حسن هادي العراقي
04-12-2010, 06:40 PM
راق لي ان انقل لكم احد كتابات الاعلامي سعدون محسن ضمد
(1)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي:
أسمع يا عزيزي.. في داخل كل منا طفل أو مراهق متمرد، وهذا المراهق لا يجوز حبسه دائماً، يجب علينا بين الوقت والآخر أن نتركه يمارس بعضاً من صبيانياته، يقترف أخطائه، وإلا انفجر داخلنا في لحظة غضب وحولنا لأشلاء بلا ملامح.
(2)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي:
مشكلتنا مع السماء أننا أذلائها، تاريخنا معها مكتوب بالعبودية، لم نفكر مرة بأن نعكس الأدوار، نصبح آلهة (مثلا)، آلهة بلا سقف تعبده ولا مزارات تتمسح بها، آلهة بلا معابد ولا نذور...
لسنا أسياداً ولذلك تغرقنا السماء بالأباطيل،جرب مرة يا عزيزي ـ قالت جمانه ـ جرب أن تلعن السماء، وسترى حينها لأي مدى تصبح قامتك عالية، وظهرك غير قابل للانـحناء، وجبينك بعيد جداً عن ملامسة الأرض.
(3)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
إن الحد الفاصل بين السماء والأرض لا يوجد إلا عند أولئك الذين امتلأت قلوبهم بالغرور وعقولهم بالإجابات الجاهزة على كل شيء، ومثلُ هؤلاء (السعداء) لا يدركون أي معجزة صنعها الإنسان وهو يجسِّد خيالاته سارداً حكاية الآلهة، الآلهة الذين أحكموا خيانتهم فيما بعد، وأتقنوا فخاً نصبوه له، ثم استدرجوه لسقطته المميتة يوم حولوه من راوي إلى رواية ومن متحكم إلى محكوم عليه بالخسارة الأبدية.
(4)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
الرغبات يا عزيزي أشبه شيء بالشياطين، فإذا أغلقت عليها الباب فرَّت من النوافذ، وإذا أحكمت عليها النوافذ حفرت لها منفذا صغيراً في أضعف نقطة بجدار صبرك.
الأسلم لك إذن أن تعلمها التسلل إلى الخارج من دون إحداث جلبة أو إيذاء أحد.
(5)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
هل تحسب حقاً أن الرب مشغول بالتلصص على الناس؟ وأنه غاضب (مثلاً) من مراهقين اثنين يسرقان أول قبلة لهما في منعطف نائم وسط حارة معتمة؟
هل تعتقد ذلك حقاً؟ إذن فاعلم أنك تُلبِسُ الرب قناعاً شيطانياً رخيصاً جداً.
(6)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
أنت بريئ من ذنوبك براءة الذئب من دم الخراف التي يسرقها من الرعاة، لأنه لم يختر أن يكون ذئباً، هل تعتقد بأن الذئب لو خير بين مصير الراعي ومصير الذئب سيختار مصير الحيوان بديلاً عن مصير الإنسان؟ بالتأكيد لا، لأن الإنسان يستطيع أن يأكل كل الخراف ولا يكون مذنباً، بينما الذئب يكون كذلك فقط لمجرد افتراسه خروفاً واحداً يريد أن يسد به جوعه..
(7)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
لا تواجه الفلسفة الإلهية يوماً، سواء وأنت تكتب أو حتى تفكر، لأنها فلسفة (ترقيعية)، هي تُرقع الوعي البشري ولا تنقذه من مأزقه. دائماً تُرقع الثقوب التي يفتحها الوعي المتمرد ولا تدرسها، لديها باستمرار رُقَع جاهزة من مسلماتها الغائمة ومقولاتها الضبابية وهي دائماً على استعداد (للطشها) فوق أي ثقب تصنعه علامة استفهام جادة ومرعبة..
باختصار: إذا أردت أن تكون ثرثاراً بائساً فناقش هذه الفلسفة.
