المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ~ْ~ رحـــلةٌ مع صـــور من حيــــاة الصحـــابــــة ~ْ~



العنـــود
26-05-2010, 03:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
هنا لنا رحلة ممتعة نستشعر بها مدى عمق الإيمان في قلوب المؤمنين
وكيف بعض صحابة رسول الله دخلوا الإسلام وكيف من قضى نحبه
في الدفاع عن الإسلام
وبما إن لديّ كتاب عن حياتهم أحببت أن تشاركونني
تلك المتعة في التعرف على كيفية إسلامهم وتضحياتهم
في سبيل الله
.,.
فسعيد بن عامر الجمحي كأن أحد هؤلاء


رجل اشتري الاخرة بالدنيا و أثر الله و رسوله على سواهما



كان الفتي سعيد بن عامر الجمحي واحدا من الالاف المؤلفة الذين خرجوا إلى منطقة التنعيم في ظاهر مكه
بدعوة من زعماء قريش ليشهدوا مصرع خبيب بن عدي أحد أصحاب محمد صلي الله عليه و سلم بعد أن ظفروا به غدرا
و قد مكنه شبابه الموفور و فتوته المتدفقة من أن يزاحم الناس بالمناكب حتى حاذى شيوخ قريش من أمثال:
أبي سفيان بن حرب و صفوان بن اميه و غيرهما ممن يتصدرون الموكب و قد أتاح له ذللك أن يري أسير قريش
مكبلا بقيوده و أكف النساء و الصبيان
و الشبان تدفعه الي ساحة الموت دفعا لينتقموا من محمد صلى الله عليه و سلم في شخصه و ليثأروا لقتلاهم في بدر بقتله
و لما وصلت هذه الجموع الحاشدة بأسيرها الي المكان المعد لقتله و قف الفتي سعيد بن عامر الجمحي بقامته
الممدودة يطل علي خبيب و هو يقدم على خشبة الصلب و سمع صوته الهاديء من خلال
صياح النسوة و الصبيان و هو يقول ان شئتم أن تتركوني اركع ركعتين قبل مصرعي فافعلوا
ثم نظر اليه و هو يستقبل الكعبة و يصلي ركعتين يا لحسنهما و يا لتمامها
ثم رأه يقبل علي زعماء القوم و يقول والله لولا أن تظنوا أني أطلت الصلاة جزعا من الموت لاستكثرت من الصلاة
ثم شهد قومه بعيني رأسه و هم يمثلون بخبيب حيا فيقطعون من جسده القطعة تلو القطعة و هم يقولون له
أتحب أن يكون محمد مكانك و أنت ناج؟ فيقول و الدماء تنزف منه
و الله ما أحب أن أكون أمنا وادعا في أهلي وولدي و أن محمدا يوخز بشوكه فيلوح الناس بأيديهم في الفضاء و يتعالى
صياحهم ان اقتلوه اقتلوه...
ثم أبصر سعيد بن عامر خبيبا يرفع بصره الي السماء من فوق خشبة الصلب و يقول :
(( اللهم احصهم عددا و اقتلهم بددا و لا تغادر منهم أحدا ))
ثم لفظ أنفاسه الاخيرة و به ما لم يستطع احصاءه من ضربات السيوف و طعنات الرماح


.,.
رحم الله شهداء الإسلام
سيكون لنا موعدا أخر مع هؤلاء الصحابة
لكم تقديري
العنود

ام فيصل
26-05-2010, 05:20 PM
كل الشكر لك عزيزتي
وللجهد الطيب والموضوع القيم
جزاك الله عنا كل خير
ولاحرمنا جميل انتقاءك

لك من الورد عطره
ومن التحايا اطيبها

العنـــود
27-05-2010, 08:43 PM
لاشكر على واجب غاليتي أم فيصل
ولنا فيهم عظة وقدوة
نسأل الله لهم الجنة وأن يجمعنا الله بهم في جنات الخلد
يسعدني مرورك
بإمضاء مدادك يعلو المتصفح

لك عظيم الشكر
العنود

العنـــود
27-05-2010, 09:04 PM
كم أُحب تلك الشخصية رغم إنه كان سببا لهزيمة المسلمين
في غزوة أُحد التي فقد بها النبي عمه حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء
ولكن كان لإسلامه أثر عظيم


فهو خالد بن الوليد
خالد بن الوليد بن المغيرة ، المخزومي القرشي ، أبو سليمان كان اسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :
"( الحمد لله الذي هداك ، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا الى الخير )


اسلامه
و تعود قصة اسلام خالد الى ما بعد معاهدة الحديبية حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد ، ودخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد ، فقال :
( أين خالد ؟) فقال الوليد :( يأتي به الله ) فقال النبي :-صلى الله عليه وسلم-
:( ما مثله يجهل الاسلام ، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ، ولقدمناه على غيره ) فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده ، فترك له رسالة قال فيها
:( بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسلام وعقلك عقلك ، ومثل الاسلام يجهله أحد ؟! وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد ؟
وذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه -- ثم قال له : فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه ، فقد فاتتك مواطن صالحة )
وقد كان خالد -رضي اللـه عنه- يفكر في الاسلام ، فلما قرأ رسالة أخيـه سر بها سرورا كبيرا ، وأعجبه مقالة النبـي -صلى اللـه عليه وسلم-فيه ، فتشجع و أسلـم


يقول خالد عن رحلته من مكة الى المدينة :
( وددت لو أجد من أصاحب ، فلقيت عثمان بن طلحة فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة ، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا ، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص ، فقال :( مرحبا بالقوم ) قلنا :( وبك ) قال :( أين مسيركم ؟) فأخبرناه ، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم
فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان ، فلما اطلعت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سلمت عليه بالنبوة فرد على السلام بوجه طلق ، فأسلمت وشهدت شهادة الحق ، وحينها قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :
(الحمد لله الذي هداك ، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا الى الخير) وبايعت الرسـول وقلت :( استغفر لي كل ما أوضعـت فيه من صد عن سبيل اللـه ) فقال :
( إن الإسلام يجـب ما كان قبله ) فقلت :
( يا رسول الله على ذلك ) فقال :( اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك ) وتقدم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة ، فأسلما وبايعا رسول الله )


غزوة مؤتة
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد ، وقد قتل قادتها الثلاثة : زيد بن حارثة ، ثم جعفر بن أبي طالب ، ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنهم- ، فسارع الى الراية ( ثابت بن أقرم ) فحملها عاليا وتوجه مسرعا الى خالد قائلا له :
( خذ اللواء يا أبا سليمان ) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا :
( لا ، لا آخذ اللواء أنت أحق به ، لك سن وقد شهدت بدرا ) فأجابه ثابت :( خذه فأنت أدرى بالقتال مني ، ووالله ما أخذته إلا لك ) ثم نادى بالمسلمين :
( أترضون إمرة خالد ؟) قالوا :( نعم ) فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة :
( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب ، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب ، وعيناه -صلى الله عليه وسلم- تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم ) فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله


