kfinjan
12-03-2010, 01:08 PM
لافتات ولافتات
كاظم فنجان الحمامي
ملايين اللافتات الملونة لـ (6172) مرشحا, يمثلون (159) كيانا سياسيا, و(12) ائتلافاً طغت على شوارع المدن العراقية, وخنقت ساحاتها, وطوقت أعمدتها الكهربائية, وغلفت واجهات مبانيها بالملصقات الكبيرة.
لافتات وملصقات تكفي لتغطية مساحة جزيرة قبرص بجبالها وسهولها وسواحلها, في الوقت الذي لم تزل فيه مدننا وقرانا تفتقر إلى عشر إعشار هذا العدد من اللافتات واللوحات التعريفية, لكي تحمل أسماؤها وتبين مواقعها, ولم تزل شوارعنا وطرقنا تفتقر إلى الإشارات المرورية, التي تبين اتجاهاتها ومنعطفاتها وتفرعاتها وأطوالها, ولازالت طرقنا الخارجية في أمس الحاجة إلى الحد الأدنى من العلامات التحذيرية, والمختصرات التوجيهية.
لافتات اقتحمت شوارعنا, وأغرقت مدننا بعباراتها الدعائية المعادة, ولافتات تمردت علينا, ورفضت الإفصاح عن أسماء مدننا وضواحيها.
لافتات موسمية اجتاحت شوارعنا, ولافتات يفترض أن تكون ثابتة لكنها اختفت وتلاشت. لافتات تراكمت عند النقاط والتقاطعات الرئيسية، فيما لوحظ استمرار غياب اللافتات التي تحمل الهويات التعريفية لمدننا.
لافتات غصت بها الشوارع وأعمدة الكهرباء وجدران المنازل، تتضمن نبذة بسيطة عن كل مرشح وشعاراته، ومدن ماانفكت تطالب الدولة بمنحها لافتة واحدة فقط تعبر عن خصوصيتها.
لافتات غزت أزقتنا وعطلت حركة المرور, ولافتات انسحبت من شوارعنا فجلبت الكوارث لحركة المرور. لافتات تتكاثر عندنا بالانشطار, ولافتات أخرى انقرضت بالإهمال.
لكل مدينة في العراق ذاكرة مجسمة. تتشكل من حلقات زمنية متراكمة, ومرتبطة بإحداثيات المكان, المثبتة على الخارطة بخطوط الطول والعرض. وهي تغوص في المستقبل. مثلما تغوص في الماضي. وتعيش بوجوه متعددة, لكنها مازالت تحمل الأسماء التي أطلقت عليها عند ولادتها. وان فقدانها هذه الأسماء يدفعها إلى المزيد من التشوه. ويفقدها قيمتها الجمالية والتاريخية. وربما يفقدها مخزونها الحضاري. لذا فإن اسم المدينة يمثل هويتها التاريخية. ويمثل خلاصة حياتها, فهي الناس والصلات والعواطف. وهي الفن والعمارة, والحكومة والسياسة, والثقافة والذوق، وهي أصدق تعبير لانعكاس ثقافة الشعوب وتطور الأمم, وهي صورة لكفاح الإنسان العراقي وتضحياته, وهي فوق ذلك كله صورة من صور أقدم الحضارات وأعرقها.
فحتى متى تبقى مدننا وقرانا وضواحينا مجردة من لوحاتها التعريفية, التي تحمل أسماؤها الضاربة في عمق التاريخ, في الوقت الذي تتراقص في سمائها الملصقات المتطايرة في مهب الريح ؟؟.
كاظم فنجان الحمامي
ملايين اللافتات الملونة لـ (6172) مرشحا, يمثلون (159) كيانا سياسيا, و(12) ائتلافاً طغت على شوارع المدن العراقية, وخنقت ساحاتها, وطوقت أعمدتها الكهربائية, وغلفت واجهات مبانيها بالملصقات الكبيرة.
لافتات وملصقات تكفي لتغطية مساحة جزيرة قبرص بجبالها وسهولها وسواحلها, في الوقت الذي لم تزل فيه مدننا وقرانا تفتقر إلى عشر إعشار هذا العدد من اللافتات واللوحات التعريفية, لكي تحمل أسماؤها وتبين مواقعها, ولم تزل شوارعنا وطرقنا تفتقر إلى الإشارات المرورية, التي تبين اتجاهاتها ومنعطفاتها وتفرعاتها وأطوالها, ولازالت طرقنا الخارجية في أمس الحاجة إلى الحد الأدنى من العلامات التحذيرية, والمختصرات التوجيهية.
لافتات اقتحمت شوارعنا, وأغرقت مدننا بعباراتها الدعائية المعادة, ولافتات تمردت علينا, ورفضت الإفصاح عن أسماء مدننا وضواحيها.
لافتات موسمية اجتاحت شوارعنا, ولافتات يفترض أن تكون ثابتة لكنها اختفت وتلاشت. لافتات تراكمت عند النقاط والتقاطعات الرئيسية، فيما لوحظ استمرار غياب اللافتات التي تحمل الهويات التعريفية لمدننا.
لافتات غصت بها الشوارع وأعمدة الكهرباء وجدران المنازل، تتضمن نبذة بسيطة عن كل مرشح وشعاراته، ومدن ماانفكت تطالب الدولة بمنحها لافتة واحدة فقط تعبر عن خصوصيتها.
لافتات غزت أزقتنا وعطلت حركة المرور, ولافتات انسحبت من شوارعنا فجلبت الكوارث لحركة المرور. لافتات تتكاثر عندنا بالانشطار, ولافتات أخرى انقرضت بالإهمال.
لكل مدينة في العراق ذاكرة مجسمة. تتشكل من حلقات زمنية متراكمة, ومرتبطة بإحداثيات المكان, المثبتة على الخارطة بخطوط الطول والعرض. وهي تغوص في المستقبل. مثلما تغوص في الماضي. وتعيش بوجوه متعددة, لكنها مازالت تحمل الأسماء التي أطلقت عليها عند ولادتها. وان فقدانها هذه الأسماء يدفعها إلى المزيد من التشوه. ويفقدها قيمتها الجمالية والتاريخية. وربما يفقدها مخزونها الحضاري. لذا فإن اسم المدينة يمثل هويتها التاريخية. ويمثل خلاصة حياتها, فهي الناس والصلات والعواطف. وهي الفن والعمارة, والحكومة والسياسة, والثقافة والذوق، وهي أصدق تعبير لانعكاس ثقافة الشعوب وتطور الأمم, وهي صورة لكفاح الإنسان العراقي وتضحياته, وهي فوق ذلك كله صورة من صور أقدم الحضارات وأعرقها.
فحتى متى تبقى مدننا وقرانا وضواحينا مجردة من لوحاتها التعريفية, التي تحمل أسماؤها الضاربة في عمق التاريخ, في الوقت الذي تتراقص في سمائها الملصقات المتطايرة في مهب الريح ؟؟.