المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نفحات عاشقة



مروان خالد
29-06-2008, 10:39 PM
كأسي وخمري والنديم ثلاثة
وأنا المشوقة في المحبة: رابعه
كأس المسرة والنعيم يديرها
ساقي المدام على المدى متتابعه
فإذا نظرت فلا أُرى إلا له
وإذا حضرت فلا أُرى إلا معه
وتخللت مسلك الروح مني
وبه سمى الخليل خليلا
فإذا ما نطقتُ كنت حديثي
وإذا ما سكتُ كنت الغليلا
حبيبُ ليس يعدله حبيب
ولا لسواه في قلبي نصيب
حبيبُ غاب عن بصري وشخصي
ولكن في فؤادي ما يغيب


كان في أوائل القرن الثاني الهجري(سنة 100هـ)كان هناك رجلا فقير يعيش في مدينة البصرة اسمة اسماعيل العدوي رزقة اللة بثلاث بنات فتمني ولدا ولكن كانت ارادة اللة ان يعطيه الرابعة فسمها رابعة وكانت.

رابعة العدوية

فلنعيش مع اجمل قصة عشق في التاريخ(قصة العشق الالهي)مات الأب ورابعة لم تزل طفلة دون العاشرة.. ولم تلبث الأم أن لحقت به.. فوجدت الفتيات أنفسهن بلا عائل يُعانين الفقر والجوع والهزال.. فتفرقن لتبحث كل واحدة منهن عن طريقها.. كانت مدينة البصرة في ذلك الوقت تعاني من وباء اجتاحها وأصابها بالقحط.. مما أدى إلى انتشار اللصوص وقُطَّاع الطرق.. وقد خطف رابعة أحد هؤلاء اللصوص وباعها بستة دراهم لأحد التجار القساة.. كان التاجر يحمَّل رابعة فوق طاقتها كطفلة لم تشب عن الطوق بعد.. لكنها كانت تختلي بنفسها في الليل لتستريح من عناء النهار وعذابه.. ولم تكن راحتها في النوم أو الطعام.. بل كانت في الصلاة والمناجاة؛ فكانت ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة "وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ"(الحجرات:7).. ما الذي جعل تلك الطفلة تتجه إلى العبادة..
قد يكون التأثر بأبيها الصالح العابد سببًا، لكن السبب الأساسي في رأيي هو طبيعة شخصيتها، وطبيعة الدور الذي اختارتها السماء لتؤديه في البصرة في تلك الفترة، وفى التاريخ الإسلامي كله
بعد ذلك. وذات ليلة استيقظ سيدها من نومه فسمع صلاتها ومناجاتها فنظر من خلال الباب فرأى رابعة ساجدة تصلى وتقول: إلهي أنت تعلم أن قلبي يتمنى طاعتك، ونور عيني في خدمتك، ولو كان الأمر بيدي لما انقطعت لحظة عن مناجاتك، ولكنك تركتني تحت رحمة هذا المخلوق القاسي من عبادك. وخلال دعائها وصلاتها شاهد قنديلاً فوق رأسها يحلق، وهو بسلسلة غير معلق، وله ضياء يملأ البيت كله، فلما أبصر هذا النور العجيب فزع، وظل ساهدًا مفكرًا حتى طلع النهار، هنا دعا رابعة وقال: أي رابعة وهبتك الحرية، فإن شئت بقيت ونحن جميعًا في خدمتك، وإن شئت رحلت أنى رغبت، فما كان منها إلا أن ودعته وارتحلت".
وجعلت المساجد دارها "واحترفت العزف على الناي في حلقات الذكر وساحات المتصوفة.. والأناشيد في دنيا التصوف، وعزف الناي عند المتصوفة ليس نكرًا ولا بدعًا، بل هو يبعث الوجد ويحرك القلب ويحلق بسامعه