جهاده
وشارك في فتح مكة وفي حروب الردة وبالذات في معركة اليمامة حين استطاع أن يضع حدا لمسيلمة الكذاب وأعوانه ، وفي فتح بلاد الفرس استهل خالد عمله بارسال كتب إلى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه :
( بسم الله الرحمن الرحيم ، من خالد بن الوليد الى مرازبة فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فالحمدلله الذي فض خدمكم ، وسلب ملككم ، ووهّن كيدكم ، من صلى صلاتنا ،
واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم ، له ما لنا وعليه ما علينا ، إذا جاءكم كتابي فابعثوا إلي بالرّهُن واعتقدوا مني الذمة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة !!)
وعندما جاءته أخبار الفرس بأنهم يعدون جيوشهم لمواجهته لم ينتظر ، وإنما سارع ليقابلهم في كل مكان محققا للإسلام النصر تلو الآخر ولم ينس أن يوصي جنوده قبل الزحف :
( لاتتعرضوا للفلاحين بسوء ، دعوهم في شغلهم آمنين ، إلا أن يخرج بعضهم لقتالكم ، فآنئذ قاتلوا المقاتلين )


معركة اليرموك وبطولاتها
إمرة الجيش
أولى أبوبكر الصديق إمرة جيش المسلمين لخالد بن الوليد ليواجهوا جيش الروم الذي بلغ مائتي ألف مقاتل وأربعين ألفا ، فوقف خالد بجيش المسلمين خاطباً :
( إن هذا يوم من أيام الله ، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي ، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم ، وتعالوا نتعاور الإمارة ،
فيكون أحدنا اليوم أميراً والآخر غداً ، والآخر بعد غد ، حتى يتأمر كلكم )


تأمين الجيش
وقبل أن يخوض خالد القتال ، كان يشغل باله احتمال أن يهرب بعض أفراد جيشه بالذات من هم حديثي عهد بالإسلام ، من أجل هذا ولأول مرة دعا نساء المسلمين وسلمهن السيوف ، وأمرهن بالوقوف خلف صفوف المسلمين وقال لهن :( من يولي هاربا فاقتلنه )
خالد و ماهان الروماني
وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز إليه خالد ، وبرز إليه خالد ، في الفراغ الفاصل بين الجيشين ، وقال (ماهان) قائد الروم :( قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع فإن شئتم أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما وترجعون إلى بلادكم ، وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها !) وأدرك خالد ما في كلمات الرومي من سوء الأدب ورد قائلا :( إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت ، ولكننا قوم نشرب الدماء ، وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم ، فجئنا لذلك !) وعاد بجواده الى صفوف الجيش ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال :( الله أكبر ، هبي رياح الجنة )
من البطولات
ودار قتال قوي ، وبدا للروم من المسلمين مالم يكونوا يحتسبون ، ورسم المسلمون صورا تبهر الألباب من فدائيتهم وثباتهم فهاهو خالد غلى رأس مائة من جنده ينقضون على أربعين ألف من الروم ، يصيح بهم :( والذي نفسي بيده ما بقي من الروم من الصبر والجلد إلا ما رأيتم ، وإني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم ) وبالفعل انتصر المائة على الأربعين ألف
خالد وجرجه الروماني
وقد انبهر القادة الروم من عبقرية خالد في القتال ، مما حمل (جرجه) أحد قادتهم للحديث مع خالد ، حيث قال له :( يا خالد اصدقني ، ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب ، هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاك إياه ، فلا تسله على أحد إلا هزمته ؟) قال خالد :( لا) قال الرجل :( فبم سميت سيف الله ؟) قال خالد :( إن الله بعث فينا رسوله ، فمنا من صدقه ومنا من كذب ، وكنت فيمن كذب حتى أخذ الله قلوبنا إلى الإسلام ، وهدانا برسوله فبايعناه ، فدعا لي الرسول ، وقال لي :( أنت سيف من سيوف الله ) فهكذا سميت سيف الله ) قال القائد الروماني :( وإلام تدعون ؟ ) قال خالد :( إلى توحيد الله وإلى الإسلام ) قال :( هل لمن يدخل في الإسلام اليوم مثل مالكم من المثوبة والأجر ؟) قال خالد :( نعم وأفضل ) قال الرجل :( كيف وقد سبقتموه ؟) قال خالد :( لقد عشنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورأينا آياته ومعجزاته وحق لمن رأى ما رأينا ، وسمع ما سمعنا أن يسلم في يسر ، أما أنتم يا من لم تروه ولم تسمعوه ثم آمنتم بالغيب ، فإن أجركم أجزل وأكبر إذا صدقتم الله سرائركم ونواياكم ) وصاح القائد الروماني وقد دفع جواده إلى ناحية خالد ووقف بجواره :( علمني الإسلام يا خالد !) وأسلم وصلى لله ركعتين لم يصل سواهما ، وقاتل جرجه الروماني في صفوف المسلمين مستميتا في طلب الشهادة حتى نالها وظفر بها
وفاة أبوبكر
في أثناء قيادة خالد -رضي الله عنه- معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- ، وتولى الخلافة بعده عمر -رضي الله عنه- ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد وصل الخطاب الى أبىعبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة ، ثم أخبر خالدا بالأمر فلم يغضب خالد -رضي الله عنه-، بل تنازل في رضى وسرور ، لأنه كان يقاتل لله وحده لايبغي من وراء جهاده أي أمر من أمور الدنيا
قلنسوته
سقطت منه قلنسوته يوم اليرموك ، فأضنى نفسه والناس في البحث عنها فلما عوتب في ذلك قال :
( إن فيها بعضا من شعر ناصية رسول الله وإني أتفائل بها وأستنصر )


وفاة خالد
استقر خالد في حمص -من بلاد الشام- فلما جاءه الموت ، وشعر بدنو أجله ، قال :
( لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها وما في جسدي شبر الا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم ، أو طعنة برمح ، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ألا فلا نامت أعين الجبناء )
وكانت وفاته سنة احدى وعشرين من الهجرة النبوية مات من قال عنه الصحابة :
( الرجل الذي لا ينام ، ولا يترك أحدا ينام ) وأوصى بتركته لعمر بن الخطاب والتي كانت مكونة من فرسه وسلاحه وودعته أمه قائلة :
أنت خير من ألف ألف من القوم___إذا ما كبت وجوه الرجال
أشجاع ؟ فأنت أشجع من ليث___غضنفر يذود عن أشبال
أجواد ؟ فأنت أجود من سيل___غامر يسيل بين الجبال

ام فيصل
27-05-2010, 09:22 PM
كل اشكر لك عزيزتي
على هذه النبذة المختصرة عن حياة هذا البطل المقدام وصولاته المشهودة

دمتي لنا بهذا العطاء والتألق عزيزتي
ولاحرمنا جميل انتقاءك

لك اطيب تحياتي

فرعون 2010
27-05-2010, 10:21 PM
بارك الله فيكى وجعل ثوابة فى ميزان حسناتك

تقبلى تحياتى فرعون 2010

العنـــود
28-05-2010, 11:59 AM
.,.
شكرا لمرورك أخي الكريم فرعون 2010
وبارك الله لنا نحن وإياك
وجعلنا من المقتدين المتعبين لسواء السبيل


لك عظيم الشكر
العنود
.,.

