فلسطين العراق واحد
04-03-2007, 04:57 PM
<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p> </o:p>
يتسائلُوُن كيفَ يتُوبُون<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
الكثِيِرُ مِن أهلِ المعاصِي و الكبائِر غلبت عليهِم شِقوتُهُم وسقطتَ تِلكَ الهِممُ العالِيةِ<o:p></o:p>
والقاماتُ الشامِخةُ, سقطت ومُرغَت تحتَ أرجُلِ<o:p></o:p>
ذنبٍ ومعصِيةٍ اعتادُوا عليهَا وأدمنُوُهَا, تلذذوا بحلاوةِ جُرمِهَا وزينَ لهمُ الشيطانُ <o:p></o:p>
قُبحهَا وحقارتُهَا.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
فعمِيتُ الأبصارُ والبصِيِرةُ وما كان مِنهُم إلا أن تمادوا وذهبُوا إلي أبعدِ الحدُوُدِ<o:p></o:p>
بحثاًعن المزِيِد مِن مُتعةٍ تجُرُ المهالِك و ويلاتُ الدنيا قبلَ الأخِرة.<o:p></o:p>
فتحولت تِلكَ الفِطرةُ السلِيِمةُ النقِيةُ والنُفُوُس الطاهِرةُ البرِيئةُ<o:p></o:p>
تحولت إلي أنعامٍ بَل هُم أضلُ سبِيِلاً.<o:p></o:p>
ترَي القُوةَ والسعادةُ فِي ظاهِرِهِم وفِي أعماقِهِم هُم يبكُوُن وينتحِبُون ذُلاً <o:p></o:p>
وإنكِساراً ورفضا ً لأسرِ معصِيةُ<o:p></o:p>
كانَت هِي السيِدُ وهُم لهَا الخُدامُ و العبِيِد.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
إلا أنهُ و للهِ الحمدُ نَرَي فِي البعضِ مِنهُم بِذرةَ الخير والصلاح والنفسُ التِي تأبي القُبح <o:p></o:p>
والخبِيِث ويُراوِدُهَا حُلُمُ اليومُ الذِي تسمُوا فِيِهِ وتطهُر.<o:p></o:p>
وهذَا ليس مظهراً يتظاهرُون بِهِ, بل هِي حقِيقةُ أعماقِهِم التِي عُذِبت وجُلِدت بِسياطِ هذَا الإثمُ وسألت المولَي عز وجلَ أن يهدِيهَا ويجتبِيِهَا.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
هُم يشعُرُوُن بوضاعةِ ودنائةِ ورُخصِ أفعالِهِم, ويصرُخُوُن فِي أعماقِهِم نُرِيِدُ <o:p></o:p>
التوبةَ والرُجُوُعِ إلي الله<o:p></o:p>
ولكِن أينَ الطرِيِقُ وكيفَ السبِيِل؟<o:p></o:p>
فهذِهِ الرذِيلةُ وهذِهِ المعصِيةُ دِماءٌ تسِرِي فِي عروُقِهِم يملؤون ويُشبِعُوُن بِها الغرائِز<o:p></o:p>
والشهواتِ ولا يقوُلُ لهُم شيطانُهُم إلا هل مِن مزِيِدٍ.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وأقُوُل لأحبتِي فِي الله هؤلاء مِمن حُرقوا بِنارِ هذَا الجرم وحاروا فِي أمرِهِم<o:p></o:p>
وفِي دُنياهُم ويسألوُن كيف أتوُب عن هذَهِ المعصِيةِ؟<o:p></o:p>
أقُوُلُ أن مِن رحمِةِ وكرمِ المولي عز وجل عليكَ, أن لم يُطبَعُ علي قلبِك وسمعِك ويجعلُ <o:p></o:p>
علَي عينِك غِشاوةٌ, فتفقِدُ الإحساس بِجُرمِ وعظِيِمِ ما أنتَ فِيِه وتكُوُن ممن هُم فِي غيِهِم<o:p></o:p>
وفِي الضلالِ يعمهُوُن.<o:p></o:p>
أنتَ ما عُدتُ تقوَي هذَا الذنب ومُستعِدٌ أن تبذِل الغالِي والنفِيِسُ حتَي تطهُر <o:p></o:p>
ويشفَي قلبُك وتطمئِنُ نفسُك<o:p></o:p>
