عراقي هواي وميزة فينا الهوى
01-12-2007, 10:42 AM
حدود الحرية فى الإسلام
الحر إذا وعد وفى، وإذا أعان كفى، وإذا ملك عفى. وهو الإنسان المثقف، وفى المثل "الحر حر وإن مسه الضر، والعبد عبد وإن ألبسته الدر" فلا حرية حقيقية إلا مع حرية الفكر والكلمة. ولا تشترى الحرية بالمال. فحيث الحرية وطني. واليقظة الدائمة ثمرة الحرية.
فالحكمة الذهبية الخالدة "الحرية هى الشيء الوحيد الذى لا يمكن أن تحرزه إلا إذا ارتضيته للآخرين" فلا يستحق الحرية من ينكرها على الآخرين. يقول رفاعة الطهطاوى "الحرية منطبعة فى قلب الإنسان من أصل الفطرة".
ويقول خير الدين التونسى "لا يتيسر التقدم فى المعارف وأسباب العمران دون إجراء تنظيمات سياسية تناسب التنظيمات التى نشاهدها عند غيرنا فى التأسس على دعامتى العدل والحرية اللذين هما أصلان فى شريعتنا، ولا يخفى أنها ملاك القوة والاستقامة فى جميع الممالك".
الحرية فى الإسلام
عندما أشرقت شمس الإسلام، رفعت من كرامة الإنسان، وأرجعته إلى آدميته المكرمة، وقيمه البشرية السامية، وأعادت له أفضليته على كثير من المخلوقات، وأبطلت استعباد الإنسان لأخيه الإنسان، وكفلت له الرزق والطيبات، وأعلنت عن التعاليم القدسية "ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" "الإسراء آية 70"، ويعود الفضل إلى المنهج الذى اتبعه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث شرع بفك العقول من تعظيم غير الله، والإذعان لسواه، فكان البدء بتحرير العقيدة هو أساس الحريات، ولب المبادئ، فمتى ثبتت العقيدة أدرك الناس الخير والشر والصالح والفاسد، والعادل والظالم، فاتبعوا الخير والعدل، وابتعدوا عن الشر والظلم.
فالدين الإسلامى ما قام على الإكراه، بل على الإقناع، لأن الإكراه يناقض الحرية بينما الإقناع مظهر من مظاهرها، وهو السبيل السوى إليها والآيتان "لا إكراه فى الدين" "البقرة آية 255" "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" "الكهف آية 29" دليل قاطع على ذلك، فهما نفى مطلق للإكراه، وتكريس أبدى للحرية، التى قام عليها الإسلام، فالقرآن رسم أيسر الطرق إلى هداية البشر، وإبعادهم عن مواطن الضرر، وحفظهم من مسالك الهلاك فى أسلوب تهذيبى تعليمي، ملحا على تنشيط العقل وتشجيعه على التفكر والتدبر "أو لم ينظروا فى ملكوت السماوات والأرض" "الأعراف آية 185". وقد عاب على أناس أنهم ألغوا عقلهم وعطلوا تفكيرهم "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون" "الزخرف آية 23"..
الإنسان بين الغريزة والعقل
الإنسان بحكم تركيبه، تتنازعه قوتان: الغريزة والعقل، فالغريزة قوة خارقة تقوده إلى تحقيق مطالب حياته، وتلبية رغبات نفسه. والعقل قوة تقيد من جموح هذه الغريزة، بقيد الحكمة والتوسط، وتجعل مدارها داخل حدود الخير والحق. وحكمة الخالق تقتضى بأن يكون الإنسان حرا، لأن تعطل حريته، يتناقض مع معنى العبادة، التى خلقنا الله لأجلها "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" "الذاريات آية 56" ويتنافى مع معنى التكاليف، التى أمرنا الله بها.
ولذلك كان وضع الإنسان موضع اختبار وتمحيص يقول الله تعالى "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" "الأنبياء آية 35" ويقول أيضا "الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا" "الملك آية 2" ويحدثنا النبى صلى الله عليه وسلم بقوله "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات".
فقطعا إن الإنسان خلق ليعمل فى هذه الحياة، ويتحرك، لكن المطلوب منه ألا يكون مسيرا بدوافع غرائزه، بل يعمل بعقله ويقيد غرائزه بسلطان العقل، فلو دفعته غريزة العقل، فإنه إذا أكل بقدر ما يحتاج جسمه، وتحرى فى مطعمه الحلال، كان فى ذلك الخير والمصلحة، أما إذا غلبت عليه شهوة الطعام، فصار بطنا، ولم يتحر الحلال فى مطعمه، ومشربه، ولجأ إلى السحت أو الحرام، انقلب ذلك شرا ومفسدة.