العنـــود
31-05-2010, 02:45 PM
* مصعب بن عمير
غُرّة فتيان قريش وأوفاهم بهاءً وجمالا وشباباً ، كان مصعب بن عمير
أعطر أهل مكة لم يظفر بالتدليل مثله أي فتى من قريش
، فكان المدَلّل المُنَعّم أو كما يصفه المسلمين مصعب الخير ،
والى جانب أناقة مظهره كان زينة المجالس والندوات على الرغم من
حداثة سنه
، سمع بالنبي الجديد ومن تبعه من المسلمين ، وعَلِم باجتماعهم في دار الأرقم فلم يتردد
وسارع ليسمع الآيات تتلى والرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالمسلمين فكان له مع الإسلام موعدا ،
فبسط يده مبايعا ، ولامست اليد اليمنى لرسول الله صدره المتوهّج فنزلت السكينة عليه
وبدا وكأنه يملك من الحكمة مايفوق عمره .
أمه
كانت أم مصعب ( خُنَاس بنت مالك ) تتمتع بقوة فذة
في شخصيتها وكانت تُهاب الى حد الرهبة
، وحين أسلم مصعب خاف أمه وقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمراً ، ولكن أبصره ( عثمان بن طلحة )
وهو يدخل الى دار الأرقم ثم مرة ثانية وهو يصلي صلاة محمد ، فأسرع عثمان الى أم مصعب ينقل لها النبأ الذي أفقدها صوابها
، ووقف مصعب أمام أمه وعشيرته وأشراف مكة المجتمعين
يتلو عليهم القرآن الذي يطهر القلوب ،
فهمَّت أمه أن تُسْكِتُه بلطمة ولكنها لم تفعل ، وإنما حبسته في أحد أركان دارها وأحكمت عليه الغلق ،
حتى عَلِم أن هناك من المسلمين من يخرج الى الحبشة ،
فاحتال على أمه ومضى الى الحبشة وعاد الى مكة ثم هاجر الهجرة الثانية الى الحبشة
ولقد منعته أمه حين يئست من رِدَّته كل ما كانت تفيض عليه من النعم
وحاولت حبسه مرة ثانية بعد رجوعه من الحبشة ، فآلى على نفسه لئن فعلت ليقتلن كل من تستعين به على حبسه
، وإنها لتعلم صدق عزمه فودعته باكية مصرّة على الكفر ، وودعها باكيا مصرّا على الإيمان ، فقالت له :
( اذهب لشأنك ، لم أعد لك أما ) فاقترب منها وقال :
( يا أمَّه ، إني لكِ ناصح وعليك شفوق ، فاشهدي أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله )
أجابته غاضبة :( قسماً بالثّواقب لا أدخل في دينك فَيُزْرى برأيي ويضعف عقلي ) .
تَرْك نعيم الدنيا
وخرج مصعب من النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا الفاقة ، وأصبح الفتى المُعَطّر
المتأنق لا يُرى إلا مرتديا أخشن الثياب ، يأكل يوما ويجوع أيام ، وقد بصره بعض الصحابة يرتدي جلبابا مرقعا باليا
، فحنوا رءوسهم وذرفت عيونهم دمعا شجيا ، ورآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتألقت على شفتيه ابتسامة جليلة وقال :
( لقد رأيت مُصعبا هذا وما بمكة فتى أنْعَمُ عند أبويه منه ، ثم ترك ذلك كله حُبّا لله ورسوله ) .


أول سفير
اختار الرسول -صلى الله عليه وسلم- مصعب بن عمير ليكون سفيره الى المدينة ، يفقه الأنصار ويعلمهم دينهم ،
ويدعو الجميع الى الإسلام ، ويهيأ المدينة ليوم الهجرة العظيم ، مع أنه كان هناك من يكبره سنا
وأقرب للرسول منه ، وحمل مصعب -رضي الله عنه- الأمانة مستعينا بما أنعم الله عليه من عقل راجح وخلق كريم
، فنجح بمهمته ودخل أهل المدينة بالإسلام ، واستجابوا لله ولرسوله ، وعاد الى الرسول
-صلى الله عليه وسلم- في موسم الحج التالي لبيعة العقبة الأولى على رأس وفد عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة
، بايعوا الرسول الكريم ببيعة العقبة الثانية .


إسلام سادة المدينة
فقد أقام مصعب بن عمير في المدينة في منزل ( أسعد بن زرارة ) ونهضا معا يغشيان القبائل والمجالس
، تاليا على الناس ما معه من كتاب الله ، وتعرض لبعض المواقف التي كان من الممكن أن تودي به
لولا فطنة عقله وعظمة روحه ، فقد فاجأه يوما ( أُسَيْد بن حضير ) سيد بني عبد الأشهل بالمدينة شاهِراً حربته
، يتوهج غضبا على الذي جاء يفتن قومه عن دينهم ، وقال ( أُسَيْد ) لمصعب وأسعد بن زرارة :
( ما جاء بكما إلى حَيِّنَا تُسَفِّهان ضعفائنا ؟ اعتزلانا إذا كنتما لا تريدان الخروج من الحياة ) .
وبمنتهى الهـدوء تحرك لسان مصعب الخيـر بالحديث الطيب فقال :
( أولا تجلس فتستمـع ؟ فإن رضيت أمْرنا قَبِلته ، وإن كرهته كَفَفْنا عنك ما تكره ) وكان أُسَيْد رجلا أريبا عاقلا ، هنالك أجاب أسَيْد :
( أنصَفْت ) وألقى حربته الى الأرض وجلس يصغي ، ولم يكد مصعب يقرأ القرآن ويفسر الدعوة حتى أخذت أسارير ( أُسَيْـد ) تشرق ، ولم يكد ينتهي مصعـب حتى هتف
( أسَيْـد ) :( ما أحسن هذا القول وأصدقـه ، كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين ؟)
وأجابوه بتهليلـة رجت الأرض رجّـاً ثم قال له مصعب :( يطهر ثوبه وبدنه ، ويشهد أن لا إله إلا الله )
فأسلم أُسَيْد وسرى الخبر كالضوء ، وجاء ( سعد بن معاذ ) فأصغى لمصعب واقتنع وأسلم ، ثم تلاه ( سعد بن عبادة )
وأسلم ، وأقبل أهل المدينة يتساءلون : إذا أسلم ساداتهم جميعا ففيم التخلَّف ؟ هيا الى مصعب فلنؤمن معه فإن
الحق يخرج من بين ثناياه .


