عامر الكربلائي
16-12-2010, 12:34 PM
بسم الله الحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
يوم خسفت في الشمس وبكته السماء بقطر الدم وناحت عليه الوحوش في الفلاء
يوم فيه كادت أن تنطبق السماء على الأرض ويفنى من دبت فيه الحياة لأن الولي الذي به يدار الوجود قد خر صريعا فاختل نظامه
ولولا وجود حجة يمسك بزمام الأمور من بعده لساخت الأرض بأهلها
نعم إنه يوم إهتز لعظمة الحدث الذي وقع فيه عرش الرحمن وحزن لأجله الحور في الجنان
يوم ليس كمثله يوم
إنه يوم عاشوراء الذي فجع فيه الكون بذبح سبط خير الخلق وسيد الأكوان كما يذبح الكبش ويزيد عليه أنه ظمآن
نعم أيها المؤمنون في هذه اللحظات الحزينة والساعات الكئيبة على قلوبكم المفتجعة لاستشهاد حبيب الله وحبيب رسوله وشبل علي والزهراء
سأرحل بكم إلى أرض كربلاء لنرى ببصيرتنا عظم الجريمة التي حلت بالحسين ومن معه من أهل وأصحاب على أيدي عصابة مجرمة باعت الدين بالدنيا بعد أن ملأت بطنها من الحرام
وقبل أن نصل إلى هناك
أتقدم بعظيم العزاء إلى مقام مولاي قائم آل محمد والآخذ بثأر الحسين ممن تجرأوا عليه ببذيء الكلام وقبلوا بأعمال أسلافهم اللئام وأبدوا الشماتة بإقامة الأعياد والصيام شكرا وفرحا وسرورا للظلم الذي وقع على الآل الكرام
كما أتقدم بالعزاء إلى كل من تفطر قلبه ألما وحزنا لهذا المصاب من علماء أعلام وأفاضل كرام وأحرار أبوا العيش تحت تسلط الظلم والطغيان مقتدين في ثوراتهم بثورة أبو الأحرار عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
كما أتقدم بالعزاء لكل من وقف على حروفي وتمعن في كلماتي وأصب الدمع حزنا على إمامه وإمامي من أعضاء كرام أو زوار أخيار
لقد أبى القلم في هذا اليوم إلا أن يواسي من خضب شيب لحيته بدماء نحره فاختار مدادا أحمرا ليسطر به حروف الولاء
فالخطب عظيم والمصيبة كبرى أفزعت كل من في الوجود إنسانا كان أو حيوانا أو نباتا أو جمادا فالكل في هذا اليوم ينزف دما عبيطا
الشمس احمر قرصها والقمر خفت نوره والرياح أبدت السواد في هبوبها والأحجار سالت الدماء من محاجرها والوحوش تخلت عن اللحاق بفرائسها
والوجود بأسره محزون
وحيث أن قلمي جزء من هذا الوجود كان له موقف في هذا اليوم
في البدء أبى أن يسطر حرفا واحدا وبعد إلحاح قبل بشرط أن يملأ بمداد أحمر كحمرة الدم المراق على أرض الخلود
تم له ما أراد وبدأت به أسطر تلك الملحة الخالدة ليوم مشهود
نعم أرض كربلاء في هذا اليوم تستقبل أجسادا طاهرة تتشرف بهم ليطيب ترابها ويكون له أثرا على النفوس
أبت هذه الأرض إلا أن تستضيف تلك الجثث الطواهر على ترابها لثلاثة أيام قبل أن يستتروا بداخلها
لكي تعبق بشذى عطرهم الفواح لينتشر في أجوائها جاذبا لملائكة الله وأنبيائه ورسله والأولياء والصالحين
لتكون مهوى لكل طاهر وملتقى كل مؤمن يتوق إلى ريح الشهادة وعبق السعادة والتجارة الرابحة مع الخالق العظيم
نعم أحداث هذا اليوم قد تطرقت إليها في عدة مواضيع واليوم ارتأيت أن أتوقف فقط لانفراد جحافل الظلم بسيد الشهداء ليردوه على الأرض صريعا ومن ثم يحتزوا رأسه ظمآنا حزينا