(8)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي:
خلال تاريخ الإنسانية الهائل، تراكمت معارف كثيرة، إلا معرفة الله وحدها التي تأبى أن تتراكم، هي وحدها العصية على النمو.
هل تعرف ما يقتلني يا عزيزي؟ ما يقتلني هو شلالات الدم التي انهمرت خلال الحروب التي اندلعت في صراعنا ونحن نبحث عن المطلق أو ندافع عنه أو نتقرب منه، ورغم كل هذه الشلالات إلا أننا لم نتقدم ولا خطوة واحدة على صعيد معرفته، الأمر الذي يجعلني أشك بمدى اكتراثه بالتعرف إلينا.
(9)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي: من يصنع المصير؟
هذا السؤال طرحته على نفسي أول مرة وأنا أبكي كما الطفلة التائهة، حدث ذلك يوم شاهدت صبيا مشلولا يراقب بحزن بالغ مجموعة من الصغار وهم يتقافزون أمامه كما الغزلان، يا إلهي لكم تمنيت لو أحمله وأهرب به بعيدا عن هذا المصير الكريه. لكم تمنيت لو أعيده للرحم الذي أُخرج منه قسراً. ومنذ ذلك اليوم وأنا اطرح على نفسي ذات السؤال كلما وقفت مبهوتة عند مأساة مذيلة بتوقيع الفاعل المجهول.
(10)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي:
هل تدري أين تتناقض النبوة؟
هي تفعل ذلك عندما تريد إبقاء المطلق منزها عن كل احتواء، ثم تسعى لاحتواء أفكاره ونقلها للبشر، وهي إذاك كمن يدعي القدرة على احتواء ماء المحيط بقدح صغير، والحقيقة أن قدح النبوة لم يحمل لنا في جوفه إلا بضع قطرات تحدثت عن رجل وامرأة تخاصما من أجل تفاحة وعوقبا بسبب نزوة عابرة...
هل فهمت المغزى يا عزيزي؟
منقولة
للاعلامي والكاتب
سعدون محسن ضمد
(1)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي:
أسمع يا عزيزي.. في داخل كل منا طفل أو مراهق متمرد، وهذا المراهق لا يجوز حبسه دائماً، يجب علينا بين الوقت والآخر أن نتركه يمارس بعضاً من صبيانياته، يقترف أخطائه، وإلا انفجر داخلنا في لحظة غضب وحولنا لأشلاء بلا ملامح.
(2)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي:
مشكلتنا مع السماء أننا أذلائها، تاريخنا معها مكتوب بالعبودية، لم نفكر مرة بأن نعكس الأدوار، نصبح آلهة (مثلا)، آلهة بلا سقف تعبده ولا مزارات تتمسح بها، آلهة بلا معابد ولا نذور...
لسنا أسياداً ولذلك تغرقنا السماء بالأباطيل،جرب مرة يا عزيزي ـ قالت جمانه ـ جرب أن تلعن السماء، وسترى حينها لأي مدى تصبح قامتك عالية، وظهرك غير قابل للانـحناء، وجبينك بعيد جداً عن ملامسة الأرض.
(3)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
إن الحد الفاصل بين السماء والأرض لا يوجد إلا عند أولئك الذين امتلأت قلوبهم بالغرور وعقولهم بالإجابات الجاهزة على كل شيء، ومثلُ هؤلاء (السعداء) لا يدركون أي معجزة صنعها الإنسان وهو يجسِّد خيالاته سارداً حكاية الآلهة، الآلهة الذين أحكموا خيانتهم فيما بعد، وأتقنوا فخاً نصبوه له، ثم استدرجوه لسقطته المميتة يوم حولوه من راوي إلى رواية ومن متحكم إلى محكوم عليه بالخسارة الأبدية.
(4)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
الرغبات يا عزيزي أشبه شيء بالشياطين، فإذا أغلقت عليها الباب فرَّت من النوافذ، وإذا أحكمت عليها النوافذ حفرت لها منفذا صغيراً في أضعف نقطة بجدار صبرك.