تشتاقُ أن تسجُد لِربِك طاهِراً نقِياً تُناجِيِهِ وتدعُوُه أن يعفوا عنك ويستُركَ ويرحَمَك<o:p></o:p>
وأنت ذلِك الذِي جاهدتَ نفسكَ وحرمتهَا مِن مُتعٍ مُحرمةٍ ابتغاءً لِرضَي و رحمةِ ربِك.<o:p></o:p>
تخافُ انتقام الذِي لا تأخُذُهُ سِنةٌ و لا نومٌ وتخشي عذابهُ وسُوء المُنقلبِ<o:p></o:p>
نفسُك تُرِيدُ وتُرِيِد ولِسانُك يقوُل ويشكِي ويبُوُحُ بِما ضاقَ بِهِ مكنُوُنُ صدرِك<o:p></o:p>
للغيرِ تطلُبُ مِنهُم أن يأخُذوا بِيدِك ويُرشِدُوك ويضعُوا أقدامِك فِي أول الطرِيِق.<o:p></o:p>
ولكِن فِي واقِعِ الأمرِ و فِي أعماقِك أنت تعرِفُ الطرِيِق<o:p></o:p>
فالحلالُ بيِنٌ و الحرامُ بيِنٌ وسِلعةُ اللهِ غالِيةٌ لا تُطلبُ وتُجنَي بالتمنِي والتحسُر.<o:p></o:p>
ولكِنهَا تأتِي بجهادِ و قهرِ النفسُ تِلكَ الأمارةُ بالسوءِ وما لديكَ غيرَ هذَا مِن مسلكٍ و طرِيِقٍ.<o:p></o:p>
فالخيرُ بِفضلِ الله داخِلِك والنِيةُ تستجدِيِك وتستعطِفُك ويبقَي العملُ الذَيِ يُصدِقُ<o:p></o:p>
العزمَ والمُبتغَي والنِيةُ.<o:p></o:p>
وإليكُم الطرِيِق يا من تتسائلوُن كيف نعُوُدُ و نتُوُبُ<o:p></o:p>
استيقِظ مِن سُباتِكَ العمِيِق وتتحرك سرِيعاً تطهَر وانفُض عن نفسِك وقلبِكَ الأدرانُ<o:p></o:p>
والأمراضُ والصدأ<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
حتَي ترَي جمالَ الطُهرِ والتقوي, تِلكَ الماسةُ التِي تُشِعُ النُور والضياء والطُمئنِينةُ <o:p></o:p>
فِي باطِنِك وظاهِرِك تستشعِرُهَا ويلمعُ ويتلئلء برِيِقهَا صفاءً ونقاءً,<o:p></o:p>
فتأبي أن تبِيِعهَا بِكُلُ الدنيا وكُنُوزُهَا ومُغرياتِهَا ومتاعِهَا الغرُوُرُ, فكُلُ هذَا لا يزِنُ <o:p></o:p>
مثقالَ ذرةٍ إن نجوتَ بِنفسِك وعُدتَ إلي ربِك وتقبلَك بَل و فرِحَ بِعودتِك, سبحانه و تعالَي.<o:p></o:p>
هذَا الكرِيِمُ الذِي ستركَ وأمهلكَ قد فرِح بِرجوعِك إليه فلا ملجأ ولا فِرارَ إلا إليهِ<o:p></o:p>
وهُو الغنِيُ عنك وعن عبادِهِ ونحنُ الفُقراءُ إليهِ, سُبحانهُ و تعَالَي.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
لا تسألُ كيف و متَي و لِماذَا بدأت؟<o:p></o:p>
وإنما انظُر لنفسِك ولِحالِك وقُل كيف انتهيت وإلي أين ستتمادَي و تصِل فِي ضياعِكَ <o:p></o:p>
وضلالِك وغيِك.<o:p></o:p>
قال تعالي:( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ <o:p></o:p>
فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماًحَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ <o:p></o:p>
السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) النساء<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
اذكُر ما شئتَ مِن أسبابٍ وسمِي ما شِئت مِن أسماءٍ<o:p></o:p>
كانوا هُم من أضاعُوُك وقذفوا بِك فِي وحلِ الرذِيلةِ ومُستنقعٍ الرُخصِ والإمتِهان<o:p></o:p>
