المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (ابن بابل) الفلم العراقي المعجزة



جــبروت رجــل
22-12-2010, 10:35 AM
http://www.akhbaar.org/images/son_of_babylon_11082010.jpg


لم تجدي في البداية محاولات صديقي واغراءاته المتكررة لاقناعي بالحضور لمشاهدة "فلم عراقي" نفعا على الرغم من كثرتها ومجانيتها "تبرع بثمن التذاكر".. فعبارة "فلم عراقي" تبدو بالنسبة لي غريبة ولاتخلو من طرافة في نفس الوقت فالعراق و"للاسف" ابعد مايكون عن عالم السينما ومتاعب الفن السابع مع انها بطاقة مهمة تبرزها شعوب الارض لتعريف بعضها بالاخر ومرأة اي مجتمع العاكسة لثقافته وعاداته وتفاصيله الدقيقة الخاصة والموثقة لتاريخه بل واصبحت اليوم من اقوى الاسلحة الاعلامية التي تشن بها الدول غزو ثقافي على اعدائها لتحقيق انتصارات"فلمية" لاتستطيع تحقيقها ترسانه نووية كاملة.. ولاعلاقة لامر هذا الابتعاد باحتلال امريكي او وضع امني او احزاب دينية او ظرف خاص يمر به هذا البلد..لا ابدا..فالسينما العراقية ومنذ نعومة اظفارنا "كما يقول اهل المزاج العالي" لم نعتقد بتميزها او حتى بوجودها اصلا مقارنة مع السينما المصرية مثلا او حتى اللبنانية او سينما المغرب العربي "بالرغم من هزالة مستوى صناعة السينما لدى هؤلاء جميعا " واسباب هذا الابتعاد كثيرة نتركها طبعا لاصحاب التخصص.. لكني اذكر ان اخر فلم عراقي شاهدته كان سبب ذلك هو الهروب من قيض اب اللاهب الذي اجتاح تسكعي مع صديقي في شارع السعدون لنلجأ الى سينما اطلس على ما اتذكر كجنود متقهقرة طلبا "للتبريد" وبعد خمس دقائق" طويلة جدا" من متابعتنا لما في الشاشة ولفح الهواء العليل على وجوهنا هجمت علينا الدقيقة السادسة لترحمنا من هذا الموت البطيئ على يد فيصل الياسري وتغطنا في سبات عميق لم يقطعه الا صوت عامل السينما موقظا للخروج وقد علمت فيما بعد ان الخمس دقائق تلك التي شاهدتها من الفلم ما كانت الا بداية ل"عّلة" اسمها بابل حبيبتي تركها يحيى الفخراني وسماح انور على قلوبنا بعد ان "ضربوا" بها الاف الدولارات ب"راس الزواج" ورحلوا الى قاهرة المعز ..والغريب ان بابل كانت القاسم المشترك بين الفلم الذي قطع املي باي سينما عراقية قابله للحياة والفلم الاخير الذي اعاد لي الامل ليس بالسينما فقط بل ب"النوع" العراقي وقدرته على الابداع والنهوض بتعملق من حيث لاتتوقع ابدا . فقد رضخت لالحاح هذا الصديق بعد ان اقسم لي باغلظ الايمان ان وقتنا و"ماله" لن يذهب سدى ولا ادري ان كان تعجبي من ثقته هذه قد" قلّ" حين علمت انها ليست المرة الاولى التي يشاهد فيها هذا الفلم ام انه" زاد" لتكراره هذه المشاهدة؟!!!..عموما لم انتظر كثيرا لجواب سؤالي هذا ..فما ان اطل علينا foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? وجدته ام ابراهيم في المشاهد الاولى للفيلم حتى تيقنت ان هذه الاطلاله ستجعل من يومي استثنائيا بكل معنى الكلمة.. وهو ما تحقق فعلا..تحفة فنية نادرة لايستطيع اي احد تخيلّ قيمتها الا بعد ان يتسّمر على كرسيه ويرحل مع المخرج "الذي لم تنجبه ولاّدة" محمد الدراجي في رحلة ابداع لم تعتدها السينما العراقية او العربية من قبل بل تجاوزتها بمراحل كبيرة لتناطح رأسا برأس اجمل انتاجات السينما العالمية ودليلي على ذلك كمية الجوائز التي حازها هذا الفيلم في اكبر المهرجانات السينمائية الدولية فاقت العشرين"ليس بينها مهرجان عربي واحد"..!!! ومقدار انبهار وثناء النقاد الذي وصل في موقع "موفي اكسكلوسف" الى حد اعتباره كواحد من افضل انتاجات السينما العالمية وجعله النقاد اهم فيلم تناول موضوع العراق الى اليوم و نشرت مجلة "فرايتي" الاميركية السينمائية المتخصصة والاشهر عالميا بقلم احد محرريها تقول في الشاب محمد الدراجي انه "مخرج عظيم صادف ان يولد في الشرق الاوسط"!! بعد ان منحته جائزة افضل مخرج في الشرق الاوسط لعام 2010 ...وقد رشحت الفيلم العديد من مواقع ترشيحات الاوسكار فئة افضل فيلم اجنبي لخطف احدى جوائز الاوسكار او على الاقل ترشيحه من ضمن اخر خمسة افلام ستتنافس لنيل هذه الجائزة في بداية العام القادم بل وصل الامر في بعض مواقع الرهانات على اعتباره "رهان امن" للبقاء ضمن الخمسة افلام الاخيرة المرشحة لنيل الجائزة من بين "65" فلم يشترك بهذه المسابقة تمثل مختلف دول العالم وقد نصح بعض النقاد الجمهور بمشاهدته حتى ولو بقوا في صف انتظار التذاكر لساعات!!!. تصور..كل هذا من اجل فلم عراقي اسمه" ابن بابل" خلت سماءه الصافية من غيوم الرداءة والتطفل على هذا الفن الراقي و ادمت دقائقه التسعين قلبي وقلب العالم فتركته ينزف دموعا غزيرة ركعت لها انسانيتي على الركبتين لترثي...بلدي..وناسي ..ونفسي.

