المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صورة المراة في علم النفس الغربي ..!!



علي إبراهيم
31-01-2010, 08:08 PM
صورة المراة في علم النفس الغربي ..!!


لم تحظى المراة بأهمية بالغة في دراسات علم النفس,وقد اعتاد المحللون على تسليط الضوء تجاه الرجل في التحليل واعتبارها النقطة المركزية في البحوث والاستدلال.


في حين ان الاسباب التي عزلت المرأة عن هذا الجانب لم تُطرح بصورة واضحة,ولعل حظوة الرجل في هذا المجال جاءت عن مدى فعاليته ودوره الاجتماعي اكثر من المرأة,وقد يكون سببه النظرة الاقصائية التي تعد موروثاً تاريخياً للمجتمعات,وهذه الاخيرة واحدة من اهم المفردات التي يجب ان يعنى بها علم النفس وعلم الاجتماع.فنحن نلاحظ ومنذ زمن لا نستطيع تحديده الانفصال التام بين قيمة الكيان الانثوي والذكوري في المجتمع,فالمسلك الذي تسير عليه الشعوب يعتمد في معاييره البنيوية على تفضيل الرجل وارجاع المرأة الى مرحلة متخلفة,وهذا النمط السائد منذ القدم لا يكترث الى محاولة طرح العلل التي ادت الى هذا الاتجاه.وبالرغم من وضع حد لهذه الرؤية من الناحية القانونية في بعض الدول,الا ان الدور النفسي مازال قائماً في خلق ذات التصورات التي تعتقد بدونية المرأة.


ومن هنا كان السؤال الذي يُطرح في دائرة البحث يبحث دائماً عن العلة الاساسية التي جعلت الرجل يتعامل مع المرأة بهذا النمط,علماً ان التفسيرات المتناولة اجتماعياً سطحية الى حد كبير خصوصاً انها تعزو الامر الى علة دينية وسياسية,وهذا التفسير لايمكن تنصيبه في موقع الصحة كون القضية تاريخية وغير متعلقة بجماعة ما,صحيح ان هناك مجموعة يظهر في تعاملها العدائية والانتقاص بصورة بارزة كما هو الحال في الثقافة البدوية الا ان القضية في هذا الجانب متعلقة بالنسبة وليس بالتفرد.لذا ظهرت محاولات تفسيرية لكشف اللغز الذي يختبأ وراء هذا الاتجاه وبيان جذوره الاساسية,ومن اهم التفسيرات التي ظهرت في هذا الشأن تعود الى فرويد وعالمة النفس كارين هورني.وقد ذهب الاول الى ارجاع العلة لمفهوم عقدة الخصاء التي تمثل حقيقة عرضية تشمل كلا الجنسين بالرغم من اختلاف مؤداها النفسي.فأن الطفل (الذكر) يقع تحت عنوان هذا التأثير ليخرجه من العقدة الاوديبية,اما من ناحية الفتاة فتؤدي بها الى الدخول في العقدة الاوديبية.واذا جاز التعبير فالنظام العملي لهذه العقدة يقوم بعملية عكسية.


