المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوسطية روح الاسلام



عراقي هواي وميزة فينا الهوى
17-12-2007, 09:10 AM
الوسطية روح الإسلام






الأستاذ حامد المهيري

إن الله كرّم بنى آدم، وفضلهم على كثير من خلقه، وأمرهم بالمعروف، ونهاهم عن المنكر وأمرهم أيضا بالدخول فى السلم، واختيار الأيسر من الأمور ما لم يكن اثما، ونهاهم أيضا عن اتباع الغلو فى الدين، وأكّد لهم على الاعتصام به ليهتدوا إلى الصراط المستقيم والايمان بمشيئة الله، وهدانهم ليكونوا من صنف أهل الوسط "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" "البقرة آية 143".

الوسطية فى العبادة والعلم

"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" "البقرة آية 238" هذا فى الصلاة، وفى الزكاة "فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم.." "المائدة آية 89" وبما أن الوسط هو ما بين طرفى الشيء وأن أوسط الشيء أفضله وخياره وأعدله، ومن هنا جاز أن يقع صفة فى الآية أى عدلا، والملاحظ أن فى صلاة الجنازة على المرأة يقف الإمام وسطها. وسميت الصلاة الوسطى لأنها أفضل الصلوات وأعظمها أجرا، ولذلك خصّت بالمحافظة عليها، وقيل لأنها وسط بين صلاتى الليل وصلاتى النهار، ولذلك وقع الخلاف فيها فقيل صلاة العصر، وقيل الصبح، وقيل بخلاف ذلك، وقال أبو الحسن.

والصلاة الوسطى يعنى صلاة الجمعة لأنها أفضل الصلوات قال: ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ إلا أن يقوله برواية مسندة إلى النبى صلى الله عليه وسلم. والتوسيط أن تجعل الشيء فى الوسط، وهذا يذكرنا بوضع الكعبة فى مكة المكرمة وتكون الصلاة فى شكل دائرة من مختلف الاتجاهات.

وإذا انطلقنا من معلومة دينية وهى الصلاة فى الكعبة فى شكل دائرة فهذا يجرّنا إلى التعمّق فى شكل الدائرة إذ نجد للدائرة مركزا وسطا وأشعة تحيط به من مختلف الاتجاهات وهى متساوية مهما صغر فضاء الدائرة أو كبر بالتضييق أو بالتوسيع.

وفى تفسير الامام الشيخ محمد الطاهر بن عاشور الوسط اسم للمكان الواقع بين أمكنة تحيط به، أو للشيء الواقع بين أشياء محيطة به ليس هو إلى بعضها أقرب منه إلى بعض عرفا، ولما كان الوصول إليه لا يقع إلا بعد اختراق ما يحيط به أخذ فيه معنى الصيانة والعزة كوسط الوادى لا تصل إليه الرعاة والدواب إلا بعد أكل ما فى الجوانب فيبقى كثير العشب والكلأ، ووضعا كوسط المملكة يجعل محل قاعدتها، ووسط المدينة يجعل موضع قصبتها، لأن المكان الوسط لا يصل إليه العدو بسهولة وكواسطة العقد لأنفس لؤلؤة فيه. فمن أجل ذلك صار معنى النفاسة والعزة والخيار من لوازم معنى الوسط عرفا فأطلقوه على الخيار النفيس كناية قال زهير: "هم وسط يرضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالى بمعضل""تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور" إلى أن يقول "وأما اطلاق الوسط على الصفة الواقعة عدلا بين خلقين ذميمين فيهما إفراط وتفريط كالشجاعة بين الجبن والتهور والكرم بين الشح والسرف، والعدالة بين الرحمة والقساوة فذلك مجاز بتشبيه الشيء الموهوم بالشيء المحسوس فلذلك روى حديث "خير الأمور أوسطها" وسنده ضعيف وقد شاع هذان الإطلاقان حتى صارا حقيقتين عرفيتين. فالوسط فى قوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" "البقرة آية 143" فسر بالخيار لقوله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس" "آل عمران آية 110" و"فسر بالعدول" "انظر ابن عاشور".

