عراقي هواي وميزة فينا الهوى
05-06-2007, 07:07 AM
موسم الهجرة لسلمان باك
حل موسم الصيف وأثار في نفسي السؤال هل سيجرؤ العراقيون على الاحتفال بسلمان باك كعهدنا بهم؟ فطالما تغنوا وقالوا: «اللي ما يزور السلمان عمره خسارة». والسلمان هنا إشارة الى قرية سلمان باك التي تعرف بين المؤرخين بمدينة طيسفون، عاصمة الساسانيين. لم يبق من ذلك المجد غير ايوان كسرى الذي وصفه البحتري:
لو تراه علمت أن الليالي
جعلت فيه مأتما بعد عرس
على مقربة من الإيوان قبر الصحابي سلمان الفارسي. لأهالي بغداد تقاليد طويلة ترتبط بالموقع. من ذلك الحلاق الذي يقف بالخدمة طوال النهار بجوار القبر، على اعتبار ان سلمان الفارسي كان حلاق النبي، وآمن اهل بغداد بأن من البركة اجراء الحلاقة بجوار الصحابي الصالح. وكان الحلاق، الأسطة حميد، يعلم بذلك فعقد مقاولة على ما يظهر مع البلدية بأن لا يسمحوا لأكثر من حلاق واحد بمزاولة هذه المهنة هناك. وهذا على ما يبدو كان اول تنظيم احتكاري في الاسلام. واستغل الحلاق هذا الاحتكار لأقصى درجاته فكان يتقاضى اجورا ربما لم يسمع بمثلها احد حتى في صالون ساسون بلندن. يعلم الله ما الذي سيقوله دفاعا عن نفسه، يوم الحشر لذلك الصحابي البار الذي كان يكتفي ببضع تمرات اجرة على عمله.
تماشيا مع هذا التقليد، اعتاد اهل بغداد ان يأخذوا صغارهم الى سلمان باك ليجري ذلك الحلاق الحلاقة الأولى للطفل على اعتبار ان في مقصه وموسه بركة سلمان الفارسي. وطور ذلك حميد المزين الى تقليد آخر، وهو انه كان يجمع الشعر المقصوص من رأس الطفل لأول مرة، ويضعه في كيس خاص ويسلمه لوالد الطفل ويذكره بالتقليد المأثور وهو ان عليه أن يزن ذلك الشعر بالذهب ويوزع قيمة الذهب على فقراء القرية.
وهذا هو السر في ان الزائر الأجنبي يلاحظ دائما كثرة الشحاذين في سلمان باك. وعلى كل، فالأب الشاطر والحريص على ميزانية بيته، كان يأخذ ابنه لحلاق سلمان باك حالما ينبت الشعر على رأس الولد وقبل ان يطول ويتكاثف ويزيد وزنه.
لا تقع سلمان باك على مقربة من بغداد فقط، بل وكذلك على مقربة من بابل. يعني ذلك ان كثيرا من التقاليد البابلية القديمة تسللت عبر التاريخ الى عهدنا هذا. من اول هذه التقاليد الاحتفالات بحلول الربيع، او مولد الإله تموز الأسطوري.
حالما تبدأ اشجار البرتقال والليمون بنشر براعمها، تبدأ احتفالات الربيع في سلمان باك. يخف الجمهور في مواكب شعبية، كل منها يمثل محلة من المحلات الشعبية. فيقيمون خيامهم في السهل المجاور المحيط بالمسجد. تتقدم هذه المواكب اثناء النهار بطبولها واعلامها واغانيها نحو قبة المسجد لتعلن عن محبتها للصحابي الشهير وتلتمس بركته. تعود المواكب الى خيامها عند المساء، وهو موعد الاحتفال بالأنس والطرب والرقص. ومن يفوته ذلك، فالأغنية تذكره بخسارته: اللي ما يزور السلمان عمره خسارة.
حل موسم الصيف وأثار في نفسي السؤال هل سيجرؤ العراقيون على الاحتفال بسلمان باك كعهدنا بهم؟ فطالما تغنوا وقالوا: «اللي ما يزور السلمان عمره خسارة». والسلمان هنا إشارة الى قرية سلمان باك التي تعرف بين المؤرخين بمدينة طيسفون، عاصمة الساسانيين. لم يبق من ذلك المجد غير ايوان كسرى الذي وصفه البحتري:
لو تراه علمت أن الليالي
جعلت فيه مأتما بعد عرس
على مقربة من الإيوان قبر الصحابي سلمان الفارسي. لأهالي بغداد تقاليد طويلة ترتبط بالموقع. من ذلك الحلاق الذي يقف بالخدمة طوال النهار بجوار القبر، على اعتبار ان سلمان الفارسي كان حلاق النبي، وآمن اهل بغداد بأن من البركة اجراء الحلاقة بجوار الصحابي الصالح. وكان الحلاق، الأسطة حميد، يعلم بذلك فعقد مقاولة على ما يظهر مع البلدية بأن لا يسمحوا لأكثر من حلاق واحد بمزاولة هذه المهنة هناك. وهذا على ما يبدو كان اول تنظيم احتكاري في الاسلام. واستغل الحلاق هذا الاحتكار لأقصى درجاته فكان يتقاضى اجورا ربما لم يسمع بمثلها احد حتى في صالون ساسون بلندن. يعلم الله ما الذي سيقوله دفاعا عن نفسه، يوم الحشر لذلك الصحابي البار الذي كان يكتفي ببضع تمرات اجرة على عمله.
تماشيا مع هذا التقليد، اعتاد اهل بغداد ان يأخذوا صغارهم الى سلمان باك ليجري ذلك الحلاق الحلاقة الأولى للطفل على اعتبار ان في مقصه وموسه بركة سلمان الفارسي. وطور ذلك حميد المزين الى تقليد آخر، وهو انه كان يجمع الشعر المقصوص من رأس الطفل لأول مرة، ويضعه في كيس خاص ويسلمه لوالد الطفل ويذكره بالتقليد المأثور وهو ان عليه أن يزن ذلك الشعر بالذهب ويوزع قيمة الذهب على فقراء القرية.
وهذا هو السر في ان الزائر الأجنبي يلاحظ دائما كثرة الشحاذين في سلمان باك. وعلى كل، فالأب الشاطر والحريص على ميزانية بيته، كان يأخذ ابنه لحلاق سلمان باك حالما ينبت الشعر على رأس الولد وقبل ان يطول ويتكاثف ويزيد وزنه.
لا تقع سلمان باك على مقربة من بغداد فقط، بل وكذلك على مقربة من بابل. يعني ذلك ان كثيرا من التقاليد البابلية القديمة تسللت عبر التاريخ الى عهدنا هذا. من اول هذه التقاليد الاحتفالات بحلول الربيع، او مولد الإله تموز الأسطوري.
حالما تبدأ اشجار البرتقال والليمون بنشر براعمها، تبدأ احتفالات الربيع في سلمان باك. يخف الجمهور في مواكب شعبية، كل منها يمثل محلة من المحلات الشعبية. فيقيمون خيامهم في السهل المجاور المحيط بالمسجد. تتقدم هذه المواكب اثناء النهار بطبولها واعلامها واغانيها نحو قبة المسجد لتعلن عن محبتها للصحابي الشهير وتلتمس بركته. تعود المواكب الى خيامها عند المساء، وهو موعد الاحتفال بالأنس والطرب والرقص. ومن يفوته ذلك، فالأغنية تذكره بخسارته: اللي ما يزور السلمان عمره خسارة.