وأياً كانتِ الأسماءُ والأسبابُ والمُسبِباتٍ فإنك لن ترَي إلا شياطِيِنُ إنسٍ وأولِياءُ<o:p></o:p>
شيطانٍ رجِيِمٍ أقسم بعِزةِ خالِقِه أن يغوِيك ويُضِلك<o:p></o:p>
وهَا أنت تُحقِقُ لهُ رِسالتهُ ومُرادهُ فتكُوُن أنت وهُو سواءٌ فِي نارِ جهنَمَ, والعياذُ بالله.<o:p></o:p>
أولِياءُ الشيطانِ وأعوانُه يُسوِفُون ويُذكِرونَك بأن اللهُ غفُوُرٌ رحِيِم وتناسوا أن يُذكِرُوكَ<o:p></o:p>
بأنهُ جلَ جلالُهُ شدِيِدُ العِقاب وأنهُ يُملِيِ ويُمهِلُ ولا يُهمِل<o:p></o:p>
وأن الموتُ أقربُ إلينَا مِن أنفاسِنَا وأننا لمُحاسبُوُن ومُسائلُوُن.<o:p></o:p>
قال تعالي: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ <o:p></o:p>
وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )الجمعة<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
اطرد كُل ما يُحرِضُك علي هذَا الوزرُ مِن أشخاصٍ وأشياءٍ<o:p></o:p>
وابحث عن كُلِ يأخُذ بيدك وتقرب وهروِل إلي الله واعلم أنهُ يُهروِلُ ويتقربُ إليك <o:p></o:p>
أكثر مِنك سُبحانهُ الغفُوُرُ الودُوُدُ<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
فقد جاء في الحديث القدسي : ( يقولُ الله تعالى: أنَا عِند ظَن عبدِي بِي ، وأنا معَه إذا ذكرنِي <o:p></o:p>
فإن ذكرَنِي في نفسِهِ ذكرتُه فِي نفسِيِ وإن ذكَرنِي في مَلأ ذكرتُه فِي ملأ خَير مِنهم <o:p></o:p>
وإن تقَرَب إلي شِبراً تقربتُ إليهِ ذراعاً ، وإن تقَربَ إلي ذِراعاً تقربتُ إليهِ بَاعاً<o:p></o:p>
وإن أتانِي يمشِي أتيتُه هَرولةً ) رواه البخاري<o:p></o:p>
فا لرُجُوُعُ إلي اللهِ هُو بدايةُ الغيثِ الذِي لا يُمسَكُ ولا ينقطِع هُو تِلكَ الأرضُ الخصبةُ <o:p></o:p>
التِي نزرعُ فِيِهَا وتأتِي أكُلِِهَا و حصادِهَا بإذنِ ربِهَا<o:p></o:p>
ويُرِيِنا الله بكرمِهِ وفضلِهِ بشائِرُ هذَا الحصاد وهذَا النُوُرُ فِي محيانَا قبلَ مماتِنَا.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
تذلَل لخالِقِك وادعُوهُ أن يُثبِتكَ و يُعِيِنُك واملء أوقاتِك<o:p></o:p>
بِكُلِ ما يُقرِبُك إلي المولي عز وجل مِن قولٍ وفعلٍ وعملٍ<o:p></o:p>
وقُل إنكَ كُنتَ ميتَاً مُتعثِر الخُطي فِي الظُلماتِ, فأحياك الله و جعَل لكَ نُوُراً تمشِيِ بِهِ فِي الناسِ<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
قال تعالي: ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ <o:p></o:p>
فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍمِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )<o:p></o:p>
كُن علي يقِيِن أن المولي عز وجل يغفِرُ الذنوب جمِيِعاً<o:p></o:p>
مهما بلغَت ومهمَا عظُمَت فلا يأسَ ولا قُنُوطَ مِن رحمةِ الله.<o:p></o:p>
وقد جاء الحدِيث القدسي ( ابن آدم خلقتُك بيدِي وربيتُك بِنعمتِي وأنتَ تُخالفنِي <o:p></o:p>
