المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الذكر اليونسي



فدك
07-05-2010, 05:10 AM
إن للمؤمن وردا يلتزم به في ساعات فراغه، ومن أفضل الأذكار الذكر القرآني.. هنالك ذكر في القرآن الكريم، الله -عز وجل- جعل النجاة معلقة عليه، وقد وعدنا أن يرتب الآثار على هذا الذكر، كما رتبه على ذلك النبي (ع).. وهو ما يسمى بالذكر اليونسي، وهو من الأذكار المأثورة في حياة الأولياء والصالحين.



قال تعالى في كتابه الكريم: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}:



أولاً: كلمة {نَادَى}، تختلف عن كلمة "ذكر".. حيث أن النداء فيه نوع من أنواع الالتجاء، ولعله يصاحب -في بعض الحالات- رفع الصوت.. فهو إنسان في ظلمات ثلاث: بطن الحوت، وظلمات البحار، وظلمة الليل: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ}.. فإذن، هناك التجاء، إذ يكفيه أنه هرب من القوم.

ثانياً: كلمة {إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ أي هناك حالة من حالات الندامة، بما لا ينافي العصمة.



إن الآية لم تذكر عدد المرات التي دعا بها يونس بهذا الدعاء، فلا يستبعد أن تكون مرة واحدة فقط.. فهو لم يقل: ثلاثمائة أو أربعمائة مرة.. إذن النداء كان نداء بليغا، وكان له ثلاث شعب، والذي يلتفت إلى هذه الشعب؛ يكون قد وصل إلى مغزى الذكر اليونسي:



أولا: الانقطاع: {لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ}.. أي لا مؤثر في الوجود إلا أنت، إن كانت هناك نجاة، فيا ربي منك أنت الإله المتحكم في هذا الوجود.
فإذن، هناك انقطاع.. يونس (ع) انقطع إلى الله، ومن ينجيه سواه من بطن الحوت؟.. الآية الكريمة تقول: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} وهم في السفينة، عندما تحيط بهم الأمواج، {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.. فكيف إذا كان في بطن الحوت؟..



ثانيا: التنزيه: {سُبْحَانَكَ}.. أي يا رب، أنت المنزه، وما وقعت به فهو هو من فعلي أنا.. لقد خلقتني على وجه الأرض، وجعلتني نبياً يوحى إليه؛ فلماذا انتقلتُ من عالم الدعوى إلى عالم بطن الحيتان؟.. كنتُ معافى، ورب العالمين كتب لي رزقا لي واسعا؛ ولكن المعاصي جعلتني أفتقر، وسلبتني العافية.. سبحانك أنت منزه!.. {مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ}.. فإذن، {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}، كل بلية وكل سيئة، الأصل فيها يعود إلى بني آدم.


ثالثا: الاعتراف بالظلم: {إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.. أي أنا ظلمت نفسي، ومن أقبح الظلم ظلم أقرب الناس إلى الإنسان.. الله الله في أحب الأنفس إليكم!.. والنفس التي بين جنبينا هي أحب الموجودات إلينا.. وبالتالي، فإن أقبح الظلم ظلم النفس!..



إن للذكر اليونسي طعما متميزا في حالتين:

- بعد المعاصي.. حيث أن المؤمن عندما يعصي، يعيش حالة من الخجل والوجل.. وعندئذ تكون الفرصة الذهبية كي يسجد لله -عز وجل-، وإذا بهذه المعصية الصغيرة تستجلب منه دمعة، تطفئ غضب الله عز وجل.

- بعد الغفلات.. قد يكون الإنسان عادلا، وهذا ممكن!.. ولكن الغفلات ألا تستحق أن يسجد الإنسان لربه -عز وجل- وحالته حالة نبي الله يونس؟!.. وقد قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}؛ إنه وعد إلهي بمعاملتنا معاملة يونس، ومن أصدق من الله حديثا!..


المصدر زادك في دقائق"محاظرة"

ام فيصل
07-05-2010, 06:44 AM
سلمت يداك غاليتي على هذ الطرح والتفسير المبارك
وبارك الله فيك
فأقرب مايكون العبد الى ربه وهو ساجد

اللهم اجعلنا من الساجدين لك والمغفور لهم برحمتك ياارحم الراحمين


دمتي بحفظ المولى
مع اطيب تحياتي

المهاجره
07-05-2010, 06:57 AM
سلمت اناملك ايتها الغاليه
وبارك الله فيك
تقبلي مروري مع خالص ودي

فدك
08-05-2010, 07:57 PM
سلمكِ المولى أختي العزيزة أم فيصل
وجعلنا وأياكم من الذاكرين الساجدين.
مروركِ الكريم هذا يسعد النفس فكوني بالقرب دوماً
لاعدمتكِ .دُمتِ محفوفة بالسعادة والسلام.

الرائعة المهاجرة
نور الموضوع تواجدكِ الأنيق فزاده بريقاً ونقاء
حماكِ الباري وسدد خطاكِ لكل خير.

همسات عاشق
09-05-2010, 08:44 AM
http://abeermahmoud.jeeran.com/336-welldone.gif


http://abeermahmoud.jeeran.com/page%205/352-Thanks.gif

فدك
10-05-2010, 04:14 AM
الفاضل همسات الشكر لكم ولحضوركم العطر.
بارككم الباري وحفظكم من كل مكروه.

الحــر
10-05-2010, 10:33 PM
الله يبارك بيك يا فدك الخير والعطاء المبهج والطيب
وفقك الباري وأدام الله فضلك
نسئل الله ان يجعلنا دوماً من الذاكرين
مع كل التقدير

فدك
13-05-2010, 06:34 AM
الأخ الموقر الحر تحية تقدير وأمتنان
زارتنا البركة
تزين الموضوع بوهج حرفكم المبدع وأزهرت سطوره
فلاحرمنا هذه الأطلالة المعطرة بعبير الولاء.
كن بخير وسلام.

السومري71
13-05-2010, 01:40 PM
بارك الله فيك اختي وجعله في ميزان اعمالك
طرح رائع لهذه الأيه وتفسير مبارك
وان لهذه الآيه فضل كبير واستجابه مذهله
ولذلك تذكر في صلاة الغفيله بين صلاة المغرب وصلاة العشاء
وادعوا كل اخواني واخواتي المواضبه لهذه الصلاة وسيلمسون
بأيديهم ما لها من سرعة استجابة الدعاء
خالص مودتي

فدك
14-05-2010, 06:02 AM
حقاً أستاذنا المبجل السومري
لصلاة الغفيلة روعة تأنس النفوس
الباحثة عن مرفأ وملاذ يقيها لوعة الخطايا.
حضور تشرفنا به وأزدانت صفحتنا
وأنتعشت له السطور وأخضرت به المساحات.
حفظك الباري ودُمت محفوفاً بنور اليقين والتقوى.