بعد أن استشهد أبي الفضل العباس عليه السلام بقي الحسين وحيدا فريدا لا ناصرا ولا معينا محاطا بعصابة لا تعرف لله ذمة ولا لرسوله حرمة باعت النعيم بالجحيم والجنة بالنار فاستحقت الخزي والعار
فعزم على لقائهم بمهجته الطاهرة وقلبه المنفطر
فلما رأت أخته زينب عليها السلام عزمه على الموت جاءته بولده الرضيع ليودعه فأخذه معه إلى وسط الميدان طالبا له قليلا من الماء وإذا بسهم قد وقع في نحره وذبحه على يدي والده فعاد به مذبوحا إلى الخيام
ثم عاد إلى ساحة الوغى وأخذ يقاتل الأعداء ففروا من بين يديه وتكاثرت القتلى في صفوفهم فافترقوا عليه أربعة فرق
فرقة بالسيوف وفرقة بالرماح وفرقة بالحجارة وفرقة بالخشب فصبر عليهم وغاص في أوساطهم وخرج من اعراضهم فذكرهم بصولات أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ثم مال على الميسرة وهو يرتجز أنا الحسين بن علي آليت أن لا أنثني أحمي عيالات أبي أمضي على دين النبي
وحمل على الميسرة وهو يقول الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار والله من هذا وهذا جار
فاخل صفوفهم وزعزع كتائبهم حتى لم يروا حيلة يتمكنوا فيها من تنظيم صفوفهم إلا أن يهجموا على النساء ليشغلوه عن الحرب فلما رأى المخدرات قد خرجن من الخيام فزعات عاد إليهم وسكن روعتهم وصبرهم فخرج إليه ابنه الإمام زين العابدين متوكئا على عصاه بيد وحاملا سيفا بيد أخرى فلما رآه الحسين أمر أخته زينب بإرجاعه حتى لا تخلوا الأرض من حجة
ثم ودع النساء ثانية وخرج إلى ميدان الحرب ووجه وجهته نحو الفرات فكشفهم عن المشرعة ونزل الفرات ومديده ليشرب من مائه وإذا بصوت يقول يا حسين أتلتذ بالماء وقد هتكت حريمك فذب الماء وعاد إلى الخيام فوجدها سالمة ثم ودع العائلة الوداع الأخير وانفرد بزينب عليها السلام وأمرها بالصبر ولبس الأزر ثم انفرد بابنته سكينة وصبرها ثم مسح على رأسها بطلب منها وهو يقول سيطول بعدي يا سكينة فاصبري منك البكاء إذا الحمام دهاني لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة ما دام مني الرأس في جثماني فإذا قضيت فأنت أولى بالذي تأتينه يا خيرة النسوان
وبعدها انفرد بابنه الإمام زين العابدين وسلمه مواريث الأنبياء والمرسلين وأوصاه بالعائلة ثم عاد إلى ميدان الوغى وقاتل قتال المستميت فلما أن أجهده العطش وقف ليستريح فأتاه حجر أبي الحتوف عليه لعائن الله فشج جبينه وسالت الدماء فرفع ثوبه ليمسح الدم فبان للأعداء بياض صدر فسدد حرملة لعنة الله عليه سهما ذي ثلاث شعب ورماه ناحيته ليقع على قلبه ويخترق خرز ظهره فحاول أن يستخرجه ما تمكن فانحنى على قربوص الجواد واستخرجه بثلثي كبده فسالت الدماء كالميزاب فخضب بها شيبته وهو يقول هكذا ألقى الله وجدي رسول الله واما مخضوب بدمي وأشكو ما حل بي
فضعف عن القتال لكثرة الدماء النازفة من موضع السهم فأخذ يترنح على ظهر الجواد فأحس الجواد بذلك فاراد أن ينزل صاحبه بسلام إلا أن الحسين سقط من على ظهر الجواد إلى الأرض صريعا وعمل له وسادة من التراب وبقي على حالته التي تفطر القلوب لثلاث ساعات يجبن القوم من الوصول إليه وهو صريعا