الأسلم لك إذن أن تعلمها التسلل إلى الخارج من دون إحداث جلبة أو إيذاء أحد.
(5)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
هل تحسب حقاً أن الرب مشغول بالتلصص على الناس؟ وأنه غاضب (مثلاً) من مراهقين اثنين يسرقان أول قبلة لهما في منعطف نائم وسط حارة معتمة؟
هل تعتقد ذلك حقاً؟ إذن فاعلم أنك تُلبِسُ الرب قناعاً شيطانياً رخيصاً جداً.
(6)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
أنت بريئ من ذنوبك براءة الذئب من دم الخراف التي يسرقها من الرعاة، لأنه لم يختر أن يكون ذئباً، هل تعتقد بأن الذئب لو خير بين مصير الراعي ومصير الذئب سيختار مصير الحيوان بديلاً عن مصير الإنسان؟ بالتأكيد لا، لأن الإنسان يستطيع أن يأكل كل الخراف ولا يكون مذنباً، بينما الذئب يكون كذلك فقط لمجرد افتراسه خروفاً واحداً يريد أن يسد به جوعه..
(7)
هذا ما قالته لي جمانه.. قالت لي:
لا تواجه الفلسفة الإلهية يوماً، سواء وأنت تكتب أو حتى تفكر، لأنها فلسفة (ترقيعية)، هي تُرقع الوعي البشري ولا تنقذه من مأزقه. دائماً تُرقع الثقوب التي يفتحها الوعي المتمرد ولا تدرسها، لديها باستمرار رُقَع جاهزة من مسلماتها الغائمة ومقولاتها الضبابية وهي دائماً على استعداد (للطشها) فوق أي ثقب تصنعه علامة استفهام جادة ومرعبة..
باختصار: إذا أردت أن تكون ثرثاراً بائساً فناقش هذه الفلسفة.
(8)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي:
خلال تاريخ الإنسانية الهائل، تراكمت معارف كثيرة، إلا معرفة الله وحدها التي تأبى أن تتراكم، هي وحدها العصية على النمو.
هل تعرف ما يقتلني يا عزيزي؟ ما يقتلني هو شلالات الدم التي انهمرت خلال الحروب التي اندلعت في صراعنا ونحن نبحث عن المطلق أو ندافع عنه أو نتقرب منه، ورغم كل هذه الشلالات إلا أننا لم نتقدم ولا خطوة واحدة على صعيد معرفته، الأمر الذي يجعلني أشك بمدى اكتراثه بالتعرف إلينا.
(9)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي: من يصنع المصير؟
هذا السؤال طرحته على نفسي أول مرة وأنا أبكي كما الطفلة التائهة، حدث ذلك يوم شاهدت صبيا مشلولا يراقب بحزن بالغ مجموعة من الصغار وهم يتقافزون أمامه كما الغزلان، يا إلهي لكم تمنيت لو أحمله وأهرب به بعيدا عن هذا المصير الكريه. لكم تمنيت لو أعيده للرحم الذي أُخرج منه قسراً. ومنذ ذلك اليوم وأنا اطرح على نفسي ذات السؤال كلما وقفت مبهوتة عند مأساة مذيلة بتوقيع الفاعل المجهول.
(10)
هذا ما قالته لي جمانة.. قالت لي:
هل تدري أين تتناقض النبوة؟
هي تفعل ذلك عندما تريد إبقاء المطلق منزها عن كل احتواء، ثم تسعى لاحتواء أفكاره ونقلها للبشر، وهي إذاك كمن يدعي القدرة على احتواء ماء المحيط بقدح صغير، والحقيقة أن قدح النبوة لم يحمل لنا في جوفه إلا بضع قطرات تحدثت عن رجل وامرأة تخاصما من أجل تفاحة وعوقبا بسبب نزوة عابرة...
هل فهمت المغزى يا عزيزي؟
منقولة
للاعلامي والكاتب
سعدون محسن ضمد