نقول بطرق قطعية، لأنها قليلة ربما لا تتجاوز الخمسين.
ومعلوم أن هذه الطرق تختلف قوة وضعفا، وصحة وسقما بحسب الرواة، وبحسب ما عند المذاهب الفقهية ونقاد الحديث من معايير القبول والرد. والفارق الرئيسي بين السنة والشيعة في هذا المجال، أي في طريق السنة، أن الشيعة تعتمد وتستند في الأغلب الأكثر على ما صحَّت لديها من السنة عن طريق الأئمة من آل البيت (عليهم السلام)، وإخوانهم من أهل السنة يعتمدون غالباً على ما صحَّت لديهم عن طريق الصحابة رضي الله عنهم. هذا هو الفرق الرئيس بين الطائفتين، فالاختلاف اصطلاحا "صغرويّ لا كبرويّ" و"في المصداق دون الكلّي".
هذا مع أن علماء الفريقين لا يأبون الأخذ بما ثبت موثوقا به عن طريق الفريق الآخر. وهذا ما نصَّ عليه فقهاء الإمامية ويعملون به في فتاويهم، إذا ثبت حكم بطرق موثوق بها من غير طريق أهل البيت، فالمعيار عندهم وأظنَّ عند غيرهم أيضا هو الوثوق بصدور السنة عن النبي (صلى الله عليه وآله) من أيّ طريق اتفق.
ولكل من الطائفتين فيما اعتبروه طرقاً للسنّة دليل من نفس السنة، فأهل السنة يستندون بما تحقّق عندهم من عدالة الصحابة وصحة الأخذ عنهم، والإمامية يعتمدون على ما تحقّق لديهم من عصمة الأئمة ووجوب الأخذ عنهم استنادا إلى إمامتهم، ومن أهمها الحديث المعروف بـ "حديث الثقلين" المروي بطرق شتى في كتب الحديث والسيرة عن جماعة من الصحابة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعِترتي".
هذا مع الاعتراف بأن هذا الحديث جاء في كتاب الموطأ للإمام مالك بن أنس مرسلا " أنه بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: تركتُ فيكم أمرين لن تضلّوا ما أمسكتهم بهما كتاب اللّه وسنَّة نبيه"(6) وقد اشتهر بهذا اللفظ بين أهل السنة. تتداوله الألسن والأقلام، دون اللفظ الأول مع تظافر طرقه وصحة أسانيده، وقد أوّلوه تأويلا خارجا عن جعل العترة مرجعا للأنام.
وقد يجمع بين اللفظين بأن الثابت في الأخير هو اعتبار نفس السنَّة، وفي الأول هو الطريق إلى السنّة، وهي عترة النبي. كما أن من أراد التصالح بين الفريقين. يقول: النبي (صلى الله عليه وآله) أرشد الأمة في الأول إلى أوثق الطرق إلى سنته وهي العترة، ولم يمنع من الأخذ بها عن طريق الصحابة بل أوصى أيضاً في روايات أخرى. ولست أنا الآن بصدد النقض والإبرام والتركيز على القول المرفوض والقول المقبول والفصل بين القولين، وإنّما أريد الوصول إلى نتائج ربما تنتهي إلى الوفاق أو إلى التأليف والوئام ورفض الجدال والخصام، فإذا كان عند كل من الفريقين ما اعتبروه حجّة بينهم وبين اللّه في حقل الشريعة والعقيدة من السنة المطهَّرة، عن طرق موثوق بها عندهم، فليس لأيّ منهما أن ينسب إلى الآخر القول بالبدعة والخروج عن السنة، مادام كلّ منهما بحسب معتقده يعمل ويلتزم بالسنة ويرفض البدعة.
كيف يجوز التقول بذلك مع ما نعلم ويعلمه الخبراء أن لكل من الفريقين أسلوبا خاصّا في طرق تحصيل الحديث ونقده حيث يحتاطان في أخذ الحديث تماما حسب المعايير العلمية المقبولة لديهما، وعندهما علم باسم "مصطلح الحديث" أو "دراية الحديث"، ولهما كتب ومؤلفات ومصطلحات في أقسام الحديث وأحكامه، وما يعتبر منه ومالا يعتبر. وهناك علم آخر باسم "علم الرجال" لتوثيق الرواة وللجرح والتعديل وتمييز الصادق عن الكاذب بين الرواة والأصيل واللصيق من الروايات.