وأما ما كان من أمر الجواد فإنه لما أن سقط الحسين من على ظهره أخذ يمرغ ناصيته من دمه وهو يصهل صهيلا عاليا قال الإمام الباقر عليه السلام كان يقول الظليمة الظليمة من أمة قد قتلت ابن بنت نبيها وقصد الخيام بهذا الصوت فلما رأت النساء جوادك مخزيا ونظرت سرجك عليه ملويا برزن من الخدور
ناشرات الشعور على الخدود لاطمات وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات وإلى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك مولع سيفه على نحرك قابض على شيبتك بيده ذابح لك بمهنده قد سكنت حواسك وخفيت أنفاسك ورفع على القنا رأسك وسبي نساؤك كالعبيد وصفدوا بالحديد فوق أقتاب المطايا تلفح وجوههم حر الهاجرات
نعم لقد أفجع الشمر عليه لعائن الله قلب الحوراء وقلوب اليتامى والنساء بل أفجع الوجود بأسره حينما أقبل إلى مصرع الحسين رافسا له برجله وصاعدا بنعليه على صدره وقابضا على شيبته وومكنا السيف في نحره حتى احتز رأسه ورفعه على رمح طويل وكبر وقد قتل بذلك التهليل والتكبير فالظلم الكون وهبت رياح سوداء وكادت الأرض أن تسيخ بأهلها لولا وجود الإمام السجاد عليه السلام وبعد هذه الفجيعة أمر اللعين بن سعد أن يرض صدر الحسين فطحنت أضلاعه تحت حوافر الخيل ومن ثم أمر بإحراق الخيام فأضمرت فيها النيران وروعت بذلك النساء والأطفال وهاموا في العراء على وجوههم حتى سحقت الخيل بعض الأطفال تحت حوافرها وسلبت من البنيات حللها
فضجت الأرض بالبكاء حيث لم يرفع حجر في ذلك اليوم إلا ووجد تحته دم عبيط وأرعدت السماء وبكت في ذلك اليوم دما ليكون سيلا أحمرا غير لون الأرض
فإنا لله وإنا إليه راجعون
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
يوم خسفت في الشمس وبكته السماء بقطر الدم وناحت عليه الوحوش في الفلاء
يوم فيه كادت أن تنطبق السماء على الأرض ويفنى من دبت فيه الحياة لأن الولي الذي به يدار الوجود قد خر صريعا فاختل نظامه
ولولا وجود حجة يمسك بزمام الأمور من بعده لساخت الأرض بأهلها
نعم إنه يوم إهتز لعظمة الحدث الذي وقع فيه عرش الرحمن وحزن لأجله الحور في الجنان
يوم ليس كمثله يوم
إنه يوم عاشوراء الذي فجع فيه الكون بذبح سبط خير الخلق وسيد الأكوان كما يذبح الكبش ويزيد عليه أنه ظمآن
نعم أيها المؤمنون في هذه اللحظات الحزينة والساعات الكئيبة على قلوبكم المفتجعة لاستشهاد حبيب الله وحبيب رسوله وشبل علي والزهراء
سأرحل بكم إلى أرض كربلاء لنرى ببصيرتنا عظم الجريمة التي حلت بالحسين ومن معه من أهل وأصحاب على أيدي عصابة مجرمة باعت الدين بالدنيا بعد أن ملأت بطنها من الحرام
وقبل أن نصل إلى هناك
أتقدم بعظيم العزاء إلى مقام مولاي قائم آل محمد والآخذ بثأر الحسين ممن تجرأوا عليه ببذيء الكلام وقبلوا بأعمال أسلافهم اللئام وأبدوا الشماتة بإقامة الأعياد والصيام شكرا وفرحا وسرورا للظلم الذي وقع على الآل الكرام
كما أتقدم بالعزاء إلى كل من تفطر قلبه ألما وحزنا لهذا المصاب من علماء أعلام وأفاضل كرام وأحرار أبوا العيش تحت تسلط الظلم والطغيان مقتدين في ثوراتهم بثورة أبو الأحرار عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
