mohamed_atri
13-01-2011, 08:30 PM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده اما بعد السلام عليكم ورحمة الله اخوة الايمان ناتي على بقية ما جاء في هذه الرسالة البليغة نفع الله بها الجميع
الباب الرابع في الموسم الرابع وهو الشيخوخة
قد يكون في أول الشيخوخة بقية هوى، فيثاب الشيخ على قدر صبره، وكلما قوى الكبر ضعفت الشهوة فلا يراد الذنب كما قال الشاعر:
تارَكَكَ الذَنبُ فَتارَكتَهُ ... بِالفِعلِ والشَهَوَةُ في القَلبِ
فَالحَمدُ لِلّهِ عَلى تَركِهِ ... لا لَكَ في تَركِكَ لِلذَنبِ
فإذا تعمد الشيخ ذنباً فهو مراغم، إذ الشهوة الطالبة قد خسرت؛ ولهذا قال رسول - الله صلى الله عليه وسلم - : (أبغض الخلق إلى الله تعالى شيخ زان).
ومنهم من يقصد المراغمة فيلبس الشيخ الخاتم الذهب.
فالويل لمن لم ينهه شيبه عن عيبه؛ ما ذاك إلا لخلل في إيمانه وقد يقول الشيخ العالم: علمي يدفع عني! وينسى أن علمه حجة عليه.
وقد رؤى بعض مشايخنا في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وهو معرض عني. فقيل له: غفر لك وأعرض عنك!! فقال: نعم وعن جماعة من العلماء لم يعملوا بعلمهم.
وقد رؤي في المنام (يحيى بن أكثم) فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: قال لي يا شيخ السوء. (وكذلك منصور بن عمار).
قال (الفضيل) - رحمه الله - : يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد. قال الله - عز وجل - (قُل هَل يَستوي الَّذينَ يَعلَمونَ وَالَّذينَ لا يَعلَمونَ).
قال (أبو الدرداء): ويل لمن عمل ولا يعلم مرة، وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات.
وقال: أخوف ما أخاف أن يقال لي: عملت فإن قلت: لا، فقد علمت، وإن قلت: نعم، لم يبق آية آمرة أو ناهية إي وتجتني.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ومما قلته في ذكر الشيب:
غَرَرنا بِالشَبابِ المُستَعارِ ... اَفَقنا بِالمَشيبِ مِنَ الخَمارِ
أَنارَ لَنا المَشيبُ سَبيلَ رُشدٍ ... وَنَدِمنا على خَلعَ العِذارِ
فَوا أَسَفى عَلى عُمُرٍ تَوَلَّت ... لَذَاذَتُهُ وَاَبقَت قُبحَ عارِ
فَنَحنُ اليَومَ تَبكي ما فَعَلنا ... فَكَيفَ وَكَم وَقَعنا في خَسارِ
فَلَيسَ لَنا سِوى حَزَنٍ وَخَوفٍ ... وَنَدبٍ في خُضوعٍ وَاِنكِسارِ
تَعالَوا نَبكِ ما قَد كانَ مِنّا ... وَقوموا في الدَياجي بِاِعتِذارِ
وَما شَيءٌ لِمَحوِ الذَنبِ أَولَى ... مِنَ الأَحزانِ وَالدَمعِ الغِزِارِ
سَتَدري يا مُفَرِطُ صِدقَ قَولي ... إِذا غُودِرتَ في بَطنِ الصَحارِ
وَخَلّاكَ الرَفيقُ اَسَيرَ قَفرٍ ... تُرافِقُكَ النَدامَةُ في القِفارِ
وَقَد فازوا بِما حازوا جَميعاً ... وَأَنتَ رَهينُ ذُلٍّ وَاِفتِقارِ
فَخُذ حَذَراً وَزاداً تَكتَفيهِ ... لِرحلَتِهِ إِلى تِلكَ الدِيارِ
تَمَتَّع مِن شَميم عَرارِ نَجدٍ ... فَما بَعدَ العَشِيَّةِ مِن عَرارِ
وقال أيضاً
أَشَيبٌ وَعَيبٌ إِنَّ ذا لَبَغِيضُ ... سَوادُ صِحافٍ وَالغَدائِرُ بِيضُ
مُكاثِرةٍ لِلّهوِ وَالضَعفُ زائِدُ ... وَجِسمُ الكَبيرِ ذائِبٌ وَمَهيصُ
إِذا هَمَّ مَشيبٌ بِذَنبٍ فَإِنَّهُ بَغيضٌ وَما اللَهوُ فيهِ بَغيضُ
مَريضٌ مِنَ الضَعفِ الَّذي أَذهَبَ القُوى ... وَحُقَّ لِهَذا أَن يُقالَ مَريض
الباب الخامس في الموسم الخامس وهو حال الهرم
في الحريث: (ابن ثمانين أسير الله في الأرض).
ولم يبق في زمان الهرم إلا تدارك ما مضى، والاستغفار، والدعاء، وعمل ما يمكن من الخير، اغتناماً للساعات، والتأهب للرحيل.
