المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصر بين الانتقالية والانتقائية والانتقامية



kfinjan
07-02-2012, 07:14 AM
مصر
بين الانتقالية والانتقائية والانتقامية



جريدة المستقبل / بغداد / 7/2/2012





كاظم فنجان الحمامي

من هو المسؤول عن تخريب مصر إلى هذا الحد ؟؟, ومن الذي كتب سيناريوهات المواجهات المسلحة في ملاعب بورسعيد ؟, وما ذنب بورسعيد حتى تتحمل وحدها نتائج العنف والشغب وتتلقى العقوبات من غير ذنب ؟, وهل الأصابع الخارجية هي الشماعة الجاهزة لتبرير الصراع السياسي الداخلي ؟, وإذا كان الأمر كذلك فما هو دور المشير طنطاوي وجنوده في التصدي للمؤامرة ؟, وهل القوى الداخلية المختبئة هي التي تلعب بالنار وتثير الغبار ؟, وإذا كان رجال الشرطة هم الذين تعرضوا للضرب بالذخيرة الحية فمن هو الذي كان يمسك السلاح ويطلق النار على الجيش والشرطة, وكيف سمحوا له بارتكاب المجازر الانتقائية ثم يختفي في رابعة النهار من غير أثر ؟. وهل القوى الخفية التي تعمل في السر, هي الذراع الانتقامي للخلايا النائمة التي تعمل لحساب ورثة الرئيس المخلوع ؟. .
http://store3.up-00.com/Feb12/p1U96705.jpg (http://www.up-00.com/)
كان الصراع الشعبي في مصر يغلي في قدور الطوائف المتناطحة, حتى فاحت روائحه بين الأقباط والمسلمين, ثم انتقل الصراع ليغلي في قدور الشعب والبلطجية, وجاءت واقعة الجمل لترسم صورة بشعة للصراع بين السلطة المنهارة والجماهير المحتارة, ثم اندلعت الاشتباكات المسلحة في ملاعب بورسعيد, التي لم تعد تشعر بالسعادة, وربما ينتقل الصراع ليتفجر في جبهات التجمعات السكانية بين (الصعيد) و(دمياط), أو بين (وجه قبلي), و(وجه بحري). .
ارتبط (الإخوان) برابطة الإخوة والتآخي مع العم طنطاوي ومجلسه العسكري, وعقدوا العزم على ترتيب إجراءات المرحلة الانتقالية, في حين راحت بعض العناصر المسلحة تعد العدة لخوض المرحلة التعبوية الانتقامية, فتأرجحت (الانتقائية) بين (الانتقالية), و(الانتقامية), وباتت هي الكابوس الجاثم على صدور الناس في مصر, وهي الخيار المتاح لطنطاوي و(أخوانه) في التعامل المريب مع الشعب, فهم يتحدثون بلسان طليق عن المرحلة الانتقالية, لكنهم سرعان ما يلجئون إلى استخدام العصا الغليظة والتلويح بها للانتقام من القوى المعارضة, ثم يعودون لانتقاء الحلول الترقيعية التوفيقية المتوافقة مع متطلبات التسويف والمماطلة. .
يقول المثل المصري: (اسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك استعجب), فلطالما تحدث المجلس العسكري عن اختزال إجراءات المرحلة الانتقالية, لكنه يميل في الوقت نفسه إلى التنفيس عن هواياته المفضلة في ممارسة البطش والتنكيل والتعسف, فوقع على رأسه في تناقض عجيب بين التشدق في الأقوال والتطرف في الأفعال, وبين التسويف والتخويف, فبين هذا وذاك تقبع الرغبات المكبوتة, وتكمن المخططات المدروسة, وربما يتزعم العم طنطاوي حركة (حراس المحروسة) فيضع البلاد والعباد تحت رحمة العسكر, ويسقي الجنود من رحيق الخلود, ويبقى الحال على ما هو عليه, وكأنك يا أبو زيد لا رحت ولا جيت, فيتمدد حكم الجيش, وتعود الأمور الى سابق عهدها. وتستمر عجلة التوريث من اللواء محمد نجيب الى المشير طنطاوي, مرورا بكل القادة من صنف المشاة وسلاح الجو والبحرية, فلا مكان للديمقراطية في أصحاب العقول المشفرة, الذين تدربوا على إصدار الأوامر المشددة, وحرصوا على تنفيذها بالقوة, وآمنوا بتطبيق منطق التفوق العسكري على عدالة الحكم المدني, ومكانك سر, إلى الوراء در, فلن يتنازل المجلس العسكري عن سلطته بهذه البساطة حتى يضمن سيادته الدستورية, ويستحوذ على حصة الأسد من ميراث المحروسة. .
http://store3.up-00.com/Feb12/xII96705.jpg (http://www.up-00.com/)
وحتى يتحقق حلم الجنرال أبو العباس السفاح, ويتحكم برقاب الناس, تبقى الفرصة متاحة لأحباب الزعيم المخلوع لكي يفتعلوا الأزمات, ويشنوا الغارات وسط الحشود الجماهيرية المتجمعة في الملاعب والمصانع والساحات. .
لا أمل لمصر المحروسة إلا بعودة الجيش إلى ثكناته, وإلا بتخليهم عن السلطة وتسليمها لحكومة مدنية منتخبة, غير متطرفة, ولا متعصبة, ولا متشنجة, ولا متحيزة. وإلا باللجوء إلى المحاكم العرفية لمحاسبة المجرمين والقتلة على وجه السرعة, ومن دون تأخير ولا تأجيل ولا مماطلة, وإلا بفرض الإقامة الجبرية على العمة (سوزان), ووضع القيود على نشاطاتها المريبة, وإلا بتبني قواعد صارمة تحد من تحركاتها, وتكبح رغباتها الموتورة, وتردع تطلعاتها الانتقامية المسعورة. .
وبخلاف ذلك سنشاهد المزيد من الأحداث الدامية, وستستمر مصر بالتأرجح بين الأوضاع الانتقالية والانتقائية والانتقامية. . .
والله يستر من الجايات.