كما أتقدم بالعزاء لكل من وقف على حروفي وتمعن في كلماتي وأصب الدمع حزنا على إمامه وإمامي من أعضاء كرام أو زوار أخيار
لقد أبى القلم في هذا اليوم إلا أن يواسي من خضب شيب لحيته بدماء نحره فاختار مدادا أحمرا ليسطر به حروف الولاء
فالخطب عظيم والمصيبة كبرى أفزعت كل من في الوجود إنسانا كان أو حيوانا أو نباتا أو جمادا فالكل في هذا اليوم ينزف دما عبيطا
الشمس احمر قرصها والقمر خفت نوره والرياح أبدت السواد في هبوبها والأحجار سالت الدماء من محاجرها والوحوش تخلت عن اللحاق بفرائسها
والوجود بأسره محزون
وحيث أن قلمي جزء من هذا الوجود كان له موقف في هذا اليوم
في البدء أبى أن يسطر حرفا واحدا وبعد إلحاح قبل بشرط أن يملأ بمداد أحمر كحمرة الدم المراق على أرض الخلود
تم له ما أراد وبدأت به أسطر تلك الملحة الخالدة ليوم مشهود
نعم أرض كربلاء في هذا اليوم تستقبل أجسادا طاهرة تتشرف بهم ليطيب ترابها ويكون له أثرا على النفوس
أبت هذه الأرض إلا أن تستضيف تلك الجثث الطواهر على ترابها لثلاثة أيام قبل أن يستتروا بداخلها
لكي تعبق بشذى عطرهم الفواح لينتشر في أجوائها جاذبا لملائكة الله وأنبيائه ورسله والأولياء والصالحين
لتكون مهوى لكل طاهر وملتقى كل مؤمن يتوق إلى ريح الشهادة وعبق السعادة والتجارة الرابحة مع الخالق العظيم
نعم أحداث هذا اليوم قد تطرقت إليها في عدة مواضيع واليوم ارتأيت أن أتوقف فقط لانفراد جحافل الظلم بسيد الشهداء ليردوه على الأرض صريعا ومن ثم يحتزوا رأسه ظمآنا حزينا
بعد أن استشهد أبي الفضل العباس عليه السلام بقي الحسين وحيدا فريدا لا ناصرا ولا معينا محاطا بعصابة لا تعرف لله ذمة ولا لرسوله حرمة باعت النعيم بالجحيم والجنة بالنار فاستحقت الخزي والعار
فعزم على لقائهم بمهجته الطاهرة وقلبه المنفطر
فلما رأت أخته زينب عليها السلام عزمه على الموت جاءته بولده الرضيع ليودعه فأخذه معه إلى وسط الميدان طالبا له قليلا من الماء وإذا بسهم قد وقع في نحره وذبحه على يدي والده فعاد به مذبوحا إلى الخيام
ثم عاد إلى ساحة الوغى وأخذ يقاتل الأعداء ففروا من بين يديه وتكاثرت القتلى في صفوفهم فافترقوا عليه أربعة فرق
فرقة بالسيوف وفرقة بالرماح وفرقة بالحجارة وفرقة بالخشب فصبر عليهم وغاص في أوساطهم وخرج من اعراضهم فذكرهم بصولات أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ثم مال على الميسرة وهو يرتجز أنا الحسين بن علي آليت أن لا أنثني أحمي عيالات أبي أمضي على دين النبي
وحمل على الميسرة وهو يقول الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار والله من هذا وهذا جار
فاخل صفوفهم وزعزع كتائبهم حتى لم يروا حيلة يتمكنوا فيها من تنظيم صفوفهم إلا أن يهجموا على النساء ليشغلوه عن الحرب فلما رأى المخدرات قد خرجن من الخيام فزعات عاد إليهم وسكن روعتهم وصبرهم فخرج إليه ابنه الإمام زين العابدين متوكئا على عصاه بيد وحاملا سيفا بيد أخرى فلما رآه الحسين أمر أخته زينب بإرجاعه حتى لا تخلوا الأرض من حجة