وتعصَانِي فإذا رجِعت إلى تُبتُ عَليك فمِن أينَ تجِدُ إلهاً مِثليِ وأنا الغفورُ الرحِيم.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
إن أخلصتَ النِيةُ و واجهتُ حقِيِقتكَ المؤلِمةُ وعاقِبتُك الوخِيِمةُ<o:p></o:p>
عِندها وعِندهَا فقط ستلفُظُ حقارةُ ودنائةُ ورُخصَ الذنبِ الذَي كُنتُ مُصِراً عليه<o:p></o:p>
ستُهروِلُ إلي ربِك نادِماً باكِياً فرحاً وحُزناً علي ما أسلفت وفرطت<o:p></o:p>
فِي جنبِ الله, وجِلٌ قلبُك كارِهَاً لِماضِيِ رخِيِصٌ لم تجنِيِ مِنهُ إلا المهانةُ و الذُلُ و الأوزارُ..<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وأنهِي قولِيِ كما بدأتُ, وأقُوُل لكُلِ من حملَ نفسهُ مِن الأوزارِ ما لا يقوَي حملُهُ<o:p></o:p>
جاهِد نفسَك الأمارةُ بالسوءِ كبِلهَا وأسِرهَا و أكبِح جِماحُهَا بِكُلِ ما أوتِيِت مِن قوةٍ وعزمٍ<o:p></o:p>
فهذَا هُو طوقُ النجاةِ والغوثُ وهذَا هُو طرِيِق التوبةِ الذِي لا تفتأ تسألُ<o:p></o:p>
كيفَ السبِيِلُ إليهِ وكيفَ ألِجُ مِنهُ.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
و دائِماً أذكِرُ نفسِي وإياكُم أحبتِي فِي الله بقولِهِ تعالَي:<o:p></o:p>
(وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) العنكبوت<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
سبحانك اللهم وبِحمدِك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفِرُك وأتُوُبُ إليك<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
يتسائلُوُن كيفَ يتُوبُون<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
الكثِيِرُ مِن أهلِ المعاصِي و الكبائِر غلبت عليهِم شِقوتُهُم وسقطتَ تِلكَ الهِممُ العالِيةِ<o:p></o:p>
والقاماتُ الشامِخةُ, سقطت ومُرغَت تحتَ أرجُلِ<o:p></o:p>
ذنبٍ ومعصِيةٍ اعتادُوا عليهَا وأدمنُوُهَا, تلذذوا بحلاوةِ جُرمِهَا وزينَ لهمُ الشيطانُ <o:p></o:p>
قُبحهَا وحقارتُهَا.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
فعمِيتُ الأبصارُ والبصِيِرةُ وما كان مِنهُم إلا أن تمادوا وذهبُوا إلي أبعدِ الحدُوُدِ<o:p></o:p>
بحثاًعن المزِيِد مِن مُتعةٍ تجُرُ المهالِك و ويلاتُ الدنيا قبلَ الأخِرة.<o:p></o:p>
فتحولت تِلكَ الفِطرةُ السلِيِمةُ النقِيةُ والنُفُوُس الطاهِرةُ البرِيئةُ<o:p></o:p>
تحولت إلي أنعامٍ بَل هُم أضلُ سبِيِلاً.<o:p></o:p>
ترَي القُوةَ والسعادةُ فِي ظاهِرِهِم وفِي أعماقِهِم هُم يبكُوُن وينتحِبُون ذُلاً <o:p></o:p>
وإنكِساراً ورفضا ً لأسرِ معصِيةُ<o:p></o:p>
كانَت هِي السيِدُ وهُم لهَا الخُدامُ و العبِيِد.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
إلا أنهُ و للهِ الحمدُ نَرَي فِي البعضِ مِنهُم بِذرةَ الخير والصلاح والنفسُ التِي تأبي القُبح <o:p></o:p>
والخبِيِث ويُراوِدُهَا حُلُمُ اليومُ الذِي تسمُوا فِيِهِ وتطهُر.<o:p></o:p>