والحق أن ذلك يعدُّ مفخرة للإسلام والمسلمين حيث أنهم يحتاطون ويستوثقون تماما في أخذ الحديث ورده، وفي تصحيحه وتضعيفه بما لا يوجد عند ملة أخرى عملا بقوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)(7) واعتبارا بما ثبت متواترا عن النبي (صلى الله عليه وآله): "من كذب عليَّ متعمِّداً فليتبوأ مقعده من النار".
ونحن نعلم ما تحمَّله السابقون في هذا السبيل من الجهود الجبارة، من غير فرق بين السنة والشيعة، ومع الاعتراف بهذه الحقيقة نعتقد أن الباب بعد مفتوح أمام الباحثين والخبراء، وأنه بقيت على عاتقهم متابعة السلف في تنقيح الأحاديث، وأن لا يزعموا أن السلف بلغوا نهاية المطاف، وأنه لم يترك الأول للآخر شيئا، كلا.
كما أن الواجب علينا جميعا أن لا نكتفي ولا نغتر بما ثبت من الحديث لدى طائفتنا، وعن طريقتنا خاصة، تاركين ما جاء عن طريق الآخرين، وما ثبت عندهم. فمن كان له خبرة أو إلمام بعلم الحديث يعلم علما يقينا ويعترف، أو لابدّ له أن يعلم ويعترف في مجال الحديث بالحقائق التالية:
1- رواة الحديث من الشيعة والسنّة كانوا مختلطين ومشاركين معا في تحمّل الحديث ونقله منذ عصر الصحابة إلى أواخر القرن الثاني، فكان يأخذ بعضهم عن بعض أو يأخذون معا عن شيخ واحد يوافقهم في الرأي أو يخالفهم، ولم يكن اختلاف المسلك والهوى يُفرّق بينهم في أخذ الحديث عن الشيوخ وفي تعاطي العلم بينهم.
2- جماعة كبيرة من رواة حديث أهل السنة أمثال محمد بن شهاب الزهري، والإمام مالك بن أنس، والإمام أبي حنيفة، والإمام الأوزاعي، والثوري، إلى عشرات بل مئات غيرهم تعلَّموا الحديث عن الأئمة من آل البيت، كعلي بن الحسين السجاد، ومحمد بن علي الباقر، وابنه جعفر الصادق (عليهم السلام)، فقد جاءت أسامي هؤلاء الأكابر في قائمة رجال الأئمة، ولاسيّما رجال الإمام الصادق في (كتاب الرجال) للشيخ الطوسيّ (385 - 460) حيث تجاوز عدد رجال الصادق في هذا الكتاب 3700 شخص وأكثرهم في رأيي كانوا من أهل السنة. والمتتبع في كتب السيرة والسنن والتفسير لأهل السنة يقف على آلاف الأحاديث في شتّى المواضيع، مروَّية عن طريق أهل البيت. وقد ألفة الكتب باسم "حديث العترة عن طريق أهل السنة".
3- إنّ جماعة كبيرة من رواة الحديث عند الإمامية عن الأئمة من آل البيت كانوا من أهل السنة أيضا مثل: السكونيّ، وأبي صلت الهرويّ، وسفيان الثوري، ومحمد بن شهاب الزهري وغيرهم. وقد عملت الإمامية برواياتهم ، فالسكونيّ وحده روى معظم الفقه عن الإمام الصادق، وكان له كتاب لم يصل إلينا بعينه، إلا أن رواياته مبثوثة في أبواب الحديث، ويرجع إليها الفقهاء ويتمسَّكون بها، ويعتمدون عليها في الفتيا.
