أمام ضوضاء الإزدحام الفضائي والإذاعي، يقف المتلقي بين مشدود ومستغرب ومستحوذ عليه، عبر طرح متفاوت بين الجيد وهو القليل وبين الرديء وهو الأكثر إنتشارا ووصولا للمشاهد والمستمع، الذي يبقى فريسة سهلة لمثل هذه الرداءات، وهنا نحاول تسليط الضوء على الوسائل التي تنتهج من قبل هذه المحطات لخداع المشاهد وزيادة أعبائه المادية من خلال استقطابه للقيام بإرسال رسائل sms . خبراء في الإعلام حذروا من أن الملايين التي ينفقها الشباب على هذه الرسائل ما هي إلا تخريب للعقول والاقتصاد، مؤكدين أن العائدات التي تجنيها المحطات الفضائية والإذاعية fm تجاوزت 4.5 ملايين دولار شهريا، ووصلت بعض الارقام في العام الماضي الى 6 ملايين دولار في الشهر. يؤكد أساتذة علم الاجتماع أن تلك الظاهرة نتيجة طبيعية لعصر الفضاء المفتوح على الغرب الذي يصر البعض على أنه مؤشر تطور وتقدم، ويتجاهلون أنه تخلف واقعي في ظل غياب رقابة صارمة، منوهين أن السبب الرئيسي لتنامي هذه الظاهرة وإقبال المراهقين عليها لكسر الملل والإحساس بالضياع، والملفت تطورها الذي تلاقيه يوما بعد آخر لاسيما في ضوء تكاثر البرامج التي تحاول إشراك الجماهير من خلال رسائل قصيرة sms ، بل وجعلها محوراً رئيسيا في هذه البرامج، مضيفين إليها هاتفا يبدأ برقم 700 لزيادة استنزاف مزيد من الأموال عن طريق الاتصال بهذه الأرقام.
فتاة خلف الجهاز
إحدى الجرائد المحلية أثناء جولة لها في إحدى المحطات، طلبت من إحدى المذيعات التعرف على آلية عمل رسائل sms،بصفة استثنائية، مع التعهد بعدم التصوير والتطرق للموضوع، فدخلنا إلى هذا القسم وكان هناك جهاز كمبيوتر، وفتاة تقف خلفه، سألناها كيف تتحكمين بالأمور سريعا، قالت بإنتشاء وفخر لحظة وتشاهدون، ففتحت التفعيل للرسائل وقالت أنا اكتب بإسم هؤلاء ( بنت الرياض، حصة، بنت ينبع، الهنوف)، وبمجرد أن أقول ( وينكم ياشباب) تنهال الرسائل، قالت تحبون أن نجرب، قلنا لها ( نريد.!)، فقامت هذه الفتاة بتشغيل اسم الهنوف وكتبت على الشريط المتحرك في هذه الفضائية ( الهنوف:&&& السهرة للصبح.. حمودي واحشني فينك اليوم)، وماهي إلا دقيقة، ووصلت رسائل متنوعة ( مخاوي السمر .. foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? ماهو موجود .. المخاوي يرمي التماسي)..ووو.
كانت تجربة عملية، أظهرت ما يهدف إليه القائمون على مثل الفضائيات والإذاعات من تسطيح المجتمع وبث السخف واستنزاف الجيوب.
ابتكارات واستفزازات
وسائل الخداع المختلفة التي تمارسها القنوات الفضائية، لاستقطاب المشاهدين الشباب وجرهم إلى الشريط المتحرك، متعددة، فبعض المحطات الإذاعية والتليفزيونية تُظهر برنامجا كمباراة رياضية لفريق الإتحاد أو الهلال أو الأهلي أو النصر، وتطلع المذيعة (فين جمهور الإتحاد اليوم مايرسلون)، وبهذه الطريقة يتم فيها استفزاز جمهور الخصم ليتصل، وينطبق الأمر على برنامج التصويت على سباقات الأغنية بين جمهور الفنانين محمد عبده وراشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله وخالد عبدالرحمن ورابح صقر، ليبدأ شحن جمهور على حساب آخر، وفي النهاية رسائل sms ، وقراءة الصحف والخروج بعنوان مثير أو قضية مثيرة، لتطرح على المشاهدين والمستمعين لحصد المزيد من الاتصالات عبر 700 أو sms ، وهناك وسيلة أخرى تنتهجها بعض قنوات الموسيقى تتمثل في تقديم برامج الرقص الشرقي لتشتعل الرسائل من كل حدب وصوب.