غزوة أحد
وفي غزوة أحد يُحتدم القتال ، ويخالف الرماة أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-
ويغادرون مواقعهم في أعلى الجبل بعد أن رأوا المشركين ينسحبون منهزمين ، لكن عملهم هذا حول النصر الى هزيمة
، ويفاجأ المسلمون بفرسان قريش تغشاهم من أعلى الجبل ،
ومزقت الفوضى والذعر صفوف المسلمين ، فركَّز المشركون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يريدون أن ينالوا منه ، وأدرك مصعب بن عمير ذلك ، فحمل اللواء عاليا ، وكبَّر ومضى يصول ويجول ،
وكل همِّه أن يشغل المشركين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم .


الشهادة
حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد ، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب ،
فأقبل ابن قميئة وهو فارس ، فضربه على يده اليمنى فقطعها ومصعب يقول :
( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) وأخذ اللواء بيده اليسرى وحَنَا عليه ،
فضرب يده اليسرى فقطعها ، فَحَنَا على اللواء وضَمَّه بعَضُدَيْه الى صدره وهو يقول :
( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) ثم حمَلَ عليه الثالثة بالرُّمح فأَنْفَذه وانْدَقَّ الرُّمح ،
ووقع مصعب وسقط اللواء واستشهد مصعب الخير .


وداع الشهيد
وبعد انتهاء المعركة جاء الرسول وأصحابه يتفقدون أرض المعركة ويودعون شهدائها يقول خبّاب بن الأرَتّ :
( هاجرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في سبيل الله ، نبتغي وَجْه الله ، فوجب أجْرَنا على الله ،
فمنا من مضى ولم يأكل من أجره في دنياه شيئا ، منهم مصعب بن عمير قُتِلَ يوم أُحُد ،
فلم يُوجد له شيء يكفن فيه إلا نَمِرَة ، فكنا إذا وضعناها على رأسه تَعَرَّت رجلاه ،
وإذا وضعناها على رِجْلَيْه برزت رأسه ، فقال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
( اجْعَلوها مما يلي رَأْسَه ، واجعلوا على رجليه من نبات الإذْخِر )
وقد مثّل المشركون بجثمانه تمثيلا أفاض دموع الرسول عليه السلام وأوجع فؤاده ، وقال وهو يقف عنده :
( من المؤمنين رجال صَدَقوا ما عاهدوا الله عليه )
ثم ألقى بأسـى نظرة على بردته التي كُفِّن فيها وقال :
( لقد رأيت بمكـة وما بها أرق حُلَّة ولا أحسن لِمَّة منك ، ثم هأنتـذا شَعِث الرأس في بُرْدَة )
وهتف الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد وسعت نظراته الحانية أرض المعركة بكل من عليها من رفاق مصعب وقال :
( إن رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة )
ثم أقبل على أصحابه الأحياء حوله وقال :
( أيها الناس زوروهم ، وأتوهم وسلِّموا عليهم ، فوالذي نفسي بيده لا يُسلم عليهم مُسَلِّم الى يوم القيامة ، إلا ردّوا عليه السلام ) .

ام فيصل
01-06-2010, 04:34 AM
سلمت يداك عزيزتي
على هذا الجهد والعطاء المميز
ولاحرمنا هذا التواصل والتالق

مودتي للعنــود

العنـــود
01-06-2010, 05:10 PM
أشكرك من القلب غاليتي وأختي الكبرى
أم فيصل
لاحرمنا متابعتك وتواصلك
ويثلج صدري إنارتك لهذا المتصفح
لك جزيل الشكر العظيم
العنود

العنـــود
04-06-2010, 07:18 PM
أبو بكر الصديق


هو عبد الله بن أبي قحافة، من قبيلة قريش، ولد بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بثلاث سنيـن ،
أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه ، كان يعمل بالتجارة ومـن أغنياء مكـة المعروفين ،
وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريـش بها وبما كان فيها من خير وشـر وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونـه اعتنـق الاسلام دون تردد
فهو أول من أسلم من الرجال الأحرار ثم أخذ يدعو لدين اللـه فاستجاب له عدد من قريش من بينهم
عثمـان بن عفـان ، والزبيـر بن العـوام ، وعبدالرحمـن بن عـوف ، والأرقـم ابن أبي الأرقـم إسلامه
لقي أبو بكر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال :
( أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا ؟!)فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :
( إني رسول الله يا أبا بكر ، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك الى الله بالحق فوالله إنه للحق أدعوك الى الله يا أبا بكر
، وحده لا شريك له ، ولا نعبد غيره ، والموالاة على طاعته أهل طاعته )
وقرأ عليه القرآن فلم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد ، وأقرّ بحقّ الإسلام
ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- :
( ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبْوَة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عَتّم عنه حين
ذكرته له وما تردد فيه )


أول خطيب
عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الظهور فقال الرسول :( يا أبا بكر إنّا قليل )فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ،
وكل رجل معه ، وقام أبو بكر خطيباً ورسول الله جالس ، وكان أول خطيب دعا الى الله عزّ وجل والى رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ،
ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ،
وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا :( والله لئن مات أبو بكـر لنقتلـن عُتبة )ورجعوا الى أبي بكر وأخذوا يكلمونـه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال :
( ما فعـل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)
فنالوه بألسنتهم وقاموا
أم الخير
ولمّا خلت أم الخير ( والـدة أبي بكر ) به جعـل يقول :
( ما فعل رسول الله -صلـى اللـه عليه وسلم-؟)قالت :
( والله ما لي علم بصاحبك )قال :
( فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه )فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت :
( إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟)قالت :
( ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت ؟)قالت :( نعم )فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت :( إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ؟! وإنّي لأرجو أن ينتقـم اللـه لك )قال :( فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟) قالت :( هذه أمك تسمع ؟)قال :( فلا عين عليك منها ) قالت :( سالم صالح ) قال :( فأين هو ؟) قالت :( في دار الأرقم ) قال :( فإن لله عليّ ألِيّة ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ) فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر :( بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرّة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها الى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار ) فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم دعاها الى الله عزّ وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً ، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم
جهاده بماله
أنفق أبوبكر معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس
فنزل فيه قوله تعالى :"
( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ")
منزلته من الرسول
كان -رضي الله عنه- من أقرب الناس الى قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعظمهم منزلة عنده حتى قال فيه :( ان من أمَنِّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر )
كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة ، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي ) وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار )
كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيـم الإفتخـار بقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومصاهرته له وفي ذلك يقول :( والذي نفسي بيـده لقرابة رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي )
الإسراء والمعراج
وحينما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم- من مكة الى بيت المقدس ذهب الناس الى أبي بكر فقالوا له :( هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة !) فقال لهم أبو بكر :( إنكم تكذبون عليه ) فقالوا :( بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ) فقال أبو بكر :( والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجّبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه ) ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال :( يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟) قال ( نعم ) قال :( يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته ) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم( فرفع لي حتى نظرت إليه) فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر :( صدقت أشهد أنك رسول الله ) حتى إذا انتهى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر :( وأنت يا أبا بكر الصديق ) فيومئذ سماه الصديق
الصحبة
ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة الى المدينةالمنورة فقال تعالى :"( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )"
كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في الهجرة فقال له الرسول :( لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً ) فطمع بأن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال :( ما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-هذه الساعة إلا لأمر حدث ) فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول :( أخرج عني من عندك ) فقال أبو بكر :( يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !) فقال :( إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة ) فقال أبو بكر :( الصُّحبة يا رسول الله ؟) قال :( الصُّحبة ) تقول السيدة عائشة :( فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ) ثم قال أبو بكر :( يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا ) فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط ، وكان مشركاً يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما


