المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمَا مِن نَاصِرٍ يَنْصُرُنَا



الحــر
18-12-2009, 05:39 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وَيَبْدَأُ العَدُّ التَنَازُلِي لِكَسْوِ العَالَم بِالسَّوَاد , والإتِّشَاحِ بِالحُزْنِ , آنَ للقُلُوبُ الطَاهِرَةُ أن تُمَارِسُ لَذَّةَ بُكَاءِ الحُسين , وللأروَاح أن تُغَادِر الأرْض وتَطُوفُ السمَاوَات , تُعزِّي فَاطِمَةَ الزَّهْرَاء بِفَقِيْدِهَا قَتِيلِ العَبْرَة الّذِي ما ذَكَرَهُ مُؤمِّنٌ إلاّ وبَكَىَ , إنَّهُ الشهْرُ الّذِي بَكَت فيهِ السَمَاوَاتُ وسُكانها , والأرَض وعُمَّارها ..
وكأنَّنَا فِي هذا الشَهْرِ نَسْمَعُ النِدَاءَ الأسْمَىَ , والهِتَاف المَلائِكِي , حَيْثُ بَقِيَ الحُسينُ وحِيداً عَلَىَ رَمْضَاءِ كَرْبَلاء , يُنَادِي " أمَا مِن نَاصِرٍ يَنْصُرُنَا , أما مِن مُغيث يُغيثُنا " , إنَّهُ المُحَرَّمُ مُقْبِل , إنَّهَا الصَرْخَةُ تَذْوِي فِي الآذَان وتُلامِسُ النُفُوسَ الحيَّة , وكَأنِّي بِالمَلائِكَةِ الضَاجِّين , في كُلِّ صَوْبٍ يَنتَحِبُون !..
إنَّهَا صَرْخَةُ الحَق , والنِدَاءُ الَّذِي يُنَاسِبُ كُلَّ الأزْمِنَة , ويقصِدُ الضَمَائِر فيُحييهَا, والقُلُوبَ فيُطَهِّرُهَا , إنَّهُ النِدَاء الّذِي وجَهّهُ الحُسينُ رُوحِي لهُ الفِدَاء لِكُلِّ العالمِين , ولكُلِّ الأزْمِنَة !..
فهَل يا تُرىَ سنَخْذُلُ الحُسين , ونصُمُّ آذَاننا عَن سَمَاعِ النِدَاء , بالتَّأكِيد فإنَّ مَنِ ارْتَضَعَ لِبَانَ حُبّ الحُسين, وكذلِكَ مَن عَرَفَهُ حقَّ المَعْرِفَة , وعَرَفَ عَظَمَة تضْحِيَتِه , لَن يَخْذُلَه أبداً !..
وهُنَا يكُونُ السُؤَال , كَيْفَ نَرْبِطُ على قُلُوبِنَا معَ الحُسين .؟
عَشرةُ الحُزْنِ قَادِمَة , ونَعْلَمُ كَيْفَ لِهذِهِ العشرَة مكَانٌ عَظِيْمٌ فِي قُلُوبِنَا إذِ التَجْهِيزَات والإسْتِعْدَادَات تُسْبَقُ بِفَتْرَة , وها هِيَ القُلُوب تَهْفُو للإلتِقَاء بمَعْشُوقِهَا والذَوَبَان في أبْجَدِيَّة عِشْقِ الحُسِين , فيَالهَا مِن لذّةٍ لا يستَشْعِرُهَا إلاّ مَنِ انْغَمَسَت رُوحَهُ بمَاءِ مَعِينِ حُبّ الحُسِين .. !
فمِنّا مَن يَشْعُرُ بِأنّ هذِهِ الأيَّامُ هِيَ المُختصَر الشَفِيف للعَامِ القَادِم , وهِيَ فُرصَة وإضاعتها غصّة , والبَعضُ ينتَظِرُ لإصْلاحِ نَفْسِه , لَيَسْمَعَ مُحاضرَة دينيّة توعوِيَّة , تُمهِّد لهُ طريق التوْبَة , وتمكّنهُ من تخطّي كُلّ العثرات , و البَعْض يَنتَظِرُ لِينهَل من فيضِ الحُسين عليهِ السَّلام , ويرغَب في علمِه , واقتِفَاء أثَرِه !
البَعض الآخر يجِد في البُكاء على الحُسين لذّة وطريق نحوَ الصوَاب , ونحوَ عوالِم السمَاء , فنَجِدُهُ مِنَ المُتابعِين للمآتِم , المُتواجِدِينَ دائِمَاً , المُنتَظِرِين والمتُرقّبِين للأيّام الأولَىَ من شهرِ مُحرَّم !
وآخرُونَ لاهُون !!!!!
فمُحرَّم يختَلِف من فردٍ لآخر , من فكرٍ لآخر , من عقل لآخَر , من قلبٍ لآخر , فنرَىَ بعضَ ضُعفَاء النُفُوس , في الكفَّة الأخرَىَ , ينتَظِرُونَ مُحرّم لتتسنّىَ لهُم الفُرصَة لإشْبِاع لذّة النَظَر إلىَ الجِنسِ الآخر , والتظَاهُر بخِدْمَةِ الحُسِين فِي حِين أنّ الحقِيقَة والوَاقِع هُم يهْدِمُونَ هذِهِ الشعَائِر الحُسينِيّة , ويشُهوّهُونَ أهدافَهَا وحقِيقتهَا , فنرَاهُم يُضيعُون القيمة العُظمَىَ من الشهرِ العظيم , في الهرجِ والمَرج , وترى مواكِب الحُسين تَظْهَرُ , و يتزامَن ظُهُورُهَا وظهُور بعض الشبَاب الطائِش المُراهِق , والفتَيَات المُتبرِّجَات تنْظُرْنَ إلَىَ مواكِبِ العزاءِ للتفَرُّجِ دُونَ فائِدَةٍ تُذْكَر , فلا الحُزنُ بادٍ على الوجُوه , ولا العيُونُ بَاكِيَات !