4- إضافة إلى ذلك كلّه لا ريب في أن عليّا (عليه السلام) والذين كانوا معه من الصحابة والتابعين هم في عداد رواة الحديث لدى السنة والشيعة كليهما. ففي مسند foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? يوجد 820 حديثا رواها الرواة عن عليّ عن النبي (صلى الله عليه وآله) كما أن الشيعة أيضا تروى قريبا من هذا العدد من الحديث، وربما أزيد منه بأسانيدهم عن هذا الإمام. فالإمام علي (عليه السلام) بمثابة "مجمع البحرين" يجتمع عنده حديث الشيعة وحديث السنة، هذا يروي عنه كصحابي جليل بل من أعلمهم، وكرابع الخلفاء الراشدين، وذاك يروي عنه كإمام مفترض الطاعة، وكأكبر من حمل علم النبي (صلى الله عليه وآله).
5- وأخيراً من اطلّع على تلك الحقائق لا يشك في أن التفقه لا يتم والاجتهاد لا يتكامل، واستفراغ الوسع - على حد تعبيرهم في استنباط الأحكام - لا يحصل إلا بالرجوع إلى روايات الفريقين الموثوق بها عندهم، وعرض بعضها على بعض وعرض الجميع على كتاب اللّه. وبدون ذلك لا يحصل الوثوق بالأخبار، ولا يجوز الفتيا بها في الأحكام، ولا تركن النفس إليها في العقيدة والشريعة، ولا في التفسير والسيرة هذا موجز الكلام في السنة باعتبارها عدل الكتاب.
من درس حظرناه بفظل ومنته مطول له حول السنه وعناصرها المتحركه وارتباطها بلكتاب من حيث المعنى والدلاله
__________________
ليس هناك خلاف بين المذاهب الإسلامية من السنة والشيعة في حجيّة سنّة النبي بمعناها الأصلي، بل هي من ضروريات الإسلام مثل حجية الكتاب، وقد نصَّ عليه القرآن حيث قال: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)(1). ويدل عليها ما دلّ من الآيات على وجوب طاعة اللّه ورسوله ووجوب الردِّ إليهما.
وقد نصّ الفريقان على حجية الكتاب والسنة في علم الأصول واستندا بهما في الفقه. وجاء في كتاب الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني (م 329) باب تحت عنوان "الردّ إلى الكتاب والسنة وأنه ليس شيء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلا وقد جاءت فيه كتاب أو سنَّة"(2) وباب آخر بعنوان "الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب"(3) وثمة روايات عن الإمامين الصادق والباقر (عليهما السلام) مضمونها: "ما من شيء إلا وفيه كتاب أو سنة"(4) وجاء في كتب الصحاح والسنن باب أو أبواب مضمونها "الاعتصام بالكتاب والسنَّة"(5).
نعم، لا خلاف في حجية السنّة بين المذاهب الإسلامية، وإنما الخلاف بينها في طريق إثبات السنة - وبتعبير أدقّ - الاختلاف واقع في السنة الحاكية والأحاديث التي تحمل السنة لا في السنة نفسها، فإن السنة بهذا المعنى أي الأحاديث ليست شيئا ملموسا بأيدينا ولا معقولا وثابتا بعقولنا، وإنما هي مسموعات بوسائط كثيرة عن النبي، والأحاديث - كما تعلمون - فيها الصدق والكذب، ومنها الصحيح والسقيم والجيّد والرديء، فلابد إذا من إثبات السنّة بطرق موثوق بها، ولا نقول بطرق قطعية، لأنها قليلة ربما لا تتجاوز الخمسين.
ومعلوم أن هذه الطرق تختلف قوة وضعفا، وصحة وسقما بحسب الرواة، وبحسب ما عند المذاهب الفقهية ونقاد الحديث من معايير القبول والرد. والفارق الرئيسي بين السنة والشيعة في هذا المجال، أي في طريق السنة، أن الشيعة تعتمد وتستند في الأغلب الأكثر على ما صحَّت لديها من السنة عن طريق الأئمة من آل البيت (عليهم السلام)، وإخوانهم من أهل السنة يعتمدون غالباً على ما صحَّت لديهم عن طريق الصحابة رضي الله عنهم. هذا هو الفرق الرئيس بين الطائفتين، فالاختلاف اصطلاحا "صغرويّ لا كبرويّ" و"في المصداق دون الكلّي".