فالعقل والغريزة فى صراع دائم، وعلى نتيجة هذا الصراع، يتوقف اعتبار العمل مصلحة، أو مفسدة، وعليه يترتب الحكم الشرعي، هل هو مشروع، أو غير مشروع، وتكون حكمة التشريع استهدافا لكفالة المقاصد الشرعية. التوفيق بين حكم الغرائز وحكم العقل، أى التوفيق بين حرية الفرد التى لا بد منها، وحق المجتمع الذى لا بد منه، والتشريع الإسلامى قصد تحقيق السعادة، ونشر السلام، وتعميم الرخاء، لكل الناس، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار".
وقد قرر علماء الأصول، أن كل حق فردى مشوب بحق الله، الذى يتضمن المحافظة على حق الغير، فردا كان أو جماعة، وأن المحافظة على حق الغير لا يكون بالامتناع عن الاعتداء فقط بل وعن استعمال هذا الحق إذا ترتب عنه ضرر بالغير، كما ذكر الشاطبى فى الموافقات، فإذا ما تصرف الإنسان بما يحقق المقاصد الشرعية كان تصرفه محققا للمصلحة، دافعا للضرر، فهو فى نطاق حقوقه، وله فى ذلك الحرية الكاملة. أما إذا تعدى هذه الحدود، أو بغى الفساد والضرر، فهنا حِمَى الحرية، وهو الحرام يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "كما أنه من يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا إن حمى الله محارمه" وعلى هذا الأساس تقوم نظرية الحرية فى الإسلام على إطلاق الحرية للفرد فى كل شيء ما لم تتعارض أو تصطدم بالحق أو بالخير، أو المصلحة العامة، فإن تعدت تلك الحدود فإن الحرية تصبح اعتداء، يتعين وقفه وتقييده.
فالشريعة الإسلامية كرمت الإنسان، وساوت بين البشر، بمختلف أجناسهم وعقائدهم، فكانت شريعة الخلود وأعطت للإنسان حقوقا لا تحصى وجعلت الأفضلية فى التقوى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" "الحجرات آية 13". فللحرية فى الإسلام حدود عقلية وغريزية.
الحر إذا وعد وفى، وإذا أعان كفى، وإذا ملك عفى. وهو الإنسان المثقف، وفى المثل "الحر حر وإن مسه الضر، والعبد عبد وإن ألبسته الدر" فلا حرية حقيقية إلا مع حرية الفكر والكلمة. ولا تشترى الحرية بالمال. فحيث الحرية وطني. واليقظة الدائمة ثمرة الحرية.
فالحكمة الذهبية الخالدة "الحرية هى الشيء الوحيد الذى لا يمكن أن تحرزه إلا إذا ارتضيته للآخرين" فلا يستحق الحرية من ينكرها على الآخرين. يقول رفاعة الطهطاوى "الحرية منطبعة فى قلب الإنسان من أصل الفطرة".
ويقول خير الدين التونسى "لا يتيسر التقدم فى المعارف وأسباب العمران دون إجراء تنظيمات سياسية تناسب التنظيمات التى نشاهدها عند غيرنا فى التأسس على دعامتى العدل والحرية اللذين هما أصلان فى شريعتنا، ولا يخفى أنها ملاك القوة والاستقامة فى جميع الممالك".
الحرية فى الإسلام
عندما أشرقت شمس الإسلام، رفعت من كرامة الإنسان، وأرجعته إلى آدميته المكرمة، وقيمه البشرية السامية، وأعادت له أفضليته على كثير من المخلوقات، وأبطلت استعباد الإنسان لأخيه الإنسان، وكفلت له الرزق والطيبات، وأعلنت عن التعاليم القدسية "ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" "الإسراء آية 70"، ويعود الفضل إلى المنهج الذى اتبعه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث شرع بفك العقول من تعظيم غير الله، والإذعان لسواه، فكان البدء بتحرير العقيدة هو أساس الحريات، ولب المبادئ، فمتى ثبتت العقيدة أدرك الناس الخير والشر والصالح والفاسد، والعادل والظالم، فاتبعوا الخير والعدل، وابتعدوا عن الشر والظلم.