وهذَا ليس مظهراً يتظاهرُون بِهِ, بل هِي حقِيقةُ أعماقِهِم التِي عُذِبت وجُلِدت بِسياطِ هذَا الإثمُ وسألت المولَي عز وجلَ أن يهدِيهَا ويجتبِيِهَا.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
هُم يشعُرُوُن بوضاعةِ ودنائةِ ورُخصِ أفعالِهِم, ويصرُخُوُن فِي أعماقِهِم نُرِيِدُ <o:p></o:p>
التوبةَ والرُجُوُعِ إلي الله<o:p></o:p>
ولكِن أينَ الطرِيِقُ وكيفَ السبِيِل؟<o:p></o:p>
فهذِهِ الرذِيلةُ وهذِهِ المعصِيةُ دِماءٌ تسِرِي فِي عروُقِهِم يملؤون ويُشبِعُوُن بِها الغرائِز<o:p></o:p>
والشهواتِ ولا يقوُلُ لهُم شيطانُهُم إلا هل مِن مزِيِدٍ.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وأقُوُل لأحبتِي فِي الله هؤلاء مِمن حُرقوا بِنارِ هذَا الجرم وحاروا فِي أمرِهِم<o:p></o:p>
وفِي دُنياهُم ويسألوُن كيف أتوُب عن هذَهِ المعصِيةِ؟<o:p></o:p>
أقُوُلُ أن مِن رحمِةِ وكرمِ المولي عز وجل عليكَ, أن لم يُطبَعُ علي قلبِك وسمعِك ويجعلُ <o:p></o:p>
علَي عينِك غِشاوةٌ, فتفقِدُ الإحساس بِجُرمِ وعظِيِمِ ما أنتَ فِيِه وتكُوُن ممن هُم فِي غيِهِم<o:p></o:p>
وفِي الضلالِ يعمهُوُن.<o:p></o:p>
أنتَ ما عُدتُ تقوَي هذَا الذنب ومُستعِدٌ أن تبذِل الغالِي والنفِيِسُ حتَي تطهُر <o:p></o:p>
ويشفَي قلبُك وتطمئِنُ نفسُك<o:p></o:p>
تشتاقُ أن تسجُد لِربِك طاهِراً نقِياً تُناجِيِهِ وتدعُوُه أن يعفوا عنك ويستُركَ ويرحَمَك<o:p></o:p>
وأنت ذلِك الذِي جاهدتَ نفسكَ وحرمتهَا مِن مُتعٍ مُحرمةٍ ابتغاءً لِرضَي و رحمةِ ربِك.<o:p></o:p>
تخافُ انتقام الذِي لا تأخُذُهُ سِنةٌ و لا نومٌ وتخشي عذابهُ وسُوء المُنقلبِ<o:p></o:p>
نفسُك تُرِيدُ وتُرِيِد ولِسانُك يقوُل ويشكِي ويبُوُحُ بِما ضاقَ بِهِ مكنُوُنُ صدرِك<o:p></o:p>
للغيرِ تطلُبُ مِنهُم أن يأخُذوا بِيدِك ويُرشِدُوك ويضعُوا أقدامِك فِي أول الطرِيِق.<o:p></o:p>
ولكِن فِي واقِعِ الأمرِ و فِي أعماقِك أنت تعرِفُ الطرِيِق<o:p></o:p>
فالحلالُ بيِنٌ و الحرامُ بيِنٌ وسِلعةُ اللهِ غالِيةٌ لا تُطلبُ وتُجنَي بالتمنِي والتحسُر.<o:p></o:p>
ولكِنهَا تأتِي بجهادِ و قهرِ النفسُ تِلكَ الأمارةُ بالسوءِ وما لديكَ غيرَ هذَا مِن مسلكٍ و طرِيِقٍ.<o:p></o:p>
فالخيرُ بِفضلِ الله داخِلِك والنِيةُ تستجدِيِك وتستعطِفُك ويبقَي العملُ الذَيِ يُصدِقُ<o:p></o:p>
العزمَ والمُبتغَي والنِيةُ.<o:p></o:p>
وإليكُم الطرِيِق يا من تتسائلوُن كيف نعُوُدُ و نتُوُبُ<o:p></o:p>
استيقِظ مِن سُباتِكَ العمِيِق وتتحرك سرِيعاً تطهَر وانفُض عن نفسِك وقلبِكَ الأدرانُ<o:p></o:p>
والأمراضُ والصدأ<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
حتَي ترَي جمالَ الطُهرِ والتقوي, تِلكَ الماسةُ التِي تُشِعُ النُور والضياء والطُمئنِينةُ <o:p></o:p>
فِي باطِنِك وظاهِرِك تستشعِرُهَا ويلمعُ ويتلئلء برِيِقهَا صفاءً ونقاءً,<o:p></o:p>
