المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصوم زكاة الأبدان



hasaleem
12-09-2007, 08:49 PM
الصوم زكاة الأبدان



بقلم

حسين foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? سليم آل الحاج يونس





بسم الله الرحمن الرحيم



يا أيها الذين آمنوا

كتب عليكم الصيام

كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون

أياما معدودات

فمن كان منكم مريضا أو على سفر

فعدة من أيام أخر

وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين

فمن تطوع خيرا فهو خير له

وإن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان

فمن شهد منكم الشهر فليصمه

ومن كان مريضا أو على سفر

فعدة من أيام أخر

يريد بكم الله اليسر ولا يريد بكم العسر

ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم

ولعلكم تشكرون "



سورة البقرة ( 183- 184-185 )



شاءت القدرة الإلهية أن تتجلى الشريعة الإسلامية الغراء , بسمو أهدافها وترابط أحكامها في كل نواحي الحياة العبادية والسياسية , الإجتماعية والتربوية , النظرية والعملية ....

والجانب العبادي في هذا التشريع السماوي , يهدف إلى تحرير الإنسان من كل ألوان العبوديات الدنيوية والتسامي به إلى آفاق العبودية الإلهية دون تنافر في النظريات التي تنظم سلوك الإنسان كما هي الحال في النظريات والتشريعات الوضعية المتناقضة ...

والصوم هو عبادة ينهض بمهمة تعبدية لإعداد وبناء الذات الإنسانية وترويض كل الطاقات الكامنة والملكات المكتسبة على طاعة الله وحده , والتمرد الإرادي على كل المغريات والشهوات . وهو ممارسة إلزامية لكل مكلف , وعلاج ثابت تعلو عنده إنسانية الإنسان على جسمانيته وينقاد من خلالها جسده لروحه ,وهو إذ يتكرر كل عام شهرا كاملا ليمنع الإنحراف الذي قد يطرأ على حياة الإنسان , وللحيلولة دون طغيان المادة وعصفها بالمجتمع وبالتالي لتكون حياة الإنسان جسرا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ...

والصوم صعيد علوي يتسامى إليه الصائم , ويتساوى فيه الغني والفقير ... والحاكم والمحكوم ... الأبيض والأسود ... على مائدة الله تعالى ...ففي هذا الشهر يحصل التوحيد بين الموحدين لله والكون , ويحدث الإنسجام بين أجزاء الوجود وبين الإنسان الموحد , ويعتبر هذا رمزا لما يفترض أن تصل إليه البشرية في مسيرتها التكاملية عبر التاريخ تطوي المراحل نحو الله الحق ...

وبمعنى آخر إنه حافز للبشرية لتبني المجتمع التوحيدي , المجتمع الذي يحي الإثني عشر شهرا بروحية هذا الشهر , وذلك حتى تتناغم جميع مكونات هذا الوجود وخاصة الإنسان بالتقديس والتسبيح للسبوح القدوس ... أليس كل ما في هذا الوجود مسبحا لله سبحانه ...

وإذا كان هذا الشهر أفضل الشهور منعطفا في المسيرة الزمنية فإنه يصبح في المجتمع التوحيدي نقطة انطلاق أكبر وأعمق زخما نحو الترقي في الممارسة الإيمانية أي أنه يصبح محطة انطلاق جديدة نحو مرحلة أكثر تكاملا ...

إنها الدعوة الإلهية للناس جميعا , وهذه الدعوة تحمل في طياتها دعوات . فإذا جعل المؤمن من أهل كرامة الله وإذا كان الصيام قد فرض تحصيلات للتقوى من منطلق أن أكرم الخلق عند خالقهم أتقاهم عملا " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ندرك أن الثمرة الطبيعية لهذا الترابط هي الإقتراب الأكثر من الله عز وجل . فكأن الله يدعونا لنبقى على صلة وثيقة بشرعة ونهج نبيه ( ص ) ومسارات أوليائه ( ع ) ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , لذلك ليس من المستغرب أن يكون هذا الشهر المبارك شهر النجوى والأسرار بين العبد وربه , شهر توثيق الصلة من قبل الإنسان بخالقه , والأهم أن تبدأ الدعوة من الله العلي القدير ...

فهل يلبيها هذا الإنسان الفقير المحتاج ؟

وهل هو أهل لهذه الضيافة الإلهية ؟

فلنعمل جميعا على أن نكون كذلك , دون أن تعصف بنا الميول والأهواء , من أجل تقوية الإرادة , وكبح النفس لئلا تحجم عن الحق , فإن في حفظ الفم , وضبط النفس عن هواها في فترة معينة تمرينا للإنسان على ترك المشتهيات لمجرد اشتهائها واعتيادا على الصمود أمامها .

وعبر ممارسة الإنسان لهذه المقاومة يصل إلى ملكة راسخة يتمكن بها من السيطرة على زمام نفسه فيتحرك من حيث يجب التحرك ويحجم من حيث يجب الإحجام ...