وكانت رابعة في تلك الفترة في الرابعة عشر من عمرها.. لكن هذه المرحلة من حياتها لم تستمر طويلاً، فقد اشتاقت نفسها للدنيا الخلاء من الناس المليئة بالله وحده.. فقد تخلص قلبها من الدنيا وكل ما فيها، وخلص من الرغبات والشهوات والخوف والرجاء.. لم يبق فيه إلا شئ واحد الرضاء عن الله والعمل على الوصول إلى رضاء الله عنها.. ورفضت كل من تقدم لزواجها، فليس في قلبها مكان لغير الله.. وليس لديها وقت تشغله في غير حب الله.. تقول دائرة المعارف الإسلامية (المجلد التاسع-العدد 11 ص 440) :" إن رابعة أقامت أول أمرها بالصحراء بعد تحررها من الأسر، ثم انتقلت إلى البصرة حيث جمعت حولها كثيرًا من المريدين والأصحاب الذين وفدوا عليها لحضور مجلسها، وذكرها لله والاستماع إلى أقوالها، وكان من بينهم مالك بن دينار، والزاهد رباح القيسى، والمحدث سفيان الثورى، والمتصوف شفيق البلخي". ولقيت رابعة ربها وهى في الثمانين من عمرها.. وقد ظلت طوال أيام وليالي حياتها مشغولة بالله وحده .. متعبدة في رحابه.. طامحة إلى حبه.. وكانت تدعوه دون أن ترفع رأسها إلى السماء حياء منها.. تقول دائرة المعارف الإسلامية في الجزء11 من المجلد التاسع: " رابعة تختلف عن متقدمي الصوفية الذين كانوا مجرد زهاد ونساك، ذلك أنها كانت صوفية بحق، يدفعها حب قوي دفاق، كما كانت في طليعة الصوفية الذين قالوا بالحب الخالص، الحب الذي لا تقيده رغبة سوى حب الله وحده، وكانت طليعتهم أيضًا في جعل الحب مصدرًا للإلهام والكشف"
.قالت رابعة: لو كانت الدنيا لرجل ما كان بها غنيًّا..!
قالوا : لماذا ؟
قالت : لأنها تفنى
إلهي أنارت النجوم، ونامت العيون، وغلَّقت الملوك أبوابها، وخلا كل حبيب بحبيبه، وهذا مقامي بين يديك..
إلهي هذا الليل قد أدبر، وهذا النهار قد أسفر، فليت شعري أقبلت منى ليلتي فأهنأ، أم رددتها على فأعزى، فوعزتك هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني، وعزتك لو طردتني عن بابك ما برحت عنه لما وقع في قلبي من محبتك.
يا رب أتحرق بالنار قلبًا يحبك، ولسانًا يذكرك، وعبدًا يخشاك ؟ سوف أتحمل كل ألم، وأصبر عليه، ولكن عذابًا أشد من هذا العذاب يؤلم روحي، ويفكك أوصال الصبر في نفسي، منشؤه ريب يدور في خلدي: هل أنت راضٍ عنى ؟ تلك غايتي. * سيدي بك تقرب المتقربون في الخلوات، ولعظمتك سبح الحيتان في البحار الزاخرات، ولجلال قدسك تصافقت الأمواج المتلاطمات، أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار، والفلك الدوار، والبحر الزخار، والقمر النوار، والنجم الزهار، وكل شيء عندك بمقدار، لأنك الله تعالى العلي القهار.
قال سفيان الثوري لرابعة: ما حقيقة إيمانك؟ فقالت له: ما عبدته خوفًا من ناره، ولا حبًا لجنته، فأكون كالأجير السوء، بل عبدته حبًا وشوقًا إليه.
كانت رابعة تصلى ألف ركعة في اليوم والليلة! فقيل لها: ما تريدين بهذا ؟ قالت : لا أريد به ثوابًا، وإنما أفعله لكي يُسرَّ به رسول الله يوم القيامة، فيقول للأنبياء: انظروا إلى امرأة من أمتي هذا عملها. * سئلت رابعة: كيف حبك للرسول صلوات الله عليه ؟ قالت : إني والله أحبه حبًا شديدًا، ولكن حب الخالق شغلني عن حب المخلوقين. *
هتف رجل من العبَّاد في مجلس رابعة: اللهم ارضَ عني. قالت رابعة : لو رضيت عن الله لرضي عنك. قال : وكيف أرضى عن الله ؟ قالت : يوم تُسرُّ بالنقمة سرورك بالنعمة لأن كليهما من عند اللة . فمن لنا برابعة أخرى تصرخ فينا أن أفيقوا .. وتأخذ بأيدينا إلى طريق الحب الحقيقي .. الحب الإلهي ؟؟ لم تشذ رابعة عن بيئتها الاجتماعية،المحبة للشعر، فنظمت،ونقل عنها الكثير،