ثم ودع النساء ثانية وخرج إلى ميدان الحرب ووجه وجهته نحو الفرات فكشفهم عن المشرعة ونزل الفرات ومديده ليشرب من مائه وإذا بصوت يقول يا حسين أتلتذ بالماء وقد هتكت حريمك فذب الماء وعاد إلى الخيام فوجدها سالمة ثم ودع العائلة الوداع الأخير وانفرد بزينب عليها السلام وأمرها بالصبر ولبس الأزر ثم انفرد بابنته سكينة وصبرها ثم مسح على رأسها بطلب منها وهو يقول سيطول بعدي يا سكينة فاصبري منك البكاء إذا الحمام دهاني لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة ما دام مني الرأس في جثماني فإذا قضيت فأنت أولى بالذي تأتينه يا خيرة النسوان
وبعدها انفرد بابنه الإمام زين العابدين وسلمه مواريث الأنبياء والمرسلين وأوصاه بالعائلة ثم عاد إلى ميدان الوغى وقاتل قتال المستميت فلما أن أجهده العطش وقف ليستريح فأتاه حجر أبي الحتوف عليه لعائن الله فشج جبينه وسالت الدماء فرفع ثوبه ليمسح الدم فبان للأعداء بياض صدر فسدد حرملة لعنة الله عليه سهما ذي ثلاث شعب ورماه ناحيته ليقع على قلبه ويخترق خرز ظهره فحاول أن يستخرجه ما تمكن فانحنى على قربوص الجواد واستخرجه بثلثي كبده فسالت الدماء كالميزاب فخضب بها شيبته وهو يقول هكذا ألقى الله وجدي رسول الله واما مخضوب بدمي وأشكو ما حل بي
فضعف عن القتال لكثرة الدماء النازفة من موضع السهم فأخذ يترنح على ظهر الجواد فأحس الجواد بذلك فاراد أن ينزل صاحبه بسلام إلا أن الحسين سقط من على ظهر الجواد إلى الأرض صريعا وعمل له وسادة من التراب وبقي على حالته التي تفطر القلوب لثلاث ساعات يجبن القوم من الوصول إليه وهو صريعا
وأما ما كان من أمر الجواد فإنه لما أن سقط الحسين من على ظهره أخذ يمرغ ناصيته من دمه وهو يصهل صهيلا عاليا قال الإمام الباقر عليه السلام كان يقول الظليمة الظليمة من أمة قد قتلت ابن بنت نبيها وقصد الخيام بهذا الصوت فلما رأت النساء جوادك مخزيا ونظرت سرجك عليه ملويا برزن من الخدور
ناشرات الشعور على الخدود لاطمات وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات وإلى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك مولع سيفه على نحرك قابض على شيبتك بيده ذابح لك بمهنده قد سكنت حواسك وخفيت أنفاسك ورفع على القنا رأسك وسبي نساؤك كالعبيد وصفدوا بالحديد فوق أقتاب المطايا تلفح وجوههم حر الهاجرات
نعم لقد أفجع الشمر عليه لعائن الله قلب الحوراء وقلوب اليتامى والنساء بل أفجع الوجود بأسره حينما أقبل إلى مصرع الحسين رافسا له برجله وصاعدا بنعليه على صدره وقابضا على شيبته وومكنا السيف في نحره حتى احتز رأسه ورفعه على رمح طويل وكبر وقد قتل بذلك التهليل والتكبير فالظلم الكون وهبت رياح سوداء وكادت الأرض أن تسيخ بأهلها لولا وجود الإمام السجاد عليه السلام وبعد هذه الفجيعة أمر اللعين بن سعد أن يرض صدر الحسين فطحنت أضلاعه تحت حوافر الخيل ومن ثم أمر بإحراق الخيام فأضمرت فيها النيران وروعت بذلك النساء والأطفال وهاموا في العراء على وجوههم حتى سحقت الخيل بعض الأطفال تحت حوافرها وسلبت من البنيات حللها
فضجت الأرض بالبكاء حيث لم يرفع حجر في ذلك اليوم إلا ووجد تحته دم عبيط وأرعدت السماء وبكت في ذلك اليوم دما ليكون سيلا أحمرا غير لون الأرض
فإنا لله وإنا إليه راجعون