جدليه البحث عن آلهه

عاش الانسان منذ ان وطأت قدمه الارض وهو يبحث عن مثل اعلى يحتذي به . او مرشد يصحح مسيرته .. او مخلص يبرأه من آثامه .. او ملك يطيعه ويأتمر بأمره .. او آله يعبده ..
وتعثر الانسان في مسيرته الى ان ارسلت له السماء هادياً ( نبياً ) من بني جنسه يهديه ويعلمه طريق الصواب ( الاديان ) .
في مره وقبل سنوات ناقشت هندياً ( مهندساً ) كان يعمل معي ( ايام كان العرب والاجانب يملأون العراق ) عن عقيدته فقال لي انه برهمي ... سألته : وبماذا يعتقد البراهمه .؟ قال : ان هناك قوة عظمى ( Big power ) هي التي خلقت العالم وهي التي تتحكم به اي بمفهومنا نحن المسلمون هو( الله عز وجل ) . من هنا لا يختلف اثنان على ان كل الاديان والمعتقدات تعتقد بوجود الله سبحانه وتعالى وان تغيرت الأسماء من حضارة الى اخرى .
نعود الى العالم العربي من ايام ماكان يعبد الوثن حيث اعتقد بان هذا الصنم انما هو وسيله تقربه من الله بطريقه او بأخرى . فقدم لها القرابين والنذور ودافع عنها بكل الوسائل حتى وصل الامر الى التضحيه بالنفس من سبيل معبوده ( الصنم ) . ومع وجود ديانات اخرى بين العرب القاطنين في الجزيره العربيه مثل اليهوديه والمسيحيه لكن اعداد متبيعها اقل من اتباع الوثنيه .
ثم جاء الاسلام ووحد العرب كلهم تقريباً على الدين الجديد ..
مع هذا ضل العربي يبحث عن مثل اعلى .. فلم تكفيه عبادة الله سبحانه وتعالى فذهب يبحث عن رمز يكون قريباً منه ويراه امام عينه ( كما كان يرى الاصنام تنتصب امام ناظريه ) .
بداية كان راضيأ بوجود النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بين ظهرانيه .. يكلمه ويسمع منه ويصلي ورائه ويغزو معه .. لكن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم انقلب المسلمون على اعقابهم وارتد عن الدين الجديد قسم منهم .
هنا كان لابد من اعادة المرتدين الى جادة الصواب( حسب رأيهم ) ولو بالسيف فكانت حروب الرده في عهد ابو بكر ... ولو تأملنا قليلاً هنا لرأينا بان هذه الحروب انما جاءت لتعزيز موقع الحاكم ليس الا .. فالدين بفمهومه السماوي يقول ( لكم دينكم ولي دين ِ ) اي ( لا اكره في الدين ) . بل في حرية الاختيار وديمقراطيه في الاعتقاد . ولو بحثنا اكثر في هذا الجانب لرأينا المسأله تتعلق بالموضوع المادي من باب اولى .. فقد امتنعت القبائل المرتده عن اعطاء الزكاة بحجة ان الحاكم غير مؤهل لأستلام هذه المبالغ لكونه غير الذي نصت عليه وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم . اذن هو مال وسلطه قبل ان يكون شئ آخر .
وضلت العرب تبحث عن مثل اعلى ... منهم من تمسك بالصحابه ومنهم من تمسك بأل بيت النبي صلى الله عليه وآله سلم . ومازال الجدل محتدماً الى الآن ولن ينتهي الى قيام الساعه .. وبين فترات الهدنه الجدليه بين الفريقين كان لابد من رمز يسد الفراغ .
فاتجه الكثيرون الى الحاكم والسلطان واعطوه الصلاحيه المطلقه بالتحكم في مصائر ومعايش البلاد والعباد ( آله صغير ) حتى وصل الامر الى ربط اسم الحاكم بأسم الله كما فعل بنو العباس . فكانت اسماء اكثر الخلفاء العباسيين تنتهي بأسم الله ( المعتصم بالله , المستنصر بالله , المتوكل على الله , المستعصم بالله.. وغيرهم .)
وفي الزمن الحاضر ربط الحكام انفسهم بالخالق عن طريق آخر وهو النسب فكل حكامنا العرب تقريباً يدعون ان نسبهم ينتهي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . كل ذلك
ليخدعوا العامه من شعوبهم بأنهم مبرأون من الخطأ وانهم من سلالة مقدسة ويجب ان يطاعوا طاعة عمياء ( يُعبدوا ) وقبل العربي بهذه الخدعه علناً وربما لعنها في السر .
لكنه في كل الاحوال راض مادام هناك رمز وان كان هذا الرمز من الخطائين والمجرمين والسراق .. لايهم .. المهم ان رمزه مرتبط بطريقة او بأخرى بالله عز وجل .
البعض ممن لم يعجبه نصف الآله المنصب عليه بالقوه اتخذ مسار آخر وهو رجل الدين
الذي يقلده في كل شئ ( العباده والمعامله ) ولايسأل عما يفعل رجل الدين هذا في خلواته
ولا كيف يستبط الاحكام الشرعيه ( ذبها براس عالم واطلع منها سالم ) .

ان مكنون الوعي العربي وقف عن حدود البحث عن آله يربط به مصيره الدنوي .
وان كان الآله الحق موجود ومرتبط به مصيره الأخروي .
فلا بأس من وجود الاثنين معاً . مادام يرضي تفكيره الذي توقف عن النمو منذ اكثر من 1400 سنه ..


طركاعه
29/1/2010