هذا مع أن علماء الفريقين لا يأبون الأخذ بما ثبت موثوقا به عن طريق الفريق الآخر. وهذا ما نصَّ عليه فقهاء الإمامية ويعملون به في فتاويهم، إذا ثبت حكم بطرق موثوق بها من غير طريق أهل البيت، فالمعيار عندهم وأظنَّ عند غيرهم أيضا هو الوثوق بصدور السنة عن النبي (صلى الله عليه وآله) من أيّ طريق اتفق.
ولكل من الطائفتين فيما اعتبروه طرقاً للسنّة دليل من نفس السنة، فأهل السنة يستندون بما تحقّق عندهم من عدالة الصحابة وصحة الأخذ عنهم، والإمامية يعتمدون على ما تحقّق لديهم من عصمة الأئمة ووجوب الأخذ عنهم استنادا إلى إمامتهم، ومن أهمها الحديث المعروف بـ "حديث الثقلين" المروي بطرق شتى في كتب الحديث والسيرة عن جماعة من الصحابة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعِترتي".
هذا مع الاعتراف بأن هذا الحديث جاء في كتاب الموطأ للإمام مالك بن أنس مرسلا " أنه بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: تركتُ فيكم أمرين لن تضلّوا ما أمسكتهم بهما كتاب اللّه وسنَّة نبيه"(6) وقد اشتهر بهذا اللفظ بين أهل السنة. تتداوله الألسن والأقلام، دون اللفظ الأول مع تظافر طرقه وصحة أسانيده، وقد أوّلوه تأويلا خارجا عن جعل العترة مرجعا للأنام.
وقد يجمع بين اللفظين بأن الثابت في الأخير هو اعتبار نفس السنَّة، وفي الأول هو الطريق إلى السنّة، وهي عترة النبي. كما أن من أراد التصالح بين الفريقين. يقول: النبي (صلى الله عليه وآله) أرشد الأمة في الأول إلى أوثق الطرق إلى سنته وهي العترة، ولم يمنع من الأخذ بها عن طريق الصحابة بل أوصى أيضاً في روايات أخرى. ولست أنا الآن بصدد النقض والإبرام والتركيز على القول المرفوض والقول المقبول والفصل بين القولين، وإنّما أريد الوصول إلى نتائج ربما تنتهي إلى الوفاق أو إلى التأليف والوئام ورفض الجدال والخصام، فإذا كان عند كل من الفريقين ما اعتبروه حجّة بينهم وبين اللّه في حقل الشريعة والعقيدة من السنة المطهَّرة، عن طرق موثوق بها عندهم، فليس لأيّ منهما أن ينسب إلى الآخر القول بالبدعة والخروج عن السنة، مادام كلّ منهما بحسب معتقده يعمل ويلتزم بالسنة ويرفض البدعة.
كيف يجوز التقول بذلك مع ما نعلم ويعلمه الخبراء أن لكل من الفريقين أسلوبا خاصّا في طرق تحصيل الحديث ونقده حيث يحتاطان في أخذ الحديث تماما حسب المعايير العلمية المقبولة لديهما، وعندهما علم باسم "مصطلح الحديث" أو "دراية الحديث"، ولهما كتب ومؤلفات ومصطلحات في أقسام الحديث وأحكامه، وما يعتبر منه ومالا يعتبر. وهناك علم آخر باسم "علم الرجال" لتوثيق الرواة وللجرح والتعديل وتمييز الصادق عن الكاذب بين الرواة والأصيل واللصيق من الروايات.
والحق أن ذلك يعدُّ مفخرة للإسلام والمسلمين حيث أنهم يحتاطون ويستوثقون تماما في أخذ الحديث ورده، وفي تصحيحه وتضعيفه بما لا يوجد عند ملة أخرى عملا بقوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)(7) واعتبارا بما ثبت متواترا عن النبي (صلى الله عليه وآله): "من كذب عليَّ متعمِّداً فليتبوأ مقعده من النار".
ونحن نعلم ما تحمَّله السابقون في هذا السبيل من الجهود الجبارة، من غير فرق بين السنة والشيعة، ومع الاعتراف بهذه الحقيقة نعتقد أن الباب بعد مفتوح أمام الباحثين والخبراء، وأنه بقيت على عاتقهم متابعة السلف في تنقيح الأحاديث، وأن لا يزعموا أن السلف بلغوا نهاية المطاف، وأنه لم يترك الأول للآخر شيئا، كلا.