وإذا كان القرآن يقول: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" "البقرة آية 185"، فالرسول عليه الصلاة والسلام يفعل ما يلي: "ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن اثما فإن كان اثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه فى شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم بها لله" "رواه البخارى ومسلم عن عائشة"، لأن العسر فيه شدة وصعوبة وضيق وهو ما يناقض الوسطية بينما اليسر يتضمّن السهولة والخفة وقد ارتضى الله لعباده اليسر.

وفى الحديث النبوى الشريف "إيّاكم والغلو فى الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو فى الدين" "روى عن ابن عباس" فالغلو والعسر يوصل إلى التهلكة والله ينهى أن يلقى المسلم بنفسه إلى التهلكة فالنهى هو القول وما حدث لمن سبقنا من الناس هو الفعل فهنا نلاحظ القرآن بين القول والفعل وهى حجة دامغة وبرهان قاطع ليهتدى الإنسان ويتمسّك بالوسطية.

الوسطية فى علاقة الاسلام بالعقائد الأخرى

لا تقبل العقيدة الاسلامية الذوبان فى غيرها بل تدعو فى قوة إلى الثبات عليها والاستمساك بها "فتوكل على الله إنك على الحق المبين" "النمل آية 79" ومن خصوصيات العقيدة الاسلامية أنها لا تتعصب ضد غيرها من العقائد السماوية "الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم" "الشورى آية 15" بل يتسع صدرها لمن يخالفها "لكم دينكم ولى دين" "الكافرون آية 6" ولكنها لا ترضى باكراه أحد على اعتناقها "لا اكراه فى الدين قد تبيّن الرشد من الغي" "البقرة آية 256" ولا تقبل التهاون فى موادة من يحاربونها، ويضعون العراقيل فى سبيلها وإن كانوا من ذوى القرابة القريبة "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار" "المجادلة آية 22" ولكنها لا تقبض يد البر والمعونة لمن يخالفها ولا يتعدى على أهلها "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" "الممتحنة آية 8".

والعقيدة الاسلامية وسط بين الذين يتساهلون فى اثبات العقائد فيقبلون الظنون والشكوك والأوهام وهذا معين لا ينضب لقبول الخرافات والأساطير وبين الذين لا يقبلون فى العقيدة أى خطرة تمر بالذهن ثم تختفى أو هاجس يهجس فى النفس ثم يزول. لقد رفضت عقيدة الاسلام الظن فى أصول العقيدة – فضلا عن الشك أو الوهم – قال الله تعالى "وما يتّبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغنى من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون" "يونس آية 36".

واليوم نجد بدعا مستقبحة لا وجود لإشارة إليها فى الكتاب المنزل طغت فى أذهان الناس الذين يجهلون مضمون القرآن خصوصا ونحن نعيش فى عصر تقدم فيه العلم تقدما هائلا. لكن للأسف هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة "وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا" "النجم آية 28" ومع هذا تسامحت العقيدة الاسلامية فى الخواطر التى لا يسلم منها العقل البشرى بل اعتبرتها أحيانا دليل يقظة العقل ومظنة للطمأنينة وعلم اليقين. قال بعض الصحابة "يا رسول الله إنا نجد فى أنفسنا شيئا ما نحب أن نتكلم به وأن لنا ما طلعت عليه الشمس، قال: أو قد وجدتم ذلك؟ قالوا: نعم. قال ذاك صريح الإيمان" "أخرجه البخارى عن أبى سلمة وأبى هريرة".

وفى حوار بين ابن عباس وابن عمر قال ابن عباس "أى آية فى كتاب الله أرجى؟" فقال ابن عمر: "قول الله تعالى "وإذ قال ابراهيم رب أرنى كيف تحى الموتى؟ قال: أولم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي" "البقرة آية 260" فرضى منه بقوله "بلى" فهذا لما يعترض فى الصدر مما يوسوس به الشيطان وإن وسوسة شيطان سرعان ما يطردها إلهام الملك فى قلب المؤمن إنها طيف يلوح ثم يختفي، وهاجس يهجس ثم يزول بإسلام الوجه لله والاعتصام بهداه وتلاوة آياته "ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم" "آل عمران آية 101".

وليد المهندس
17-12-2007, 10:16 AM
شكرا لك على الموضوع

أم ضي
17-12-2007, 11:08 AM
السلام عليكم
http://www.21za.com/pic/thankyou003_files/21.gif

تقبل تحياتي

نورس العراق
21-12-2007, 07:06 AM
مشكووووووووووور اخي