مناقبه وكراماته
مناقب أبو بكر -رضي الله عنه- كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب :( ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ سبقني ) وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تخفى على غيره كحديث :( أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإقراره على ذلك وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحـف الشريـف ، وأول من أقام للناس حجّهـم في حياة رسول الله -صلى الله عليـه وسلم- وبعده وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر كما أنه -رضي الله عنه- لم يفته أي مشهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد قال له الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- :( أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي عتيقاً
خلافته
وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها اذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له ( يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!) فرد عليه عمر :( أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك)
جيش أسامة
وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام ، فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا :( يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!) فقال :( والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله ) فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا :( لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم ) فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام
حروب الردة
بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب :( كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله )؟!) فقال أبو بكر :( الزكاة حقُّ المال ) وقال :( والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها ) ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين
جيوش العراق والشام
ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى الشام وخالد بن الوليد الى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام
استخلاف عمر
لمّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال :( إني أدعوك إلى أمر متعب لمن وليه ،فاتق الله يا عمر بطاعته ، وأطعه بتقواه ، فإن المتقي آمن محفوظ ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به ، فمن أمر بالحق وعمل بالباطل ، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ ، وأن يحبط عمله ، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من دمائهم ، وأن تصم بطنك من أموالهم ، وأن يخف لسانك عن أعراضهم ، فافعل ولا حول ولا قوة إلا بالله )
وفاته
ولد أبو بكر في مكة عام ( 51 قبل الهجرة ) ومات بالمدينة بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسنتين وثلاثة أشهر وبضع ليال سنة ( 13 هـ ) ولمّا كان اليوم الذي قُبض فيه أبو بكر رجّت المدينة بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قُبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا وهو يقول :( اليوم انقطعت خلافة النبوة) حتى وقف على البيت الذي فيه أبو بكر مسجّىً فقال :( رحمك الله يا أبا بكر ، كنت أول القوم إسلاما وأكملهم إيمانا ، وأخوفهم لله ، وأشدهم يقينا ، وأعظمهم عناءً ، وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم- ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم صُحْبة وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- به هدياً وخُلُقاً وسمتاً وفعلاً

ام فيصل
05-06-2010, 04:10 PM
كل الشكر والامتنان لك عزيزتي
على هذا الجهد المميز
تمنياتي لك بدوام التوفيق

مودتي للعنود

العنـــود
06-06-2010, 07:49 PM
أبو الدرداء
يوم اقتنع أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالاسلام دينا ، وبايع الرسول -صلى الله عليه وسلم على هذا الديـن ،
كان تاجر ناجحا من تجار المدينة ، ولكنه بعد الايمان بربـه يقول :
"أسلمت مع النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- وأنا تاجر ، وأردت أن تجتمع لي العبـادة والتجارة فلم يجتمعا ،
فرفضـت التجارة وأقبلت على العبادة ، وما يسرنـي اليوم أن أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار ،
حتى لو يكون حانوتي على باب المسجد ، ألا اني لا أقول لكم ان اللـه حرم البيع ، ولكني أحـب أن أكون من
الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله )


جهاده ضد نفسه


لقد كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- حكيم تلك الأيام العظيمة ، تخصصه ايجاد الحقيقة فآمن بالله ورسوله
ايمانا عظيما ، وعكف على ايمانه مسلما اليه نفسه ، واهبا كل حياته لربه مرتلا آياته :
" ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين


كان -رضي الله عنه- يقول لمن حوله :
( ألا أخبركم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند باريكم وأنماها في درجاتكم ، وخير من أن تغزو عدوكم ، فتضربوا
رقابهم ويضربوا رقابكم ، وخير من الدراهم والدنانير ذكر الله ، ولذكر الله أكبر )


ومضات من حكمته وفلسفته
سئلت أمه -رضي الله عنه- عن أفضل ما كان يحب ، فأجابت :
( التفكر والاعتبار )
وكان هو يحض اخوانه دوما على التأمل ويقول :
( تفكر ساعة خير من عبادة ليلة )
وكان -رضي الله عنه- يرثي لأولئك الذين وقعوا أسرى لثرواتهم فيقول :
( اللهم اني أعوذ بك من شتات القلب )
فسئل عن شتات القلب فأجاب :
( أن يكون لي في كل واد مال )
فهو يمتلك الدنيا بالاستغناء عنها ، فهو يقول :
( من لم يكن غنيا عن الدنيا ، فلا دنيا له )
كان يقول :
( لا تأكل الا طيبا ولا تكسب الا طيبا ولا تدخل بيتك الا طيبا )
ويكتب لصاحبه يقول :
( أما بعد ، فلست في شيء من عرض الدنيا ، الا وقد كان لغيرك قبلك وهو صائر لغيرك بعدك ،
وليس لك منه
الا ماقدمت لنفسك ، فآثرها على من تجمع له المال من ولدك ليكون له ارثا ، فأنت انما تجمع لواحد من اثنين :
اما ولد صالح يعمل فيه بطاعة الله ، فيسعد بما شقيت به ، واما ولد عاص ، يعمل فيه بمعصية الله ،
فتشقى بما جمعت له فثق لهم بما عند الله من رزق ، وانج بنفسك )
وانه ليقول :
( ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن يعظم حلمك ، ويكثر علمك وأن تباري الناس في عبادة الله تعالى )
عندما فتحت قبرص وحملت غنائم الحرب الى المدينة ،
وشوهد أبا الدرداء وهو يبكي فسأله جبير بن نفير :
( يا أبا الدرداء ، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الاسلام وأهاه ؟)فأجاب أبوالدرداء :
( ويحك يا جبير ، ما أهون الخلق على الله اذا هم تركوا أمره ، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة ، لها الملك ، تركت أمر الله
، فصارت الى ما ترى )
فقد كان يرى الانهيار السريع للبلاد المفتوحة ،وافلاسها من الروحانية الصادقة والدين الصحيح
وكان يقول :
( التمسوا الخير دهركم كله ، وتعرضوا لنفحات رحمة الله فان لله نفحات من رحمته يصيب بها
من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم ، ويؤمن روعاتكم )
في خلافة عثمان ، أصبح أبو الدرداء واليا للقضاء في الشام ، فخطب بالناس يوما وقال :
( يا أهل الشام ، أنتم الاخوان في الدين ، والجيران في الدار ، والأنصار على الأعداء
ولكن مالي أراكم لا تستحيون ؟؟
تجمعون مالا تأكلون ، وتبنون مالا تسكنون ، وترجون مالا تبلغون قد كانت القرون من قبلكم يجمعون فيوعون
، ويؤملون فيطيلون ، ويبنون فيوثقون فأصبح جمعهم بورا ، وأملهم غرورا ، وبيوتهم قبوراأولئك قوم
عاد ، ملئوا ما بين عدن الى عمان أموالا وأولادا )
ثم ابتسم بسخرية لافحة :
( من يشتري مني تركة أل عاد بدرهمين ؟!)