ويرى فرويد ان ستر جسد المرأة جاء من قبل الرجل كطريقة هروب امام المنبه للعقدة الخصائية,في حين ان المرأة تشعر طوال حياتها بالنقص بسبب هذه العقدة,ويستدل بعمل الخياطة على انه مظهراً لا شعورياً لمحاولة سد النقص,اما قضية الامومة فأنها لا تمثل مطلباً غريزياً بنظر فرويد,وانما هي مجرد تعويض بسبب هذا الاخير.وبينما ترفض كارين هورني هذه التفسيرات اخصها عقدة الخصاء,تقوم بطرح عنواناً جديداً في تفسير اقصاء الرجل للمرأة,وهو الرغبات العدوانية تجاه الام التي تظهر من خلال التأديب والمعاقبة الذي يولد في ذاته انتكاساً قبالة رغبته الجنسية نحوها بصورة شعورية او لاشعورية,وبعدما يشعر الطفل بعدم القدرة على تحقيق هذه الرغبة ينتابه شعوراً عدوانياً نحو الام,وحصيلة هذا الشعور الذي هو بمثابة نتيجة الفشل,يبدأ الطفل في محاولة لإيجاد حلول تمكنه من اسقاط فشله,فأما ينظر الى جميع النساء بنظرة احتقار وتصغير,واما ان يصبح من ذوي الشذوذ الجنسي,او مهووساً بجمع اكبر عدد ممكن من النساء.وفي الواقع ان هذه النظرية تشترك مع نظرية فرويد -الاوديبية - في مسألة الرغبة تجاه الام,ولكن الفرق بينهما,ان اوديبية فرويد تتكون بسبب الاب كونه المانع الرئيسي والمسبب لهذه العقدة,وتنتهي مرحلتها بعد ظهور عقدة الخصاء المسببة لإقصاء المرأة في المجتمع.بينما تتمركز نظرية هورني حول الام كونها هي المانع للرغبة لتؤدي بالطفل الى اقصاء المرأة....


كيف نفهم المسلك النفسي لإقصاء المرأة...؟


ان الرؤى المطروحة من قبل فرويد وهورني تفتقر الى القاعدة المحكمة التي توجب الانطلاق نحو التعميم,فلو كانت العقدة الخصائية والرغبات العدوانية محوراً لنشأة التوجه السلبي تجاه المرأة فكيف لنا ان نثبت وجودهما في جميع الذوات الذكورية؟.


ويجيبنا على هذا الاشكال البروفيسورعدنان حب الله في كتابه التحليل النفسي للرجولة والانوثة ص223 اذ كتب يقول في محور حديثه حول عقدة اوديب.


(في الواقع ما من عارض الا وكان يحمل في طياته حقيقة يعبر عنها من غير علم من الذات,والاعراض المرضية في مفهومها العام ليست الا نتيجة مغالاة لأوصاف موجودة عند كل السويين,فأكتشاف حقيقة في عارض معين هي في حد ذاتها شاملة على سائر كل البشر).


في الواقع ان صحت هذه العبارة عندئذ تترتب امور عدة,اهمها,ان الجنون معمم على سائر البشر وما تمثل طبيعة المجنون الا زيادة في حدة الجنون مادام الامر العرضي يشكل وجوداً مطلقاً في الذات الانسانية,وعندها يخرج مفهوم الانسان السوي من حيز الوجود.وهذا الامر لا يصح من وجوه عدة ويعتبر خلطاً بين المفهوم العرضي والاستعداد.


اذ ان وجود عقدة اوديب في ذات ما يدل على مرضها ويدل على استعداد الاخرين لها,والاستعداد لا يحمل الوجود!وانما القابلية فقط,كما هو الحال في شخص يعشق الدماء,فهذه قضية يحملها الجميع على نحو الاستعداد لا على نحو التطبيق,ولو كان الامر مثلما تصور عدنان حب الله لكان جميع الناس الان في عداد المجرمين.


