المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زعماء فوق سطح القمر



kfinjan
20-06-2012, 05:27 AM
زعماء فوق سطح القمر

جريدة المستقبل العراقي / بغداد في 20/6/2012


كاظم فنجان الحمامي

ربما كانت الحسنة الوحيدة التي حملتها لنا سحب البراكين السياسية المتفجرة بالشر, إن رمادها المتساقط فوق رؤوسنا, كشف لنا بما لا يقبل التأويل والتعليل تشبث البعض بدهاليز الدكتاتوريات القديمة المظلمة, وظهر لنا جليا إن الرئاسات الثلاث في الحكومة الحالية لا تتحمل وحدها تهمة التمسك بصولجان السلطة, بل تتحملها معها المؤسسات والمنظمات والتجمعات العراقية, التي ماانفكت تمارس الدعاية الولائية لدفعة جاهزة من القياصرة الجدد, كمظهر عشوائي من مظاهر الديمقراطية الفوضوية القلقة, التي ستعلن عن ولادة قيصرية لوجبة مبرمجة من البدلاء المرشحين لتسلق سلم السلطة, في حين تعالت صيحات أحباب الدكتاتورية في تمجيد رموزها, بإسناد مطلق من مؤسسات الدعم, وبمؤازرة القوى العشائرية المنضوية تحت جناحها. .
لسنا هنا بصدد الخوض في تحليل التركيبة المعقدة للمجتمع العراقي, ولا نريد تسليط الأضواء على أمراضه الطائفية الموروثة والمكتسبة, ولسنا هنا ضد أحد, ولا مع أحد, لكننا ننتمي إلى الأمة العراقية, التي خدعتها القوى الانتهازية منذ زمن بعيد, ومارست ضدها أبشع أساليب التدجيل والتضليل, عندما سوقت لها فكرة الزعيم الأوحد, ورسمت صورة القائد الفذ الأمجد على الواجهة المضيئة للقمر, وعرضت صوره الملونة في الشوارع والساحات, وعلقتها على واجهات المدارس, وفي المساجد والأسواق, وملاعب كرة القدم, وطبعتها على مناديل الزواج الفردي والجماعي, وفي أقداح الشاي, وقناني (السبع مايات), وأواني (الفرفوري), وساعات (الرولكس), وكررت اسمه على بطاقات الولادات الجديدة, حتى صارت أسماء بعض الناس محطات زمنية للعقود التي ولدوا فيها, وتحولت أسمائهم بمرور الزمن إلى دوال رياضية تؤرخ ولاداتهم. .
http://store2.up-00.com/June12/ox842945.jpg= 350) this.width = 350 ; return false;" jQuery1340165697906="2"> (http://www.up-00.com/)
كانوا يقولون لنا انظروا إلى وجه البدر لتشاهدوا صورة الزعيم الأوحد, والويل كل الويل لمن لا يتعرف على عظمته, أو يخطئ في تشخيص ملامحه, حتى صار القمر نفسه من ممتلكات الزعامات العراقية المتعاقبة, وربما شاركتها بعض الرموز الدينية في سند الملكية للفترة من عام 1958 وحتى يومنا هذا, في حين كرست محطات الإذاعة والتلفزيون أوقاتها كلها لبث خطابات القادة (الاماجد), وإعادة بث الأغاني, التي صدحت بحبهم ليل نهار, وتراقص بعض شيوخ القبائل (من الذين فقدوا احترامهم) على الأهازيج الشعبية البليدة, التي كُتبت كلماتها لتتوافق مع أمزجتهم المتعالية. .
ما الذي تغير الآن ؟, بعد أن تكاثرت علينا الصور واللافتات الدعائية البراقة, حتى غطت الشوارع كلها, وانتشرت في الأزقة الضيقة, وتسللت داخل دور العبادة, وما الذي تبدل في حياتنا بعد أن صنع الانتهازيون أكثر من دكتاتور ؟, وبعد أن رفعوهم إلى مراتب سامية في معابد التمجيد والتخليد, التي التصقت نماذجها بحياتنا البائسة, وشوهت صورتنا بين الشعوب والأمم. .
http://store2.up-00.com/June12/h2W42945.jpg= 350) this.width = 350 ; return false;" jQuery1340165697906="26"> (http://www.up-00.com/)
لقد ظل شبح الانقسامات يخيم على أجواء العمليات السياسية في العراق منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا, وذلك في خضم الصراع العقيم على السلطة بين أكثر من مرشح يسعى لرسم صورته فوق سطح القمر, وبات من الواضح إن الأمل الوحيد لدخول العراق إلى فردوس الديمقراطية تحت القبة السماوية العالمية, والأمل الوحيد لضمان انتصاره على أوكار الفساد, وتلافيه وقوع الحرب الأهلية المتوقعة, يكمن في مخافة الله, وإرساء أسس العدالة الإنسانية, واحترام الأعراف والقوانين والمبادئ العامة, وفك قيود الحريات الشخصية, وتقريب وجهات النظر بين الإخوة الأعداء, بالاتجاه الذي يخدم المصالح الوطنية الأساسية, وبخلاف ذلك فان هذه الأوضاع المتأرجحة قد تؤدي إلى نتائج غير محسوبة العواقب, بسبب هذا التباين العنيف بين مواقف الزعماء الساعين إلى اعتلاء مواقع النجومية فوق سطح القمر, وبين المتهافتين على السلطة في السيرك السياسي الملغوم بالأحقاد الشخصية والعقائدية والعرقية. .
والله يستر من الجايات