فتأبي أن تبِيِعهَا بِكُلُ الدنيا وكُنُوزُهَا ومُغرياتِهَا ومتاعِهَا الغرُوُرُ, فكُلُ هذَا لا يزِنُ <o:p></o:p>
مثقالَ ذرةٍ إن نجوتَ بِنفسِك وعُدتَ إلي ربِك وتقبلَك بَل و فرِحَ بِعودتِك, سبحانه و تعالَي.<o:p></o:p>
هذَا الكرِيِمُ الذِي ستركَ وأمهلكَ قد فرِح بِرجوعِك إليه فلا ملجأ ولا فِرارَ إلا إليهِ<o:p></o:p>
وهُو الغنِيُ عنك وعن عبادِهِ ونحنُ الفُقراءُ إليهِ, سُبحانهُ و تعَالَي.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
لا تسألُ كيف و متَي و لِماذَا بدأت؟<o:p></o:p>
وإنما انظُر لنفسِك ولِحالِك وقُل كيف انتهيت وإلي أين ستتمادَي و تصِل فِي ضياعِكَ <o:p></o:p>
وضلالِك وغيِك.<o:p></o:p>
قال تعالي:( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ <o:p></o:p>
فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماًحَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ <o:p></o:p>
السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) النساء<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
اذكُر ما شئتَ مِن أسبابٍ وسمِي ما شِئت مِن أسماءٍ<o:p></o:p>
كانوا هُم من أضاعُوُك وقذفوا بِك فِي وحلِ الرذِيلةِ ومُستنقعٍ الرُخصِ والإمتِهان<o:p></o:p>
وأياً كانتِ الأسماءُ والأسبابُ والمُسبِباتٍ فإنك لن ترَي إلا شياطِيِنُ إنسٍ وأولِياءُ<o:p></o:p>
شيطانٍ رجِيِمٍ أقسم بعِزةِ خالِقِه أن يغوِيك ويُضِلك<o:p></o:p>
وهَا أنت تُحقِقُ لهُ رِسالتهُ ومُرادهُ فتكُوُن أنت وهُو سواءٌ فِي نارِ جهنَمَ, والعياذُ بالله.<o:p></o:p>
أولِياءُ الشيطانِ وأعوانُه يُسوِفُون ويُذكِرونَك بأن اللهُ غفُوُرٌ رحِيِم وتناسوا أن يُذكِرُوكَ<o:p></o:p>
بأنهُ جلَ جلالُهُ شدِيِدُ العِقاب وأنهُ يُملِيِ ويُمهِلُ ولا يُهمِل<o:p></o:p>
وأن الموتُ أقربُ إلينَا مِن أنفاسِنَا وأننا لمُحاسبُوُن ومُسائلُوُن.<o:p></o:p>
قال تعالي: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ <o:p></o:p>
وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )الجمعة<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
اطرد كُل ما يُحرِضُك علي هذَا الوزرُ مِن أشخاصٍ وأشياءٍ<o:p></o:p>
وابحث عن كُلِ يأخُذ بيدك وتقرب وهروِل إلي الله واعلم أنهُ يُهروِلُ ويتقربُ إليك <o:p></o:p>
أكثر مِنك سُبحانهُ الغفُوُرُ الودُوُدُ<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
فقد جاء في الحديث القدسي : ( يقولُ الله تعالى: أنَا عِند ظَن عبدِي بِي ، وأنا معَه إذا ذكرنِي <o:p></o:p>
فإن ذكرَنِي في نفسِهِ ذكرتُه فِي نفسِيِ وإن ذكَرنِي في مَلأ ذكرتُه فِي ملأ خَير مِنهم <o:p></o:p>
وإن تقَرَب إلي شِبراً تقربتُ إليهِ ذراعاً ، وإن تقَربَ إلي ذِراعاً تقربتُ إليهِ بَاعاً<o:p></o:p>