كما أن الواجب علينا جميعا أن لا نكتفي ولا نغتر بما ثبت من الحديث لدى طائفتنا، وعن طريقتنا خاصة، تاركين ما جاء عن طريق الآخرين، وما ثبت عندهم. فمن كان له خبرة أو إلمام بعلم الحديث يعلم علما يقينا ويعترف، أو لابدّ له أن يعلم ويعترف في مجال الحديث بالحقائق التالية:
1- رواة الحديث من الشيعة والسنّة كانوا مختلطين ومشاركين معا في تحمّل الحديث ونقله منذ عصر الصحابة إلى أواخر القرن الثاني، فكان يأخذ بعضهم عن بعض أو يأخذون معا عن شيخ واحد يوافقهم في الرأي أو يخالفهم، ولم يكن اختلاف المسلك والهوى يُفرّق بينهم في أخذ الحديث عن الشيوخ وفي تعاطي العلم بينهم.
2- جماعة كبيرة من رواة حديث أهل السنة أمثال محمد بن شهاب الزهري، والإمام مالك بن أنس، والإمام أبي حنيفة، والإمام الأوزاعي، والثوري، إلى عشرات بل مئات غيرهم تعلَّموا الحديث عن الأئمة من آل البيت، كعلي بن الحسين السجاد، ومحمد بن علي الباقر، وابنه جعفر الصادق (عليهم السلام)، فقد جاءت أسامي هؤلاء الأكابر في قائمة رجال الأئمة، ولاسيّما رجال الإمام الصادق في (كتاب الرجال) للشيخ الطوسيّ (385 - 460) حيث تجاوز عدد رجال الصادق في هذا الكتاب 3700 شخص وأكثرهم في رأيي كانوا من أهل السنة. والمتتبع في كتب السيرة والسنن والتفسير لأهل السنة يقف على آلاف الأحاديث في شتّى المواضيع، مروَّية عن طريق أهل البيت. وقد ألفة الكتب باسم "حديث العترة عن طريق أهل السنة".
3- إنّ جماعة كبيرة من رواة الحديث عند الإمامية عن الأئمة من آل البيت كانوا من أهل السنة أيضا مثل: السكونيّ، وأبي صلت الهرويّ، وسفيان الثوري، ومحمد بن شهاب الزهري وغيرهم. وقد عملت الإمامية برواياتهم ، فالسكونيّ وحده روى معظم الفقه عن الإمام الصادق، وكان له كتاب لم يصل إلينا بعينه، إلا أن رواياته مبثوثة في أبواب الحديث، ويرجع إليها الفقهاء ويتمسَّكون بها، ويعتمدون عليها في الفتيا.
4- إضافة إلى ذلك كلّه لا ريب في أن عليّا (عليه السلام) والذين كانوا معه من الصحابة والتابعين هم في عداد رواة الحديث لدى السنة والشيعة كليهما. ففي مسند foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? يوجد 820 حديثا رواها الرواة عن عليّ عن النبي (صلى الله عليه وآله) كما أن الشيعة أيضا تروى قريبا من هذا العدد من الحديث، وربما أزيد منه بأسانيدهم عن هذا الإمام. فالإمام علي (عليه السلام) بمثابة "مجمع البحرين" يجتمع عنده حديث الشيعة وحديث السنة، هذا يروي عنه كصحابي جليل بل من أعلمهم، وكرابع الخلفاء الراشدين، وذاك يروي عنه كإمام مفترض الطاعة، وكأكبر من حمل علم النبي (صلى الله عليه وآله).
5- وأخيراً من اطلّع على تلك الحقائق لا يشك في أن التفقه لا يتم والاجتهاد لا يتكامل، واستفراغ الوسع - على حد تعبيرهم في استنباط الأحكام - لا يحصل إلا بالرجوع إلى روايات الفريقين الموثوق بها عندهم، وعرض بعضها على بعض وعرض الجميع على كتاب اللّه. وبدون ذلك لا يحصل الوثوق بالأخبار، ولا يجوز الفتيا بها في الأحكام، ولا تركن النفس إليها في العقيدة والشريعة، ولا في التفسير والسيرة هذا موجز الكلام في السنة باعتبارها عدل الكتاب.