ومن شعرها:

راحتي يا إخوتي في خلوتي وحبيبي دائماً في حضرتي

لم أجد لي عن هواه عوضا وهواه في البرايا محنتي

حيثما كنت أشاهد حسنه فهو محرابي، إليه قبلتي

إن أمت وجداً وما ثم رضا وأعنائي في الورى! وأشقوتي

وقد أكدت خادمتها التي لازمتها طوال حياتها، عبدة بنت أبي شوّال، إذ قالت: " كانت لرابعة أحوال شتى: فمرة يغلب عليها الحب، ومرة يغلب عليها اليأس، وتارة يغلب عليها البسط، ومرة يغلب عليها الخوف"... ولكن العشق الإلهي كما رأينا يبقى طابعها المميز، ورائدها في تصوفها. فهذه أبيات في إنشادها العشق الإلهي:

فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب

إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب

وكانت أشعارها تثير لغطا وشكوكا بشأن عمق التدين لديها، ولاسيما بالنسبة للسلفيين اللذين ظنو أنها مجرد أداء للشعائر، دون الالتزام الكامل بمنهج الله تعالى. وقد تنبهت لذلك رابعة العدوية فقالت :

تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في الفعال بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع

احبك حبين حب الهوى وحبًّا لأنك أهلٌ لذاكا فأمَّا الذي هو حبُّ الهوى فشُغلِي بذكرك عمَّن سواكا وأمَّا الذي أنت أهلٌ له فكشفُك لي الحُجبَ حتَّى أراكا فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاكا

هل فعلاً أنتهت قصة الحب العظيمة التي عاشتها رابعة بوفاتها عام (185 هجرية)، أم أن ذلك الحب أنتقل إلي مرحلة أعمق وشفافية أكثر لا تعوقها أستار الجسد؟- لا شك أن ذلك الحب أنتقل لمرحلة دائمة أبدية تتمتع عبرها رابعة العدوية برؤية من عشقت وتتمتع به بلا عوائق.
تقبلوا مني التحية

aliraqia
29-06-2008, 10:59 PM
قصه مؤثره وجميله
اتمنى ان اكون مثل رابعه بنت مدينتي البصره
جزاك الله الف خير اخي
اختك في الاسلام
العراقيه

اميرة الورد
30-06-2008, 02:48 AM
موضوع جميل اخي وقصه جميله شكرا لك

محمد السوداني
30-06-2008, 03:41 PM
قصه رائعه وموضوعها للعبره تحياتي لك اخي العزيز
وتقبل مروري اخوك
محمد

shagart eldor
30-06-2008, 07:03 PM
اللة عليك وعلي اختيارك للموضوع الجميل منتهي العشق منتهي الحب
. يارب نسألك السعادة في الدنيا والاخرة. . ربنا يكرمك اخي تقبل مروري

مروان خالد
03-07-2008, 12:09 AM
شكرا علي المرور اخواني واخواتي
تقبلوا مني التحية

منير
03-07-2008, 02:37 PM
موضوع جميل اخي و قصة اجمل
شكرا لك

تحياتي

احمدربيع
04-07-2008, 11:51 AM
موضوع جميل اخي
جزاك اللة خيرا
تقبل تحياتي

جنة بغداد
04-07-2008, 12:10 PM
شكرا لك اخي على الموضوع الرائع

الله يعطيك العافيه

احمدربيع
26-07-2008, 12:33 PM
,اختيار موفق للقصةمنك اخي مروان
بارك اللة فيك وحفظك اخي
تقبل مروري المتواضع

حيدر القريشي
26-07-2008, 01:54 PM
عاشت الايادي الت كتبت هالقصه الرائعه والمؤثره
تحياتي لك لخ مروان
وتقبل مني الود والاشتياق لقراءه المزيد من هذه المواضيه المميزه

اسدالعراقي
29-07-2008, 02:57 PM
شكرا اخي الكريم على الموضوع
وما اجمل ان يكون الحب خالصا لله تعالى
وتحياتي الك وين انت موجود