المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القيادة بين الرقي والانحطاط ..



i1r2a3q4
21-11-2011, 02:18 PM
تحياتي ..

من المفهوم ان الامراض الاخلاقية التي تصيب المجتمعات الانسانية على اختلاف احجامها وتكوينها انما تنشا كنتيجة طبيعية لانحراف توجه حركة ذلك المجتمع السلوكي وانحطاط مسار فعله الحياتي باتجاه التعاطي الخاطئ مع مفردات الحياة ومكتسباتها وفق مفهوم التبادل المصلحي المنفعي مع اسباب هذه الحياة .
فحين تكون حركة المجتمع ككل او حتى كأفراد عكس حركة ارادة الفطرة الانسانية القويمة والاختيار الرباني لاساس وجودها في تعميرالارض واثرائها وفق مفهوم حضاري انساني اخلاقي اساسه العدل وقوامه المساوة والشعوربالمسؤولية اتجاه الذات والغير على حد سواء ، حينها تبدأ تلك الامراض بالظهور شيئا فشيئ حتى تتفاقم ويتعاظم حجمها الى الحد الذي تتظافر فيه لتنخر في جسد المجتمع حتى نتهي الشكل المتجانس المتناغم له وبالتالي اضمحلال اي نوع من الروابط والعلاقات مما يؤدي الى تفككة وصولا الى مرحلة الانهيار الكامل .
ولعل اولى علامات تلك الامراض التي تظهر جلية واضحة تتمثل في لامبالاة من تصدى لمسؤولية التحكم في قيادة المجتمع وادارة حركته العامة ..
حين لا تدرك القيادة حجم وقيمة ما يقع على عاتقها من مسؤولية وعظم الامانه التي تتحملها وان ما بين يديها وتحت قدميها هو تكليف لا تشريف وانها خدمة لا مَكَرمَة وان نهوضها بها بالطريقة الخاطئة المنحرفة التي تكون على العكس من تطوير حركة المجتمع في كل اتجاهاته والتفاعل وفق هذه المسوؤلية على تدعيم قوته الذاتية وتطويع مكتسباته لتحقيق سبل حمايته .
حينها تكون البداية لكل تلك الامراض ..
فحين تستهين تلك القيادة بمقدرات المجتمع وتبعثر ثرواته فيما لاطائل من ورائه وتعطل طاقاتة ثم تحجم قدرات وامكانيات افراده الانتاجيه وتشرع في افساده عبرسلسلة من الاجرائات التي تشجعه على التعاطي مع الحياة استهلاكيا لا تفاعليا انتاجيا تكون قد بدأت في اولى الخطوات نحو الهدم الداخلي للنسيج الحقيقي الحامي لهذا المجتمع ..
فكما هو معروف عن نشوء المجتمعات ان تبدأ اول ما تبدأ بقيادة قوية متماسكة محددة الاهداف ومن ثم تعمل هذه القيادة على بناء مجتمعها وفق تلك الاهداف المحددة سلفا والتي يأتي في مقدمتها تنظيم البناء الانساني للمجتمع بكافة طبقاته ثم توفير اسباب استمراره وبقاءه كالقوة التي تحميه والاقتصاد الذي يبنيه والمعرفة التي تحافظ على تطويره واستمرار حركته نحو الافضل حينها يبدأ النهوض لذلك المجتمع وصولا الى تميزه بين المجتمعات المشابهه في كافة المجالات وبالتالي امكانية تأثيره ايجابا او حتى سلبا في الاخرين ، وهذا هو ديدن جميع الحضارات التي سادت في بقاع الارض على مر العصور والازمان .
ولا تكون القيادة في هذا الوضع القادر على البناء والتحكم اذا لم تكن اصلا تملك الارادة الكاملة في حركتها واختياراتها كقيادة .. فسقوط ايا من الخيارات الثلاثه الانفة الذكر .. ( القوة ، الاقتصاد والمعرفة ) من بين يديها يؤدي الى نزع ارادتها وبالتالي شل حركتها وتحجيم اختياراتها وفق رغبه المؤثر وصولا الى سقوطها في هاوية الانقياد الى اطراف اخرى خارجية تتحكم في حركتها وحركة مجتمعها وفق مصالح ذاك الطرف او غيره وهو ما نشهده في عصرنا الحالي وخصوصا في حركة الدول النامية والعالم الثالث وبعض الدول الاوربية حيث يتضح جليا مدى التأثير الذي تمارسه الدول القوية المستقلة الارادة على تلك المجتمعات .. فلا تخلو حركة تلك المجتمعات الضعيفة من تأثر مكوناتها الانسانية بالاسلوب الامريكي او البريطاني او الفرنسي او حتى الايطالي سواء في الجانب المعيشي الحياتي او التبادلي المنفعي ولو في اضيق الحدود ومن هنا يأتي المقتل ويبدأ الانهيار فلو وعت قيادات تلك المجتمعات الى ما ينقص ارادتها وعملت على استكماله وبحثت بين اركانها عن اسباب الاستقلال عمن يتحكم بها وبارادتها لما واجهنه ما نواجهه اليوم من جنون غربي للتحكم بالعالم وفق الرؤية الضيقة للعقلية الغربية اللا أخلاقيه وفي بعض الاحيان اللانسانية.
وقد يقول قائل ان مثل هذا الامر مستحيل او صعب تحقيقة لقوة الطرف المتحكم والذي لن يتردد لحظة في استخدام اقصى طاقاته لجهة عدم حدوث مثل هذا التطور في أي مجتمع ضعيف خوفا على مصالحه في ذالك المجتمع فنقول ان هذا كلام ضعاف النفوس او ممن لديهم مصلحة في بقاء الامر على ما هو عليه ولعل لنا في تجربة افغانستان والعراق وكوبا اكبر دليل على ان القوي المؤثرة المتحكمة والمتعاونه معها لاتملك جميع اوراق اللعبه في يديها بل جزء كبير منها بيد الشعوب واراداتها ووعي قياداتها الحقيقية الواعية لا الزائفة المغيبة التي باعت ضمائرها وارتضت الذل والتبعية للغير، فمتى ما ارادت هذه الشعوب النهوض فأن من بين ابنائها ممن لديه القدرة على التحدى ومن ثم النهوض بالمجتمع نحو الاستقلالية ناهيك الافضليه .
وعليه فايا كانت القوة التي يملكها الجانب المؤثر فانه لن يتمكن من ايقاف مسيرة أي مجتمع اختار التميز طريقا والاستقالية عنوانا ، ولن يتأتى ذلك الا حين يعي المتولي للامور في المجتمع ومن يقوده ان على عاتق ضميره وايمانه يقع الحمل الاكبر في قيادة وتوجية المجتمع للوجهة الصحيحة او الخاطئة وليس على أي شيئ اخر .

احترامي