هذا الذي يدعونا ان لا نلتزم بوحدة وجود العقدة الخصائية والاوديبية او العدوانية الا على نحو التفرد,ويمكننا التعاطي معها على نحو عرضي بشروط موضوعية خاصة.لذا كانت لنا اطروحة اخرى في تفسير هذا التوجه النفسي وهو ما نطلق عليه -الانطباع-اذ ان هذا الامر ترد اليه اغلب المعارف العقلية,وهو يمثل الالهام الفكري الاولي والمباشر لعقل الانسان,والغريب اننا وجدنا هذا المُعرف مهملاً الى حد كبير ولم يتناوله احد بدقة كما فعل ديفيد هيوم-مبحث في الفاهمة البشرية-,وقد اعطى عالم النفس -لاكان- اهمية لهذا الامر في ما يسمى مرحلة المرآة في حياة الطفل الا انه استخدمه بصورة غير دقيقة.حيث يعتقد ان رؤية الطفل لصورته في المرآة تحدث في نفسه احساس باستقلالية الذات او ما يسمى المفهوم الجزئي وفق تعبيرات المناطقة.في حين اننا نرى هذا الشئ امراً ثانوياً وليس اولياً,ولو كان كذلك لما كان الطفل يصرخ ويبحث عن سد حاجته.فأن الشعور بالاستقلالية مرافق للذات بالقوة التكوينية وتعزيزه يتم عن طريق الانطباع,وحادثة المرآة لا تمثل سوى رؤية لهذه الاستقلالية بنحو جمالي.ولما كان الطفل في بداية حياته يكتسب مفردات الحياة من الخارج بصورة مباشرة (انطباعية)فأن الفوارق الجسدية والعقلية بينه وبين المرأة تبعث في نفسه الاحساس بالاستعلاء والتفوق على الجانب الانثوي,وكلما زادت التجارب المؤدية الى اثبات تفوقه,شعر اكثر بدونية المرأة,في ذات الوقت الذي يخلق هذا التفوق صراعاً نفسياً داخل الرجل,ذلك انه يتحرك ضمن طبيعة تحددها المرأة,كونها موضعاً لحاجته,فالرجل لا يستطيع كبت رغباته الجنسية تجاه المرأة,من جهة تمثيلها مطلباً لا يمكن نيله دون تقديم تنازلات اعتبارية,وعندها تكون هذه التنازلات موازية لمشاعر التفوق,هذا الذي يولد في ذاته ردود فعل عدوانية ومحاولات عشوائية لأجل كبح المرأة تخوفاً من الوصول لمكانته,ما قد يعرضه لفقدان قيمة الافضلية التي وهبتها اليه الطبيعة.


ومن هنا كان لنا تحديداً لمواضع انطلاق النظرة الاقصائية.الاولى بحكم الواقع,والثانية بحكم مترتب على الواقع,والثالثة صناعية ذاتية متبادلة.اما الجهة الاولى فهي وليدة الانطباع كما بيننا,ويلحق بها الصراع النفسي,وبعدما يترسخ هذا الانطباع في الذهن يبدأ بتوليد مفاهيم مترتبة على الواقع عن طريق الاستقراء(قياسية),فرؤية الرجل للمرأة في عدم قدرتها على القيام بعمل شاق يخلق تصوراً مطرداً بأنها لا تملك القدرة في الدفاع عن نفسها,وهذا المفهوم نتيجة الاول.


اما الجهة الصناعية فهي مسألة مكتسبة ومتبادلة تتعلق بالتجارب العاطفية ما بين الرجل والمرأة والتي تنتهي بالفشل المكرر,مما يجعلهما يتبادلان التهم والوصف بالقبائح.في حين ان المرأة انفردت تاريخياً بأوصاف خاصة كما في قولهم (الساحرة والعجوز الشريرة),حيث نلاحظ اقتران هذه المسائل بالمرأة على نحو التفاعل النفسي من قبل المجتمع لا على نحو صيغة شعرية او ادبية عابرة.وهذه القضية لا اراها تدخل ضمن فهمنا لموقف الرجل عبر الانطباع وما يليه,وانما سببها شعور المرأة دائماً بالعجز ازاء هيمنة الرجل وتسلطاته,حينها بدأت بمحاولات لتذليل الصعوبات وكسر هذه الهيمنة التي ولدت الابتزاز والاضطهاد على مر العصور,فتناولت موضوع السحر بصورة اكبر كقوة رادعة للرجل,بالرغم من ان كليهما عاجزاً امام قوى الطبيعة.


لذا لم يكن الافراط في استخدام السحر من قبل المرأة الا محاولة لتوازي القوة الفارقة بين الطرفين,وهذا ما جعل هذه الالقاب ترتبط بها تاريخياً عبر ما يسمى بتداعي المعاني في الذهن البشري.....





د .علي ابراهيم
كانون الثاني 2010
\\\\\\\\\\\\\\\\\\

منقول من

المرأة في تصورات علم النفس الغربي


كتابات - جنبلاط الغرابي

http://www.kitabat.com/i66437.htm (http://www.kitabat.com/i66437.htm)