المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدال وانقطه في سوق الخرده ـ اقراء بس



عراقي هواي وميزة فينا الهوى
01-12-2006, 11:27 PM
الــــــــــــــــدال ـ والنقــــــــــــطه
فــــــــــــــــي
ســـــــــــــــــــــــوق
الـــــــــــــــــــــــــخــــــــــــــــــــــ رده

القى الحصار, بعد احداث الكويت , على العراق باثاره السلبية على كل مرافق الدولة وكان التعليم العالي احد القطاعات التي بان عليها تأثير الحصار في مرحلة مبكرة من خلال النقص الحاد في الكادر والتجهيزات وفقدان حلقة الاتصال بين الجامعات والمعاهد العراقية والعالم الخارجي. وكرد فعل لذلك وعلى طريقة الانظمة الشمولية في اقتراع الحلول للمأزق والمعضلات التي تجابهها وجد البعض من الذين اعتادوا الاسترزاق من الموائد الانتهازية فرصتهم الذهبية في الدعوة الى تحويل العراق وفي تلك الظروف الى مفقس كبير للشهادات العليا من خلال ماتمخضت عنه انذاك ماأطلق النظام على تسميتها بندوة النهوض بالواقع التعليمي في العراق. لقد كان انشاء جيل من حملة الشهادات العليا بالنسبة لعرًابي ذلك المشروع لايعدو كونه اكثر من انتاج قطع ومواد جديدة , يصعب استيرادها , في احدى منشأت التصنيع العسكري تم كتابة ( برقيات ) البشرى بانتاجها مسبقا , وعندما انبرى احد الاكاديميين الكبار الى استهجان هذه الطريقة في انتاج الكادر التدريسي مشيرا بغيرته المهنية الى ان الاستاذ الجامعي هو شخصية انسانية بطراز خاص وفلسفة في الاختصاص خرجت الابواق والاقلام الانتهازية في اليوم التالي لتكتب وتحكي عن ( الوقاحة في حضرة القائد ) حيث كيف يجوز لكائن ما ان يضرب بيده على الطاولة وهو يطرح افكاره امام ( القائد الاوحد)!

لم تنفع كل المحاولات التي بذلها البعض للتنبيه الى سلبيات الفكرة فالاهم لدى النظام الشمولي ان يوهم نفسه بالعثور على الحل دون التفكير بعواقبه خاصة وان شعار ( تبا للمستحيل ) قد فُتِحت امامه كل الطرق والابواب دون اشارات حمراء , فبدأت الجامعات العراقية في التنافس فيما بينها على قدرتها في انتاج اكبر كم من حملة الشهادات العليا بل الانكى من ذلك ان جامعات جديدة لم يمضي على تأسيسها إلا سنوات معدودة تشكو فقر العدة والعدد من الكادر دخلت المغامرة نفسها واصبحت بعض كلياتها و اقسامها تفتخر في انها قد رفعت الى ( القائد ) برقية البشرى بفتح الدراسات العليا فيها , بينما تعيب رئاسة الجامعة والعمادات على كليات واقسام اخرى لم تتمكن من الوصول الى نفس ( الانجاز ). ليس المقصود بخلا او غيرة من حصول طلبة الشهادات والطامحين اليها على تلك الشهادات فهم كنز الوطن الثمين والخميرة التي يقع على عاتقها انتاج عجينة كبيرة نوعا وكما, ولكن الشخصية الاكاديمية ليست نتيجة لحقنة دسمة من المعلومات في الاختصاص فقط , بل ان هذه المعلومات تشكل ركنا اساسيا من اركان هذه الشخصية, يحدث احيانا ان يكون الانسان نابغا وموهوبا في اختصاصه لكنه يعجز عن ايصال المعلومة الى طلبته او ترك بصمته عليهم. كما يعتقد البعض ان اكمال الدراسة لنيل الشهادة العليا في بيئة خارجية تساعد الى حد كبير في صقل شخصية انسانية جديدة الى جانب اكتسابها الى المعلومة في الاختصاص الدقيق , ناهيكم عن ان البحث العلمي يتطلب في شروطه اتباع الطرق العلمية والاسلوب الرزين لحل المعضلة او نقد ودحض النظريات الاخرى. ان الوصف والحكم الذي يطلقه الجمهور على البعض , من ( نواب الضباط ) الذين وجدوا انفسهم ( ضباط ) بشخطة قلم , في سلوكهم المهني والحياتي يعطي ربما توضيحا صارخا للصورة المطلوبة, ليس المقصود اطلاقا الانتقاص من احد حيث لايستطيع كائن من كان ان يتحدث سلبا عن كل من يملأ ملابسه ومركزه وشهادته ايا كانت خلفيته ولكن الانسان مجبول بالفطرة على استنباط الاسباب التي تجعل الشكل لاينسجم مع المضمون.