تقديسه للعلم
كان -رضي الله عنه- يقدس العلم كثيرا ، ويربطه بالعبادة ، فهو يقول :
( لا يكون أحدكم تقيا حتى يكون عالما ، ولن يكون بالعلم جميلا ، حتى يكون به عاملا )
كما يقول :
( ما لي أرى علماءكم يذهبون ، وجهالكم لا يتعلمون ؟؟ألا ان معلم الخير والمتعلم في الأجر سواء
ولا خير في سائر الناس بعدهما )
ويقول -رضي الله عنه- :
( ان أخشى ما أخشاه على نفسي أن يقال لي يوم القيامة على رؤوس الخلائق : يا عويمر ،
هل علمت ؟؟فأقول : نعمفيقال لي : فماذا عملت فيما علمت ؟؟)


وصيته
ويوصي أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالاخاء خيرا ، ويقول :
( معاتبة الأخ خير لك من فقده ، ومن لك بأخيك كله ؟أعط أخاك ولن له ، ولا تطع فيه حاسدا فتكون مثله
غدا يأتيك الموت فيكفيك فقده وكيف تبكيه بعد الموت ، وفي الحياة ما كنت أديت حقه ؟)
ويقول رضي الله عنه وأرضاه :
( اني أبغض أن أظلم أحدا ، ولكني أبغض أكثر وأكثر ، أن أظلم من لا يستعين علي الا بالله العلي الكبير )
هذا هو أبو الدرداء ، تلميذ النبي -صلى الله عليه وسلم-
وابن الاسلام الأول ، وصاحب أبي بكر وعمر ورجال مؤمنين



.,.
.,
.,.

* البتول *
11-06-2010, 04:38 PM
جهود مباركة
حياك الله ايتها العنود الغالية
وحي الله جهودك القيمة
دمت بحفظ الله ورعايته
وربي يوفقك يارب

العنـــود
11-06-2010, 08:56 PM
شكرا عزيزتي البتول لتلك المشاركه
وبورك الجميع إن شاء الله
العنود

العنـــود
25-06-2010, 06:36 AM
أسامة بن زيد
أسامـة بن زيـد بن حارثة بن شراحيـل الكَلْبي ، أبو محمد ، من أبناء الإسلام
الذين لم يعرفوا الجاهلية أبدا ،ابن زيد خادم الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-
الذي آثـر الرسـول الكريم على أبيه وأمه وأهله والذي وقف به النبـي
على جموع من أصحابه يقول :
( أشهدكم أن زيدا هذا ابني يرثني وأرثه )
وأمه هي أم أيمن مولاة رسـول الله وحاضنته ، ولقد كان له وجه أسود
وأنف أفطس ولكن مالكا لصفات عظيمة قريبا من قلب رسول الله


حب الرسول له
عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت :
عثَرَ أسامة على عتبة الباب فشَجَّ جبهتَهُ ، فجعل رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- يمصُّ شجّته ويمجُّه ويقول :
( لو كان أسامة جارية لكسوتُهُ وحلّيتُهُ حتى أنفِقَهُ )
كما قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- :
( ما ينبغي لأحد أن يُبغِضَ أسامة بن زيد بعدما سمعت رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- يقول :
( من كان يُحِبُّ الله ورسوله ، فليحبَّ أسامة )
وقد اشترى الرسول -صلى الله عليه وسلم- حَلّةً كانت لذي يَزَن
اشتراها بخمسين ديناراً ، ثم لبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وجلس على المنبر للجمعة ، ثم نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فكسا الحُلّة أسامة بن زيد



نشأته وايمانه


على الرغم من حداثة سن أسامة -رضي الله عنه- الا أنه كان مؤمنا صلبا
قويا ، يحمل كل تبعات دينه في ولاء كبير ، لقد كان مفرطا في ذكائه
مفرطا في تواضعه ، وحقق هذا الأسود الأفطس ميزان الدين الجديد
( ان أكرمكم عند الله أتقاكم ) فهاهو في عام الفتح يدخل مكة
مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أكثر ساعات الاسلام روعة



الدروس النبوية


قبل وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعامين خرج أسامة أميرا على
سرية للقاء بعض المشركين ، وهذه أول امارة يتولاها ، وقد أخذ فيها درسه
الأكبر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهاهو يقول :
( فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أتاه البشير بالفتح ، فاذا هو متهلل وجه
فأدناي منه ثم قال :( حدثني ) فجعلت أحدثه ، وذكرت له أنه لما انهزم
القوم أدركت رجلا وأهويت اليه بالرمح ، فقال :
( لا اله الا الله ) فطعنته فقتلته ، فتغير وجه رسـول اللـه
-صلى اللـه عليه وسلم- وقال :
( ويحك يا أسامة ! فكيف لك بلا اله الا اللـه ؟
ويحك يا أسامة ! فكيف لك بلا اله الا الله ؟)
فلم يزل يرددها علي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته
واستقبلت الاسلام يومئذ من جديد ، فلا والله لا أقاتل أحدا قال لا اله الا الله
بعد ماسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)


أهمَّ قريش شأن المرأة التي سرقت ، فقالوا :( من يكلّم فيها رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ؟)
فقالوا :( ومن يجترىء عليه إلا أسامة بن زيد حبّ رسـول اللـه
-صلى اللـه عليه وسلم- ؟)
فكلّمه أسامة فقال رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- :
( لم تشفعْ في حدّ من حدود الله ؟)
ثم قام النبـي -صلى الله عليه وسلم- فاختطب فقال :
( إنّما أهلك الله الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه
وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيْمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد
سرقت لقطعت يَدَها )



جيش أسامة


وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد بن حارثة الى الشام
وهو لم يتجاوز العشرين من عمره ، وأمره أن يوطىء الخيل تخوم البلقاء
والداروم من أرض فلسطين ، فتجهز الناس وخرج مع أسامة المهاجرون
الأولون ، وكان ذلك في مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأخير
فاستبطأ الرسول الكريم الناس في بعث أسامة وقد سمع ما قال الناس في امرة
غلام حدث على جلة من المهاجرين والأنصار !
فحمدالله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم- :
( أيها الناس ، أنفذوا بعث أسامة ، فلعمري لئن قلتم في امارته لقد
قلتم في امارة أبيه من قبله ، وانه لخليق بالامارة ، وان كان أبوه لخليقا لها )
فأسرع الناس في جهازهم ، وخرج أسامة والجيش
وانتقل الرسول الى الرفيق الأعلى ، وتولى أبو بكر الخلافة
وأمر بانفاذ جيش أسامة وقال :
(ما كان لي أن أحل لواء عقده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وخرج ماشيا ليودع الجيش بينما أسامة راكبا فقال له :
( يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن ) فرد أبوبكر :
( والله لا تنزل ووالله لا أركب ، وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة )
ثم استأذنه في أن يبقى الى جانبه عمر بن الخطاب قائلا له :
( ان رأيت أن تعينني بعمر فافعل )
ففعل وسار الجيش وحارب الروم
وقضى على خطرهم ،وعاد الجيش بلا ضحايا ، وقال المسلمون عنه :
( ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة )



