فوا عجباً من سرعة الأيام..!!



= ها قد رحل عامنا الهجري الثامن والعشرون أربعمائة و ألف..رحل بما حوى بين جنباته من أفراح وأتراح وآلام وآمال فكم سعد فيه من أناس وكم شقي فيه من آخرين ، كم من دمعات انحدرت فرحاً باللقاء، وكم من عبرات سكبت من لوعة الفراق.......
مرت سنون بالوئام و بالهناء فكأننا وكأنها أيام
ثم أعقبت أيام سوء بعدها فكأننا وكأنها أعوام

لقد انصرم هذا العام من أعمارنا..انصرم, بأيامه ولياليه, انصرم بساعاته, انصرم بدقائقه وثوانيه , انصرم هذا
العام وكل لحظة منه تباعدنا عن الدنيا وتقربنا من الآخرة ..

نسير إلى الجبال في كل لحظة وأعمارنا تطوى وهن مراحل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى فعمرك أيام وهن قلائل
وما هذه الأيام إلا مراحل يحث بها حاد إلى الموت قاصد
وأعجب شئ لو تأملت أنها منازل تطوى والمسار قاعد

قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنه
قال :فأنت منذ ستين سنه تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ.
فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الفضيل:أتغرف تفسير قول: إنا لله وإنا إليه راجعون؟؟!
فمن علم انه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم انه موقوف , ومن علمه انه موقوف
فليعلم انه مسئول , فليعد للسؤال جواباً.
فقال الرجل: وما الحيلة؟
قال : يسرة قال:ما هي؟
قال:تحسن فيما بقي لك ما مضى, فإنك إن أسأت فيما بقي وما بقي والأعمال بالخواتيم.


وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: (ارتحلت الدنيا مدبره وارتحلت الآخرة مقبله ولكل واحدة منها بنون, فكونوا من أبناء الآخرة, ولا تكونوا من أبناء الدنيا , فإن اليوم عمل ولا حساب , وغداً حساب ولا عمل ) أخرجه البخاري.

فالذي ينبغي على المسلم أن يحاسب نفسه ماذا قدم لها فيما مضى من عمره.
قال الله تعالى: (يـا أيها الذين آمنوا تقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد) (28) سورة الحشر

قال ابن كثير رحمه الله: (أي حاسِبو أنفسكم قبل أن تحاسَبوا وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم و عرضكم على ربكم).
فآه ثم آه...


كيف يفرح العاقل بقطع الليالي والأيام؟ دون اعتبار ولا حساب لما كان فيها وما يكون بعدها فإن اللبيب من اتعظ بأمسه , واجتهد في يومه , واستعد لغده

اللهم احل عامنا المنصرم بأعوام مليئة بالخيرات, ومعمورة بالطاعات, إنك سميع مجيب الدعوات.