وإن أتانِي يمشِي أتيتُه هَرولةً ) رواه البخاري<o:p></o:p>
فا لرُجُوُعُ إلي اللهِ هُو بدايةُ الغيثِ الذِي لا يُمسَكُ ولا ينقطِع هُو تِلكَ الأرضُ الخصبةُ <o:p></o:p>
التِي نزرعُ فِيِهَا وتأتِي أكُلِِهَا و حصادِهَا بإذنِ ربِهَا<o:p></o:p>
ويُرِيِنا الله بكرمِهِ وفضلِهِ بشائِرُ هذَا الحصاد وهذَا النُوُرُ فِي محيانَا قبلَ مماتِنَا.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
تذلَل لخالِقِك وادعُوهُ أن يُثبِتكَ و يُعِيِنُك واملء أوقاتِك<o:p></o:p>
بِكُلِ ما يُقرِبُك إلي المولي عز وجل مِن قولٍ وفعلٍ وعملٍ<o:p></o:p>
وقُل إنكَ كُنتَ ميتَاً مُتعثِر الخُطي فِي الظُلماتِ, فأحياك الله و جعَل لكَ نُوُراً تمشِيِ بِهِ فِي الناسِ<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
قال تعالي: ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ <o:p></o:p>
فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍمِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )<o:p></o:p>
كُن علي يقِيِن أن المولي عز وجل يغفِرُ الذنوب جمِيِعاً<o:p></o:p>
مهما بلغَت ومهمَا عظُمَت فلا يأسَ ولا قُنُوطَ مِن رحمةِ الله.<o:p></o:p>
وقد جاء الحدِيث القدسي ( ابن آدم خلقتُك بيدِي وربيتُك بِنعمتِي وأنتَ تُخالفنِي <o:p></o:p>
وتعصَانِي فإذا رجِعت إلى تُبتُ عَليك فمِن أينَ تجِدُ إلهاً مِثليِ وأنا الغفورُ الرحِيم.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
إن أخلصتَ النِيةُ و واجهتُ حقِيِقتكَ المؤلِمةُ وعاقِبتُك الوخِيِمةُ<o:p></o:p>
عِندها وعِندهَا فقط ستلفُظُ حقارةُ ودنائةُ ورُخصَ الذنبِ الذَي كُنتُ مُصِراً عليه<o:p></o:p>
ستُهروِلُ إلي ربِك نادِماً باكِياً فرحاً وحُزناً علي ما أسلفت وفرطت<o:p></o:p>
فِي جنبِ الله, وجِلٌ قلبُك كارِهَاً لِماضِيِ رخِيِصٌ لم تجنِيِ مِنهُ إلا المهانةُ و الذُلُ و الأوزارُ..<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وأنهِي قولِيِ كما بدأتُ, وأقُوُل لكُلِ من حملَ نفسهُ مِن الأوزارِ ما لا يقوَي حملُهُ<o:p></o:p>
جاهِد نفسَك الأمارةُ بالسوءِ كبِلهَا وأسِرهَا و أكبِح جِماحُهَا بِكُلِ ما أوتِيِت مِن قوةٍ وعزمٍ<o:p></o:p>
فهذَا هُو طوقُ النجاةِ والغوثُ وهذَا هُو طرِيِق التوبةِ الذِي لا تفتأ تسألُ<o:p></o:p>
كيفَ السبِيِلُ إليهِ وكيفَ ألِجُ مِنهُ.<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
و دائِماً أذكِرُ نفسِي وإياكُم أحبتِي فِي الله بقولِهِ تعالَي:<o:p></o:p>
(وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) العنكبوت<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
سبحانك اللهم وبِحمدِك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفِرُك وأتُوُبُ إليك<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>