تـــــــحــــــــــــت الــــــــمـــــــــطــــــــر

--------------------------------------------------------------------------------





تحت المطر ... طرنا سوية ً ..

كنت أشعر بالبرد .. و كان صوتها الخافت يبعث الدفء حولي ..

كانت يداي ترتجفان .. ليس برداً !!

و لكنهما ترتجفان ...

تحت المطر ... كنت أشعر بأمان معها ..

رحلتنا كانت هادئة .. كانت مجنونة

في الطرقات سرنا ..

بين أضواء السيارات تهنا سوياً ..

كنا سعيدين ..

كانت كلماتها تنطلق بعفوية ...

تتكلم وتتكلم .... و أضحك

يأتي دوري ,

أتكلم ... ولا أذكر شيئا من كلامي !

كنت أسمعها ... و لا أسمع صوتي

بقربها .. كنت طفلا

نسيت نضجي .. نسيت سكوني ..

أضعت نفسي

لم أكن أنا هو أنا االذي يعرفه الجميع !!

كانت السعادة أعظم من أن تتركني على حالي

شعرت بنفسي أمير .. ليس أي أمير

أمير المطر ..

كانت السماء تمطر علي سعادتها

من كل قطرة مطر استرقت ابتسامة

و من صوت طرقاته على أبواب قلوبنا

عرفت أن الفرح قد وصل .. و بابي قد طرق ..

رائحة البرد ... آآآه ما أحلاها معها

عبق المطر ...

كان يملأ الأرجاء

جعلني أندم على أيام مضت لم أعرف أنها موجوده

على الأرصفة تابعنا سيرنا

تابعت حديثها ... و تابعت إنصاتي

كانت تحب ابتساماتي ..

و كنت أعشق ضحكاتها

..

كانت تخاف علي من البلل

و لكني .. كنت أحب ذلك البلل

و كانت تعلم ... كم يحب فارسها المطر

أخذنا الحال ...

نسينا المطر .. و تناسينا البلل

كنا في عالم آخر ..

كان البرد قارصاً .. و الرياح تقصف بكل شيء ..

كنا نسير ...

و كانت بين الكلمات تنظر إلي ..

فتقطر نظراتها حنانا يضيع في عيني

و يضيعني معه ..

ويضيع الطريق , ولا أدري أين أنا من ذلك العالم ..

رحلتنا تحت المطر ..

كانت رحلة طائشة

حلوة بطيشها و جنونها

وصلنا إلى الحديقة ..

كنا هنا منذ أيام ..

كانت الشمس معنا

و السماء الزرقاء تحيينا

و برد الصباح الشتوي يداعب حديثنا

قصدنا المقعد ذاته ..

هناك تحت شجرة الليمون ..

كان ينتظرنا ..

رغم تزاحم العشاق ... و قلة الأماكن ..

لم تسمح شجرتنا لغيرنا بالجلوس

و كأنها كانت تعلم أننا قادمان ...

في الحقيقة كنا تعبين ..

بعد ساعة من السير تحت المطر

لم نشعر بالوقت

لم نشعر بالتعب

لم نشعر بالبرد

فأرواحنا لم تكن تصاحب أجسادنا في رحلتنا

في الحديقة

تحت الشجرة

جلسنا نراقب المطر

تخيلناه يرسم أسمائنا تارة ..

و تارة يصورنا معا ..

تخيلناه يغني لنا ..

و سمعنا صوت رخيم يتسلل من بعيد ..

" هوياتي صغيرة وابتساماتي صغيرة , وطموحي أن أمشي ساعات معها تحت المطر "

كنا نتلفت ..

خوفا من هروب الوقت ... و استئذان المطر

خوفا من هروب السعادة

" من انتي وسحر في عينيك "

اخيتي .. انتِ رفيقة المطر

لون الثلج ..

نور الشمس

اخيتي .. شذى الزهر

وعطر المرج

و أحلى الهمس

" اخاف ان تودعينني ولا تعودي"

أخاف من ظلم الأيام ..

تعلمين كم أحبكِ

و تعرفين كم تحبنا الحياة سوياً ..

و لكني أخاف عليك ..

...

بدأ المطر بالتوقف ..

أظنه تعب ..

أدى مهمته ..

بلل العشاق في ليلة شتوية موحشة

جعلها ليلة من ألف ليلة و ليلة

عزف على أوتار سعادتهم ..

و رسم لوحات بألوان الفرح ...

و لكن حان وقت وداعه ..

و لأنه عند الرحيل .. يرحل خِجلاً ..

امتزجت قطراته الرقيقة بدموعي ..

ساعدني المطر ..

تداركت الموقف قبل أنترى اخيتي دموعي

تظاهرت بأنها قطرات رفيقي المطر ..

......

كلانا كان يعلم ..

لابد من نهاية

قد تكون هي البداية

و لكنها صعبة

مقدر علينا

أن أعود لحياتي بعيدا عنها

و أن تعود لحياتها بعيدا عني

و أن تبقى ذكريات المطر رفيقة كل منا في وحدته ..

ربما ...

لم تقرر السماء بعد علينا أن نجتمع ..

ربما ...

تخشى السماء علينا

فحبنا لايزال فتياً ..

لعظمته ... لا يزال فتياً ..

و هي منذ زمن لم تر كحبنا طفلا بريئاً ..

ربما ...

نصبر اليوم

لنكسب في الغد ...

...

اخيتي ... لا تحزني

سنعود لنلتقي

في ليلة شتوية قادمة ..

و سيكون المطر موعدنا !

..

وشاء القدر أن يجمعنا ,, حينها تذكري تلك الرحلة تحت المطر ..