قصة بسيطة تجري احداثها في الاسابيع الاولى التي تلت سقوط ديكتاتور العراق وتتحدث عن رحلة جدة كردية بصحبة حفيدها للبحث عن ابنها وابيه المفقود منذ حرب 1991 لتوثق بهذه الرحلة السينمائية المفعمة بالاحاسيس النبيلة واحدة من اكبر عمليات الابادة للجنس البشري في التاريخ وتصور بدقة غاية في الحرفية طبيعة وقبح مااحدثه البعث في العراق اثناء غفلة العالم او "تغافله" ..رحلة ابتدات من جبال كردستان مر بها الاثنان بجسد العراق الذي يئن من حروق اربعين سنة ليتحسسوا عالما لم يعرفوه من قبل وحياة يحاصرها الموت من كل جانب ..الا انه وبالرغم من كل هذا الالم الذي يتكور في قلبك ليخنقه ويعيد لذاكرتك سنين جنون العبث البعثي تشعر في النهاية ان الفلم قد بعث في روحك امل من نوع غريب لايخلق الا من بطون اليأس لتصبح رسالة الفلم بمجملها عبارة عن ضوء من الامل قد ينير على قلتهّ بقعة ما نستطيع ان نبدأ بها رحلة الغفران..كل من في الفلم تعلق بهذا النزر اليسير من الامل رافضا تركه..الجدة واملها في ايجاد ابنها الراحل منذ سنين..والحفيد وامله برؤية جنائن بابل المعلقة..و شخصية موسى الذي يامل بفرصة اخيرة للمغفرة..ومحمد الدراجي وامله بسينما عراقية توصل ملايين القصص التي في صدور اهل العراق الى العالم..وحتى انا الجمهور الغارق با حزانه في الصالة المعتمة واملي بان يفهم العراقيين الغاية من الوجود لا الغاية من الفناء.!!!