بعد الاحتلال برز بافراط وجود كم هائل من حملة شهادة الدكتوراه في الحياة السياسية والاعلامية العراقية فالوزارة العراقية سرية من حملة الدكتوراه ومجلس النواب العراقي لواء من حملة الدكتوراه اما المؤسسات الاعلامية والمواقع الالكترونية بصورة خاصة فهي تزهو بالدال والنقطة وهي تسبق جيشا من الاسماء الكريمة , وقد وجد البعض من الكوميديين العراقيين في هذه الظاهرة موضوعا طازجا للتندر والكوميديا. انه لفخر كبير ان تتولى النخبة المتعلمة المتسلحة بارقى الشهادات زمام امور البلد وتنوير ابنائه ولكن أليس الاجدر بهؤلاء ان يكونوا عند حسن الظن فيحرصون على تقديم انفسهم كاصحاب شهادات بتلك الصورة التي تترك انطباعا ايجابيا لدى المتلقى . لقد شاهدت قبل ايام مقابلة تلفزيونية على القناة الفضائية العراقية مع الدكتور محمود المشهداني رئيس مجلس النواب , وبعد اسئلة كثيرة اجاب عليها رئيس مجلس النواب بطريقته المعتادة وكانه يبيع ويشتري في الشورجة , ثم ختم كل ذلك بانتقاد لايمت للسياسة بصلة فقال لمحاوره ان البعض يلجأ الى صبغ لحيته وهي بيضاء ناصعة ! فاجابه مقدم البرنامج وبالعامية ( هسه يادكتور انت شْعليك بيهم اذا يصبغون ) فكحًلها الدكتور رئيس مجلس النواب بضحكة اعقبها بالقول ( مو أني هم اريد اصبغ ). ترى كم من العراقيين المساكين كان يئن ويتوجع او لاقى الموت في تلك اللحظات التي تكلم فيها الدكتور رئيس مجلس النواب عن الصبغ؟ كتبت مقالي الاخيرعن الحرب اللبنانية الاسرائيلية وهي وجهة نظر قد تكون خاطئة ولايتفق معها كثيرون, لكنني فوجئت حقا برد وصلني تزيًن سطوره الاتهامات والشتائم وكانت الصعقة كبيرة حقا عندما شاهدت في النهاية الدال والنقطة تسبق الاسم الكريم الذي كتب الرد. هل اصبح الشتم وعدم تقبل الرأي الاخر قسما من اقسام الكليات والمعاهد والحياة الثقافية العراقية , له للاسف مقرراته واساتذته وبالتالي طلبته. من المؤكد ان قسما مهما من الاسماء الفعالة في الحياة السياسية والاعلامية العراقية اليوم , هم من الذين انهوا دراستهم وحصلوا على شهاداتهم خارج العراق لكن الطامة الكبرى تكمن في انهم فشلوا في تعليم انفسهم ذلك المبدأ الذهبي الذي تقوم عليه الحياة في تلك الدول وهو احترام وتقبل الرأي الاخر. اذا كنا أحبة واخوة واصدقاء ونحن نختلف في الجنس واللون والدين, فلماذا لانبقى كذلك عندما نختلف في الرأي السياسي؟ هل السياسة اسمى من كل ماعداها ؟ لقد ملأ دعاة الديموقراطية وركاب موجتها اذاننا طنينا في الحديث عن الدكتاتورية والقهر والاستبداد في الوقت الذي يمارس البعض من هؤلاء, وقسم منهم للاسف يحمل ارقى الدرجات العلمية والاجتماعية , ابشع انواع الارهاب في الفكر حيث يبشٍرون من يختلفون معه في الرؤية والتحليل بما لذَ وطاب من الشتائم والاتهامات والعقوبات, خاصة عندما يعرج ذلك الصوت على الدور الانتهازي لبعض الاطراف الاقليمية والدولية في قضايا المنطقة . انه لغريب حقا ان ترى بعض النفوس تشتعل غيرة على الامريكان والايرانيين الكويتيين وغيرهم فتنتفض لهم كأسد ضرغام عندما يحاول كاتب ما طرح وجهة نظره في تعرية الدور الذي تقوم به تلك الاطراف. عبثا نتكلم عن المصالحة ونحن لم نتصالح مع انفسنا اولا في الايمان بالرأي والرأي الاخر, متى يؤمن البعض نصا وروحا, قولا وفعلا بتلك المقولة الرائعة التي تقول ( لا أتفق معك في الرأي ولكنني مستعد ان أُضحي بنفسي من اجل ان تقول ماتعتقد به ) ؟ تم تطويب احد الاساقفة ومنحه مرتبة القداسة في احدى دول امريكا الجنوبية لاعماله الجبارة في اشاعة روح المحبة وتقبل الاخر حتى يقال عنه مجازا ويعرٍفَه الشعب انه الرجل الذي جعل الكلب والقطة والفأرة يأكلون جميعا بوئام على مائدة واحدة!

حملة الدال والنقطة , انتم ملح الوطن فاذا فسد الملح فبماذا يملًح . ان الدال والنقطة مسؤولية اخلاقية قبل ان تكون تشريفا لاسم من يرافقها وانها لدعوة صادقة لنكون جميعا بمستوى هذه المسؤولية ونقي الدال والنقطة من ان تكون بضاعة رخيصة في سوق الخردة.


سوق الخرده

يعني للي ما يعرف سوق الخرده

سوق هرج ـ سكراب ـ تفسيخ

سوف الجمعه

ـ سةف الحراميه