فالدين الإسلامى ما قام على الإكراه، بل على الإقناع، لأن الإكراه يناقض الحرية بينما الإقناع مظهر من مظاهرها، وهو السبيل السوى إليها والآيتان "لا إكراه فى الدين" "البقرة آية 255" "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" "الكهف آية 29" دليل قاطع على ذلك، فهما نفى مطلق للإكراه، وتكريس أبدى للحرية، التى قام عليها الإسلام، فالقرآن رسم أيسر الطرق إلى هداية البشر، وإبعادهم عن مواطن الضرر، وحفظهم من مسالك الهلاك فى أسلوب تهذيبى تعليمي، ملحا على تنشيط العقل وتشجيعه على التفكر والتدبر "أو لم ينظروا فى ملكوت السماوات والأرض" "الأعراف آية 185". وقد عاب على أناس أنهم ألغوا عقلهم وعطلوا تفكيرهم "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون" "الزخرف آية 23"..
الإنسان بين الغريزة والعقل
الإنسان بحكم تركيبه، تتنازعه قوتان: الغريزة والعقل، فالغريزة قوة خارقة تقوده إلى تحقيق مطالب حياته، وتلبية رغبات نفسه. والعقل قوة تقيد من جموح هذه الغريزة، بقيد الحكمة والتوسط، وتجعل مدارها داخل حدود الخير والحق. وحكمة الخالق تقتضى بأن يكون الإنسان حرا، لأن تعطل حريته، يتناقض مع معنى العبادة، التى خلقنا الله لأجلها "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" "الذاريات آية 56" ويتنافى مع معنى التكاليف، التى أمرنا الله بها.
ولذلك كان وضع الإنسان موضع اختبار وتمحيص يقول الله تعالى "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" "الأنبياء آية 35" ويقول أيضا "الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا" "الملك آية 2" ويحدثنا النبى صلى الله عليه وسلم بقوله "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات".
فقطعا إن الإنسان خلق ليعمل فى هذه الحياة، ويتحرك، لكن المطلوب منه ألا يكون مسيرا بدوافع غرائزه، بل يعمل بعقله ويقيد غرائزه بسلطان العقل، فلو دفعته غريزة العقل، فإنه إذا أكل بقدر ما يحتاج جسمه، وتحرى فى مطعمه الحلال، كان فى ذلك الخير والمصلحة، أما إذا غلبت عليه شهوة الطعام، فصار بطنا، ولم يتحر الحلال فى مطعمه، ومشربه، ولجأ إلى السحت أو الحرام، انقلب ذلك شرا ومفسدة.
فالعقل والغريزة فى صراع دائم، وعلى نتيجة هذا الصراع، يتوقف اعتبار العمل مصلحة، أو مفسدة، وعليه يترتب الحكم الشرعي، هل هو مشروع، أو غير مشروع، وتكون حكمة التشريع استهدافا لكفالة المقاصد الشرعية. التوفيق بين حكم الغرائز وحكم العقل، أى التوفيق بين حرية الفرد التى لا بد منها، وحق المجتمع الذى لا بد منه، والتشريع الإسلامى قصد تحقيق السعادة، ونشر السلام، وتعميم الرخاء، لكل الناس، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار".
وقد قرر علماء الأصول، أن كل حق فردى مشوب بحق الله، الذى يتضمن المحافظة على حق الغير، فردا كان أو جماعة، وأن المحافظة على حق الغير لا يكون بالامتناع عن الاعتداء فقط بل وعن استعمال هذا الحق إذا ترتب عنه ضرر بالغير، كما ذكر الشاطبى فى الموافقات، فإذا ما تصرف الإنسان بما يحقق المقاصد الشرعية كان تصرفه محققا للمصلحة، دافعا للضرر، فهو فى نطاق حقوقه، وله فى ذلك الحرية الكاملة. أما إذا تعدى هذه الحدود، أو بغى الفساد والضرر، فهنا حِمَى الحرية، وهو الحرام يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "كما أنه من يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا إن حمى الله محارمه" وعلى هذا الأساس تقوم نظرية الحرية فى الإسلام على إطلاق الحرية للفرد فى كل شيء ما لم تتعارض أو تصطدم بالحق أو بالخير، أو المصلحة العامة، فإن تعدت تلك الحدود فإن الحرية تصبح اعتداء، يتعين وقفه وتقييده.
فالشريعة الإسلامية كرمت الإنسان، وساوت بين البشر، بمختلف أجناسهم وعقائدهم، فكانت شريعة الخلود وأعطت للإنسان حقوقا لا تحصى وجعلت الأفضلية فى التقوى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" "الحجرات آية 13". فللحرية فى الإسلام حدود عقلية وغريزية.