الفرصة قد تضيع!


لا يبشر التأخير في ملء الشواغر الوزارية بل في التعديل الوزاري بخير. في الأصل كان تأخر انجاز التعديل الوزاري، كتعثر مشروع المصالحة، مؤشرا على ان العملية السياسية ليست بخير، وانها تتلكأ. وعبثا ذهبت الدعوات الى اصلاحها، والى تفعيل المصالحة، بما في ذلك نداءات رئيس الجمهورية جلال الطالباني الذي يواصل جهوده ليس فقط لحماية الحكومة من الانهيار، وانما ايضا لحماية الدولة كلها من التفتت والتفكك.
لا يمكن تحميل رئيس الوزراء نوري المالكي المسؤولية، فالرجل يبذل من جانبه قصارى جهوده من اجل النجاح في مهمته البالغة الصعوبة، وهو ليس نجاحا شخصيا بقدر ما هو مهمة انقاذ لبلد يحتل مرتبة متقدمة في قائمة الدول الفاشلة.
المشكلة تكمن في نظام المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية الذي قال كل الخبراء عنه، منذ البداية، انه سوف يوصل العملية السياسية الى طريق مسدود. وها قد وصلت العملية السياسية الى طريقها المسدود، ويحذر الكثير من أركانها، بمن فيهم نواب في البرلمان، من خطر انهيارها الذي قد يكون أقرب مما يتصوره البعض. ولكننا ما زلنا نفتقر الى خطوات جذرية للخروج من شرنقة المحاصصة.
مقتدى الصدر، زعيم التيار المعروف باسمه وباسم والده الراحل الشهيد، وفر فرصة للتغلب على قيود نظام المحاصصة، ودعا، بالتزامن مع انسحاب وزرائه من الحكومة، الى اختيار الوزراء البدلاء على أساس الكفاءة والاستقلالية وخارج نظام المحاصصة.
لكن يبدو ان هذه الدعوة تكاد تذهب ادراج الرياح، حيث ما زال اللاعبون الاساسيون ينظرون الى المسألة من زاوية مايسمونه »الاستحقاق الانتخابي« الذي يجعل تولي المناصب العليا في الدولة، مثل الوزارات ووكالات الوزارات والمواقع القيادية الاخرى، »حقا« للطرف السياسي الفائز وليس خدمة عامة مدفوعة الاجر من الميزانية العامة للبلد. وغالبا ما يؤدي هذا »الحق المزعوم« الى ابعاد الكفاءات المتقدمة التي يحتاج اليها البلد في هذه المرحلة الحرجة، وصعود اشخاص لا تتوافر فيهم المواصفات المطلوبة للنجاح في المهمات التي يتولون القيام بها.
لا يمكن تحميل المالكي ضياع هذه الفرصة الثمينة، لكنه يتحمل جزءاً من المسؤولية كونه ينتمي الى حزب سياسي طرف في نظام المحاصصة الطائفية، ويمكنه تبعا لذلك ان يطلب من حزبه التدخل من أجل اخراج العملية السياسية من شرنقتها، وتحريرها من النظام الذي سوف يتسبب في تآكلها.