وكان (سرى) لا ينام إلا غلبةً ودخلوا على (الجنيد) - رحمه الله تعالى - وهو في الموت، وهو يركع ويسجد، فأراد أن يثني رجله في صلاته فما أمكنه لخروج الروح منها. فقال رجل: ما هذا؟ فقال: هذه نعم الله أكبر.
وكان (عامر بن عبد قيس) يصلي كل يوم ألف ركعة، ولقيه رجل، فقال: أكلمك كلمة، فقال: أمسك الشمس (حتى أكلمك).
وقال رجل سأله: (عجل) فإني مبادر. قال: وما الذي تبادر قال: خروج روحي.
وقال (عثمان الباقلاني): أبغض الأشياء إلى وقت إفطاري لأني أشتغل بالأكل عن الذكر.
وكان (داود الطائي) - رحمه الله - يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز. فقيل له في ذلك، فقال: بين أكل الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية.
ودخل قوم على عابد، فقالوا: لعلنا شغلناك. قال: صدقتم، كنت أقرأ فتعتموني.
ومن نظر في شرف العمر اغتنمه. وفي الصحيح: (من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة).
وقال الحسن رحمه الله: الجنة قيعان والملائكة تغرس فربما فتروا، فيقال: مالكم فترتم! فيقولون: فتر صاحبنا. فقال الحسن: أمدوهم رحمكم الله.
شيء، ولو فهموا كانت تسبيحة أصلح. وهذا لا يكون إلا من الغفلة عن الآخرة؛ لأن بتسبيحة واحدة يحصل الثواب على ما ذكرنا. والأحاديث الدنيوية تؤذى ولا تنفع.
كان (أبو موسى الأشعري) - رضي الله عنه - يصوم في الحر، فيقال له: أنت شيخ كبير. فيقول: إني أعده ليوم طويل.
وقيل لعابد: ارفق بنفسك. قال: الرفق أطلب.
جاء بعض رفقاء (سري السقطي) - رحمه الله تعالى - إليه يزوره، فوجد عنده جماعة. فقال: يا سرى! صرت مناخاً للبطالين، ثم ذهب ولم يقعد.
ومن عرف شرف العمر وقيمته لم يفرط في لحظة منه.
فلينظر الشاب في حراسة بضاعته. وليحتفظ الكهل بقدر استطاعته.
وليتزود الشيخ للحاق جماعته. ولينظر الهرم أن يؤخذ من ساعته.
نفعنا الله وإياكم بعلومنا، ولا سلبنا فوائد فهومنا، (ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا، ولا يجعل علمنا حجة علينا)، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الباب الرابع في الموسم الرابع وهو الشيخوخة
قد يكون في أول الشيخوخة بقية هوى، فيثاب الشيخ على قدر صبره، وكلما قوى الكبر ضعفت الشهوة فلا يراد الذنب كما قال الشاعر:
تارَكَكَ الذَنبُ فَتارَكتَهُ ... بِالفِعلِ والشَهَوَةُ في القَلبِ
فَالحَمدُ لِلّهِ عَلى تَركِهِ ... لا لَكَ في تَركِكَ لِلذَنبِ
فإذا تعمد الشيخ ذنباً فهو مراغم، إذ الشهوة الطالبة قد خسرت؛ ولهذا قال رسول - الله صلى الله عليه وسلم - : (أبغض الخلق إلى الله تعالى شيخ زان).
ومنهم من يقصد المراغمة فيلبس الشيخ الخاتم الذهب.
فالويل لمن لم ينهه شيبه عن عيبه؛ ما ذاك إلا لخلل في إيمانه وقد يقول الشيخ العالم: علمي يدفع عني! وينسى أن علمه حجة عليه.
وقد رؤى بعض مشايخنا في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وهو معرض عني. فقيل له: غفر لك وأعرض عنك!! فقال: نعم وعن جماعة من العلماء لم يعملوا بعلمهم.
وقد رؤي في المنام (يحيى بن أكثم) فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: قال لي يا شيخ السوء. (وكذلك منصور بن عمار).
قال (الفضيل) - رحمه الله - : يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد. قال الله - عز وجل - (قُل هَل يَستوي الَّذينَ يَعلَمونَ وَالَّذينَ لا يَعلَمونَ).
قال (أبو الدرداء): ويل لمن عمل ولا يعلم مرة، وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات.