"ابن بابل" فلم معجزة بكل المقاييس سلط الضوء على مدى التجاهل الخاطئ لاهمية السينما ودور الفن عموما في حياة الشعوب وانار عتمة الرقاد الطويل الامد للابداع الفني العراقي المضطهد بدون وجه حق ومن الاجحاف والظلم الكبير ان يدور هذا المخرج المليئ بالحيوية والاخلاص لقضايا بلده على شركات انتاج عربية واجنبية ليجمع ميزانية هذا الفلم الذي اشتركت في انتاجه اكثر من ستة او سبعة دول دون ان يكون العراق واحدا منها!!!.. وهو مايحّز في القلب فعلا ويطرح تساؤل مرير عن دور وزارة الثقافة ودور وزيرها ماهر الحديثي والذي تقطعت اقدام الدراجي وهو يلف ويدور على دوائرها طالبا دعم انتاج هذا الفلم ليرى النور دون جدوى فهل رأت هذه الوزارة وخبرائها "المّعتقين" ان الفلم سيكون تجربة خاسرة ماديا لاتستحق المجازفة مثلا ام انهم لا يعتقدون بجدوى هذا الفيلم لخدمة قضايا العراق التي قد ينظر لها دكتور وزارة الثقافة من زاوية مختلفة عن نظرة بقية العراقيين والعالم !!!! ....وهي اعذار كافرة بكل المقاييس المنطقية فهذا الفيلم عرض ولا زال يعرض في عشرات الدول وطلبات عرضه تزداد كل يوم نظرا للنجاحات المذهلة التي يحققها في كل المهرجانات التي شارك فيها على مستوى الجمهور او النقاد وميزانيته التي تعدت المليون دولار بقليل كما قرأت هي ميزانية بسيطة في منظور الانتاج السينمائي الخاص فكيف بجهة منتجة تمثل دولة مثل وزارة الثقافة العراقية؟!!.. ثم ان متوقع ايرادات هذا الفلم ستكون مذهلة خصوصا بعد ان يتم اطلاقه سينمائيا بشكل كامل وبعد ذلك على نسخ الاقراص المدمجة والتي ستكون كما اعتقد بعد الانتهاء من مهرجان الاوسكار القادم لضمان اكثر ايرادات ممكنه فعلى اي اساس اعتمد اهل القرار في هذه الوزارة تجاهلهم مشروع فيلم الدراجي ذو الجدوى الاقتصادية الكبيرة اولا والسياسية التي تخدم قضية العراق دوليا ثانيا فهل فعل وزيرة الثقافة ووزراته طيلة السنين الاربع الماضية من عمرها ربع ما فعله محمد الدراجي بفيلمه هذا في ايصال صوت مظلومي العراق و ما جرى عليه من ويلات الحكم البعثي وتكريم وتقديم لضحايا المقابر الجماعية المسكوت عنهم للعالم اجمع والذي جعل منظمة العفو الدولية تقترح جعله رسميا من الوثائق المؤرخة لمرحلة حكم صدام حسين؟.. واي نوع من الثقافة التي يترأس وزارتها الدكتور الحديثي الذي لم نشهد طيلة سنين توزيره اي مشهد او انجاز او مهرجان ثقافي محترم "يحلل" راتبه ورواتب موظفيه "التنابلة" ..؟!!!..عموما فأن موضوع الدعم المطلوب للاعلام العراقي من قبل الحكومة القادمة امر يجب ان يكون في قائمة اولوياتها وخصوصا دعم االانتاج السينمائي العراقي الذي اثبتت كفائاته الشابة القادمة انها على مستوى كبير من الرقي والحرفية وتحّمل المسؤولية وفوق كل ذلك تمكنها من عملها بشكل كبير وكل ما تحتاجه هو الدعم المادي الذي لايمكن تطوير هذا المجال الحيوي والمهم لمواجهة الهجمة الاعلامية الشرسة التي يتعرض لها العراق منذ سنين بدونه وحتى يتخلص ايضا هؤلاء المبدعين الشباب من "ذلةّ" الحاجة للاخرين والتحكم بمواهبهم واستغلالها كما يحدث للكثير منهم اليوم في الدول العربية انها دعوة للسيد رئيس الوزراء الذي القى كلمة اشادة في هذا الفيلم ان يتم الالتفات الى هذه المواهب العراقية الرائعة التي تتحرق شوقا لخدمة بلدها اذا ما توفر لها الدعم والامكانيات..وهي لازالت تنتظر .. ولكن تهافت العالم على مثل هذه المواهب يؤكد ان انتظارها لقرار حكومة بلدها باحتضانها لن يكون طويلا في عالم يبحث فيه الجميع عن انصاف المواهب لتطويرها والاستفادة منها بينما يقف فيه مبدعينا على ابواب الوزارت في انتظار "غودو"!!!.

أعداد
أ. foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? سالم الساعدي

ابو الليث الليثي
22-12-2010, 03:26 PM
لابد للعراق ان ينهض من جديد
ليس هذه هي الكبوه الاولى ولكنه
ينهض اقوى مما كان
تقبل مروري

ام فيصل
25-12-2010, 05:07 AM
نسأل الله ان يمن على العراق بالأمن والأمان
وان يعود الى الركب من جديد بنتاجاته السينمائية الرائعة دوما

كل الشكر لك عزيزي على هذا الموضوع
ولك اطيب تحياتي