فقَط السُخرية والهزَل هُوَ همّهُم الأوَل , فيالهُ من زمنٍ يُعرضِ النَاسُ فيهِ عنِ الحقّ , ويتجّهِونَ نحوَ اللهو , ويُستخدَمُ الحقُّ فيهِ للباطِل , هُوَ الأمرُ كذلِك , فهُم يدّعُون خدمَة الحُسين من أجلِ تحقيق أهدافهم الرخِيصَة , والكثِير ممّا سَمِعنَاهُ وشهِدنَاهُ بِمرَأى أعيننا في الأعوام السابِقَة , لهُوَ حقّاً يُدْمِي العَين , وإثبَات الشيء لا يَنفِي ما عدَاه !!
إنّ انطِلاقَة الحُسِين رُوحِي لَهُ الفِدَاء ما كَانت لمُمارسَة البُكاء وبعضِ الشعَائِر في فترة زمنِيّة مُحدّدَة , ومعصية الربّ في فترة أخرَىَ , بَل انطلَقَت لتكُون ثورة خالِدَة بكُلّ تفاصِيلِهَا في أعماقِ كُلّ إنسان رسالِي , وإنّما هذِهِ العشرة تكُون أشبَه بجرسٍ يدُقُ لِيُذكّرَ الإنسَان بما قدّمَهُ الحُسين عليهِ السّلام من تضحِيَات من أجلِ إقَامَةِ الصلاة وترسِيخ الدِين في أعماقِ كُلّ فَرد !
إنّه , لمِنَ المُخجِلِ الإعترَاف بِأنّ فئة من شبابِ اليُوم لا يُصلِّي وإنَّما يعتَبِر المآتِم الحُسينِيّة والمواكب والتطبير طقُوس تُمارس لفترة , وعادَات رُسِّخَت منذُ زمَنٍ بعِيد , ويقُوم بِهَا على أسَاس أنها صَارت عادَات , وذلِكَ بسبَب العقِيدَة السَطْحِيَة ..!
ومِنَ المُحزِنِ حقّاً , أن نرىَ المآتِم تصدَحُ بِصَوْتِ الحقّ وتُبيّن دور السيّدَة زَينب عقِيلَةُ الطالبِين , في كَرْبَلاء , وكَيْفَ لحِجَابِهَا وصلاتِهَا وثقافَتِهَا وأدَبِهَا وأسلُوبِهَا في الخِطَابَة وقُوّتِهَا وتمكّنِهَا , دور عمِيق في واقِعَة الطَفّ الأليمَة , وحتّى تلكَ التفَاصِيل , كصلاتِهَا في ليلَةِ الوحشَة / ليلة الحادِي عشر لِمَا لهذا المَشْهَد مِنَ الأثَر العَمِيق في النُفُوس !
ونرى بعض شاباتنا اليُوم , وقَد أعمَتْهُم الرَغبَة , وصُمّت آذَانُهُم عن سمَاعِ الحقّ والصواب , يرتدُون العباءَات الضَيِّقَة الّتِي تكشِفُ ولا تستُر , ويتزَيَّنّ بالحُلِيّ والحُلَل , ويُبالِغنَ في التطَيّبِ والتعطّر , بِمَا يجرَح مشَاعِر الكَثِير مِنَّا فمَا بَالُنَا بفَاطِمَة الزَهْرَاء عليهَا السَّلام وهِيَ ترَىَ وُفَّادَ مآتِمِ ابنِهَا بِهذا الحَالِ , بَل وكَيْفَ ينْظُرُ الموعُودُ مِن آلِ محمَّد لِهذا الحالِ ..!
البَعض مِنْهُم لا يَدْرِي كمِ السَاعَةُ ولا وَقت الأذَان , ولا كَيْفِيَّة الصَلاة , ولا يَعرِفُ إلاّ المجلات الرخِيصَة الّتِي لا تُغنِي ولا تُسمِنُ من جوع , لا قُدرَةَ لهُم على الكِتَابَة , ولا طاقةَ لهُم على المواجهَة, ولا يجِدنَ أيّ فنٍ للخِطَابَة !
فكَيْفَ ندّعِي أنّنَا نُلبّي النِدَاء , وكَيْفَ نصرُخُ بـِ "لبيكَ يا حُسين " , ونحنُ لا نقتدِي بِمن هُم أهلٌ للإقتِدَاء , بِمَن قال لها الحُسين روحي لهُ الفِدَاء , " أخيّة زينب اذكُريني في صلاة اللّيل" , لِمَ ندّعِي معرِفَتَهُم وقُربَهُم , ونحنُ بعِيدُونَ كُلّ البُعدِ عنهُم , لا نتخلَّقُ بأخلاقِهِم , ولا نتصّفُ بصفَاتِهِم , لِمَ ؟!
ألا يجدُرُ بِنَا أن نتوقّفَ لِلحظَة , نتأمّل تصرُفَاتنَا , ونُعاتِبَ هذِهِ النَفْس , ونلُومُهَا , على كُلّ الذنُوب الّتِي اقترفتهَا .. !
ألا يجدُرُ بِنَا أن نتوقَفَ لِلحظَة , لِنرَىَ كَم أجْحَفْنَا في حقِّ مِن قدَّمَ كُلّ ما يَملِك لِيُصلِحَ في أمَّةِ جَدِّه ويأمُرَ بالمَعرُوف وينهَىَ عنِ المُنكَر !
ألا يجدُرُ بِنَا أن نتوقَفَ للحظَة , لِنرَىَ كم أجحَفْنَا في حقِّ أنفُسِنَا , بإلبَاسِهَا ثوبَ الذنب , ومعصية الرب , والتقصِير في من أعطَىَ , وبذَل مُهجتَهُ !
ألا يجدُرُ بِنَا , أن نُعِيدَ التفكِير مليَّاً !!
إنّهُ المُحرّم , وإنّهَا عاشُورَاء .. لـِ نُفِيقَ من غفلَتِنَا , لـِ نُطفِئ غضَب الربّ بالدمُوع بِالبُكاءِ على الحُسين , لـِ نَتُب إليه , ولـ نكُن مِنَ خُدَّامِ مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد , والنَّاصِرِينَ لهُم , وبِذَلِك نُلبِّي نِدَاء الحُسين , حيثُ يقُول " أما من ناصِرٍ ينصُرُنَا .. " , فلنَنصُر الحقّ بكُلّ ما أوتِينَا من قُوّة.. والسّلام