أسامة والفتنة



وعندما نشبت الفتنة بين علي ومعاوية التزم أسامة حيادا مطلقا ، كان يحب عليا كثيرا
ويبصر الحق بجانبه ، ولكن كيف يقتل من قال لا اله الا الله
وقد لامه الرسول في ذلك سابقا!
فبعث الى علي يقول له :
( انك لو كنت في شدق الأسد ، لأحببت أن أدخل معك فيه ، ولكن هذا أمر لم أره )
ولزم داره طوال هذا النزاع ، وحين جاءه البعض يناقشونه في موقفه قال لهم :
( لا أقاتل أحدا يقول لا اله الا الله أبدا )
فقال أحدهم له :
( ألم يقل الله : وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ؟)
فأجاب أسامة :
( أولئك هم المشركون ، ولقد قاتلناهم حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله )



وفـــــــــــــاته



وفي العام الرابع والخمسين من الهجرة ، وفي أواخر خلافة معاوية
أسلم -رضي الله عنه روحه الطاهرة للقاء ربه ، فقد كان من الأبرار المتقين
فمات بالمدينة وهو ابن ( 75 )



رحم الله أسامة ابن زيد حبّ رسول الله رحمةً واسعة
وأسكنه الله فسيح جناته

عاشق النساء
19-12-2010, 07:15 PM
بارك الله فيك اختي العنود
قلتها من قبل واقولها دائما انتي
مبدعه
ويبارك الله فيك وبقلمك الذي
هو دائما صادق
شكرا على الموضوع القيم الذي يذكرنا ببطولات اصحاب الرسول ودورهم الفعال في الاسلام

ومواقفهم البطوليه
رضي الله عليهم جميعا وارضاهم

تحياتي

العنـــود
25-12-2010, 11:58 PM
شكرا لمرورك العطر أخي عاشق النساء
وأثابنا الله نحن وإياك
نسأل الله الأجر
لك شكري العميق
العنود

العنـــود
26-12-2010, 12:30 AM
عبدالله بن الزبير
كان عبـد الله بن الزبيـر جنينا في بطن أمه أسماء بنت أبي بكر ،
وهي تقطع الصحراء اللاهبة مغادرة مكة الى المدينة على طريق
الهجرة العظيم ، وما كادت تبلغ ( قباء ) عند مشارف المدينة حتى
جاءها المخاض ونزل المهاجر الجنين أرض المدينة في نفس الوقت
الذي كان ينزلها المهاجرون من الصحابة ، وحُمِل المولود الأول
الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقبّله وحنّكه ،
فكان أول ما دخل جوف عبـد اللـه ريق الرسول الكريم ،
وحمله المسلمون في المدينة وطافوا به المدينة
مهلليـن مكبرين فقد كَذَب اليهـود وكهنتهم عندما أشاعـوا
أنهم سحروا المسلمين وسلّطوا عليهم العقـم ،
فلن تشهد المدينة منهم وليدا جديدا ،
فأبطل عبـد الله إفك اليهـود وكيدهـم .
الطفل
على الرغم من أن عبد الله لم يبلغ مبلغ الرجال في عهد
الرسـول -صلى الله عليه وسلـم- إلا أن الطفل نما ونشـأ
في البيئة المسلمـة وتلقّى من عهد الرسـول -صلى الله عليه وسـلم-
كل خامات رجولتـه ومباديء حياته ، فكان خارقا في حيويتـه
وفطنتـه وصلابته وكان شبابه طهرا وعفـة وبطولة ،
وأصبح رجلا يعرف طريقه ويقطعه بعزيمة جبارة .
إيمانه
قال عمر بن عبد العزيز يوماً لابن أبي مُلَيْكة
:( صِفْ لنا عبد الله بن الزبير ) فقال :
( والله ، ما رأيت نفساً رُكّبت بين جَنْبين مثل نفسه ، ولقد كان يدخل
في الصلاة فيخرج من كل شيء إليها ، وكان يركع أو يسجد فتقف
العصافير فوق ظهره وكاهله ، لا تحسبه من طول ركوعه
و سجوده إلا جداراً أو ثوباً مطروحاً ، ولقد مرَّت قذيفة منجنيق
بين لحيته وصدره وهو يصلي ، فوالله ما أحسَّ بها ولا اهتزّ لها ،
ولا قطع من أجلها قراءته ولا تعجل ركوعه )
وسئل عنه ابن عباس فقال على الرغم ما بينهم من خلاف :
( كان قارئاً لكتاب الله ، مُتَّبِعاً سنة رسوله ، قانتاً لله ، صائماً في
الهواجر من مخافة الله ، ابن حواريّ رسول الله ،
وأمه أسماء بنت الصديق ، وخالته عائشة زوجة رسول الله ،
فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله ) .
جهاده
كان عبد الله بن الزبير وهو لم يجاوز السابعة والعشرين
بطلا من أبطال الفتوح الإسلامية ، في فتح إفريقية والأندلس
والقسطنطينية ففي فتح إفريقية وقف المسلمون
في عشرين ألف جندي أمام عدو قوام جيشه مائة وعشرون ألفا ،
وألقى عبد الله نظرة على قوات العدو فعرف مصدر قوته التي تكمن
في ملك البربر وقائـد الجيش ، الذي يصيح بجنده ويحرضـهم على
الموت بطريقة عجيبـة ، فأدرك عبـد الله أنه لابد من سقوط هذا القائد العنيـد ،
ولكن كيف ؟ نادى عبد الله بعض إخوانه وقال لهم :
( احموا ظهري واهجموا معي )
وشق الصفوف المتلاحمة كالسهم نحو القائد حتى إذا بلغه
هوى عليه في كرَّة واحـدة فهوى ، ثم استدار بمن معه الى الجنود
الذين كانوا يحيطـون بملكهم فصرعوهـم ثم صاحوا :
( اللـه أكبـر )
وعندما رأى المسلمون رايتهم ترتفع حيث كان قائد البربر يقف ،
أدركوا أنه النصر فشدّوا شدَّة رجل واحد وانتهى الأمر بنصر
المسلمين وكانت مكافأة الزبير من قائد جيش المسلمين
( عبد الله بن أبي سَرح ) بأن جعله يحمل بشرى النصر
الى خليفة المسلمين ( عثمان بن عفان ) في المدينة بنفسه
ابن معاوية
لقد كان عبد الله بن الزبير يرى أن ( يزيد بن معاوية بن أبي سفيان )
آخر رجل يصلح لخلافة المسلمين إن كان يصلح على الإطلاق ،
لقد كان ( يزيد ) فاسدا في كل شيء ولم تكن له فضيلة واحدة تشفع له ،
فكيف يبايعه الزبير ، لقد قال كلمة الرفض قوية صادعة لمعاوية وهو حيّ ،
وها هو يقولها ليزيد بعد أن أصبح خليفة ، وأرسل إلى ابن الزبير يتوعّده
بشر مصير ، هنالك قال ابن الزبير :( لا أبايع السَّكير أبدا ) ثم أنشد
ولا ألين لغير الحق أسأله ___حتى يلين لِضِرْس الماضِغ الحَجر
الإمارة
ظل ابن الزبير أميرا للمؤمنين مُتَّخِذا من مكة المكرمة عاصمة خلافته ،
باسطا حكمه على الحجاز و اليمن والبصرة و الكوفة وخُرسان والشام
كلها عدا دمشق بعد أن بايعه أهل هذه الأمصار جميعا ،
ولكن الأمويين لا يقرُّ قرارهم ولا يهدأ بالهم ،
فيشنون عليه حروبا موصولة ، حتى جاء عهد
( عبد الملك بن مروان ) حين ندب لمهاجمة عبد الله في مكة
واحدا من أشقى بني آدم وأكثرهم قسوة وإجراما ،
ذلكم هو ( الحجاج الثقفي )
الذي قال عنه الإمام العادل عمر بن عبد العزيز :
( لو جاءت كل أمَّة بخطاياها ، وجئنا نحن بالحجّاج وحده ، لرجحناهم جميعا ) .
الحجّاج
ذهب الحجّاج على رأس جيشه ومرتزقته لغزو مكة
عاصمة ابن الزبير ، وحاصرها وأهلها قُرابة ستة أشهر مانعا
عن الناس الماء والطعام ، كي يحملهم على ترك عبد الله بن الزبير وحيداً
بلا جيش ولا أعوان ، وتحت وطأة الجوع القاتل استسلم الأكثرون
ووجد عبد الله نفسه وحيدا ، وعلى الرغم من أن فُرص النجاة
بنفسه وبحياته كانت لا تزال مُهَيّأة له ، فقد قرر أن يحمل مسئوليته
الى النهاية وراح يقاتل جيش الحجّاج في شجاعة أسطورية
وهو يومئذ في السبعين من عمره
لقد كان وضوح عبد الله -رضي الله عنه- مع نفسه وصدقه
مع عقيدته ومبادئه ملازما له في أشد ساعات المحنة مع الحجّاج ،
فهاهو يسمع فرقة من الأحباش ، وكانوا من أمهر الرماة والمقاتلين
في جيش ابن الزبير ، يتحدثون عن الخليفة الراحل عثمان بحديث
لا ورع فيه ولا إنصاف ، فعنَّفَهم وقال لهم
( والله ما أحبُّ أن أستظهر على عَدوي بمن يُبغض عثمان )
ثم صرفهم ابن الزبير عنه ، ولم يبالي أن يخسر مائتين من أكفأ الرماة عنده .
الساعات الأخيرة
وفي الساعات الأخيرة من حياة عبد الله -رضي الله عنه-
جرى هذا الحوار بينه وبين أمه العظيمة ( أسماء بنت أبي بكر )
فقد ذهب إليها ووضع أمامها الصورة الدقيقة لموقفه ومصيره الذي ينتظره ،
فقالت له أمه :( يا بني أنت أعلم بنفسك ، إن كنت تعلم أنك على حق
وتدعو إلى حق ، فاصبر عليه حتى تموت في سبيله ،