وقال: أخوف ما أخاف أن يقال لي: عملت فإن قلت: لا، فقد علمت، وإن قلت: نعم، لم يبق آية آمرة أو ناهية إي وتجتني.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ومما قلته في ذكر الشيب:
غَرَرنا بِالشَبابِ المُستَعارِ ... اَفَقنا بِالمَشيبِ مِنَ الخَمارِ
أَنارَ لَنا المَشيبُ سَبيلَ رُشدٍ ... وَنَدِمنا على خَلعَ العِذارِ
فَوا أَسَفى عَلى عُمُرٍ تَوَلَّت ... لَذَاذَتُهُ وَاَبقَت قُبحَ عارِ
فَنَحنُ اليَومَ تَبكي ما فَعَلنا ... فَكَيفَ وَكَم وَقَعنا في خَسارِ
فَلَيسَ لَنا سِوى حَزَنٍ وَخَوفٍ ... وَنَدبٍ في خُضوعٍ وَاِنكِسارِ
تَعالَوا نَبكِ ما قَد كانَ مِنّا ... وَقوموا في الدَياجي بِاِعتِذارِ
وَما شَيءٌ لِمَحوِ الذَنبِ أَولَى ... مِنَ الأَحزانِ وَالدَمعِ الغِزِارِ
سَتَدري يا مُفَرِطُ صِدقَ قَولي ... إِذا غُودِرتَ في بَطنِ الصَحارِ
وَخَلّاكَ الرَفيقُ اَسَيرَ قَفرٍ ... تُرافِقُكَ النَدامَةُ في القِفارِ
وَقَد فازوا بِما حازوا جَميعاً ... وَأَنتَ رَهينُ ذُلٍّ وَاِفتِقارِ
فَخُذ حَذَراً وَزاداً تَكتَفيهِ ... لِرحلَتِهِ إِلى تِلكَ الدِيارِ
تَمَتَّع مِن شَميم عَرارِ نَجدٍ ... فَما بَعدَ العَشِيَّةِ مِن عَرارِ
وقال أيضاً
أَشَيبٌ وَعَيبٌ إِنَّ ذا لَبَغِيضُ ... سَوادُ صِحافٍ وَالغَدائِرُ بِيضُ
مُكاثِرةٍ لِلّهوِ وَالضَعفُ زائِدُ ... وَجِسمُ الكَبيرِ ذائِبٌ وَمَهيصُ
إِذا هَمَّ مَشيبٌ بِذَنبٍ فَإِنَّهُ بَغيضٌ وَما اللَهوُ فيهِ بَغيضُ
مَريضٌ مِنَ الضَعفِ الَّذي أَذهَبَ القُوى ... وَحُقَّ لِهَذا أَن يُقالَ مَريض
الباب الخامس في الموسم الخامس وهو حال الهرم
في الحريث: (ابن ثمانين أسير الله في الأرض).
ولم يبق في زمان الهرم إلا تدارك ما مضى، والاستغفار، والدعاء، وعمل ما يمكن من الخير، اغتناماً للساعات، والتأهب للرحيل.
وكان (سرى) لا ينام إلا غلبةً ودخلوا على (الجنيد) - رحمه الله تعالى - وهو في الموت، وهو يركع ويسجد، فأراد أن يثني رجله في صلاته فما أمكنه لخروج الروح منها. فقال رجل: ما هذا؟ فقال: هذه نعم الله أكبر.
وكان (عامر بن عبد قيس) يصلي كل يوم ألف ركعة، ولقيه رجل، فقال: أكلمك كلمة، فقال: أمسك الشمس (حتى أكلمك).
وقال رجل سأله: (عجل) فإني مبادر. قال: وما الذي تبادر قال: خروج روحي.
وقال (عثمان الباقلاني): أبغض الأشياء إلى وقت إفطاري لأني أشتغل بالأكل عن الذكر.
وكان (داود الطائي) - رحمه الله - يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز. فقيل له في ذلك، فقال: بين أكل الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية.
ودخل قوم على عابد، فقالوا: لعلنا شغلناك. قال: صدقتم، كنت أقرأ فتعتموني.
ومن نظر في شرف العمر اغتنمه. وفي الصحيح: (من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة).
وقال الحسن رحمه الله: الجنة قيعان والملائكة تغرس فربما فتروا، فيقال: مالكم فترتم! فيقولون: فتر صاحبنا. فقال الحسن: أمدوهم رحمكم الله.
شيء، ولو فهموا كانت تسبيحة أصلح. وهذا لا يكون إلا من الغفلة عن الآخرة؛ لأن بتسبيحة واحدة يحصل الثواب على ما ذكرنا. والأحاديث الدنيوية تؤذى ولا تنفع.
كان (أبو موسى الأشعري) - رضي الله عنه - يصوم في الحر، فيقال له: أنت شيخ كبير. فيقول: إني أعده ليوم طويل.
وقيل لعابد: ارفق بنفسك. قال: الرفق أطلب.
جاء بعض رفقاء (سري السقطي) - رحمه الله تعالى - إليه يزوره، فوجد عنده جماعة. فقال: يا سرى! صرت مناخاً للبطالين، ثم ذهب ولم يقعد.
ومن عرف شرف العمر وقيمته لم يفرط في لحظة منه.
فلينظر الشاب في حراسة بضاعته. وليحتفظ الكهل بقدر استطاعته.
وليتزود الشيخ للحاق جماعته. ولينظر الهرم أن يؤخذ من ساعته.
نفعنا الله وإياكم بعلومنا، ولا سلبنا فوائد فهومنا، (ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا، ولا يجعل علمنا حجة علينا)، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.