نبض المحبه
18-12-2009, 06:11 AM
السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين

و على الأرواح التي حلت بفنائك

عليكم مني جميعا سلام الله أبدا ما بقيت

و بقي الليل و النهار

الحــر
18-12-2009, 08:41 AM
حياك الله عزيزي

وعظم الله لك الاجر

دمت بكل خير

ام فيصل
18-12-2009, 11:47 AM
بارك الله فيك عزيزي
على روعة هذا الطرح
وجمال هذه الكلمات النورانية

فمعك معك ياابا عبد الله وعلى نهجك ونهج جدك وابيك سائرون

فالسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا يامولاي

مع تحياتي لك عزيزي
ولهذا الإبداع المتواصل

الحــر
18-12-2009, 06:15 PM
بعظم الله اجرك امنا الغاليه

واشكرك جزيل الشكر على التواصل والهمه النابعه من طيبك

اسئل الله لك الصحه والعافيه

حيدر القريشي
18-12-2009, 06:23 PM
عظم الله لكم الاجر اخي الموالي
وجزاكم الله خيرا على هذا الطرح المبارك
لك مني كل الود والتقدير
مع امنياتي لك
بالتوفيق في كافة مراحل الحياة

قرة العين
19-12-2009, 12:10 AM
السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين

و على الأرواح التي حلت بفنائك

عليكم مني جميعا سلام الله أبدا ما بقيت

و بقي الليل و النهار


عظم الله لكم الاجر والثواب
وجزاكم الله خيرا على هذا الطرح المبارك

لك الشكر واصدق الدعاء
دمت بحفظ الرحمان