ولا تمكّن من رقبتك غِلمَان بني أمية ، وإن كنت تعلم


أنك أردت الدنيا فلبِئس العبد أنت ، أهلكت نفسك وأهلكت من قُتِلَ معك )
قال عبد الله :( والله يا أماه ما أردت الدنيا ولا رَكنْتُ إليها ، وما جُرْتُ في
حكم الله أبداً ولا ظلمت ولا غَدَرْت ) قالت أمه أسماء :
( إني لأرجو الله أن يكون عزائي فيك حسنا إن سبَقْتَني الى الله أو سَبقْتُك ،
اللهم ارحم طول قيامه في الليل ، وظمأه في الهواجر ، وبِرّه بأبيه وبي ،
اللهم إني أسلمته لأمرك فيه ، ورضيت بما قضيت ،
فأثِبْني في عبد الله بن الزبير ثواب الصابرين الشاكرين )
وتبادلا معا عناق الوداع وتحيته .
الشهيد
وبعد ساعة من الزمان انقضت في قتال مرير غير متكافيء ،
تلقّى الشهيد ضربة الموت ، وأبى الحجّاج إلا أن يصلب الجثمان
الهامد تشفياً وخِسة ، وقامت أم البطل وعمرها سبع وتسعون
سنة لترى ولدها المصلوب ، وبكل قوة وقفت تجاهه لا تريم
واقترب الحجّاج منها قائلا :( يا أماه إن أمير المؤمنين عبد الملك
بن مروان قد أوصاني بك خيرا ، فهل لك من حاجة ؟)
فصاحت به قائلة :( لست لك بأم ، إنما أنا أمُّ هذا المصلوب على الثّنِيّة ،
وما بي إليكم حاجة ، ولكني أحدّثك حديثا سمعته من رسول الله
صلى الله عليه وسلم- قال :( يخرج من ثقيف كذّاب ومُبير )
فأما الكذّاب فقد رأيناه ، وأما المُبير فلا أراه إلا أنت )
وتقدم عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- من أسماء مُعزِّيا
وداعيا إياها الى الصبر، فأجابته قائلة :(وماذا يمنعني من الصبر
وقد أُهْدِيَ رأس يحيى بن زكريا إلى بَغيٍّ من بغايا بني إسرائيل )
يا لعظمتك يا ابنة الصدّيق ، أهناك كلمات أروع من هذه
تقال للذين فصلوا رأس عبد الله بن الزبير عن جسده قبل أن
يصلبوه ؟؟ أجل إن يكن رأس ابن الزبير قد قُدم هدية للحجاج
ولعبد الملك ، فإن رأس نبي كريم هو يحيى عليه السلام
قد قدم من قبل هدية ل ( سالومي ) بَغيّ حقيرة من بني إسرائيل ،
ما أروع التشبيه وما أصدق الكلمات .

عاشق النساء
26-09-2011, 10:02 PM
الفاروق عمر

و عهده بملوك الفرس أن لها **** سورا من الجند و الأحراس يحميها

رآه مستغرقا في نومه فرأى **** فيه الجلالة في أسمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا **** ببردة كاد طول العهد يبليها

فهان في عينه ما كان يكبره **** من الأكاسر والدنيا بأيديها

و قال قولة حق أصبحت مثلا **** و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم **** فنمت نوم قرير العين هانيها

بارك الله فيكي اختي الكريمه العنود
تحياتي وجزاك الله خيرا

**نور الهدى**
13-05-2012, 12:06 AM
اين كنت انا من هذه القصص وفي اي غفله

سلمت اناملك اختي العنود

وشكرا لعاشق الصحابه وال البيت على هذه القصيده الممتعه